رام الله-أخبار المال والأعمال- افتتح المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء، اليوم الأحد، مؤتمر ومعرض المباني الخضراء "خطوات نحو الاستدامة"، تحت رعاية رئيس سلطة جودة البيئة د. نسرين التميمي، وذلك في فندق الميلينيوم بمدينة رام الله.
ويستمر المؤتمر على مدار يومين متتاليين، بحضور ومشاركة واسعة من قبل المؤسسات والجهات الرسمية، إضافة إلى المؤسسات والشركات المهتمة في قطاع الأبنية الخضراء وتلك العاملة فيه.
وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء د. عفيف عقل حسن إن المجلس الفلسطيني للأبنية الخضراء هو منظمة أهلية غير حكومية وغير ربحية، تأسس عام 2011 بهدف تعزيز ثقافة البناء الأخضر، وبناء القدرات، والمساهمة في توفير الظروف والبيئة الملائمة لمثل هذا البناء وذلك بالتعاون مع المؤسسات والوزارات والقطاع الخاص ومجموع المهتمين في هذا المجال، كما أننا عضو في المجلس العالمي للأبنية الخضراء والمجالس الخضراء للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف أن مؤتمر ومعرض الأبنية الخضراء يعتبر أحد نشاطات مشروع "تعزيز الصمود الفلسطيني من خلال الأبنية الخضراء"، والممول من قبل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والذي ينفذه المجلس منذ عام 2020، حيث نفذ المجلس عدد من الفعاليات الأساسية الأخرى ضمن مشروع "صمود" من أهمها بناء القدرات في مجال الأبنية الخضراء في فلسطين عن طريق عقد 11 دورة تدريبية و3 ورش عمل تعليمية؛ شارك فيها أكثر من 300 متدرب حصل بعضهم على شهادات دولية.
وأشار د. حسن إلى أن المجلس وقع مذكرات تفاهم مع 15 بلدية في سبيل بناء أنظمة حوافز للبناء الأخضر، كما أنجز دراسة جدوى اقتصادية للأبنية الخضراء، فيما يتم حاليا إعادة تأهيل أحد المباني القائمة مع الأخذ بعين الاعتبار المعايير الخضراء أثناء الترميم.
وأوضح أن المؤتمر يهدف الى المساهمة في زيادة العلم والمعرفة المتعلقة بالأبنية الخضراء من خلال أوراق عمل ومحاضرات ودراسات تطبيقية حول الأبنية الخضراء، وعرض الأنظمة العالمية والمحلية لتقييم وتصنيف الأبنية الخضراء، ويركز على إبراز قصص نجاح محلية وإقليمية، كما يهدف إلى تشجيع الأعمال وبلورة سوق الأبنية الخضراء بما يتضمن ذلك من مواد وأنظمة وخدمات وأعمال هندسية.
وأعرب د. حسن عن أمله بأن يوفر المؤتمر منبرا لنقاش متطلبات الأبنية الخضراء، وعرض للتحديات في فلسطين للخروج لاحقا بمقترحات لعلاجها، مبينا أنه تم جمع أفضل الخبرات المحلية من المؤسسات التعليمية والمهنية، والعاملين في القطاعين الحكومي والخاص، والممولين والجهات المانحة.
وعبر عن شكره للشركاء الذين ساهموا في هذا الحدث، سلطة جودة البيئة، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي لدعم مشروع "تعزيز الصمود من خلال تعزيز البناء الأخضر"، ومجموعة البنك الدولي ممثلة بمؤسسة التمويل الدولية IFC، ومجموعة بنك فلسطين وشركة قدرة، ومؤسسة التعاون البلجيكي ENABEL، ومؤسسة التعاون الألماني من خلال مؤسسة GIZ، وصندوق الاستثمار الفلسطيني.
بدورها، قالت رئيسة سلطة جودة البيئة د. نسرين التميمي إن شعار هذا المؤتمر "خطوات نحو الاستدامة" يأتي ليترجم الجهود الكبيرة والمبذولة على طريق خلق مجتمع مستدام قادر على الصمود في وجه التحديات التي يشهدها العالم بشكل عام، والتي تشهدها فلسطين بشكل خاص.
وأضافت أن فلسطين بحاجة ماسة للاستدامة في ظل شح الموارد البيئية والطبيعية فيها، مع سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معظم مقدرات هذا الشعب العظيم.
وأشارت إلى أن شعار هذا المؤتمر يأتي متسقاً مع رؤية القطاع البيئي والتي اعتمدت في استراتيجية البيئة عبر القطاعية والتي تنص على "بيئة محمیة نظيفة مستدامة"، كما يتصل بأهدافها الخمسة، حيث اهتم الهدف الأول بضبط مستويات التلوث وجاء الخامس ليضمن أن مستويات الوعي والإدراك للقضايا البيئية معممة ومعززة والتي أيضاً تعد هدفاً من أهداف هذا المؤتمر.
وتابعت: إن التنمية المستدامة وأهدافها السبعة عشر التي أقرتها واعتمدتها بلدان العالم في عام 2015 تطرح رؤية شاملة بشأن رفاه الإنسان والكوكب، والازدهار والسلام والشراكة، وهي أهداف مستقلة ومتكاملة وغير قابلة للتجزئة.
ولفتت إلى أن البناء الأخضر المستدام لا يتعلق فقط بالمباني، إنما يتعلق أيضا بنظرة مستقبلية شاملة تأخذنا من البناء الأخضر إلى فضاء المدن الخضراء والمستدامة من خلال التخطيط الحضري الذكي وتصميم المباني المبتكر وتكامل التكنولوجيا الصديقة للبيئة.
وأشارت التميمي إلى أن الاستثمار البيئي أو الاستثمار الأخضر، هو شكل من أشكال الاستثمار المسؤول اجتماعيا، حيث يتم إجراء الاستثمارات في الشركات التي تدعم أو توفر منتجات وممارسات صديقة للبيئة، وتشجع هذه الشركات التقنيات الجديدة التي تدعم الانتقال من الاعتماد على الكربون إلى بدائل أكثر استدامة.
وقالت إن سلطة جودة البيئة بالتعاون المشترك مع المؤسسات ذات العلاقة تهدف لوضع سياسات وقواعد قابلة للتطبيق في مجال البناء الأخضر والمدن المستدامة، وهذا أمر مهم جدا ضمن عمليات الحفاظ على البيئة، ومواجهة التغيرات المناخية التي تهدد كل العالم وليست فلسطين بعيدة عنها.
وأوضحت أن سلطة جودة البيئة تسعى إلى تحديث المنظومة التشريعية لقطاع البيئة، بما يمكنها من استيعاب التوجهات والمواضيع البيئية المستحدثة عالميا والمتسقة مع الاحتياج الوطني الفلسطيني والتي كان من أهمها موضوع البناء الأخضر والمشتريات الخضراء والمستدامة، إضافة إلى مواضيع التغير المناخي والتنمية المستدامة.
من جهته، قال ممثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي د. سمير جراد، إن الصندوق يعتبر هذا مشروع نموذجي، ونأمل أن تعمم هذه التجربة على كافة المناطق والدول العربية، من منطلق المحافظة على البيئة وتقليل الاستهلاك للطاقة.
وأضاف جراد أن قضية أننا نعيش في مناطق جافة، حيث الحرارة مرتفعة يتطلب إيجاد حلول مناسبة لحياة مريحة، وهذا المشروع يؤكد ضرورة العمل سويا وصولا إلى النتائج التي سيتم تحقيقها.
ولفت إلى أنه لا يمكن تحقيق النجاحات المرجوة دون المساندة والدعم من الهيئات الرسمية والمؤسسات تمويلية، مؤكدا أن الصندوق العربي يعتبر هذا المشروع من المشاريع الرائدة التي تستحق المتابعة والمواصلة في الدعم، من منطلق قناعتنا في هذه المشاريع المستدامة، كما نؤكد التزامنا نحو التمويل للمرحلة الثانية من المشروع.
من جانبها، قالت مديرة التواصل والتشبيك في المجلس العالمي للأبنية الخضراء دومينيكا سيزروينسكا إن العديد من الدول حول العالم تكافح من أجل التغيير المناخي، لكن القليل من الشركات تظهر عملها الجاد في الموضوع، ونأمل خلال نهاية القرن تحسن الأوضاع بشكل واضح بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
وأضافت أن إزالة العوائق التي تحول دون "الكربنة" أمر مهم وأساسي في الحفاظ على البيئة، خاصة أننا لا نفعل ما يكفي للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وبحسب الخبراء فإن انبعاثات الكربون لا تزال ممكنة رغم حجم التحدي، مؤكدة أن 61% من الانبعاثات العالية لا بد من وقفها وإزالتها وهذا ممكن تحقيقه.
وأشارت سيزروينسكا إلى أن المجلس العالمي يحتفل هذا العام بـ20 عاما على تأسيسه، مبينة أن أحد أهداف الشبكة هو استكشاف كيفية توسيع نطاق الحلول الخضراء، خاصة أننا بحاجة لتمكين ازدهار اقتصاد مستديم يحافظ على البيئة والبنية التحتية الجيدة، كما أننا بحاجة إلى مضاعفة كفاءة الطاقة من أجل بناء عالم أكثر قدرة على الصمود.
وأقيم على هامش المؤتمر، معرض مرافق يوفر بيئة لعرض الجوانب العملية والتجارية ذات العلاقة بالبناء الاخضر من مواد بناء وأجهزة وخدمات وأعمال هندسية، وتوظيف لتكنولوجيا المعلومات، باعتبارها أمثلة حية على تعزيز سوق البناء الأخضر ومتطلباته، ووفر المعرض متسعا للمبادرات الريادية في هذا المجال.
وتخلل اليوم الأول من المؤتمر؛ عدد من الجلسات المهمة، التي بدأت بجلسة تقديمية حول المدن الخضراء والمستدامة، قدمها الخبير ومستشار الاستدامة المهندس كريم الجندي، وتحدث حول مبادرته التي أطلقها "كربون" التي تعمل على تعزيز الاستدامة في مدن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الجلسة الأولى كانت بعنوان قصص نجاح، وقدمت عدد من التجارب الناجحة في سياقات مختلفة، وأدار الجلسة د. عفيف عقل – رئيس مجلس الأبنية الخضراء وأستاذ مساعد في كلية الهندسة والتكنولوجيا في جامعة بيرزيت، بمشاركة: مدير برنامج الطاقة الشمسية- شركة مصادر المهندس محمد عورتاني، والمدير التنفيذي لشركة قدرة لحلول الطاقة المهندس عبد الرحمن هيجاوي، ومدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان عبر (زووم)، والمهندس المعماري والمرمم من مؤسسة رواق يوسف أحمد دار طه، والمدير التنفيذي لشركة الكترا لأنظمة التحكم المهندس سري سعادة.
أما الجلسة الثانية بعنوان: "القوانين والتشريعات" وقدمت نقاش للقوانين والتشريعات اللازمة لتعزيز وتطبيق البناء الأخضر، وأدار الجلسة المستشار القانوني في سلطة جودة البيئة مراد المدني، وبمشاركة: مدير دائرة الأبحاث والدراسات في سلطة الطاقة والموارد الطبيعية المهندس نضال أبو الرب، ونقيبة المهندسين نادية حبش، ووكيل مساعد وزارة الأشغال العامة والإسكان د. سليم أبو ظاهر، ورئيسة قسم الخرسانة في مؤسسة المواصفات والمقاييس المهندسة رانيا أحمد عمر، والمدير التنفيذي لمجلس تنظيم قطاع الكهرباء المهندس حمدي طهبوب.