رام الله-أخبار المال والأعمال- أعلن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، اليوم الأربعاء، عن إصداره كتاباً جامعاً لسلسلة من الأوراق حول المواقف والمنطلقات التفاوضية الفلسطينية في قضايا "الوضع الدائم الاقتصادية"، وخاصة السيادة، والتجارة، والعمالة، والموارد الطبيعية، والبنية التحتية، واقتصاد القدس.
ويحمل الكتاب عنوان "الموقف الفلسطيني حول ملفات الوضع الدائم الاقتصادية"، وأعده طاقم من باحثي المعهد ودائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وخبراء مختصين تحت إشراف ومعايير "ماس".
ويركز هذا الكتاب ذو البعد الاقتصادي الوطني في موضوعاته على ملفات استراتيجية هامة وحساسة تمس المصلحة الفلسطينية الاقتصادية العامة والخاصة.
وأكد المدير العام للمعهد رجا الخالدي أن أوراق هذا الكتاب تهدف إلى خدمة صانعي القرار والمفاوض الفلسطيني من خلال توفير قاعدة معلوماتية وصورة مفصلة عن كل موضوع تم تناوله، بما في ذلك تاريخ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة والمواقف التفاوضية الفلسطينية بشأنها، والوقوف على أخطاء الاتفاقيات السابقة، وذلك للإسهام في تشكيل الموقف الاقتصادي الفلسطيني في أية مفاوضات مرحلية أو في حال الشروع بمفاوضات الوضع الدائم على أساس حل الدولتين. بالتالي تتناول جميع الأوراق بالتوازي متطلبات حماية المصلحة الفلسطينية الراهنة وكذلك التأسيس للمستقبل بما يخدم السيادة الفلسطينية والتوقعات المستقبلية التي تخدم التنمية الاقتصادية المستدامة.
وذكر الخالدي أن المعهد عقد العديد من المجموعات البؤرية مع عشرات الخبراء خلال 2020-2021 لمناقشة كل ورقة ومراجعتها وجمعها في هذا الكتاب. وبين أن الكتاب خرج بجملة من التوصيات الآنية والمستقبلية.
كما أشار الخالدي إلى أهمية إدماج اقتصاد القدس في الرؤية التنموية الفلسطينية الحالية والمستقبلية بالتوازي مع الملفات الأخرى التي تخدم التنمية الفلسطينية المستدامة.
أسس ومنطلقات تجسيد السيادة في دولة فلسطين
تستعرض هذه الورقة مواصفات ومتطلبات تجسيد سيادة الدولة الفلسطينية، وأن دولة فلسطين تتمتع بالشروط والمواصفات كافة، المتفق عليها دوليا، وبشكل قانوني وعملي التي تؤهلها لبسط سيادتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد العام 1967 في لحظة إنهاء احتلالها.
كما تستعرض موضوع المجتمع الدولي ودعم بناء مؤسسات الدولة، حيث تسعى فلسطين إلى التأكيد على دعم المجتمع الدولي لمشاريع واستثمارات في فلسطين تجسد الحقوق السيادية الوطنية في إطار حل الدولتين؛ بخاصة تلك المشاريع في مناطق حيوية وأساسية في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وكذلك في المناطق التي تم تصنيفها مناطق (ج) التي تحتوي على الموارد الطبيعية اللازمة لتنمية الاقتصاد الفلسطيني لما ينطوي عليه ذلك من تجسيد عناصر وركائز سيادة دولة فلسطين على الأرض.
أما فيما يخص واقع الاحتلال ومعوقاته، فإن الورقة تدعو إلى أن أي اتفاق للوضع الدائم، يجب أن ينهي التبعية الاقتصادية القسرية لإسرائيل لتمكين تحقيق اقتصاد فلسطيني قوي واسترداد حقوق الفلسطينيين وحرياتهم وقدرتهم على تنظيم شؤونهم الداخلية والخارجية على النحو المكفول، كما هو الحال في جميع الدول المستقلة ذات السيادة، بموجب القانون الدولي، والذي ينبغي على المجتمع الدولي أن يمارس دوره في فرضه وضمان الالتزام به.
كما تتطرق الورقة إلى مبادئ حل الدولتين نحو تجسيد السيادة، بحيث يعتبر تحديد أولويات الاحتياجات على أساس السياق الجغرافي والموضوعي للاستثمار أمراً ضروريا لتحقيق التأثير في التنمية والنمو، ولتخدم هذه الجهود الاستثمارية والسياساتية رؤية دولة فلسطين في بسط السيادة تراكمياً.
النظام التجاري الفلسطيني: الخيارات السياساتية التجارية الحالية والمستقبلية
دعت هذه الورقة إلى التغيير في التوجهات السياساتية الفلسطينية باتجاه الانفكاك التدريجي، ودعم المنتج الوطني، وتشجيع الاستيراد المباشر وغير ذلك من السياسات، كما دعا إلى ضرورة تعدل بنود اتفاق باريس الاقتصادي للمرحلة ما قبل النهائية. أما فيما يخص الوضع الدائم فلا بد من تحرير الاقتصاد الفلسطيني من قيود التبعية والارتهان للاقتصاد الإسرائيلي، وهذه الفرصة قد تكون متاحة في مفاوضات الحل النهائي.
العمالة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلية: المشاكل ومبادئ المطالب الوطنية
دعت هذه الورقة إلى الحد من الاعتماد المفرط على سوق العمل الإسرائيلي سواء في ظل استمرار الوضع الحالي، أو في ظل دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، فمن ناحية اقتصادية بحتة، من الممكن أن يجلب تدفق المزيد من العاملين إلى الاقتصاد الإسرائيلي نتائج سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، بغض النظر عن طبيعة الحل السياسي. من ناحية اقتصادية-سياسية، فإن الاعتماد المفرط على سوق العمل الإسرائيلي، هو سمة من سمات التبعية للاقتصاد الإسرائيلي التي نشأت بفعل سياسات إسرائيل الاستعمارية. بالتالي، فإن أبرز متطلبات التأسيس لاقتصاد فلسطيني مستقل تكمن في التخلص من مسار التبعية الذي فرضته إسرائيل، والذي مثّل العمل في إسرائيل ركنا أساسياً فيه. كما يجب أن يضمن أي ترتيب مستقبلي لهذا الملف سيطرة مشتركة على حركة وحجم العمالة بغض النظر عن حجم العمالة في إسرائيل.
القطاع الزراعي الفلسطيني وتأثير خطة الضم الإسرائيلية عليه بالتركيز على غور الأردن
خرجت هذه الورقة بالعديد من التوصيات؛ فعلى المدى القصير تدعو إلى زيادة الميزانية الخاصة بالقطاع الزراعي من 0.08% إلى حوالي 10%، وتعزيز صمود المزارعين في المناطق (ج) وحماية الأراضي من المصادرة الإسرائيلية، وإعفاء الزراعة والصناعات المرتبطة بالزراعة بنسبة 100%، وتقديم منح لصغار المزارعين، بالإضافة إلى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية، واستخدم موارد المياه الجوفية في المنطقة (ج) بشكل أفضل. أما فيما يخص حماية غور الأردن، فهناك ضرورة إلى العمل على جذب الناس للعيش في غور الأردن من خلال إقامة مشاريع حيوية. وزيادة عدد أشجار النخيل، والتحول نحو المحاصيل الربحية والمحاصيل ذات المردود المالي المرتفع، وزيادة عدد المواشي والوصول إلى المزيد من الموارد المائية.
بينما توصي هذه الورقة على المدى البعيد بتعزيز القيمة المضافة والتنمية المستدامة للقطاع الزراعي من خلال إعادة هيكلة القطاع نحو الصناعات المرتبطة بالزراعة، والاستغلال الأمثل للأراضي الحكومية العامة وأراضي الوقف في الغور، بالإضافة إلى تأسيس شركة تسويق زراعي وطنية وشركة تأمين زراعي.
الموارد الطبيعية: المعادن (حجر ورخام) والمياه والنفط والغاز
تشير نتائج هذه الورقة إلى أن مفتاح السيطرة الفلسطينية الكاملة على الثروات الطبيعية البحرية والبرية والمشتركة منها هو الاعتراف المسبق من قبل إسرائيل بسيادة الدولة الفلسطينية الكاملة على هذه الثروات، وأن يتم التعاون المستقبلي على أساس الحقوق الوطنية بأنواعها كافة وليس على أساس الاحتياج.
التفاوض ليس فن النقاش، بل هو آليات استخدام نقاط القوة وقوة الإرادة السياسية ووضوح الرؤيا واستراتيجيات ثابتة، والقدرة على امتلاك المعلومات حتى على المستوى الفني، وتحضير الطواقم المختصة لكل موضوع، فضلاً عن توسيع جبهة الحلفاء، واستخدام أدوات الضغط الدولية، والتمسك بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
مراجعة وتشخيص المواقف التفاوضية الخاصة بالبنية التحتية
بينت نتائج هذه الورقة أن هناك العديد من التوصيات التي يجب الأخذ بها في قطاع من قطاعات البنية التحتية الراهنة، وهي تشمل عدداً من المطالبات التي يجب رفعها اليوم حتى في غياب عملية سياسية أو تفاوضية، من منطلق حقوقي ومعيشي شرعي، ولإرساء أهم عناصر البنية التحتية لدولة فلسطين. ومن أهم هذه القطاعات: الطاقة والكهرباء، الحقوق المائية وشبكات التوزيع والصرف الصحي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى النقل والمواصلات والنفايات الصلبة.
القدس عاصمة الاقتصاد الفلسطيني، بين الثابت والمتغير
تهدف هذه الورقة إلى استكشاف الأبعاد الاقتصادية لجعل القدس عاصمة لدولة فلسطين، إسناداً لأي تفاوض مستقبلي ولأية جهود راهنة للمطالبة السياسية والدبلوماسية بحماية الحقوق الفلسطينية في المدينة، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، إلى حين التوصل لصيغة دائمة للعلاقة بين دولتين مستقلتين تشكل مدينة واحدة عاصمتهما. أي إن هذا البحث يستوجب الربط والانسجام بين الرؤية/المطالب الفلسطينية للوضع الدائم الاقتصادي، وتلك المتعلقة بموقع مدينة القدس وإدارتها كعاصمة سياسية للدولة الفلسطينية المنشودة.
تستعرض هذه الورقة أولاً موقع القدس التاريخي في الاقتصاد الفلسطيني، والوضع الحالي للمدينة، بما فيها التحديات والمتغيرات المختلفة التي تحول دون النهوض بالمدينة من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية كافة، وكيف أن فصلها القسري عن بقية الأرض المحتلة، يهدد بانصهار المدينة ضمن اقتصاد دولة إسرائيل. ثم تستعرض الورقة التصورات القانونية والمطالب الفلسطينية المختلفة بخصوص مستقبل المدينة، ومقارنتها مع الصيغ والنماذج الاقتصادية التي يمكن أن تحكم العلاقة بين الدولتين في إطار الوضع الدائم. بناء على ذلك، تطرح الورقة ضرورة النظر في عدد من المتطلبات السياساتية والإدارية المرتبطة بمدينة القدس كعاصمة لدولة فلسطين ولاقتصادها الوطني، علما أن هذا الطرح مبني على حقيقة أن لملف القدس الاقتصادي التفاوضي جوانبَ ثابتةً ترتبط بالحقوق الفلسطينية في المدينة من جهة، مقابل ضرورة التعامل مع المتغيرات المتواصلة على الأرض منذ 1967، وبخاصة منذ 2001، التي تهدد بنسف أية فرصة لتحقيق تلك الحقوق من جهة أخرى. وبالتالي تسعى هذه الورقة إلى استعادة شيئاً من مكانتها التاريخية كمركز للاقتصاد الفلسطيني.