رام الله-(الأيام)- قال وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، إن الاقتصاد الفلسطيني سجل نموا بنسبة 6.7% خلال العام 2021، ضمن التوقعات بالتعافي من تداعيات جائحة كورونا مقارنة مع العام الذي سبقه، والذي سجل فيه الاقتصاد تراجعاً حاداً بما نسبته 11.5%.
وأرجع العسيلي النمو بالدرجة الأولى إلى انكسار المنحنى الوبائي لفيروس كورونا، ما حال دون اتخاذ إجراءات كالإغلاق الجزئي أو الكلي، ما عزّز من حركة الأنشطة الاقتصادية، وزيادة حركة الإنتاج، وانعكس إيجاباً بارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% وزيادة القوة الشرائية.
وبين العسيلي، أن التعافي الاقتصادي التدريجي، من جائحة كورونا، كان واضحاً في قطاعات الإنشاءات الذي سجل أعلى قيمة نمو بنسبة 8%، والصناعة بنسبة 7%، إذ لمسنا ارتفاع وتيرة الإنتاج الصناعي، وزيادة العمل في المنشآت الصناعية ومنها المناطق الصناعية.
ولفت الى أن سياسات وإجراءات الاحتلال الإسرائيلي التي تحاصر الاقتصاد الوطني، وقرصنة أموال المستحقات الضريبية، وتوقف الدعم الخارجي لموازنة الحكومة الفلسطينية، لعبت الدور الأساس في الحد من تحقيق نسبة نمو اقتصادي أكبر، منوهاً الى ان العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي استهدف البنية التحتية والمباني والمنشآت المختلفة كبد الاقتصاد الفلسطيني خسائر تزيد على 350 مليون دولار.
وأشار العسيلي الى ان خطة التوازن بين الصحة والاقتصاد، والتعافي التدريجي من تداعيات الجائحة، حققت نتائج إيجابية في استمرار دوران الحركة الاقتصادية، وتقديم الإغاثة للمنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر، بالإضافة الى تدفق السيولة في السوق الفلسطينية لضمان استمرار القوة الشرائية، ما ساهم في صمود الاقتصاد أمام الصدامات الحادة التي يتعرض لها.
يشار في هذا السياق الى أن التقديرات الأولية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أشارت إلى ارتفاع قيمة الصادرات بنسبة 14% خلال العام الماضي مقارنة مع العام 2020، كما ارتفعت قيمة الواردات بنسبة 9% خلال نفس الفترة، وبالرغم من ارتفاع الصادرات بنسبة أعلى من ارتفاع الواردات، ونتيجةً لأن قيمة الواردات تعادل ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات أدى ذلك إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 7% مقارنة مع العام 2020.
توقعات باستمرار التحسن
وتوقّع العسيلي ان يطرأ تحسن إضافي في النمو خلال العام 2022، وان يسجل معطيات افضل من العام الماضي، منوهاً الى أن لدى الحكومة خطة طموحة لتوسيع القاعدة الإنتاجية وتنشيط الاستثمار في فلسطين.
وبينت التقديرات الأولية لسجلات وزارة الاقتصاد الى انه تم تسجيل أكثر من 1420 شركة جديدة، برأسمال بلغ 220 مليون دولار، في حين بلغ حجم التمويلات المقدمة للشركات غير الربحية ما يزيد على 50 مليون دولار، وتم تسجيل 1570 تاجراً جديداً خلال العام الماضي.
الى ذلك، أشارت بيانات الوزارة المتعلقة بأبرز المؤشرات خلال العام الماضي الى التسهيلات المتعلقة لدخول المنتجات إلى السوق العربية من خلال المصادقة على شهادات منشأ من أجل الحصول على الإعفاء الجمركي، حيث تمت المصادقة على 1732 شهادة منشأ بقيمة 65 مليون دولار وإصدار 20346 رخصة استيراد، بقيمة بلغت 1544 مليون دولار، إضافة الى ترخيص اكثر من 60 مصنعاً خلال العام 2021.
ووفق الإحصاءات التقديرية للوزارة ذاتها حول الأنشطة الاقتصادية المختلفة، دمغت مديرية المعادن الثمينة، ما يزيد عن 6.7 طن بقيمة 5.138 مليون شيكل، وإصدار 428 رخصة لمشاغل الذهب، وإصدار 107 علامات تجارية لصائغي المعادن الثمينة، وتطوير نظام دمغ المعادن الثمينة، إضافة الى أكثر من 1700 علامة تجارية.
إضافة الى إطلاق سجل وكلاء حقوق الملكية الصناعية الذي ضم في السنة الأولى 12 وكيلاً معتمداً رسمياً لدى الوزارة تتم تغطية 80% من تسجيل حقوق الملكية من خلالها، وإنشاء مراكز دعم الابتكار ونقل التكنولوجيا.
إنجازات 2021
ولفت العسيلي الى جملة من الإنجازات التي حققتها الوزارة خلال العام 2021 أهمها إقرار الرئيس محمود عباس قانون الشركات، كقانون عصري يساهم في إحداث نقلة نوعية تؤسس لبناء اقتصاد دولة متطور ومستدام، ويشجع على الاستثمار ويوفر حماية للشركات ويتبنى مبادئ الحوكمة مشيراً الى ان القانون حالياً ضمن العدد الممتاز على موقع ديوان الفتوى والتشريع تمهيداً لنشره في المجلة الرسمية.
وأشار الى اعتماد معايير التعريف والتصنيف الوطني الموحد للمنشآت (متناهية الصغر، صغيرة جدا، صغيرة، متوسطة، وكبيرة) MSMEs، وإطلاق استراتيجية العناقيد الصناعية في محافظتي الخليل ونابلس، والعمل على تطوير خطة التنفيذ لنهج العناقيد الصناعية، وتشجيع التحول الصناعي، بما في ذلك ممارسات الاقتصاد الأخضر، والرقمنة.
واكد العسيلي أهمية ثمرة النتائج الدبلوماسية الاقتصادية مع مختلف الدول، والتي من شأنها تعزيز علاقات التعاون الاقتصادية والتجارية، وتوقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم تسهم في زيادة حجم التبادل التجاري، والصادرات الوطنية، "انعقاد اللجان المشتركة: الفلسطينية البريطانية - الأوروبية - الصينية - التركية والأردنية وقد تمخض عنها تفاهمات اقتصادية من شأنها تحسن التبادلات التجارية".
ونوه في هذا السياق الى أهمية تجديد الحوار الأميركي الفلسطيني الاقتصادي والذي تمت خلاله مناقشة قضايا استراتيجية بما في ذلك تطوير البنية التحتية، وسبل الوصول إلى الأسواق الأميركية، اللوائح الأميركية، التجارة الحرة، القضايا المالية، والطاقة المتجددة والمبادرات البيئية، وربط الأعمال التجارية الفلسطينية والأميركية، ومجابهة عوائق تنمية الاقتصاد الفلسطيني، كما تضمن الحوار مناقشة العلاقات التجارية الدولية.
ووصف العسيلي العام 2021 بعام الإنجاز والصمود أمام التحديات والمضي قدماً في المراكمة على الإنجازات التي تحققت على صعيد إصلاح البيئة القانونية الناظمة للاقتصاد الوطني، وتحسن بيئة الأعمال، وتصميم برامج الاستجابة السريعة بالتعاون مع مختلف مؤسسات الدول المانحة في مقدمتها البنك الدولي، إضافة الى برامج الدعم والإسناد للمرأة بما يعزز من مشاركتها في الاقتصاد الوطني.
وقال العسيلي، "من بين البرامج التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع الشركاء، برنامج فلسطين للتسريع في التكنولوجيا النظيفة، وبرنامج يستهدف 75 مشروعاً نموذجياً للطاقة المستدامة، ومنح الاستثمار المشترك ومن خلال مشروع دعم ابتكارات القطاع الخاص، وتقديم منح مالية لشركات تضررت من العدوان الإسرائيلي والجائحة الصحية، واتفاقية تنفيذ مشروع "الحلول المبتكرة للشمول المالي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر"، وبرنامج فلسطين للابتكار في التكنولوجيا النظيفة لتعزيز الفرص في ريادة الأعمال في التكنولوجيا والمنافسة الصناعية إضافة الى إطلاق مشروع "خيطان" في قطاع غزة، "لتعزيز التكامل الاقتصادي للنساء والشباب من اجل زيادة القدرة على الصمود والاستقرار الاجتماعي في قطاع غزة"، ووضع حجر الأساس لمركز تطوير المنتجات التراثية الفلسطينية "تراثي"، والممول من الحكومة الهندية".
وأشار الى توقيع اتفاق تعاون مع بريطانيا لدعم التجارة بقيمة 15 مليون جنيه إسترليني، وعن إعلان البنك الدولي تقديم 10 ملايين دولار كتمويل إضافي لمشروع يهدف لتوفير وظائف في فلسطين، وعلى تمديد إعفاء المنتجات الزراعية الفلسطينية الى السوق البريطانية والتفاهم على آليات تطوير وتعزيز علاقات التعاون المشتركة.
ولفت الى مصادقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تطوير منطقة جنين الصناعية من قبل شركة تركية، وإصداره مرسوما باعتماد المنطقة الصناعية الحرة في جنين كأول منطقة صناعية تتبناها الحكومة التركية خارج حدودها السيادية.
اتفاقات ومذكرات تفاهم
وتطرق العسيلي لمشاريع الاتفاقات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي وقعت مع الحكومة الأردنية وهي 10 مشاريع وقعت برعاية ومشاركة رئيس الوزراء د. محمد اشتية ونظيره الأردني د. بشر الخصاونة مع نهاية اختتام أعمال الدورة السادسة لاجتماعات اللجنة العليا الفلسطينية - الأردنية المشتركة.
ولفت الى الاتفاق مع الصين على تطوير الاقتصاد الفلسطيني والتعاون في تنفيذ مشاريع تنموية ودعم القطاع الصحي والتوقيع على محضر اجتماع الدورة الثانية للجنة الفلسطينية الصينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني.
وأشار الى المشاركة في أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي في ختام أعمال دورته الـ10، اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي "الكومسيك" وتم خلالها الدعوة الى ترجمة قرارات القمم الإسلامية المتعاقبة الداعمة لدولة فلسطين.
تنظيم السوق المحلية
وشدد على أهمية الجهود التي بذلتها وزارة الاقتصاد الوطني لضبط وتنظيم السوق الفلسطينية وضمان تقديم سلعة آمنة ونظيفة وبأسعار عادلة إضافة الى الحفاظ على استقرار الأسعار وتوفر مخزون من السلع والمواد الأساسية واتخاذ الإجراءات بحق كل من حاول التلاعب إضافة الى الجهود في محاربة منتجات وسلع المستوطنات الاسرائيلية.
وبين أن الجهود التي تبذل من اجل رفع حصة المنتج الوطني في السوق المحلية حالياً 42%، من خلال تصميم البرامج والمشاريع التي تدعم وتعزز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، إضافة الى الحملة الوطنية الدائمة تنفيذا لقرار الحكومة باعتبار الأول من تشرين الثاني يوماً وطنياً للمنتج الفلسطيني لافتاً الى ان رفع حصة المنتج الوطني بنسبة (2% سنوياً) سيعمل على توفير 5 آلاف فرصة عمل جديدة.
ونوه الى أهمية مشاركة دولة فلسطين في معرض "إكسبو" الدولي، كتعبير نضالي في مواجهة حرب الرواية المزيفة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر العسيلي أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل ركيزة أساسية في تنمية الاقتصاد الوطني ووضع السياسات التي من شأنها تحقيق الأهداف المرجوة لتعزيز الاقتصاد كون القطاع الخاص العمود الفقري للاقتصاد وبالتالي تحرص الحكومة والوزارة على تمثيل هذه الشراكة في مختلف مجالات العمل.