رام الله-(الحياة الجديدة)- أعلن اتحاد المقاولين تعليق العمل في كافة المشاريع قيد التنفيذ اعتبارًا من اليوم الاثنين، نظرًا للتأخر في صرف مستحقات المقاولين ولما يمر به قطاع المقاولين من ظروف صعبة جدًا، وما يرافقه من ارتفاع حاد في أسعار المواد وانخفاض أسعار صرف العملات مقابل الشيقل، وشح الأيدي العاملة المهنية ما يؤدي إلى خسائر كبيرة في المشاريع قيد التنفيذ وبما يجحف لاحقا بحق المقاول بالتعويض مع جهات التعاقد في المشاريع التي ستطرح وعدم تجاوب الجهات المتعاقدة على تعويض المقاولين.
وفي هذا السياق، حذّر نقيب المقاولين أحمد القاضي في مقابلة مع صحيفة "الحياة الجديدة" الصادرة في رام الله، من انهيار قطاع المقاولات، نتيجة عدم تلقي المقاولين متأخرات مستحقاتهم المالية على الحكومة منذ أكثر من سنة ونصف السنة وهي تقريبا 200 مليون شيقل منها 150 مليون شيقل متأخرات على النظام، و60 مليون شيقل استرجاع ضريبي، في حين تبلغ قيمة الفواتير قيد التدقيق في الوزارات والمؤسسات أو الأعمال المنجزة غير المفوترة 100 مليون شيقل ولم ترصد على النظام، علمًا بأن قطاع المقاولات يساهم بـ 6.7% من الناتج القومي، ويشغّل تقريبًا 22% من الأيدي العاملة، ويساند 100 قطاع شريك، لذا فإن الإضرار به هو إضرار بالاقتصاد الوطني ككل.
ما بين الحجز وأوامر الحبس
وقال: "اليوم المقاولون على شفا الانهيار فهناك تقريبا 250 شركة مقاولات من أصل 450 شركة في الضفة الغربية تم الحجز على عدد منها بقرار المحكمة والقضاء وهناك قضايا مرفوعة لم يبت فيها، وإصدار أوامر حبس نتيحة الشكاوى لدى النيابة على الشيكات المرتجعة لعدم كفاية الرصيد، بالإضافة الى عدم إيفاء المقاولين لالتزاماتهم البنكية تجاه القروض التي اقترضوها حتى يتمكنوا من إتمام المشاريع التي بين أيديهم، ونعاني من مشكلة كبيرة في تخصيص حسابات المقاولين نتيجة رجوع الشيكات للموردين".
وأضاف: "لدينا تقريبا 130 شركة مقاولات معرضة إما للحجز أو حبس أصحابها، وتواصلنا مع مكتب النائب العام أكثر من مرة لاستئخار أوامر التوقيف، وكان الرد أن مثل هذا الإجراء غير قانوني ويجب موافقة الدائن على هذا الإجراء حتى يتسنى للنيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية أو إيقاف إجراءات سير التنفيذ".
خسائر جسيمة
وأشار القاضي إلى مجموعة من المشاكل التي يتعرض لها القطاع من ارتفاع أسعار المدخلات الإنشائية لأكثر من 50% مرورًا بأزمة وتبعات جائحة كورونا، واستحقاقات المقاولين على وزارة المالية، ما ألحق بالمقاولين خسائر كبيرة تمثلت في الارتفاع غير المسبوق لمواد المدخلات الإنشائية وانخفاض سعر صرف الدولار وعدم التزام الحكومة بتعديل العقود لإعادة توازن العقد ما بين المقاول والجهات المشترية.
وأكد القاضي، إن بقيت الأمور على ما هي عليه الآن، فإن قطاع المقاولات سيتم تدميره بالكامل خلال سنة أو سنة ونصف السنة، حيث إن 25% من شركات المقاولات عاجزة عن التقدم لأي عطاءات نتيحة تعثرها مع البنوك وعدم تغطية مستحقاتها حسب العقود.
وكانت وزارتا المالية والأشغال العامة واتحاد المقاولين، أعلنوا في 10/ تشرين الأول الماضي عن اتفاقهم لتسديد الحكومة 20 مليون شيقل من مستحقات المقاولين قبل نهاية شهر تشرين الأول الماضي، على أن تتم جدولة باقي مستحقاتهم وقيمتها 210 ملايين شيقل على دفعات متساوية خلال الأشهر القادمة ولمدة أقصاها 10 أشهر، "مترصدات على النظام غير الفواتير قيد التدقيق في الوزارات والمؤسسات الحكومية أو الأعمال المنجزة غير المفوترة" منها 150 مليونا متأخرات على النظام إضافة إلى 60 مليونا استرجاع ضريبي.
ولكن القاضي أكد عدم إيفاء الحكومة لالتزاماتها ووعودها بحسب ما تم الاتفاق عليه، وكما قال: "حيث سبق ذلك بعد التواصل مع وزارة المالية وكافة الجهات الحكومية ذات العلاقة الاتفاق مع رئيس الوزراء ووزير المالية بدفع مستحقات المقاولين بشكل شهري ولو (بالتنقيط) على حد تعبير رئيس الوزراء، بدفع 10% شهريا من قيمة الديون السابقة، على أن يتم دفع تكاليف المشاريع الجديدة خلال الفترة التعاقدية المنصوص عليها في العقد، وبعد إلحاح كبير وتواصل شبه يومي مع وزارة المالية تفاجأنا بدفع دفعة لا تتجاوز 10.5% من قيمة استحقاق الفواتير الموجودة على النظام، و7.5% من قيمة الاسترجاع الضريبي".
وقال:"ان إحجام الحكومة عن الإيفاء بالتزاماتها وتأخرها في دفع مستحقات المقاولين سيؤدي الى انهيار هذا القطاع، لذا نطالبها بشكل صريح ومباشر في الإيفاء بكافة التزاماتها التعاقدية وبالسرعة القصوى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من القطاع الذي يمر بأزمة عميقة جدا، ومن هنا قررنا تعليق العمل في كافة المشاريع التي تحت التنفيذ اعتبارا من يوم 29 الشهر الجاري، نظرا للتأخر في صرف مستحقات المقاولين".
المقاولون يتحملون مسؤولية عدم قراءتهم تفاصيل جدول الكميات
بدوره، يرى رئيس اتحاد المقاولين السابق زاهر حميدات، أن الهموم كثيرة لها علاقة بعقود تنفيذ المشاريع، إذ تتضمن 66% رزمة الالتزامات الموجودة فيها على المقاول، وقال: "نتحمل جزءًا كبيرًا كمقاولين من المسؤولية لأننا لا نقرأ تفاصيل جدول الكميات وبالتالي عدم قراءتنا للتفاصيل الموجودة في شروط العطاءات هو جزء مهم وأساسي في قضية التسعير الذي نتيجته أننا نتفاجأ بالكثير من القضايا الموجودة في العطاءات".
وأضاف حميدات: "نعي مشكلة السيولة التي تعانيها الحكومة، ولكن كما يؤمن للقطاعات الأخرى أو لبعضها بشكل منتظم وجب أن نأخذ نحن مستحقاتنا بانتظام".
وقال حميدات: "30% من شركات المقاولات أعلنت إفلاسها بالمطلق ولكنها انسحبت من السوق بشكل هادئ وهذا رقم مخيف، تحول أصحابها إلى أعمال أخرى نظرا لظروف وواقع الإنشاءات كل واحد لديه التزاماته وظروفه".
أرباحه لا تغطي نفقاته
فيما قال المقاول محمد عيايدة: "نعاني من مديونية الحكومة العالية التي وصلت 350 مليون شيقل، في ظل النكسات التي تعرضنا لها إثر الجائحة حيث لم تتجاوز أرباح المقاول 10% من المشروع وهي بالأساس لا تغطي النفقات المترتبة عليه، الامر الذي تسبب بخسارة فعلية في مشاريعه، وبهذا الوضع لم يعد قادرا على الإيفاء بالتزاماته، ويزداد الامر تدهورا وسوءا عندما لا تكون هناك عملية سداد ودفع من الجهات المشترية، في حين مطلوب من المقاول تسديد مستحقات الموردين والمهندسين والطواقم الفنية والإدارية التي تطالب برواتبها واستحقاقاتها".
وأكد عيايدة، تعرّض 250 شركة مقاولات لقضايا منها أوامر حبس أو استدعاء للمحاكم أو عليها حجوزات وأكثر من نصفها متعثرة بسبب عدم دفع استحقاقات المقاولين، ففي محافظة الخليل وحدها كانت هناك 126 شركة مصنفة ومسجلة وسارية المفعول في العام الماضي انخفضت السنة إلى 86 شركة فقط، أكثر من نصفها يمر في حالة نزاع والنصف الآخر يسير أوضاعه على بعض مناقصات المؤسسات الأهلية.
وتابع قائلا: بالمقابل لجأ الموردون والعاملون إلى المحاكم القضائية والعشائرية لتحصيل مستحاقتهم، ويفرض على المقاول تدبر قيمتها حتى لو اضطر لبيع بيته وسيارته وعقاره، وبالتالي فإن كل نهاية شهر تعني للمقاول كارثة لأن شيكاته ستتم إعادتها لعدم توفر الرصيد، ليدرج على القائمة السوداء حتى بالنسبة للبنك باعتباره خرج من السوق.
وعود بضخ سيولة مالية خلال الشهرين القادمين
وكان وزير المالية شكري بشارة، اجتمع مع اتحاد المقاولين في 7/10 الماضي، وأطلعه على الضائقة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية، مبينا أن كافة ديون القطاع الخاص 2.2 مليار شيقل، 1.5 للمستشفيات، 600 مليون لموردي الأدوية 110 ملايين لموردي الطعام و450 مليونا للقطاع الخاص.
وأكد بشارة، على أن قطاع المقاولات هو المحرك الرئيس للاقتصاد وله أهمية كبيرة، واعدا بضخ سيولة مالية له خلال الشهرين القادمين "ابتداء من تاريخ الاجتماع"، وتقديم دفعة قبل نهاية شهر 10/ الماضي تتمثل بـ 20 مليون شيقل، وجدولة المتأخرات خلال سنة، وألا يتم طرح أي عطاءات أو استدراجات عروض بدون مخصص مالي متوفر تجنبا لأي ضرر ينتج عن هذا الإجراء للقطاع بشكل عام ولشركاء العقد بشكل خاص وترشيد المشاريع المطروحة.