رام الله-أخبار المال والأعمال- دعا خبراء في القطاع الرقمي إلى تعزيز الرقمنة في فلسطين كأداة تساهم في تحقيق نمو شامل ومستدام، ولخلق فلسطين أكثر شمولاً رقميًا، ضمن استراتيجية تعمل على دعم التحول إلى نماذج أعمال أكثر استدامة، وتعزيز مشاركة الشباب في الاقتصاد الرقمي، ومحاربة التمييز القائم على النوع الاجتماعي، ومحو الأمية الرقمية.
جاءت هذه التوصيات بعيد إختتام منتدى "Convergences 2021" الأول في فلسطين لتعزيز الإدماج الرقمي في فلسطين، والذي جاء بمبادرة من شركاء محليين ودوليين بهدف تحسين واقع البنية التحتية المتصلة بالقطاع الرقمي وزيادة الاستثمار فيها، وتشكيل صندوق وطني للارتقاء بواقع هذا القطاع، والمساهمة في تنمية فرص الشباب في سوق العمل، ودعم المشاريع الريادية.
وكان المنتدى، الذي نُظم إفتراضيًا نهاية الأسبوع الماضي، بالتعاون مع أعضاء مجموعة العمل المؤلفة من خبراء ومختصين في القطاع الرقمي في فلسطين، شكّل أول وأوسع منصة للحوار في قضايا القطاع الرقمي في فلسطين، جمعت 38 متحدثًا وأكثر من 2000 شخص من المشاركين؛ من صنّاع قرار ومهنيين وخبراء وأكاديميين وممثلين عن القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني ورياديين من النساء والشباب، تفاعلوا مع مناقشات المنتدى التي امتدت على مدار ست جلسات حية عبر منصة المنتدى الإلكترونية وصفحتها على الفيسبوك.
الرقمنة لتحقيق النمو المستدام
يتطلع منظمو المنتدى، والذي جاء ضمن مشروع دعم التنمية المستدامة في فلسطين من خلال الإدماج الرقمي، الذي تموله الوكالة الفرنسية للتنمية AFD وتُنفذه مؤسسة ACTED بالشراكة مع مركز العمل التنموي/معًا، وعديد الشركاء المحليين من الوزارات والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة والأهلية، إلى رفع مستوى الوعي والثقافة الرقمية وتحفيز الأفراد لمواصلة المعركة للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة وللوصول بفلسطين من أجل تحقيق الثلاثية الصفرية: صفر تهميش، وصفر كربون، وصفر فقر.
وخلال المنتدى، أكد مدير الوكالة الفرنسية للتنمية في فلسطين مارتن بارينت، أن عقد هذا المنتدى المهم يأتي ضمن الجهود للارتقاء بواقع الاقتصاد الفلسطيني. وتطرق إلى تركيز الوكالة الفرنسية على تنفيذ برامج وأنشطة، تنعكس إيجابًا على تقوية القطاع الرقمي في فلسطين، كجزء من جهودها في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
فيما لفت المدير التنفيذي للمنتدى ثيلبوت لاروس، إلى حيوية المنتدى لجهة المساهمة في تعزيز القطاع الرقمي، ومساهمته في التنمية الاقتصادية. كما قدم نبذة عن المنتدى، وعوائده المتوقعة لجهة التركيز على استخدام الأدوات الرقمية للوصول إلى التنمية المستدامة.
حراك الرقمنة في فلسطين
وفي تعليقه، أشار علي عبدو، مدير مشروع الإدماج الرقمي في مؤسسة ACTED الفرنسية، إلى نجاح المنتدى في إثارة الحراك باتجاه تكثيف الجهود من أجل تعزيز الرقمنة في المجتمع الفلسطيني، والتركيز على أهمية تفعيل وتطوير إستخدام أدواتها الفاعلة لتحقيق النمو المستدام، وقال: إن مشاركة هذا الحشد المهم والمتنوع يشكّل حافزًا لإستمرار العمل على تحقيق الوعي والوصول إلى تحقيق الإستدامة خاصة للمشاريع الريادية على مستوى الأفراد والمؤسسات، وكذلك إستثمار التكنولوجيا للوصول إلى الإدماج الرقمي، وتحقيق التحولات النوعية في سوق العمل لصالح التأثير وخلق المجال للإبتكار الرقمي وتوسيع الوصول لمزيد من الفرص خاصة للرياديين من النساء والشباب.
يُشار إلى أن المنتدى تضمن تسليط الضوء على تجارب رائدة وخبرات لمشاريع ريادية وحلول مبتكرة كنماذج حية على أهمية التمكين الرقمي في إيجاد نمو اقتصادي مستدام، وتمكين المجتمعات الضعيفة وسد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين الأفراد باستخدام الأدوات الرقمية.
إطلاق المنصة التعليمية الرقمية Digipal
وكجزء من دعم التحول الرقمي وتعزيز مسار الرقمنة في فلسطين، شهد المنتدى إطلاق أول منصة رقمية تعليمية إلكترونية شاملة من نوعها في فلسطين (منصة Digipal)، بتمويل من وكالة التنمية الفرنسية وتنفيذ مؤسسة ACTED، لتجمع المنصة نخبة من الخبراء والمدربين المحترفين في مجالات متنوعة، لتضع خبراتها وتجاربها في خدمة قطاع المستفيدين خاصة من الشباب وخريجي وطلبة الجامعات، ومساعدتهم في إكتساب المهارات اللازمة للإنطلاق لسوق العمل أو اللازمة لإنشاء وتطوير مشاريعهم الناشئة وتعزيز إستدامتها.
وتشكّل المنصة إطارًا مهنيًا للتعليم والتدريب والتواصل بين الشركاء والمستفيدين خاصة من النساء والشباب لتمكينهم من الوصول إلى مصادر التعليم والتدريب بوسائل مهنية وإحترافية، إلى جانب اكتساب المهارات والمعارف وإستخدام الأدوات الرقمية وتشجيعهم على الإبتكار، مع توفير الفرص للإستفادة من الإستشارات والدعم الفني والمنح التدريبية ومنح دعم المشاريع الريادية.
نحو الرقمنة والريادة
بدأت فعاليات المنتدى بجلسة إفتتاحية شارك فيها وزيرا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إسحق سدر، والريادة والتمكين أسامة السعداوي، سلطت الضوء على أدوار الهياكل الاجتماعية في تحسين المساواة بين الجنسين، وتعزيز مجتمع شامل رقميًا وخلق فرص عمل للشباب.
فقد اعتبر سدر، المنتدى حدثًا في غاية الأهمية كونه يتقاطع مع رؤية الوزارة في تكريس مفهوم الرقمنة ومجتمع المعرفة بالاعتماد على أفضل التقنيات، موضحًا أن الوزارة تتطلع إلى تعزيز توظيف الأدوات الرقمية في شتى المجالات بما فيها الخدمات المقدمة للجمهور.
فيما أثنى السعداوي، على الدعم المقدم من قبل الجانب الفرنسي للشعب الفلسطيني، لافتًا إلى حيوية مفهوم الريادة للحد من البطالة ومحاربة الفقر. وأشار إلى دور الشركات الفلسطينية العاملة في المجال الرقمي، مبينًا بأن هناك الكثير من قصص النجاح في مجال الريادة.
من ناحيته، لفت رئيس مجلس إدارة اتحاد شركات أنظمة المعلومات "بيتا" تامر برانسي، إلى جهود الاتحاد للارتقاء بالقطاع الرقمي، موضحًا أنه يكثّف مساعيه لتطوير الشركات العاملة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأشار إلى ضرورة مواكبة آخر التطورات في مجال اقتصاد المعرفة، وتشجيع الرياديين، وإيجاد شركات ناشئة قادرة على اختراق الأسواق العالمية.
الرقمنة كأداة للتنمية
في الجانب المقابل، ناقش المشاركون في فعاليات المنتدى أهمية دعم المشاريع الريادية خاصة لقطاع الشباب وإيجاد البيئة المناسبة لدعم وتوسيع مشاركتها في الاقتصاد الرقمي، وخلق الفرص في سوق العمل مع ضرورة التركيز على توظيف الأدوات الرقمية وتمكين الشباب من إستخدامها لتحقيق النمو الشامل والمستدام.
وتناول البحث كذلك في أهمية إيجاد مقاربات وحلول ملموسة لدعم الإدماج الرقمي كأداة تنموية في فلسطين، داعين إلى مواكبة توظيف الرقمنة والاهتمام بالتخصصات التكنولوجية، وزيادة عدد المختصين والدارسين في هذا الحقل، والتركيز في بناء قدرات الشباب في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني.
كما دعا المشاركون إلى تنفيذ حملات توعية وتثقيف وأنشطة تدريبية في شتى الملفات المتصلة بالقطاع الرقمي، مع أهمية التركيز على رقمنة قطاع التدريب والتعليم المهني والتقني، وإدماج الريادة، واعتماد آليات تسهم في تنميتها، مع ربطها بقطاع الرقمنة.
يُذكر بأن المنتدى شمل ست جلسات، عالجت محاور مهمة في قطاع الرقمنة، شملت: الرقمنة والتحول نحو نموذج أعمال أكثر شمولا واستدامة، ومن أجل تكنولوجيا معلومات واتصالات شاملة في فلسطين، ومحو الأمية الرقمية، ومستقبل توظيف الشباب في الاقتصاد الرقمي، ومحاربة التمييز القائم على النوع الاجتماعي في القطاع الرقمي، ودعم التنمية المستدامة والشاملة في الأراضي الفلسطينية من خلال الإدماج الرقمي.
تجدر الإشارة إلى أن منتدى Convergences يشكل منصة دولية تجمع الفاعلين في قطاع التنمية، تم إطلاقها في العام 2008 لتحفيز التفكير البناء، والعمل على ونشر أفضل الممارسات وتعزيز البناء المشترك لشراكات مبتكرة ذات تأثير مجتمعي عالٍ، وهي جزء من أنشطة "Zero World3"، فبات المنتدى حدثًا عالمياً لجميع المهنيين الذين يسعون إلى حلول مبتكرة لمحاربة الفقر في العالم، بإتاحة مساحة للخبراء وصناع القرار للتعلم والتواصل، والمشاركة عالية المستوى، لبناء إجابات مشتركة على التحديات الاجتماعية، والبيئية على الصعيدين المحلي والعالمي.