رام الله-أخبار المال والأعمال- انطلقت، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر التأسيسي الأول للمجلس الأعلى للإبداع والتميـز في الشتات، تحت رعاية الرئيس محمود عباس.
ويعقد المؤتمر في مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بمدينة البيرة، بمشاركة مجموعـة مـن كبار العلماء والمخترعين، وأصحاب قـصـص النجاح مـن فلسطينيي الشتات، وأصدقاء فلسطين، لوضع آلية للتعاون والتشبيك بين "المجلس الأعلى" والشتات، وبحـث مبادرات الشـتات في نقل وتوطين التكنولوجيا في فلسطين.
وقال الرئيس عباس، في كلمة متلفزة بثها تلفزيون فلسطين، إن مبادرة إنشاء المجلس الأعلى للإبداع والتميز في الخارج، تأتي من أجل فتح الآفاق للإبداع والابتكار والريادة، وليكون حاضنة رئيسة للأخذ بأيدي كلّ المبدعين والمتميزين في الوطن وفي الشتات.
وأضاف أن الهدف هو أن تجتمع كل الطاقات والخبرات الفلسطينية والعربية والدولية، من خلال إنشاء مجلس يعمل كمنصة يلتقي فيها العلماء من الوطن والخارج، للتفاعل مع بعضها، ما سيحدث قفزة تنموية وإبداعية في شـــتى المجالات.
وأكد الرئيس أنه سيصدر توجيهات فورية للحكومة والجهات المعنية كافة، لتذليل جميع العقبات لتحويل المبادرات إلى مشاريع علمية واستثمارية.
وشدد على أن تطلعات شعبنا الفلسطيني في أماكن تواجده كافة تتجسد في تحقيق حريته واستقلاله في دولته الفلسطينية وعلى أرض وطنه المحتل، يتشارك فيها الجميع ويحترم فيها حقوق الإنسان، وحرية التعبير، وتوفير الفرص للجميع وتمكين المرأة والشباب، والنهوض باقتصادها.
وقال الرئيس: على عاتقنا جميعا تقع مسؤولية كبيرة لنجعل هذا ممكنا، يجب أن نضع نصب أعيننا هذا الهدف ونتشبث بتحقيقه، وألا نكون أسرى للعقبات والمستحيلات، مؤكدا أن شعبنا الذي عاش النكبة وأعاد بناء نفسه ووطنه، قادر على تذليل المستحيل وتحقيق أهدافه.
وبارك للمجلس الأعلى للإبداع والتميز، هذه المبادرة المميزة، بتأسيس المجلس الأعلى للإبداع والتميز في الخارج، ليكون الناظم لعملية رفد الوطن بالقدرات والإمكانات الفلسطينية في كل مكان، معربا عن أمله بأن يرى هذا الهدف وقد تحقق في القريب العاجل.
وكان رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للإبداع والتميز عدنان سمارة، قال في كلمته بافتتاح المؤتمر، إن عقد المؤتمر يحقق أحد أهداف المجلس، وهو الاستفادة من طاقات الشعب الفلسطيني وأصدقائه في العالم، الذين استطاعوا شق طريقهم وتفوقوا وأبدعوا في أماكن تواجدهم، والكثير منهم يحتلون مواقع قيادية في مؤسساتهم وساهموا في بناء مؤسسات الدول التي يقيمون بها.
وأشار سمارة إلى أن الفلسطينيين حول العالم أثبتوا جدارتهم وبرهنوا على إبداعاتهم في أماكن تواجدهم، وحان الوقت لكي يساهموا في بناء دولة فلسطين المستقلة، القادرة على أن تؤدي دورا إيجابياً في المنظمومة الدولية وسيكون لها أثر واضح وإيجابي، وإضافة نوعية في كافة مناحي الحياة، وخدمة للمجتمع الدولي وللبشرية جمعاء.
ولفت إلى أن المجلس الأعلى للإبداع والتميز، سيستقبل المبادرات والإبداعات من فلسطينيي الشتات، وسيكون على استعداد لتذليل كافة العقبات التي يمكن أن تعترض تنفيذها.
وتابع في هذا السياق، "الكثير يسأل ماذا تريدون وكيف نساعدكم، وأنا أقول إن فلسطين تحتاج لكل شيء وإن الطريق الامثل للاستفادة من إمكانياتكم العظيمة هي أن ترسلوا وتتواصلوا وتخبرونا بما لديكم من شركات ومؤسسات أو أبحاث علمية تطبيقية أو اختراعات، ونحن سنرد عليكم بعد دراستها وتوزيعها على الجهات ذات العلاقة والاختصاص، ونرى مدى إمكانيات تطبيقها، وكيف ومع من، وأنتم تعلمون أن لدينا مبدعات ومبدعين كثرا يحتاجون للرعاية والتشبيك من خلال علاقاتكم وكذلك لدينا قطاع خاص استطاع الصمود على أرضه رغم كل إجراءات الاحتلال القمعية.
وشدد سمارة، على أن المجلس الأعلى للإبداع والتميز، لديه إمكانيات لاحتضان الأفكار والمبادرات، حيث احتضن حتى الآن 79 مشروعاً، ولذلك من لديه مشروع جاهز للتحقيق أو يريد أن يفتح فرعا لشركته أو يؤسس شركة ناشئة، فالمجلس مستعد لمساعدته في تسجيل شركته الخاصة أو إيجاد شريك له من القطاع الخاص، وإذا لم نجد فهناك صندوق دعم الإبداع والتميز التابع للمجلس، الذي أنشأ 10 شركات في كافة القطاعات.
وأكد أن هناك قناعة راسخة وإداركاً من قبل القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، بأهمية الإبداع والريادة في البناء الوطني والنهوض بالمجتمع صاحب المقدرات العلمية التي يتميز بها، وبإعطاء المبدعين الدور الذي يستحقونه في قيادة مسيرة الاستقلال والتنمية.
وأضاف ان هذه القناعة توجت بمبادرة الرئيس راعي الإبداع والتميز والابتكار، بإنشاء المجلس الأعلى للإبداع والتميز، الذي تشكل مجلس إدارته في فلسطين من 47 مؤسسة، تضم الرئاسة ورئاسة الوزراء والوزارات ذات الاختصاص والقطاع الخاص بكافة تخصصاته والقطاع الأهلي والقطاع والأكاديمي، حيث أن جميع الجامعات في الضفة الغربية وقطاع غزة ممثلة في هذا المجلس، ليشكل بذلك نافذة موحدِّة للمبدعين.
وفي كلمة الاتحاد الأوروبي والشبكة الفرنسية للاستثمار، قال المدير العام للشبكة امانويل نوتري: نسعى في الشبكة ومنذ 15 عاما الى دعم مشاريع في الضفة والاردن والمغرب وعدد من الدول في منطقة البحر المتوسط.
وأضاف: نتحدث اليوم عن التعاون العلمي خاصة مع الشتات من اجل الاستثمار في الشركات، ونحن متفائلون بأن المشاريع في الشتات قادرة على تمويل مشاريع جديدة، وبذلك تكون قادرة على تقديم الدعم التنموي وتحسين ظروف حياة العائلات وتوفير خدمات الرعاية الصحية والتعليم.
وأشار الى أهمية الطاقات الابداعية الموجودة في الشتات، والتي تخولهم من افتتاح مشاريع وتطويرها بمساعدة رجال اعمال من الشتات ايضا.
وتابع، ان هناك العديد من الاختصاصات في الخارج التي من الممكن العمل بها وتطويرها، وهذه المشاريع قادرة على ان تشكل نهجا استراتيجيا للعمل في الشتات.
في سياق التعاون مع المجلس الأعلى للابداع والتميز، قال نوتري: قدمت الشبكة الدعم للاستراتيجية الوطنية للابداع التي سنتحدث عنها لاحقا. لافتا إلى أن فلسطين لديها الكثير من الاصدقاء ممن يستطيعون تقديم الدعم لهذه المشاريع.
وحول دور المجلس الاعلى للابداع، قال: إن المجلس يمكن ان يقدم النماذج والمبادرات والمساهمات الى الشتات، إضافة الى التشبيك بين المبدعين والمستثمرين وفتح حوار مع الشتات من خبراء ورجال اعمال، وبحث مبادرات ونقل وتوطين التكنولوجيا في فلسطين.
وأكد ان الأهداف الأساسية والاستراتيجية للمؤتمر تكون من خلال خلق الثقة بين المجلس وبين الخبراء والمبدعين في الشتات.
وقدمت مديرة دائرة التحفيز والاستكشاف في المجلس الأعلى للإبداع والتميز رزان نصر، عرضا تعريفيا حول عمل المجلس الذي تأسس عام 2013 بقرار من رئيس دولة فلسطين محمود عباس، ويتبع مباشرة لمكتب سيادته.
وأشارت إلى أن المجلس يعتبر المظلة الرسمية العليا التي تمثل قطاع الإبداع في فلسطين، والمسؤول عن تنسيق العلاقة ضمن منظومة الإبداع الوطنية وضمان التكامل والشمولية بينها.
وتابعت نصر: "يشكل المجلس حلقة الوصل الرئيسية مع المؤسسات التي ترعى الإبداع إقليميا ودوليا، وتمثيل فلسطين في هذه المؤسسات، ويهتم المجلس بكل مجالات الإبداع العلمية والفنية، والمرتبطة مباشرة في العلوم والتكنولوجيا. كما يقوم المجلس باحتضان ورعاية الاستثمار في المشاريع الإبداعية وتمكنيها لتصبح شركات ناشئة ومزدهرة".
ولفتت إلى أن فكرة تأسيس المجلس جاءت من أجل تشكيل حاضنة للمبدعين الفلسطينيين في كافة المجالات، حيث تشكل المجلس من 47 عضوا يمثلون القطاعات الاستراتيجية التي تعلب الدور المهم في الإبداع.
وأردفت نصر: "دعمنا 79 مشروعا وهي الآن في مراحل متقدمة، كما أنشأنا صندوقا لدعم المشاريع الناشئة، إضافة إلى ترشيح مبدعين للمنافسة في المسابقات الدولية، حيث فاز نحو 20 مبدعا فلسطينيا بهذه المسابقات بالمراكز الأولى والثانية".
بدوره، تحدث عضو المجموعة التوجيهية الالمانية للتعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا، مدير المعهد المركزي للهندسة والتكنولوجيا في مركز يوليش الألماني البرفيسور غالب الناطور، في كلمته ممثلا عن الفلسطينيين بالشتات، عن الدروس المستفادة من تجربة الإبداع.
وأوضح أن هناك مبالغ كثيرة تم انفقاها على الأبحاث للفلسطينيين في الشتات، لحل المشاكل الرئيسية التي تواجه المجتمع في العلوم والاقتصاد، من خلال البحث في ستة مجالات، من خلال نموذج التعاون بين الجامعات ومراكز الأبحاث الوطنية.
واستعرض الناطور آلية عمل المعهد المركزي للهندسة والتكنولوجيا في مركز يوليش الألماني، ومهمته في معالجة المشاكل التي تواجه المجتمع في مجال العلوم والتكنولوجيا من خلال مشاريع متعددة الجنسيات عبر مجموعة طلبة من المبدعين والمتعلمين.
ودعا إلى إنشاء مركز بحث تكنولوجي وطني يضم برامج دكتوراة بالتعاون مع الجامعات، وسن قوانين وانظمة تنظم ذلك، مشيرا إلى أن هذا يعتمد على الخبرات الفلسطينية في الشتات من اجل خدمة المجتمع والخريجين في وطنهم وتطوير بلدهم، ودعم انشطة مشتركة بين الألمان والفلسطينيين.
من جهته، قدم المدير العام للتطوير الفني في المجلس الأعلى للإبداع والتميز محمد أبو عيد، احصائيات حول البحث العلمي في فلسطين، ونبذة عن عمل مجمع الإبداع، الذي يعتبر الاداة الرئيسية لتفعيل وتطوير منظومة الابداع في فلسطين وتحسين المساهمة في تمكين العلوم والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن عمل المجمع سيركز على ثلاثة مفاهيم رئيسية، وهي: أن تتناسب مخرجات البحث العلمي مع رغبات المستخدمين، وان تكون هذه المخرجات ذات جدوى في السوق، وأخيرا توظيف التكنولوجيا لتحسين حياة الانسان.
من جانبه، تحدث رئيس مجلس ادارة لاكاسا القابضة عماد جابر، الممول لمشروع مجمع الابداع، عن اهمية الاستثمار في فلسطين ودور المجلس الاعلى للابداع.
وقدم عرضا حول عمل شركة لاكاسا القابضة والتي ساهمت في توفير مئات فرص العمل للمواطنين، واستعرض رؤيتها للعمل في القطاع الاستثماري والصحي والصناعي والزراعي.
وقدمت مراكز الريادة التابعة للمجمع، وهي: الطاقة المتجددة، المياه والزراعة البيئية، التكنولوجيا المتقدمة، النانو، ومختبر التصنيع، ومختبر الميكاترونكس، وICT، عروضا منفصلة حول عملهم ورؤيتهم لتطوير العمل في مجال التكنولوجيا والطاقة، وآليات تطوير الموارد البشرية القادرة على العمل الإبداعي.
وتخلل المؤتمر عرض قصص نجاح لفلسطينيين في الشتات، وقدمت جويل كويلو من جامعة أريزونا مشروع "الطحالب"، ومشروع "الأدوية مع الاستراليين" قدمه أمين اشتية، فيما قدم رئيس جامعة "خضوري" نور الدين أبو الرب شرحًا حول جهاز التنفس الاصطناعي، الذي تم تصنيعه خلال جائحة "كورونا"، وخضع للاختبار والفحص السريري ولكافة المعايير التقنية الطبية والهندسية، وحصل على الشهادات والاعتمادات المطلوبة من جهات الاختصاص الفلسطينية والدولية، مثل هيئة المواصفات والمقاييس، والشركات الطبية العالمية وأخصائيي واستشاريي التخدير في المستشفيات العامة والخاصة، إضافة الى مشاريع ابداعية خاصة بالمجلس قدمها يوسف سلامة ورفيق قرمان، ضمن مبادرة أطلقها المجلس للحد من آثار الجائحة.