دبي-(الشرق)- نال إقرار إصلاح شامل للضرائب على الشركات دعمًا من جانب 136 دولة، حيث قامت الحكومات بحل الخلافات الرئيسية حول مستوى الحد الأدنى للمعدل العالمي ووضع حد للضرائب على الشركات الرقمية الجديدة التي اعتبرتها الولايات المتحدة تنطوي على تمييز.
بعد سنوات من عدم الالتزام بالمواعيد النهائية والجدل حول كيفية التعامل مع شركات التكنولوجيا مثل "فيسبوك" و"غوغل" التابعة لـ ألفابيت، تضمنت الصفقة التي تمت الموافقة عليها أمس الجمعة 15% كحد أدنى لمعدل الضرائب على الشركات والمعايير الرئيسية لمقدار أرباح أكبر 100 شركة، كما سيتم فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات في المزيد من البلدان: 25% من الأرباح فوق هامش 10%، بحسب وكالة بلومبرغ.
تقترب الصفقة خطوة أقرب إلى إنهاء ما تسميه وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين "السباق العالمي نحو القاع" بين البلدان التي تجذب الشركات بمعدلات ضرائب منخفضة باستمرار.
تتطلع مجموعة العشرين للموافقة على الخطة في اجتماعات المسؤولين الماليين الأسبوع المقبل وخلال قمة مرتقبة نهاية الشهر الجاري.
تهدف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي ترأست المحادثات، إلى إبرام اتفاقية متعددة الأطراف العام المقبل وتنفيذها في عام 2023. قد يظل ذلك يمثل طموحا في بعض البلدان، وليس أقلها الولايات المتحدة.
صراع حكومي منذ 4 عقود
يهدف الاتفاق إلى إنهاء سباق مستمر منذ أربعة عقود بين حكومات سعت لجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل من خلال خفض الضرائب بشدة للشركات متعددة الجنسيات، مما سمح لتلك الشركات باختيار أقل نسب ضرائب متاحة.
ومن بين 140 دولة مشاركة، دعمت 136 الاتفاق ولم تنضم إليه بعد كل من كينيا ونيجيريا وباكستان وسريلانكا، بحسب وكالة رويترز.
قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي قادت المحادثات ومقرها باريس، إن الاتفاق سيغطي 90% من الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن الحد الأدنى للضرائب على الشركات سيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار كعائدات جديدة سنويا.
تكافؤ الفرص
تجري المفاوضات لإبرام هذا الاتفاق منذ أربع سنوات، لكنها تحولت لتجرى عبر الإنترنت خلال الجائحة. وبدعم من الرئيس الأمريكي جو بايدن والتكلفة الباهظة لأزمة كوفيد-19 حظيت المفاوضات بدفعة قوية في الأشهر القليلة الماضية.
قال بايدن في بيان "لأول مرة في التاريخ نؤسس لحد أدنى عالمي وقوي للضرائب سيؤدي لتكافؤ الفرص أخيرا بين العمال الأمريكيين ودافعي الضرائب وباقي العالم".
أضاف الرئيس الأمريكي الذي ساند الفكرة بقوة "على مدى عقود، دفع العمال الأمريكيون ودافعو الضرائب ثمن نظام ضريبي كافأ الشركات متعدد الجنسيات عن نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج، هذا السباق إلى القاع لم يضر العمال الأمريكيين فحسب بل وضع كثيرين من حلفائنا في تنافس على الضرر كذلك".
يهدف الاتفاق إلى منع الشركات الكبيرة من جني الأرباح في دول تنخفض فيها الضرائب مثل أيرلندا بغض النظر عن مكان وجود قاعدة عملائها وهي مشكلة أصبحت أكبر وأكثر إلحاحا مع ظهور شركات التكنولوجيا العملاقة التي يمكنها تنفيذ الأعمال بسهولة عبر الحدود.
نظام ضريبي أكثر عدلاً
قال وزير المالية الألماني أولاف شولتس في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني لرويترز "اليوم خطونا خطوة مهمة أخرى في طريق العدالة الضريبية".
من جهته، أشاد وزير المالية البريطاني ريشي سوناك، بالاتفاق قائلا "أصبح أمامنا الآن طريق واضح المعالم لنظام ضريبي أكثر عدلا، بحيث يدفع اللاعبون الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل في أي مكان يعملون فيه".
أما وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، فيرى أن الاتفاق سيضمن أن عمالقة القطاع الرقمي سيدفعون قسما عادلا من الضرائب في الدول التي يحصلون فيها على دخل، مضيفا في بيان بثه التلفزيون "هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام ثورة مالية حقيقية".
وقبل أن يجف حبر الاتفاق، أبدت بعض الدول قلقها من تنفيذه، حيث طالبت وزارة المالية السويسرية في بيان بأخذ مصالح الاقتصادات الصغيرة في الاعتبار وقالت إن تاريخ التنفيذ في 2023 ليس ممكنا.
وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين وصفت الاتفاق بأنه انتصار للأسر الأمريكية ومجتمع الأعمال العالمي، مضيفة في بيان "حولنا مفاوضات مضنية إلى عقود من الرخاء المتزايد لكل من أمريكا والعالم. اتفاق اليوم يمثل انجازا يتحقق مرة في الجيل للدبلوماسية الاقتصادية".