غزة-(شينخوا)- يتحسر تجار السيارات في قطاع غزة على تجارتهم، التي توقفت تماما منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في أيار الماضي، محذّرين من أسوأ تراجع تشهده تجارة السيارات، الذي قد يدفع بها إلى الركود.
ويعزو الفلسطينيون هذا الوضع إلى منع سلطات الاحتلال دخول السيارات، الحديثة والمستعملة إلى القطاع، دون أي مؤشرات على استئناف استيرادها في المستقبل القريب.
وأصبح قرابة 300 معرض لبيع السيارات في القطاع الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة خالية من الزبائن، فيما توقف عدد منها عن العمل تماما بسبب عدم وجود ما يلبي رغبة الزبائن.
ويقول منيب أبو سيدو، صاحب شركة لاستيراد وتجارة السيارات في غزة، إنه خلال السنوات الثلاثين التي قضاها في هذه التجارة لم يشهد ظروفا سيئة كما هي عليه الآن.
واعتاد أبو سيدو وتجار سيارات قبل هذه الأزمة استيراد سياراتهم عبر حاجز بيت حانون، الخاضع لسيطرة الاحتلال شمال القطاع، لكنهم مُنعوا من القيام بذلك منذ أشهر.
ويوضح "في الظروف العادية، استورد ما لا يقل عن 20 أو 30 سيارة يوميا عبر حاجز بيت حانون، يتم بيع معظمها للزبائن حتى قبل وصولهم إلى القطاع".
ويتابع أبو سيدو بحسرة "كما ترون صالة العرض تحتوي على 10 سيارات فقط، ولم أتمكن من بيع أي منها منذ شهور".
وإلى جانب الخسائر التي يتكبدها التجار جراء حالة الركود، يضطر معظمهم إلى دفع رسوم للسلطات الإسرائيلية مقابل بقائها في مخازن الموانئ، ما يحملهم المزيد من الخسائر.
وأدت حالة الركود وعدم السماح بالاستيراد، إلى ارتفاع أسعار المركبات ارتفاعا كبيرا في ظل ارتفاع نسبة الطلب مقارنة بانخفاض العرض.
ويبدي مواطنون امتعاضهم لارتفاع أسعار السيارات، التي ارتفعت ما بين 3 آلاف إلى 10 آلاف دولار للموديلات الحديثة، ما يثير مخاوفهم من الشراء.
ويعزو علاء بدوان، صاحب شركة لاستيراد وتجارة السيارات، أسباب الارتفاع السريع في أسعار السيارات، إلى تداعيات جائحة "كورونا"، وتدهور الأوضاع مع الاحتلال.
ويوضح، أن أزمة "كورونا" خفضت إنتاج مصانع السيارات، كما ارتفعت أسعار عمليات النقل والشحن من المصدر إلى الدول المستوردة، ما زاد من الوضع "غير المحتمل" في تجارة السيارات في القطاع، ما يعني أنه لا يوجد يقين بأن جميع السيارات التي ستدخل القطاع ستباع.
ويتابع بدوان الذي بدا على وجهه الحزن نظراً لما يحدث في القطاع، "للأسف، نضطر للعيش في ظل حصار إسرائيلي صارم يسيطر على جميع جوانب حياتنا".
ويقول: "إن مئات السيارات التي تقدر قيمتها بمئات الملايين من الدولارات ما زالت تحتجزها إسرائيل في موانئها ومن المفترض أن تدخل غزة، لكن لا أمل واضحاً في ذلك".
ويحاول عدد من التجار جذب الزبائن إلى متاجرهم ومعارضهم عبر تخفيض الأسعار، لكن أملهم بتحسين نسبة المبيعات المتدنية أساساً ذهب سدى بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه غزة.
وقال تجار فضلوا عدم ذكر أسمائهم إن الحركة التجارية انخفضت بأكثر من 90% في بعض الأوقات، بالتزامن مع مصاريف شهرية قد تصل إلى 7000 دولار كرواتب موظفين وخدمات كهرباء ومياه.
ويقول بدوان وأبو سيدو، وهما من أبرز تجار السيارات في غزة: "نواجه مصيراً مجهولاً ولا نعرف ماذا ستكون نهايته".
ودفعت الأزمة الحالية عدداً من المواطنين إلى بيع سياراتهم "المستعملة" بسعر أعلى من ثمنها الحقيقي في الوضع الطبيعي طمعا في فارق السعر.
وباع صلاح محمد، من مخيم دير البلح وسط القطاع، سيارته القديمة لكسب حوالى ألفي دولار عن السعر الذي اشتراها به قبل شهرين، وهو مبلغ كبير بالنسبة له.
وقال محمد: "رغم فرحتي من هذا المكسب، إلا أنني لا استطيع شراء سيارة أخرى بسبب ارتفاع أسعار السيارات".
ويضيف: "لسوء الحظ، كنت أطمع بالفارق للحصول على بعض المال، لكنني أصبحت الآن دون سيارة ولا أستطيع شراء أخرى جديدة"، مشيرا إلى أنه اضطر لإنفاق ثلث الأموال التي حصل عليها على احتياجات أخرى.
من جهته، قال خليل الزيان، المتحدث باسم وزارة المواصلات بغزة، التي تديرها حركة "حماس"، إن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة والذي يشكل عقابا جماعيا يتسبب في تدهور اقتصادي لأصحاب رؤوس الأموال في القطاع.
وأضاف الزيان، إنه على الرغم من توقف المواجهة العسكرية في غزة، إلا أن إسرائيل تستمر في حربها الاقتصادية ضد جميع السكان في القطاع.
وقال إن "تجارة السيارات لها تأثير كبير على تحريك الاقتصاد في قطاع غزة"، وتعكس مستوى رفاهية السكان المحليين.
Publishing Date