رام الله-أخبار المال والأعمال- حذّر وزير المالية شكري بشارة من تزايد الصعوبات المالية للحكومة بعد سلسلة أزمات واجهتها المالية العامة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، في وقت تقترب مدفوعات المانحين من الصفر.
وطالب بشارة المانحين، خلال اجتماع افتراضي عقدته لجنة تنسيق المساعدات الدولية تمهيدًا لاجتماع أرفع في أيلول المقبل، بمساعدة دولية في تسوية جملة من الملفات المالية العالقة مع إسرائيل، والتي قال إنها توفّر إيرادات إضافية بمقدار 500 مليون دولار سنوياً، كافية لتقليص العجز بما يغني عن المساعدات الدولية لتمويل النفقات الجارية.
وكشف بشارة عن أن مجمل المساعدات التي تلقتها الخزينة، منذ بداية العام حتى نهاية حزيران، بلغ 30 مليون دولار فقط، من أصل 210 ملايين كانت متوقعة في قانون الموازنة للنصف الأول من العام.
بحسب بشارة، بلغ إجمالي الإيرادات العامة في النصف الأول من العام الحالي 1.93 دولار، وهي مطابقة تقريبًا للمقدّر بالموازنة ( 1.94 مليار دولار).
وقال "تعكس هذه القيم زيادة في الإيرادات بنسبة 18% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، والتي بلغت قيمتها 1.6 مليار دولار".
في المقابل، بلغ إجمالي النفقات خلال الأشهر الستة الأولى من العام 2.5 مليار دولار، أقل بنسبة 12% عن الموازنة المقترحة (2.8 مليار دولار)، لكنه أعلى بنسبة 23% ومقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
وقال بشارة "بالنظر إلى الجهود الاستثنائية لحشد الإيرادات ووجود قيود صارمة على النفقات، فقد بلغ العجز نصف السنوي على أساس نقدي حوالى 470 مليون دولار، ونتوقع أن يبلغ 900 مليون دولار بنهاية العام، ما يعني تقليص عجز العام بأكمله بنسبة 20٪ من 1.1 مليار دولار".
وأضاف "يجب ألا نسمح لأنفسنا بأن نرضى بهذا الواقع، ولا إلى الإحساس الزائف بالحياة الطبيعية، ولا يجب أن نتغاضى عن التهديدات التي يتعرض لها الاستقرار المالي للسلطة الفلسطينية التي تزداد حدة يومًا بعد يوم".
وتابع: فيما يخص الإيرادات، فإننا نقترب بخُطىً متسارعة تجاه الحد الأقصى لما يمكن أن نقوم بتوليده من خضم الأوضاع الاقتصادية السائدة، وفي المجال الذي نمتلك درجة من السيطرة والتحكم فيه".
واعتبر وزير المالية أن جميع مبادرات الإصلاح المالي للحكومة، على أهميتها، "لن تساعد في معالجة أو عكس العوائق الهيكلية التي هي نتيجة مباشرة ومطلقة لخمسة وخمسين عاماً من الاحتلال العسكري المستمر".
وأضاف "هناك حد طبيعي لما يمكننا القيام به فيما يتعلق بترشيد الإنفاق، وهذا بالنظر إلى حقيقة أننا نمتلك فقط سيطرة تشغيلية شكلية على 20% من الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما نتحمل النفقات المرتبطة بما نسبته 80% مما هو متبقي".
وفي هذا السياق، قال بشارة إن إنفاق الحكومة على قطاع غزة 35% من إجمالي الإنفاق العام، دون الحصول على أية إيرادات من هناك.
كذلك، تتحمل التكاليف الكبيرة المتكبدة في القدس الشرقية، لا سيما فيما يتعلق بالمرافق الطبية العربية، حيث ان معظمها يتعلق بإحالات مرضى غزة، إضافةً إلى الدعم لشركة كهرباء القدس، التي يشكل حوالي 4% من الميزانية التشغيلية، دون استرداد للتكاليف.
وقال "ينطبق الشيء نفسه على تكاليف المنطقة (ج)، ليس فقط أننا غير قادرين على جني الإيرادات المالية في المنطقة، ولكن لافتقارنا إلى الوجود التشغيلي في المنطقة، والذي ساهم إلى حد كبير في ظاهرة صافي الإقراض (مبالغ تقطعها إسرائيل من المقاصة ثمناً للكهرباء)، والذي يكلف الخزينة حوالي 300 مليون دولار، ثلثها عن المنطقة ج".
وأكد وزير المالية أن اقتراض الحكومة من البنوك "لم يعد خيارًا بسبب أوضاع السيولة المحدودة للقطاع المصرفي الفلسطيني".
وأوضح قائلاً "صحيح أن دَيننا التجاري المحلي لا يزال عند مستوى متواضع عند نسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي، وأقل من 25% من إجمالي رصيد القروض القائمة في فلسطين".
وتبلغ مديونية الحكومة للبنوك حالياً حوالى 2.3 مليار دولار، ارتفاعاً من 1.4 مليار دولار في 2019، وفق وزير المالية.
وقال بشارة إنه في ظل الأوضاع المالية القائمة "لم يتبق لنا سوى المسار الذي حددناه حرفياً في جميع اجتماعات لجنة التنسيق الخاصة السابقة، وهو تركيز جهودنا الجماعية على حل المسائل العالقة منذ فترة طويلة (مع إسرائيل) بموجب بروتوكول باريس".
وأضاف "لقد أظهرنا في الماضي وبشكل منتظم ومن ناحية المصطلحات العددية أنه بمجرد العثور على حل ملائم لست قضايا فقط من بين العديد من القضايا العالقة، فهذا سيؤدي على الفور إلى زيادة التدفقات النقدية بما لا يقل عن 500 مليون دولار سنوياً".
وتابع: هذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من عجزنا التشغيلي، ويساعدنا على المدى القريب في تجنب انهيار مالي محتمل.