رام الله-(الحياة الجديدة)- أوصى باحثون ومعهد"ماس" بضرورة الإسراع في بناء العديد من المناطق الصناعية لتغطي محافظات الوطن كافة خاصة الخليل، التي تحتاج إلى أكثر من منطقة صناعية نظرًا لتركّز العديد من القطاعات الصناعية فيها، ومن بينها قطاع الصناعات المعدنية، والعمل لاحقًا على تطوير هذه المناطق الصناعية ضمن عنقود خاص بالصناعات المعدنية.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي عقدها معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس"، يوم الثلاثاء، لمناقشة النتائج النهائية للدراسة التي أعدها الباحثان علي جبارين ووفاء بيطاوي حول: تطوير تنافسية المنتج الوطني وحصته: قطاع الصناعات المعدنية "الفلزية"، واستعرض نتائجها واستخلاصاتها الأول، وذلك في قاعة المعهد برام الله وعبر تقنية زووم، وبمشاركة الباحث مسيف جميل ومدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس م. حيدر حجة، ورئيس اتحاد الصناعات المعدنية والهندسية، روبين الجولاني، ومدير دائرة السياسات والإحصاء في وزارة الاقتصاد رشاد يوسف عودة، وممثلين عن القطاعين العام والخاص.
وطالب المشاركون، بإيجاد آليات تسهّل إجراءات حصول المنشآت الصناعية المعدنية وغيرها على التسهيلات الائتمانية، وتقديمها بفوائد متدنية وفترات سداد مريحة، الأمر الذي سيسهم في تنمية القطاع الصناعي، ويشغّل العديد من القوى العاملة، ما سيخفّض من معدل البطالة المرتفع، ويكفل استمرارية المنشآت الصناعية إذ ما تعرضت لظروف صعبة كتلك التي شهدها الاقتصاد إثر جائحة كورونا.
وشدد المشاركون على وجوب حماية للمنتجات المعدنية المحلية من تلك المستوردة، من خلال وضع معيقات جمركية على المنتجات المستوردة التي يتوفر مقابلها بديل محلي، إضافة الى ضرورة تطوير مراكز التدريب المهنية لتنمية قدرات العاملين في هذه الصناعة المعدنية، وتخريج طلاب جدد مسلحين بالمهارات الفنية التي يعاني من نقصها العاملون في هذا القطاع، خاصة مهارتيّ الخراطة واللحام، الى جانب تعزيز قدرات مؤسسة المواصفات والمقاييس من خلال تجهيز مختبرات حديثة تختص بفحص جودة منتجات الصناعات المعدنية، ومدى ملاءمتها لمعايير مؤسسة المواصفات والمقاييس.
وفي معرض استعراضه لنتائج الدراسة، أكد الباحث جبارين على معاناة أصحاب المنشآت العاملة في قطاع الصناعات المعدنية من نقص بعض المهارات الفنية الضرورية لتطوير أعمالهم خاصة في مجال اللحام، وفن الخراطة، وبرمجة الآلات الحديثة، ويعزو ذلك الى عدم توفر مراكز التدريب القادرة على رفد العاملين المهنيين بهذه المهارات.
وبين جبارين، أن معظم المنشآت العاملة في قطاع الصناعات المعدنية يعمل بنصف طاقته الإنتاجية، بسبب انخفاض الطلب على هذه المنتجات، والمنافسة القوية من المنتجات المستوردة سواء المعدنية، أو المنتجات الأخرى التي تدخل في تصنيعها المنتجات المعدنية. "إذ اشارت نتائج المسح الصناعي" أن معدل التشغيل السنوي للطاقة الإنتاجية للمنشآت العاملة في صناعة الفلزات الأساسية 60.8%، بينما بلغ هذا المعدل 73.6% في المنشآت العاملة في صناعة منتجات المعادن المشكّلة عدا الآلات والماكينات.
وأكد حبارين، تأثر المنشآت العاملة في قطاع الصناعات المعدنية كثيرًا بجائحة كورونا من ناحية تراجع الإنتاج نتيجة انخفاض الطلب على السلع المعدنية. وبدرجة أقل من ناحية الحصول على المواد الخام، وتوزيع السلع المنتجة على بائعي التجزئة والمستهلكين. بينما اضطر ثلث العاملين في هذه المنشآت إلى تسريح عمالهم بشكل نهائي أو مؤقت نتيجة انخفاض الطلب على المنتجات.
ويرى جبارين أن المنشآت العاملة في قطاع الصناعات المعدنية تعاني من ضعف البنية التحتية خاصة ما يتعلق بالكهرباء التي تعتبر العنصر الأبرز من عناصر البنية التحتية، نظرًا لاعتماد تشغيل الآلات عليها خاصة في قطاع غزة الذي تعاني من انقطاعات متكررة للكهرباء، كما أن ارتفاع أسعار الكهرباء يؤثر سلبًا على تحفيز الإنتاج.
وأكد أن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي يعد من أهم التحديات التي تكبح جماح تطور القطاعات الاقتصادية كافة، ومن ضمنها قطاع الصناعات المعدنية، وبخاصة في قطاع غزة، الذي يعاني منذ سنوات عدة من الحصار السياسي والاقتصادي المفروض عليه من الاحتلال.
وقال: "على الرغم من أهمية الحوافز التي جاء بها قانون تشجيع الاستثمار، فإن التأخر في عملية دفع المستردات الجمركية للمستثمرين، على آلات ومعدات المشاريع الاستثمارية، يقلل من التأثير الإيجابي لحوافز الاستثمار عليهم".
بينما شدد الباحث مسيف جميل على الأهمية الاقتصادية لقطاع الصناعات المعدنية، إذ يسهم بنسبة 9.8% في القيمة المضافة للقطاع الصناعي، ويحتل المرتبة الرابعة بالنسبة إلى فروع قطاع الصناعة، ويأتي ترتيبه بعد قطاع صناعة منتجات المعادن اللافلزية الذي يسهم بنسبة 20.8%، وقطاع صناعة المنتجات الغذائية الذي يسهم بنسبة 15.1%، وقطاع صناعة الأثاث الذي يسهم بنسبة 13.1%.
ويؤكد أن قطاع الصناعات المعدنية "الفلزية" يحتل المرتبة الأولى بحسب عدد المنشآت العاملة في قطاع الصناعة، حيث يشكّل عدد منشآته 21.4% من إجمالي المنشآت الصناعية.
واحتل المرتبة الخامسة بالنسبة إلى المساهمة في التشغيل حيث تشغّل منشآته 10.3% من العاملين في المنشآت الصناعية، خلف المنشآت العاملة في قطاع صناعة الملابس التي تشغّل 19.7%، ومنشآت صناعة المنتجات الغذائية التي تشغّل 16.2%، ومنشآت صناعة منتجات المعادن اللافلزية التي تشغّل 15.9%، ومنشآت صناعة الأثاث التي تشغّل 13.8% من إجمالي العاملين في المنشآت الصناعية.
ويتفق المعقبون مع الباحثان على النتائج والاستخلاصات والتحديات، حيث طالب مدير عام مؤسسة المواصفات والمقاييس م. حيدر حجة، بضرورة إعداد برنامج لمساعدة قطاع الصناعات المعدنية للارتقاء بمستوى جودة منتجاته. ولكنه أكد صعوبة تطبيق المواصفة في قطاع الصناعات المعدنية لأنها تندرج أكثر في إطار تعليم فني إلزامي يطبق في قطاعات أخرى.
في حين يرى رئيس اتحاد الصناعات المعدنية والهندسية، روبين الجولاني، أن المنتجات المستوردة تحصل على حصة سوقية عالية بسبب تدني مواصفتها وجودتها بدون أن يفرض عليها رقابة وكل ذلك على حساب المنتجات المحلية، داعيًا الحكومة الى إصدار قرارات إلزامية باستخدام المنتج الوطني في المشاريع المحلية، إضافة الى حل المشاكل التي تعاني منها منتجات هذا القطاع عند التصدير وبخاصة في مسألة عدم إعطاء الحكومة الأولوية في الرديات الضريبية.
أما مدير دائرة السياسات والإحصاء في وزارة الاقتصاد رشاد يوسف عودة، فيؤكد أن تذبذب الحصة السوقية غير مرتبط بالصادرات، ويرى أن حل كافة الإشكاليات التي يعاني منها القطاع يكمن في تطبيق استراتيجية العناقيد الصناعية.