بيروت (رويترز) - بدأ لبنان يوم الأربعاء محادثات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على مساعدات بنحو عشرة مليارات دولار تشتد حاجته إليها لانتشال البلاد من أسوأ أزمة مالية في تاريخها.
ويقول المحللون إن مفاوضات صعبة تنتظر لبنان الذي من المتوقع أن ينفذ إصلاحات اقتصادية طالما تحاشاها قادته، وذلك إذا كانت بيروت ترغب في الحصول على المساعدة الدولية.
وانطلقت الجولة الأولى من المحادثات عبر الاتصال المرئي بسبب الغلق العام المفروض في لبنان جراء فيروس كورونا.
وقال وزير المالية اللبناني غازي وزني في بيان "نحن مرتاحون لأجواء هذه المناقشات الأولية ونتوقع أن تكون المناقشات المقبلة بناءة بالقدر ذاته".
طلبت بيروت رسميا مساعدة من صندوق النقد في وقت سابق هذا الشهر، فيما وصفه رئيس الوزراء حسان دياب بأنه ”لحظة مفصلية“ لبلد يواجه أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.
وستقوم المحادثات على خطة إنقاذ حكومية ترسم صورة لخسائر بعشرات المليارات للنظام المالي.
وقالت مجموعة دعم دولي، تضم الولايات المتحدة وفرنسا، في بيان إن قرار طلب برنامج من صندوق النقد "خطوة أولى في الاتجاه الصحيح".
وأشارت المجموعة إلى أن الدعم السياسي المحلي "ضروري لنجاح الإدارة وسرعة إتمام المفاوضات مع صندوق النقد"، لافتة إلى الحاجة لتوافق بين السياسيين اللبنانيين المنقسمين.
ويقول المانحون الدوليون، الذين ساعدوا لبنان فيما سبق، إنهم لن ينظروا في أمر منح أي مساعدة جديدة قبل أن تنفذ البلاد إصلاحات للتعامل مع تفشي الفساد والهدر، وهما السببان الرئيسيان لمشكلات لبنان الاقتصادية.
وقال إحسان خومان رئيس بحوث واستراتيجيات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى إم.يو.إف.جي "في حين أنه ليست هناك حلول سريعة وسهلة من أجل الإصلاح الاقتصادي لأنه سيكون هناك حتما خاسرون في عملية إصلاح من المرجح أن تكون شاقة، فقد أصبحت الأزمة من التعقيد بما يجعل الحاجة إلى تحرك شامل ملحة وبشكل فوري".
ولا يعارض أي من الأحزاب الرئيسية في لبنان اللجوء إلى صندوق النقد، والذي يعتبر إلى حد كبير الطريق الوحيد للبلاد لضمان الدعم. لكن بعض الجماعات، بما في ذلك جماعة حزب الله الشيعية ذات النفوذ والمدعومة من إيران، تحذّر من شروط قد تنتهك سيادة البلاد.
انزلق لبنان في الأزمة أواخر العام الماضي في ظل نضوب تدفقات رؤوس الأموال واندلاع احتجاجات ضد النخب الحاكمة بسبب عقود من سوء الإدارة والفساد.
وقلصت الأزمة قيمة العملة المحلية أكثر من نصف وأذكت الاضطرابات مع تنامي التضخم والبطالة والفقر.
وحالت البنوك التي تعاني من أزمة سيولة بين المودعين ومدخراتهم لشهور بعد أن صارت الدولارات أشد ندرة من أي وقت مضى.
وبعد أن تعثر في سداد ديونه السيادية في مارس آذار، يأمل لبنان في أن يساعد برنامج من صندوق النقد في المحادثات مع دائنيه.
ويعتبر بعض الاقتصاديين الخطة خطوة أولى جيدة، لكنهم مازالوا متشككين بشأن قدرة لبنان على تنفيذ إصلاحات تنطوي على خفض إنفاق القطاع العام وإصلاح القطاع المصرفي بعد سنوات من التلكؤ والتشاحن السياسي.
وقال خومان "بالتأكيد لم نقترب بعد بأي حال من الأحوال من بر الأمان، لكن حزمة إنقاذ متماسكة ومعقولة ومنسقة من صندوق النقد ستطمئن المستثمرين تدريجيا بأن لبنان يقف على أرض أكثر صلابة".
وواجهت الخطة رد فعل سلبيا للغاية من البنوك التي من المتوقع أن تتحمل خسائر بنحو 83 مليار دولار. وتعكف البنوك، وهي من أكبر مقرضي الحكومة منذ عقود، على وضع خطتها الخاصة التي تستهدف الحفاظ على بعض رؤوس أموالها.