أريحا-أخبار المال والأعمال- قال محافظ سلطة النقد عزام الشوا، إن دعم السياسات الاقتصادية العامة الهادفة لتحقيق النمو والتنمية المستدامة يعتبر أحد المهام الرئيسة لسلطة النقد، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي الفلسطيني أضحى يحتل مركزاً هاماً ومتنامياً في الاقتصاد الفلسطيني، خاصةً في ظل الاستراتيجية الشاملة التي وضعتها سلطة النقد منذ العام 2006.
جاءت تصريحات الشوا خلال كلمته في افتتاح "المؤتمر المصرفي الفلسطيني الدولي 2019"، تحت عنوان "التمويل المصرفي وآفاق التنمية الاقتصادية"، والذي نظمته سلطة النقد بالتعاون مع جمعية البنوك في فلسطين ومؤسسة التمويل الدولية (IFC) والمؤسسة الأوروبية الفلسطينية لضمان القروض، تحت رعاية رئيس الوزراء محمد اشتية، وبحضور محافظ محافظة أريحا والأغوار جهاد أبو العسل، وممثلو الجهاز المصرفي في فلسطين على مستوى المدراء الإقليميين والعامين، وممثلو مؤسسات الإقراض المتخصصة وممثلون عن وزارتي المالية والاقتصاد كمتحدثين في الجلسات، ورؤساء الغرف التجارية والخبراء الاقتصاديين والأكاديميين من الجامعات الفلسطينية وممثلو المؤسسات الدولية.
وهدف المؤتمر إلى مناقشة نتائج السياسات الائتمانية لجهات الإقراض في فلسطين وذلك خلال فترة العشر سنوات السابقة والممتدة بين الفترة 2010 و2018، لتسليط الضوء على أثرها ونتائجها في تمكين القطاعات الاقتصادية المختلفة، وذلك من خلال رصد المعيقات والانحرافات التي سادت خلال الفترة، لتطوير هذه السياسات لتخدم الفترة القادمة بإيجاد بيئة استثمارية مواتية ومشجعة في ظل منح محفزات تشجيعية وتطوير للبيئة التشريعية الناظمة لتفعيل دور جهات الإقراض في تمويل القطاعات الاقتصادية المستهدفة بما يتواءم مع خطة الحكومة للتنمية الاقتصادية لتحقيق المساهمة الفاعلة لتعزيز التنمية الاقتصادية.
ولفت الشوا إلى أن الاستراتيجية الشاملة لسلطة النقد هدفت بشكل أساسي إلى تعميق الروابط بين القطاع المصرفي والمالي وقطاعات الاقتصاد الفلسطيني المختلفة، وتأسيس البنية التحتية المالية والمصرفية الضرورية لتعزيز الاستقرار المالي في الاقتصاد الفلسطيني، والارتقاء بالجهاز المصرفي وجعله أكثر متانة وحداثة وجودة في تقديم الخدمة المصرفية، وبما يضاهي الأنظمة المصرفية العالمية.
وأوضح الشوا أن سلطة النقد ومن خلال التعاون مع القطاع المصرفي، كانت سباقة في إطلاق العديد من المبادرات لتعزيز دورها في مجال التنمية الاقتصادية، ومن هذه المبادرات تعزيز الشمول المالي، والذي توّج بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، واستراتيجية تمكين قطاع التمويل الأصغر في فلسطين، وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة من النفاذ إلى مصادر التمويل، وتنشيط قروض الإسكان والرهن العقاري، والعمل على تمكين المرأة الفلسطينية اقتصادياً ومالياً، مشيراً إلى أن سلطة النقد أصدرت مؤخراً تعليمات جديدة تسمح بموجبها للمصارف بالمساهمة في شركة أو شركات فلسطينية ناشئة يكون من غاياتها ممارسة أنشطة الإنتاج الزراعي والحيواني أو الطاقة البديلة أو تكنولوجيا المعلومات والتي تدعم الإبداع والابتكار والشركات الناشطة في مجال المحافظة على البيئة، كما سمحت التعليمات مشاركة أكثر من مصرف في إنشاء هذه الشركات على ألا يتجاوز الحد الأقصى لحصة المصرف او المصارف 80% من رأسمال الشركة.
وأضاف: "هذه واحدة من رزمة من التعليمات التي تهدف إلى توجيه الائتمان للقطاعات الاقتصادية المدرة للدخل والتي توفر فرص عمل وتشجع الرياديين على المبادرة وإطلاق مبادرات تنموية وتشغيلية تعزز من فرص العمل".
وأكد محافظ سلطة النقد أن المساهمة الفاعلة في التغلب على المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني، وإعادته إلى مسار التعافي والنمو، وخلق فرص عمل جديدة وتحسين مستوى معيشة المواطن الفلسطيني لتعزيز صموده، يتطلب من سلطة النقد والجهاز المصرفي التركيز على جانبين أولاهما إعادة النظر في تجربتنا وسياساتنا الائتمانية وتقييمها، وثانيهما تطوير سياسات ائتمانية جديدة تستهدف بدرجة أساسية بعض القطاعات الاستراتيجية التي تخدم عملية التنمية الاقتصادية المستدامة، وبما يتوافق مع خطة الحكومة للتنمية الاقتصادية للسنوات القادمة، مشيراً إلى أن فلسطين تمتلك مجموعة من نقاط القوة ذات الأثر الإيجابي على التنمية، ممثلة بحداثة الإدارة الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدني، ورأس المال البشري، والعمق العربي والإسلامي، والسياسات الحكومية ذات العلاقة.
وشكر الشوا رئيس الوزراء محمد اشتية على تكرمه برعاية المؤتمر، وكافة الشركاء على جهودهم ودعمهم المتواصل في تطوير الصناعة المصرفية الفلسطينية لتعزيز الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في فلسطين، منوهاً إلى حضورهم المميز من خلال هذا المؤتمر والمؤتمرات السابقة وفعاليات وأنشطة أخرى.
من جهته، شكر رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في فلسطين ماهر المصري، الحكومة الفلسطينية وعلى رأسها رئيس الوزراء محمد اشتية، وسلطة النقد ومحافظها عزام الشوا وإدارتها التنفيذية على تعاونها ودعمها للجهاز المصرفي، معرباً عن استعداد البنوك لأن تكون الحاضنة من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني.
وتطرق المصري إلى الدور المميز للبنوك في فلسطين، وخاصة خلال السنة الماضية التي واجه فيها الشعب الفلسطيني وسلطته وحكومته أزمة شديدة وظروفاً صعبة، داعياً إلى تكاتف الجهود ويداً بيد من قبل سلطة النقد والبنوك والمواطنين تجاه الوضع الذي لا يزال غير مستقر من الناحية السياسية والمالية والاقتصادية.
من جانبه، قال الممثل المقيم لمؤسسة التمويل الدولية IFC يوسف حبش إنه مع التسليم بالدور الرئيسي للتمويل المصرفي في التنمية الاقتصادية إلا أنه لا بد من توفر ثلاثة عناصر رئيسية لكي يتسنى لهذا القطاع القيام بدوره، أولاها وجود استراتيجية لتعزيز الشمول المالي وهو ما قامت به فعلاً سلطة النقد، وخلق بيئة تنظيمية مواتية للاستثمار، وتطوير منتجات وخدمات مصرفية مختلفة وجديدة من أجل تخفيف مخاطر الإقراض.
وأضاف حبش أنه لا بد من النظر في كيفية الاستفادة من التطور التكنولوجي الهائل في مجال الخدمات المالية، والذي يشكّل فرصة لتحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة قدرة الأفراد والمؤسسات على الحصول على التمويل والخدمات الأخرى التي تعمل على دمجهم في الاقتصاد وتحويلها لعناصر فاعلة فيه.
من ناحيته، أثنى ممثل جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى فلسطين كرستيان كلاجيس على انعقاد هذا المؤتمر الذي يمكن أن يسهم من خلال نقاشاته وتوصياته في دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام، داعياً إلى إيلاء أهمية لقضية التمويل المصرفي لمختلف القطاعات الاقتصادية وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، معرباً عن استعداد بلاده للاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني سواء المباشر أو عبر الاتحاد الأوروبي، لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، ودعم جهود التنمية في فلسطين بشكل فاعل.
من جهته، حيّا محافظ أريحا سلطة النقد والجهاز المصرفي والمشاركين في المؤتمر، على هذا الاهتمام بقضية التنمية الاقتصادية، شاكراً البنوك على مساندتها لشعبنا خلال الأزمة المالية الأخيرة.
وأشار إلى أن الاحتلال هو العائق أمام التنمية بكل أنواعها، مؤكداً أن "الشعب الفلسطيني لن يستسلم وسيبقى صامداً وثابتاً على أرضه بتوجيهات قيادته الحكيمة وعلى رأسها فخامة الرئيس أبو مازن".
وقدم مدير دائرة الأبحاث والسياسات النقدية في سلطة النقد محمد عطا الله عرضاً بعنوان "واقع الحال للتمويل المصرفي خلال الفترة الزمنية 2010 – 2018".
وحملت الجلسة الأولى عنوان "قراءة وتحليل لمؤشرات محفظة التسهيلات خلال فترة العشر سنوات الأخيرة" وأدارها د.يوسف ناصر وشارك فيها الخبراء: نصر عبدالكريم، وعزمي عبد الرحمن، وبلال فلاح.
أما الجلسة الثانية فحملت عنوان "الفرص والتحديات والأدوات التحفيزية لتمويل القطاعات الإنتاجية" وأدارها ماهر المصري وشارك فيها الخبراء: مازن سنقرط، ورائد سعادة، ورياض الشاهد، ومحمد عويضة، ونسيم نور.
وجاءت الجلسة الثالثة بعنوان "دور السلطات والهيئات الرقابية في تعزيز التنمية الاقتصادية" وأدارها رياض نوار وشارك فيها الخبراء: رياض أبو شحادة، وجوزيف نسناس، ومحمود زعرور، وحنا سحار، وعلاء سيسالم.
وفي الختام خرج المؤتمر بعدة توصيات وخطة عمل تلاها مدير دائرة انضباط السوق في سلطة النقد علي فرعون. وتولت مديرة دائرة العلاقات العامة والاتصال في سلطة النقد أيرين سعادة عرافة المؤتمر، وتخلله توزيع دروع تكريمية للمتحدثين والشركاء.