رام الله-الحياة الاقتصادية-ايهم أبوغوش-فتحت الضغوطات المالية التي تمارسها اسرائيل تجاه السلطة الوطنية عبر ديون شركة كهرباء القدس وتهديدها المستمر بقطع التيار الكهربائي تحديدا عن منطقة وسط الضفة جدلا فلسطينيا فلسطينيا حول القيمة الحقيقية لهذه الديون وأسبابها ومدى التزام وزارة المالية بتسديد الديون المستحقة على السلطة الوطنية لصالح الشركة.
ففي وقت، تبرز فيه الشركة ديونا على السلطة قيمتها (850) مليون شيقل منها (530) على المخيمات من أصل نحو 1.3 مليار شيقل مجمل الديون المستحقة على الشركة لدى اسرائيل، يؤكد مسؤول حكومي كبير أنه لا يوجد قرش واحد دين على الحكومة لصالح الشركة وسط تضارب في الأرقام المعلنة ما استدعى تشكيل لجنة مكونة من أعضاء من اللجنة التنفيذية لتسوية الخلاف بين الشركة والحكومة وايجاد أرضية مشتركة للحوار.
يذكر ان الحكومة تلتزم بسداد المبالغ المترتبة عليها بدلا من استهلاك مقراتها بشكل شهري وتقول الشركة إن مبلغا يتراوح بين 20-30 مليون شيقل قيد السداد.
ويعود أصل الخلاف بين الطرفين إلى دفعة قيمتها (303) ملايين شيقل تقول الشركة إنها دفعتها لوزارة المالية بينما تبين من كشف الديون الذي تسلمته الشركة من اسرائيل أن "المالية" لم تقم بتحويل الدفعة إلى كهرباء اسرائيل.
وأعادت الأزمة الحالية المخيمات إلى الواجهة مجددا، إذ تقع ضمن امتيازات الشركة (13) مخيما تقول الشركة إن فاتورتها الشهرية تبلغ قيمتها (8) ملايين شيقل بينما يؤكد مصدر حكومي أن قيمة فاتورة المخيمات تصل شهريا إلى (2) مليون شيقل فقط، وسط جهود تبذل لوقف النزيف في سرقة التيار الكهربائي، إذ تقدم وزير الشؤون المدنية باقتراح يقوم على أن تدفع وزارة المالية ثمن الاستهلاك البيتي للمخيمات مقابل أن ترفع السلطة الوطنية الغطاء عن الاستخدام التجاري الذي تقول الشركة إنه يأخذ الحصة الاكبر من الفاتورة.
العمري: لسنا سبب الأزمة
ورفض رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء القدس ومديرها العام م. هشام العمري في لقاء مع شبكة الصحفيين الاقتصاديين الاتهامات الموجهة للشركة بخصوص قطع التيار الكهربائي نتيجة تخلفها عن دفع الديون قائلا "نحن نقدر الجهد الذي تقوم به السلطة الوطنية لحل الأزمة التي تعاني منها شركة كهرباء القدس والكل بدأ يدرك أن هناك مشكلة حقيقية وليس كما يقول البعض بأن الشركة هي من تتحمل السبب"، مشيرا إلى أن الأزمة الحالية بشأن التهديدات الاسرائيلية لقطع التيار الكهربائي عن مناطق امتياز الشركة ليست مفتعلة بل مفروضة عليها لأسباب لا علاقة لها بها.
ويضيف" السلطة الوطنية تعاني اليوم من حصار مالي، ونحن لا نريد أن نحمل بعضنا المسؤولية بقدر ما نريد ان نبحث عن حلول لمساعدة بعضنا من أجل وقف النزيف"، لافتا إلى سلسلة اجتماعات عقدتها الشركة خلال الأسبوع المنصرف وتحديدا مع مع وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ ووزير المالية شكري بشارة و رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، وكذلك مع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي شكلت لجنة من خمسة أعضاء اجتمعت برئيس الوزراء ثم مع مسؤولين في الشركة بهدف البحث عن مخرج للأزمة.
يذكر ان أعضاء اللجنة المشكّلة هم: عزام الأحمد، وأحمد مجدلاني، وعدنان الحسيني، وأحمد بيوض سعيد التميمي، وبسام الصالحي.
وتابع" هذه اللجنة شكلت للاجتماع إلى كافة الأطراف وتشخيص المشكلة وكيفية حلها والتأكد من مدى إن كان هناك تقصير حقيقي من قبل الشركة أم أن المسألة فعلا خارج سيطرتها"، مضيفا "لقد دخلنا في العمق وكان التوجه ايجابيا لدى الجميع".
وبين ان الموضوع أثير على مستوى القيادة بعد استماعها إلى اكثر من وجهة نظر ما استدعى تشكيل اللجنة.
ويقول العمري إن قيمة الدين على وزارة المالية لصالح الشركة يصل إلى (530) مليون شيقل وهو متراكم منذ مطلع العام 2014،منوها إلى أن الحكومة أوقفت منذ ذلك التاريخ دفع فاتورة المخيمات.
من أين جاء الفارق؟
وحول ما صرح بها مسؤول حكومي لـ"الحياة الاقتصادية" حول عدم وجود دين على الحكومة لصالح الشركة، يقول العمري "نشكر السلطة الوطنية بداية لأنها ملتزمة بالدفع الشهري منذ بدء الأزمة الحالية، ولكن "لا صحة" للحديث بأنه لا يوجد دين على السلطة الوطنية".
ويشرح أن اتفاقية وقعت بين السلطة الوطنية واسرائيل في ايلول عام 2016 تتضمن أن تقوم السلطة بتسديد ديون شركات الكهرباء لصالح اسرائيل مقابل ان تقوم الشركات بتسديد المبالغ في وزارة المالية، مشيرا إلى أن الأخيرة دفعت (404) ملايين شيقل ضمن هذه الاتفاقية بينما كان يفترض دفع ما قيمته (707) ملايين شيقل في وقت التزمت فيه الشركة بتسديد كامل المبلغ لوزارة المالية أي (707) ملايين شيقل وبالتالي فإن الفارق يصل الى 303 ملايين شيقل لصالح الشركة.
ويؤكد العمري انه لو تم دفع هذا الملبغ لصالح اسرائيل فإنه سيكون له مرود ايجابي على صعيد تأجيل عمليات قطع التيار، متهما في الوقت نفسه اسرائيل بممارسة ضغط سياسي على السلطة الوطنية من خلال استغلال الديون المتراكمة على الشركة بدليل أن الدين اليوم أقل بكثير مما كان عليه في عام 2016، إذ وصل حينها إلى 1.7 مليار شيقل بينما اليوم تراجع إلى 1.3 مليار شيقل منها 630 مليون شيقل ديون مجمدة إلى حين التوصل الى اتفاقية شراء بين السلطة الوطية واسرائيل بحيث يتم دفع هذه الديون على 48 دفعة.
ويعتقد العمري انه لو دفعت السلطة ديونها لصالح الشركة لجنبت الأخيرة الحصول على قرض بقيمة 100 مليون شيقل بنسبة فائدة 5%، قائلا" حينما اتفق وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ مع الجانب الاسرائيلي بخصوص ضريبة البلو، كان مطلوبا من السلطة دفع300 مليون شيقل منها 200 مليون شيقل عن شركات الكهرباء في شمال الضفة وجنوبها و100 مليون عن "كهرباء القدس". ويضيف"، اضطررنا لأخذ قرض بقيمة 100 مليون شيقل بينما دفعت السلطة الوطنية مبلغ 200 مليون شيقل عن شركات الكهرباء في الشمال والجنوب رغم أن لدينا في ذمتها أكثر من 303 ملايين شيقل".
ضغط سياسي
ويجزم العمري أن الضغط الذي تمارسه اسرائيل حاليا هو ضغط سياسي كرد على توجهات الحكومة نحو الانفكاك الاقتصادي، مشيرا إلى أن قطع التيار الكهربائي في السابق كان يختلف فنيا عن التهديد الأخير. ويضيف "القطع السابق كان يتم بقطع خط معين مثلا في رام الله وخط آخر في بيت لحم وهذا يمكننا من اعادة توزيع الأحمال لتغطية المؤسسات الحساسة من مستشفيات ودوائر رسمية،لكن هذه المرة القطع يهدف الى التركيز على منطقة محددة من أجل زيادة الضغط علينا وافقادنا القدرة على اعادة توزيع الأحمال".
الفاتورة الشهرية بالأرقام
تصل فاتورة كهرباء القدس من استهلاك التيار لكافة مناطق امتيازها إلى نحو 120-130 مليون شيقل في فصلي الشتاء والصيف، بينما تنخفض في فصلي الربيع والخريف لتصل إلى نحو 75 مليون شيقل، أي ان متوسط قيمة الفاتورة شهريا يصل إلى نحو 90-100 مليون شيقل.
يشير العمري إلى أن نسبة جباية الشركة من مجمل الفواتير الصادرة وصلت مؤخرا إلى نحو 94% وهي نسبة يراها ممتازة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وتصل نسبة الفاقد من التيار إلى 22% بينما تبلغ نسبة التيار المستهلك وغير المفوتر (أي لا يصدر فواتير بخصوصه) بما فيها الفاقد إلى نحو 28% من مجمل التيار الذي تشتريه الشركة من اسرائيل.
ويؤكد العمري ان فاتورة استهلاك المخيمات تصل إلى نحو (8) ملايين شيقل شهريا تشمل 13 مخيما في منطقة الامتياز، مشيرا إلى تركيب عدادات تقيس الاستهلاك الكلي لكل مخيم على حده.
وحول وجود فجوة بين هذا الرقم والآخر الذي قدرته الحكومة بـ (2) مليون شيقل فقط، يقول العمري "الحكومة احتسبت فقط معدل الاستهلاك البيتي وعدد البيوت المقدرة في المنطقة الواحدة اعتمادا على بيانات الجهاز المركزي للاحصاء،لكن هذه الطريقة لم تأخذ في الاعتبار النمو السكاني ولا الاستهلاك التجاري الذي يأخذ النصيب الأكبر من قيمة الفاتورة"، لافتا إلى أن مصانع انشئت في المخيمات بغرض الاستفادة من التيار الكهربائي المجاني.
ولفت إلى اقتراح تقدم به وزير الشؤون المدنية يراه العمري بأنه قد يشكل أرضية للحوار مع الحكومة، وأساسه أن تقوم السلطة الوطنية بدفع ثمن الاستهلاك البيتي للتيار في المخيمات مقابل رفع الغطاء عن الاستهلاك الصناعي، منوها إلى أن فاتورة كبار المشتركين الشهرية تصل الى 20 مليون شيقل نصفها غير مدفوع.
ويضيف "كنا نقطع التيار عن بعض كبار المشتركين رغم أن المبلغ وصل إلى 300 الف شيقل لكن بقرار من المحكمة نضطر إلى إعادته".
رد على توزيع الأرباح
وحول رد العمري على بعض الانتقادات الموجهة للشركة بقيامها بتوزيع ارباح على المساهمين رغم ان الشركة تعاني من المديونية، يقول "الشركة اتخذت عدة إجراءات منها وقف التوظيف وكذلك وقف توزيع الأرباح في هذا العام".
ويضيف: عام 2017 وزعنا أرباحا بنسبة 8% على حقوق للمساهمين، أي أن الملبغ لا يزيد على 12 مليون شيقل علما أن 40% من المساهمين لا يتمكنون من حضور اجتماع الهيئة العامة بسبب عدم اصدارهم توكيلات في قضايا حصر الإرث ما يعني ان قيمة المبلغ الموزع لا تزيد عن (8) ملايين شيقل علما الشركة انقطعت عن عقد اجتماعاتها العمومية منذ عام 1969 إلى حين انعقاد الهيئة عام 2005 إذ بدأت الشركة بتوزيع الأرباح خاصة أن رأسمالها كان عند التأسيس (750) ألف دينار ووصل اليوم إلى (30) مليون دينار.