دبي (رويترز) - قالت مصادر مصرفية إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي لم يجذب سوى اهتمام ضعيف لخططه الجديدة الرامية لاستدانة مليارات الدولارات، مما يشير إلى أن المملكة تفقد جاذبيتها بالنسبة لبعض المقرضين.
وتهافتت البنوك الدولية على الانضمام لجهود أكبر اقتصاد عربي لتقليص اعتماده على النفط، واستمرت في السعي وراء الأنشطة السعودية رغم الاختبار الذي تعرضت له علاقات الرياض مع الحلفاء الغربيين بفعل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي العام الماضي.
جمعت الحكومة السعودية نحو 60 مليار دولار من سندات عالمية منذ 2016، إلى جانب قرض دولي بقيمة 16 مليار دولار، ولحقت مجموعة من الكيانات الحكومية بفورة إصدارات الدين، بما في ذلك سندات شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية البالغة 12 مليار دولار هذا العام.
ورغم إقبال البنوك على القروض والسندات السيادية السعودية المنخفضة العائد نسبيا على أمل أن يقود ذلك للفوز بأعمال أكثر ربحا، أصابت خيبة الأمل بعض البنوك جراء تأجيل الإدراج المزمع لأسهم أرامكو والتباطؤ في بدء مجموعة من عمليات الخصخصة الأخرى.
وقال مصرفي في بنك دولي ”البنوك حصلت على كثير من الوعود، وأغلبها على صعيد الأسهم، وما يحدث الآن مجرد اقتراض سيادي“.
وبعد جمع 11 مليار دولار العام الماضي عبر قرض مشترك لأجل خمس سنوات، يُجري صندوق الاستثمارات العامة محادثات مع بنوك دولية بخصوص تمويل متوقع قيمته ثمانية مليارات دولار على أن يُسدد في غضون عام من حصيلة بيع حصة الصندوق البالغة 70 بالمئة في الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المنتجة للبتروكيماويات إلى أرامكو.
وقال مصرفي آخر مطلع على الأمر ”البنوك شاركت بالفعل في القرض المحدد المدة (لصندوق الاستثمارات العامة)، لذا فإنها مترددة في المشاركة أيضا في القرض التجسيري إذا لم يكن بشروط تجارية وأقرب إلى إقراض لإقامة علاقة“.
وأفادت المصادر أن بعض البنوك الكبيرة مثل إتش.إس.بي.سي وسيتي ستشارك، مما يعني أن الصفقة ستتم على الأرجح. لكن ضعف الاهتمام يشير إلى أن السعودية قد تبدأ في دفع أسعار فائدة أعلى على ديونها السيادية التي لا ترتبط بأعمال لاحقة أكثر ربحية.
وفي العام الماضي، قالت مصادر إن العائد على قرض صندوق الاستثمارات العامة البالغة قيمته 11 مليار دولار بلغ 75 نقطة أساس فوق أسعار الفائدة المعروضة بين البنوك في لندن (ليبور)، وهو نفس العائد الذي تدفعه الحكومة نفسها.
وشاركت مجموعة من 15 بنكا في تلك الصفقة، من بينها بنوك أوروبية وآسيوية وأمريكية.
هوامش متدنية
من المتوقع أيضا أن يكون قرض صندوق الاستثمارات العامة الجديد بهوامش متدنية نسبيا، وقال أحد المصادر إنه يتوقع أن تكون في حدود 30 نقطة أساس فوق ليبور، مما يساهم أيضا في غياب الحماس.
وقال متحدث باسم صندوق الاستثمارات العامة إن الصندوق ”لا يعلق على الشائعات أو التكهنات الدائرة بخصوص الصفقات“.
وأضاف أن ”استراتيجية التمويل الطويل الأجل تشمل أربعة مصادر للتمويل، هي عمليات ضخ السيولة وتحويلات الأصول من الحكومة وعوائد الاستثمارات المستبقاة والقروض وأدوات الدين“.
وتعمد البنوك إلى إقامة العلاقات مع العملاء أو توطيدها عن طريق تقديم تمويل رخيص نسبيا على أمل الفوز بمزيد من الأعمال في مجالات مثل تمويل التجارة وأسواق المال.
وتتضمن الإصلاحات الاقتصادية السعودية عمليات خصخصة ومشاريع بنية تحتية ضخمة والإدراج المزمع لشركة أرامكو المتوقع أن يدر حوالي 100 مليار دولار على الدولة وملايين الدولارات على مرتبيه.
لكن الطرح العام الأولي لأرامكو تأجل إلى 2021 في حين تخرج مشاريع أخرى للعلن بوتيرة بطيئة.
وعندما بدأت السعودية فورة الاقتراض، قال المصرفيون إنها أوضحت خلال نقاشات أن الحكومة تطلب منهم الإقراض بتكلفة رخيصة في مقابل تفويضات أعلى ربحية ستأتي لاحقا.
واستطاعت البنوك ذات الميزانيات الضخمة والحضور القوي في الشرق الأوسط، مثل جيه.بي مورجان واتش.إس.بي.ٍسي، الإقراض بكثافة بهوامش متدنية لكن طلبات الاقتراض الجديدة من السعوديين بدأت تُجهد البنوك المتوسطة الحجم، حسبما ذكرته المصادر.
وقال أحد المصادر ”هذه مشكلة بالنسبة لبعض البنوك الأوروبية التي لديها تكلفة تمويل بالغة الارتفاع، وهم يستشعرون وخزها“.
وأثار قرض صندوق الاستثمارات العامة الجديد مخاوف أيضا بين المقرضين المحتملين لأنه من غير الواضح كيف سَيُستخدم في ضوء عدم ارتباطه بأي استثمار أو استحواذ محدد.
وقال أحد المصادر ”لا توجد رؤية على صعيد الصفقات والأعمال القادمة“.