الخليل-وفا-ساهر عمرو-ودعت الخليل منذ ما يقارب الشهر موسم العنب، لتستقبل بعده مباشرة موسم الزيتون، الذي يشكل أكبر مواسم البستنة في المحافظة؛ فهنالك ما يقارب 95 الف دونم من اراضي المحافظة مزروعة بأشجار الزيتون، بالإضافة الى ما يزيد عن 535 دونما من الاراضي المزروعة بالزيتون معزولة خلف جدار الفصل العنصري، المثمر منها يقدر 70 ألف دونم، والباقي أشجار لم تثمر بعد، وتتوزع هذه المساحات على كافة انحاء المحافظة ويتركز الجزء الاكبر منها في مناطق الخط الغربي لمديرية زراعة دورا، ضمن ما يطلق عليه القرى الزيتونية والتي يصل عددها الى ما يقارب 14 قرية.
ونحن على اعتاب نهاية هذا الموسم الذي بدأ رسميا منذ قرابة الشهر ويوشك هذه الايام على الانتهاء والرحيل، ليكون بذلك من أقصر الموسم التي مرت خلال الاعوام السابقة، نظرا لضعف الانتاج وقلة المحصول من الزيتون، هذا ما اكدته مديرة زراعة دورا سماح أبو هيكل أن هذا الموسم يشهد انخفاضا في الانتاج يتجاوز ما نسبته 30% عما كان عليه العام الماضي، حيث تشير البيانات الى أن معدل انتاج الدونم الواحد لم يتجاوز 80 كغم، وأن معدل سيلان الزيت من الثمر لا يتعدى 20%.
موسم قصير، هذا ما اكده بعض المزارعين وبعض أصحاب معاصر الزيتون، التي يبلغ عددها 26 معصرة موزعة على كافة أرجاء المحافظة، الجميع أكدوا قصر الموسم، وأن هناك انخفاضا كبيرا في كميات الزيتون التي تصل الى المعاصر بالمقارنة بالأعوام السابقة.
أبو محمد أحد أصحاب هذه المعاصر، التي تعمل بخطي انتاج، أكد أنه قام بإيقاف تشغيل المعصرة عدة مرات خلال هذا الموسم الأمر الذي لم يحدث معه من قبل، حيث كان العمل طوال 24 ساعة/ 7 أيام خلال فترات الذروة، في إشارة منه الى ضعف هذا الموسم بالمقارنة مع المواسم السابقة.
من جانبه أكد المزارع يوسف أبو عرقوب أثناء تواجده في المعصرة، أنه احتاج في العام الماضي إلى ما يقارب 18 يوما، وبصحبة كافة افراد عائلته المكونة من خمسة أفراد لجني ثمار الزيتون من أرضه، إلا انه في هذا العام لم يحتج هو وابنيه سوى خمسة أيام فقط لجني المحصول.
وتشير بيانات مديرية الزراعة إلى أن معدل استهلالك الفرد من زيت الزيتون في المحافظة يصل الى 6 كغم، ومن الزيتون ما يقارب 2 كغم، وفي ظل هذه المعطيات فمن المؤكد أن الكميات المنتجة لا تكفي سوى 50% من أهالي المحافظة، وجرت العادة خلال السنوات السابقة على سد هذا النقص من خلال الفائض في الانتاج من زيت وزيتون شمال الضفة الغربية، إلا أن هذا الأمر لن يكون ذا أثر كبير لهذا العام، بسبب ضعف الموسم في مناطق شمال الضفة الغربية، نظرا لما أصاب المحصول من امراض كان أهمها ذبابة ورق الزيتون التي أثرت بشكل كبير على الانتاج هناك.
ونتيجة لذلك فقد شهدت أسعار الزيت ارتفاعا كبيرا تجاوزت في بعض مناطق المحافظة حاجز الـ40 شيقلا للكيلو الواحد، الأمر الذي يشكل عبئا إضافيا على كاهل الأسرة الفلسطينية، لكون هذه المواد من المكونات الاساسية الحاضرة بشكل دائم على المائدة الفلسطينية، وقال احد الموطنين الذي تواجد في إحدى المعاصر لشراء كمية من الزيت وهو أب لأسرة تتكون من سبعة أفراد، ويعمل مدرسا، إن معدل استهلاكه السنوي يتراوح ما بين 30-35 كغم من الزيت، ونظرا لوصول الاسعار لهذا الحد فلن يكون بمقدوره توفير كل هذه الكمية، وانه سيكتفي بتوفير حاوية واحدة بسعة 15 كغم، على أمل أن يتم إيجاد بدائل في السوق بأسعار أقل خلال الفترة القادمة.
وعن الأسباب التي تقف وراء هذا الانخفاض الكبير في الانتاج، أشارت أبو هيكل إلى ان هناك عدة أسباب: منها ما هو متعلق بطبيعة وتركيبة قطاع الزيتون في المحافظة، ومنها ما هو متعلق بالظروف والتقلبات الجوية التي شهدها الموسم، فمن حيث تركيبة هذا القطاع: تعتبر الأصناف المزروعة والمعتمد عليها في الانتاج من الاصناف غير الجيدة، نظرا لعدم ملاءمتها لظروفنا البيئية والمناخية، وأهم هذه الاصناف "النبالي المحسن" والذي يشكل ما نسبته 75% من الاشجار، وهذا الصنف وزع عهد الاحتلال الاسرائيلي من خلال ما كان يعرف بالإدارة المدنية، وحدود إنتاجه يتراوح ما بين 4-5 سنوات، وبعد ذلك لا يعطي انتاجا ملموسا، بالإضافة الى حاجته الى كميات كبيرة من المياه، فهو يحتاج الى موسم مطري ما بين 500-600 ملم لكي يعطى انتاجا مقبولا، هرم جزء كبير من اشجار الزيتون وعدم العناية بها من حيث التقليم والتشبيب، اما من الناحية الجوية وما شهده الموسم تشير هيكل إلى أن قلة الامطار، والتقلبات الجوية، وخاصة ما شهدته فترة الازهار من تغييرات كبيرة في درجة الحرارة، وهطول الأمطار خلال هذه الفترة، ترك آثارا سلبية كبيرة على عقد الازهار، كانت نتائجه انخفاضا كبيرا في المحصول.
وتضيف أبو هيكل ان وزارة الزراعة تعمل على معالجة هذه التحديات، مستدركة أن توفير الحلول يحتاج الى وقت، فهناك عمل مستمر على تزويد المزارعين بأفضل الأصناف من أشجار الزيتون، والتي تناسب ظروفنا البيئية والمناخية، وذلك ضمن مشروع تخضير فلسطين والذي تنفذه وزارة الزراعة، وكذلك العمل على استبدال ما هو موجود من اصناف غير جيدة، من خلال تشجيع المزارعين على القيام بعمليات احلال لهذه الاصناف، اما من خلال التركيب او من خلال الاستبدال.