رام الله-وفا-انطلقت مساء اوم الاثنين، في رام الله، أعمال منتدى فلسطين الدولي الأول للمياه تحت شعار "التقنيات والممارسات الحديثة لتطبيق الادارة المتكاملة للموارد المائية" .
وحضر المنتدى الدولي مستشارة رئيس الوزراء خيرية رصاص، ورئيس سلطة المياه مازن غنيم، ونائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط جيمي ماكولدريك، وممثل جامعة الدول العربية حمو العمراني، ونائب الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ميجيل جارسيا، إضافة الى عدد من الوزراء وأعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح وقادة المؤسسة الأمنية، والشخصيات الرسمية وممثلي الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية.
وألقت رصاص، في الجلسة الافتتاحية للمنتدى، كلمة نيابة عن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، قالت فيها: إنه "رغم تفاقم وخطورة الوضع المائي، فقد شهدت بلادنا عملا متسارعا ومدروسا للوصول بخدمات المياه والصرف الصحي إلى كافة التجمعات، وارتكزت جهودنا على تطوير المصادر البديلة للمياه وفق مبادئ الإدارة المتكاملة".
منصة دولية
وفي كلمته قال رئيس سلطة المياه مازن غنيم: "هذه الأرض المقدسة والتي لا تزال الى يومنا الحالي ترزح تحت احتلال اسرائيلي ظالم، يصادر أرضها ومواردها الطبيعية ويحاصر مدنها وبلداتها وقراها، من خلال وَضع العراقيلَ والقيود أمامَ كافة الجهود المبذولة لتنفيذِ البَرامجِ المُتعلّقَةِ بتطوير كافة مناحي الحياة، وخير مثال على ذلك هو الاستغلال الفاضح والانتهاكات اليومية لموارد المياه الفلسطينية، والقيود التي تخالف أبسط مواثيق حقوق الإنسان وفي مقدمتها الحق في المياه الذي يمثل الحق في الحياة.
وأضاف: "إن وجودكم ومشاركتكم اليوم في هذا المنتدى الذي نتطلع أن يكون منصة دولية تجمع كافة الشركاء والخبراء المؤثرين والقادرين على قيادة التطور في واقع قطاع المياه عالمياً، وأن يكون هذا المنتدى منبراً لحلول استراتيجية في قضايا المياه المعاصرة."
وتابع: "أمام قضايا المياه العالمية اليوم والتحدّيات التي تُواجهها وعلى رأسها التزايد السكاني وازدياد متطلبات التنمية والتغيرّ المناخي، والجفاف والهجرات القسرية وما يتبعه من شُح الموارد المائية، فقد أصبح مفهوم الأمن المائي أحد أهم الأولويات والغايات الموضوعة على الأجندات الدولية، بما يشمل توطيد أُطر التعاون والشراكة بين الدول المتشاركة والمتشاطئة مائياً، والمبنية على أُسس الاستخدام العادل والمنصف للمياه العابرة للحدود والموارد المشتركة، وذلك من خلال تطبيق الممارسات الحديثة وأساليب التكنولوجيا في إدارة الموارد المائية وايجاد مصادر بديلة للمياه لخدمة هذه الغايات".
وتابع:" من هُنا جاء هذا المنتدى تحت شعار "التقنيات والممارسات الحديثة لتطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية" والذي سيُتيح الفرصة للتعرف على التقدم وآخر تطورات التكنولوجيا الحديثة في هذا المجال للمساعدة في تنفيذ أسس ومبادئ هذا النهج، باعتباره أساساً لتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والذي يسعى لتحقيق الأمن المائي، ونحن على يقين بأن هذا المنتدى ليس نهاية المطاف وليس الأخير، بل سيكون نقطة انطلاق للعديد من المنتديات والمؤتمرات الدولية في المستقبل القريب إن شاء الله، وسيثبت على أجندة المنتديات وفعاليات المياه الدولية".
وقال: "لقد أصرّينا على انعقاد هذا المنتدى على أرض فلسطين ونحن نعلم مدى صعوبة تنظيم وتنسيق مثل هذه المنتديات التي تضم شخصيات من مختلف الجنسيات، فقد وضعنا على عاتقنا تحمل كافة العقبات والتحديات التي ستواجهنا من تنسيق للوفود العربية لدخول الأراضي الفلسطينية، والتعقيدات في تأخير اصدار التصاريح من قبل الجانب الاسرائيلي، الأمر الذي أدى الى وصول الوفود الى المملكة الأردنية واضطرارهم للانتظار لفترات طويلة على الجسور حتى صباح اليوم، وهناك مجموعة لا زالت عالقة تنتظر، ودعوني هنا أن أتوجّه لهم بالشكر والتقدير لتحملهم عناء الرحلة واصرارهم على مشاركتنا وهذا إذ يُعبرّ عن مدى إدراكهم الكبير لأهمية نجاح هذا المنتدى في فلسطين، ونعتذر من الوفود التي لم تصدر لهم التصاريح هذه المرة، حيث سيتم غداً البدء الرسمي بأعمال المنتدى وبانتظار وصول عدد من المشاركين هذه الليلة وحتى فجر يوم غد."
وتقدم غنيم بالشكر والتقدير لمقدمي أوراق العمل على ما بذلوه من جهد في إعداد أوراقهم والتي بلغت 98 ورقة علمية، وجميع المشاركين في أعمال المنتدى من شركات ومؤسسات وأفراد والتي بلغت 24 شركة، والى الشركاء الداعمين من مؤسسات ومنظمات والتي كان لها الدور الأكبر في مساندة اطلاق فعاليات هذا المنتدى.
وقال غنيم: "رغم الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية الراهنة، وفي خضم ما تواجهه المنطقة العربية اليوم من قضايا سياسية انعكست في مجملها إلى كوارث إنسانية صعبة باتت تؤرق المجتمع الدولي بأسره، إلا أن مفهوم الأمن المائي في فلسطين ما زال شبه معدوم نتيجة عدم تمكننا من السيطرة الفعلية على مواردنا المائية واستخدامها بالشكل الأمثل، وهو ما يمثل السبب الرئيسي في استمرار الأزمة المائية وتفاقمها يوماً بعد يوم، الأمر الذي يُهدد الاستقرار والوضع الإنساني في فلسطين والمنطقة، في ظل سيطرة الاحتلال الاسرائيلي على أكثر من 85% من المصادر المائية وتحكمه وحرمانه لنا من حق الوصول اليها وخير مثال على ذلك نهر الأردن الخالد والبحر الميت".
قضية عالقة
وتابع: "إن قضية المياه الفلسطينية ما تزال حتى يومنا هذا عالقة باعتبارها إحدى القضايا الخمسة المدرجة على جدول أعمال المفاوضات النهائية، وتخضع للإجراءات التي وضعت لتنظيم العلاقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني خلال الفترة الانتقالية وهو ما يحول دون تطوير قطاع المياه."
واضاف: "إن الحكومة الفلسطينية وضعت على رأس أولوياتها النهوض بهذا القطاع كونه الدعامة الرئيسية والركيزة الأساسية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية لكافة القطاعات الحيوية الأخرى كالزراعة والصناعة والسياحة وغيرها، والتي تعتمد على المياه كمدخل أساسي في عملية التنمية".
وأوضح غنيم أن السنوات الثلاث الأخيرة شَهِدَت إطلاق العديد من المشاريع الاستراتيجية في مجال المياه والصرف الصحي لتطوير هذا القطاع بجميع مكوناته لضمان ديمومته وتحسين خدماته لكافة التجمعات الفلسطينية، حيث تكثفت الجهود مطلع العام الجاري لتعزيز هذه المشاريع وتقدم العمل فيها والتي توجت في شهر آذار الماضي بنجاح مؤتمر المانحين في تأمين 565 مليون دولار، أي ما يعادل 80% من تكلفة برنامج تحلية المياه في غزة، الأمر الذي سيُمكننا اليوم من الانطلاق نحو الخطوات العملية على الأرض في تنفيذ هذا البرنامج الحيوي الكفيل في إنقاذ قطاع غزة من الكارثة بسبب أزمة المياه، وازدياد حجم الطلب السكاني واستنزاف الحوض الجوفي، وارتفاع معدلات الملوحة والتلوث جرّاء تسرّب مياه الصرف الصحي، وتداخل مياه البحر المالحة، ما جعل نحو 97% من المياه الجوفية غير صالحة للاستخدام الآدمي وفق معايير منظمة الصحة العالمية.
وقال: "بالتزامن مع ذلك، فإن الحكومة الفلسطينية ورغم الامكانيات المالية المحدودة، لم ولن تتوقف عن إعادة إعمار كل ما تم تدميره من مرافق البنية التحتية في غزة جراء الاعتداءات الاسرائيلية خلال الاعوام الماضية بشكل عام ومرافق المياه والصرف الصحي بشكل خاص، فقد تم افتتاح سلسلة من المشاريع الاستراتيجية تشمل كافة المحافظات الشمالية والجنوبية، وعلى رأسها محطة معالجة المياه العادمة في شمال غزة، والتي تعتبر الأولى من نوعها تطوراً وحجماً في القطاع وبتمويل يصل إلى نحو 125 مليون دولار، بالإضافة الى تنفيذ العديد من مشاريع تحسين الامدادات المائية، وإنشاء خزانات مائية ومحطات تحلية صغيرة الحجم في كل من خان يونس ورفح ودير البلح، بهدف تنفيذ خطة سلطة المياه لتحسين الوضع وتلافي الكارثة في 2020، إضافة لمشاريع المياه والصرف الصحي في كافة مناطق الضفة الغربية التي تمّ تنفيذُها مؤخراً حسب أولويات الخطة الاستراتيجية والتنموية المعتمدة".
دعم وتمكين
وشدد غنيم على أن هذه المشاريعَ والبرامجَ المُكثَّفة والنوعية هي بمثابة تعبير حقيقي وفعلي على الأرض يؤكد على حرص الحُكومة الفلسطينية الكبير على تحسينِ الأوضاع المعيشية الصعبة لأهلنا في كافة أرجاء الوطن ولدعم وتمكين المواطن الفلسطيني وصموده على أرضه. إننا في سلطة المياه ومعنا شركاؤنا في القطاع المائي ورغم ما يفرضه الاحتلال من تحديات وما تُمليه عليه مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا المناضل، نشعر بالفخر والاعتزاز لما تم انجازه، إلا أننا نشعر بأن الطريق ما زالت أمامنا طويلة، وأن هناك الكثير من العمل يتوجب انجازه رغم كل الصعاب التي لن تُثني من عزيمتنا وإرادتنا لتحسين الواقع المائي الفلسطيني، كما أن ثقتنا بشركائنا، والمجتمع العربي والدولي المؤمن بعدالة قضيتنا تعزز من اصرارنا لبناء مستقبل مشرق لأطفال فلسطين.
ودعا غنيم الجميع إلى توحيد الجهود لتحقيق أهداف هذا المنتدى من خلال تعزيز الجهود والتعاون الدولي لمواجهة مشكلة شح وندرة الموارد المائية وكيفية تطويرها بما يتوائم مع الاستراتيجيات الموضوعة، واعتماد الأساليب والابتكارات والحلول الذكية المنبثقة عن هذا المنتدى والقابلة للتطبيق، بهدف تحسين واقع المياه محلياً وعالمياً، وتشجيع الابتكار من خلال البحث العلمي وتبادل الخبرات وتعميم أفضل الممارسات وتعزيز التعاون لتقديم حلول ملموسة لقضايا المياه الملحة كالتغير المناخي وترابط المياه مع الطاقة، وإنشاء شراكات استراتيجية جديدة، ونشر المعرفة والتواصل مع صناع القرار والمؤسسات ذات العلاقة على المستوى المحلي والدولي، وشراكات جديدة ما بين القطاع الخاص الفلسطيني والدولي، ومساعدة كافة المؤسسات العاملة في مجال المياه على ضرورة اعتماد التخطيط الشمولي والمتكامل بهدف تطوير أعمالها وخدماتها في إدارة هذا القطاع الحيوي، وضرورة تظافر الجهود الدولية لتمكين الشعب الفلسطيني من استرجاع حقوقه المائية وتمكينه من حق استخدامها وفقاً للمعاهدات والمواثيق الدولية بهذا الخصوص
وشدد ممثل جامعة الدول العربية حمو العمراني، على الأهمية العلمية للمنتدى والمؤتمر العلمي في ظل وجود خبراء ومختصين عرب وأجانب. وقال "إن جامعة الدول العربية ستقدم كامل الدعم وتطلع أن تكون شريكة في المنتدى في الدورات القادمة، وأن المياه حق من الحقوق التي يجب ان يحظى بها الفلسطينيون"، مستعرضا الجهود التي بذلت من قبل الجامعة العربية في سبيل ذلك على كافة المستويات.
ولفت بن حمو، الى أن الأمن المائي في فلسطين هو جزء من الأمن المائي العربي، مستعرضا الواقع المائي في فلسطين، والآثار المترتبة على اجراءات سلطات الاحتلال وسيطرتها على المياه الفلسطينية.
موضوع مهم وحساس
وفي كلمة الأمم المتحدة أكد نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط جيمي ماكولدريك، ان موضوع المياه والموارد المائية مهم وحساس وخصوصا في فلسطين، والمياه حق من حقوق الانسان ووجوب أن تصل للجميع واسعار في متناول الجميع، فهي مهمة وضرورية للصحة وللأمن الغذائي والبيئي.
واشار الى أن المياه تحسن حياة الفلسطينيين واقتصادهم، وهي من الأهداف المستدامة في العالم، وفي فلسطين كثير من التحديات تواجه قطاع المياه، وقلقون لشح المياه وجودتها في غزة في ظل الحصار، حيث وتوجد محطة معالجة مياه واحدة، وتقريبا 96 بالمئة هناك غير قادرين للحصول على مياه نظيفة ما يتطلب دفع تكاليف كبيرة للحصول عليها، وكذلك مشكلة الطاقة تؤثر على المياه.
ولفت ماكولدريك الى أن الوضع المائي في الضفة الغربية يشهد تأثير سلبي وافتقار الناس للمياه، وهناك 30 الف مواطن في مناطق "ج" لا تصلهم المياه عبر شبكات المياه وهذا له علاقة بقيود الاحتلال، وهناك الكثير من المنظمات العالمية التي تعمل بقطاع المياه وقامت بتنفيذ مشاريع وهناك مشروع تحلية المياه في غزة.
وأكد أن الأمم المتحدة تريد ان تحسن الموارد المائية في فلسطين ولكن الموارد المالية مهمة لتنفيذ ذلك، و5 بالمئة من المشاريع وفرنا دعم لها، بالإضافة لذلك يجب ان نتحد مع بعض لإيجاد حلول للطاقة في غزة لأن له تأثير على المياه، وكذلك كثير من المياه العادمة اللازم معالجتها، والأيام المقبلة سيتم التعامل مع هذه القضايا والمشاكل وايجاد حلول لهذه المشاكل.
وتابع: نريد أن نضمن وصول الفلسطينيين لمياه الشرب، ووجود حلول مستدامة للمياه العادمة وللمياه والطاقة، فهذا المؤتمر خطوة مهمة للاستفادة منه ونحن معكم كأمم متحدة وسنأخذ التوصيات التي ستخرجون بها .
فرصة لتبادل المعلومات
بدوره، أكد نائب أمين عام الاتحاد من اجل المتوسط ميغيل اريس، أن المنتدى يمثل فرصة لتبادل المعلومات بين الخبراء الذين يبحثون عن حلول للمشكلات المائية، ونحن نأمل بفخر في هذا لقطاع ونحن نعمل في غزة، على انشاء محطة لتحلية المياه المركزية، حيث اكد أن المشروع في مرحلته الأخيرة للبدء بالتنفيذ حتى يكون محطة تحلية، وهذا المشروع سيتحقق وهو عبارة عن مشروع مهم جدا، ونحن نعرف تحلية المياه حل من الحلول، والفلسطينيون لهم حق فيه كباقي بلدان المتوسط، وفرصة لاستفادة فلسطين من تقنيات تحلية المياه، ويجب ان نشجع جميع المستثمرين للاستثمار في غزة بما يساعد على حل المشكلة الانسانية، وهذا يحتاج الى الكثير من التكنلوجيا والمعرفة.
وقال: ما أريد ان اقوله ان المنتدى سوف يكون فرصة لتبادل المعلومات وادلاء الزملاء بآرائهم، ويرون عن قرب ما نقو م به هنا ونقوي بعضنا البعض بحيث تصل المياه للجميع، فالقطاع المائي في منطقتنا مهم لأن هناك يوجد شح وصوبة لوصول الناس الى مصادر الناس ويسبب صراعات مثل فلسطين واسرائيل ويجب ان يكون تعاون حتى يستفيد الناس منها .