رام الله-حياة وسوق-إبراهيم أبو كامش-رغم وجود ارهاصات لها منذ أكثر من عام، إلا أن الصفقة التاريخية التي شهدتها بورصة فلسطين، يوم الخميس بتاريخ 2018-3-26 كانت مفاجئة لبعض المراقبين، واستحوذ بموجب الصفقة البنك الوطني على حصة مسيطرة من أسهم البنك الإسلامي الفلسطيني، بشرائه 300.31 مليون سهم هـي حصة صـنـدوق الاستثمار الفلسطيني، وحصص مستثمرين آخرين، ليتملك بذلك (الوطني) حصة مسيطرة، من أسهم (الإسلامي الفلسطيني) بلغت %45 من مجموع أسهمه، فيما وصلت قيمة الصفقة إلى ما يقارب 70 مليون دولار. وأعلن البنك الوطني وصندوق الاستثمار الفلسطيني في الأول من شهر نيسان الجاري اتمام صفقة الاستحواذ بنجاح ائتلاف مساهمين يقوده البنك الوطني الذي قام بتأسيس الشركة الإسلامية الوطنية للاستثمارات التي قامت بشراء 22 مليون سهم من مجموع أسهم البنك الإسلامي الفلسطيني المملوكة لصندوق الاستثمار، كما أن مجموعة من المستثمرين قاموا بتحويل مساهماتهم بما يقارب 9 ملايين سهم لصالح البنك الوطني، ليصبح الائتلاف بذلك صاحب الحصة المسيطرة في البنك الإسلامي الفلسطيني وتشكل %45.
الترتيب التنافسي للبنك الوطني
ويقول مدير عام البنك الوطني احمد الحاج حسن، ان أهمية الصفقة تكمن في تغيير الترتيب التنافسي للبنك الوطني في الجهاز المصرفي الفلسطيني، لافتًا إلى انها تجعل للبنك الوطني امتدادا في القطاع المصرفي الاسلامي، بما يضمن الاستمرار في المحافظة على نسب نمو عالية خصوصًا ان القطاع المصرفي الاسلامي ينمو بشكل أسرع من نمو القطاع التقليدي.
وتوقع الحاج حسن تضاعف حجم البيانات المالية للبنك الوطني "بحيث نتحدث عن حجم الاصول الذي سيرتفع الى اكثر من 2.2 مليار دولار كاجمالي أصول في البيانات المالية المجمعة الموحدة، ما يعززالمكانة التنافسية للبنك وقدرته على التنافس وتقديم منتجات بالقطاعين التجاري والاسلامي اضافة للاستفادة من الانتشار الجغرافي للبنك الاسلامي كونه موجودا في الضفة وغزة، في حين ان البنك الوطني يتواجد في الضفة فقط".
وتابع: "من المؤكد ستكون للصفقة آثارها الايجابية على الربحية وزيادة أرباح البنك السنوية، وأن البنك الوطني أصبح الأكثر تنفيذا لصفقات الاستحواذ والاندماج في الجهاز المصرفي الفلسطيني، وأن هذه هي الصفقة الثالثة له، بعد الاندماج الذي أدى إلى تكوين هويته في العام 2012 ،واستحواذه على أصول والتزامات بنك الاتحاد الأردني في العام 2015 ،والآن تم تتويج صفقة البنك الإسلامي الفلسطيني بنجاح".
وقـال الحاج حسن: "من الطبيعي ان تتعزز مكانة البنك الوطني في حصته السوقية المصرفية وبين اوساط البنوك العاملة، خاصة انه اصبح ثاني بنك فلسطيني وثالث اكبر بنك عامل في السوق الفلسطيني بعد بنكي فلسطين والعربي. وبالتالي فان الصفقة عززت المكانة التنافسية للبنك بحيث اصبحنا مؤسسة مصرفية كبيرة ونحتل المركز الثاني بين المصارف الفلسطينية من ناحية حجم الاصول والربحية وشبكة الفروع".
أهمية الصفقة وأثرها الايجابي
وشــدد الحاج حسن على أهمية الصفقة وأثـرهـا الايجابي على البنكين الوطني والإسلامي الفلسطيني، وقال: "على الرغم من بقاء البنكين مستقلين ومتنافسين في السوق المصرفي الفلسطيني، إلا انه سينتج عن هذه الصفقة كيانان مصرفيان متآزران ومتكاملان وقويان لخدمة الاقتصاد الوطني، وان هذا من شأنه أن ينعكس على العملاء، وصعيد المنتجات المصرفية، إذ بات البنك يتمتع بمجموعة واسعة من المنتجات المصرفية التجارية والإسلامية، الأمر الذي سيمكنه من خدمة العملاء بصورة متنوعة وشاملة ويحقق الرضا لدى كافة فئات المجتمع".
وأكد الحاج حسن، أن البنك الإسلامي الفلسطيني، سيبقى مستقلا وسيحافظ على هويته كبنك إسلامي وسيواصل أعماله وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وأن التغيير فقط سيصبح علىملاكالأسهم فيالبنك، مؤكدا كذلك الأمر على الإبقاء على حقوق ملكية حملة الأسهم في البنك الإسلامي الفلسطيني وحقوق العملاء كما هي، وان موظفي البنك الإسلامي الفلسطيني سيبقون في أماكنهم ويتمتعون بنفس حقوقهم وامتيازاتهم. وأن دخول البنك الوطني كشريك استراتيجي قوي فيه سيعمل على تحقيق إضافات نوعية له، وذلك من خلال رفده بالخبرات المصرفية التي يمتلكها البنك الوطني وخاصة خبرات رجال الأعمال والشركات الفلسطينية الكبرى التي تدير مجلس إدارته.
لكن الحاج حسن أوضح، انه سيترتب على الصفقة ترشيح أعضاء من قبل البنك الوطني لتمثيله في مجلس إدارة البنك الإسلامي الفلسطيني على أن يتم اعتمادهم في اجتماع الجمعية العمومية القادم للبنك، مؤكدا أن الاستحواذ على حصة مسيطرة في البنك الإسلامي الفلسطيني من شأنه فتح أسواق جديدة أمام البنك الوطني خاصة التواجد في قطاع غزة.
ويرى الحاج حسن، ان المرحلة القادمة هي مرحلة ايجاد الفرص المشتركة بين البنكين، بمعنى ان صفقة الاستحواذ تفتح للبنك الوطني مجالا ليستفيد منها البنكان وليس البنك الوطني منفردا، وهذا يحتاج الى عمل حتى نهاية العام الحالي، والمرحلة الآن هي مرحلة ترتيبات ما بعد الصفقة من حيث ترتيب مجلس ادارة جديد، لكن البنك الوطني لن يتدخل مباشرة في عمليات البنك الاسلامي الفلسطيني، وسيبقى مستقلا يمارس نشاطه بشكل مستقل وفق احكام الشريعة الاسلامية وتحت رقابة هيئة الرقابة الشرعية بدون تدخل مباشر من البنك الوطني، وفي نفس الوقت نبحث عن الفرص المشتركة ليستفيد منها البنكان خلال الفترةالقادمة.
رفع رؤوس الأموال لخلق كيانات ضخمة
ولا يختلف مدير عام البنك الإسلامي الفلسطيني بيان قاسم مع زميله الحاج حسن،وقال: "في الحقيقة آثار الصفقة إيجابية ونؤيد عمليات الاستحواذ والدمج بين المصارف الفلسطينية كونها تساهم في رفع رؤوس الأمـوال والإمكانات وتتيح الفرص لخلق كيانات ضخمة تعزز من قوة الجهاز المصرفي الوطني وهو ما نعده مؤشرا إيجابيا على نمو السوق".
أما بالنسبة للاستحواذ فان قاسم يؤكد ان البنك الإسلامي الفلسطيني سيبقى مستقلا، "ولكن مع تغيير في هيكلية الملكية وهو أمر طبيعي، ونحن نعد من أكبر المصارف الفلسطينية والأسرع نموا في السوق المحلية، مع اقتناعنا التام بأن عملية الاستحواذ ستساهم في توسيع اطر التعاون مع الأوساط المصرفية، وفي الوقت نفسه خفض التكاليف ورفع الإيرادات".
ويرى قاسم، أن لكلا المؤسستين سمعتاهما الطيبة في السوق وجوانب قوة تستفيد منها كل مؤسسة، وهو ما يحقق التكامل في العمل المصرفي وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين. وقال: "بموجب الصفقة سيحافظ البنك على استقلاليته الكاملة وهو ما تم تأكيده في كافة التصريحات ونطمئن عملاءنا إلى أن خدماتنا ستبقى إسلامية ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية".
قدرة أكبر على مواجهة أزمات محتملة
أما الخبير الاقتصادي د.نصر عبد الكريم، فأكد ايجابية الصفقة للجهاز المصرفي باتجاه تمتين قدرة البنكين، لا سيما ان الاستحواذ يعني توفير التكامل في تفعيل العمليات وتقديم الخدمات، اضافة الى انه يؤدي الى رفع قدرات البنكين خصوصًا البنك الاسلامي الفلسطيني على مواجهة اية ازمـات او تحديات او تقلبات، ويساعد البنك الوطني على انه يخلق له منتجات جديدة من ناحية الدوافع للاندماج باطلالته على قطاع من الزبائن مختلفين في توجهاتهم واولوياتهم وخياراتهم، وبالتالي تضيف نافذة الصيرفة الاسلامية للبنك الوطني قيمة مضافة جديدة.
ويعتقد عبد الكريم، ان هذا توسع استثماري افقي في قطاع مصرفي بنافذة مختلفة، وقد يؤدي الاستحواذ الى حالة تنافسية بالذات في قطاع الصيرافة الاسلامية، ما يوحي وكأن البنوك التجارية هي التي تتنافس لا سيما وان كل بنك اسلامي اصبح وكأنه مملوك لجهة مختلفة، الأمر الذي يحدث تكامل وتنافسية أفضل وكفاءة في التشغيل. لكن على المستوى الاقتصادي الكلي، فان د.عبد الكريم لا يرى ان الاستحواذ يضيف شيئا، ولا حتى على أداء الجهاز المصرفي ككل، وقال: قيمته الاضافية لم تكن كبيرة باستثناء حملة الاسهم للطرفين فقط لا غير، ولا اعتقد انه خلاف ذلك ممكن ان يؤشر باتجاه قيمة مضافة عالية للاقتصاد الفلسطيني ككل".
ويستبعد عبد الكريم ان تزداد حصة البنك الوطني نفسه من القطاع المصرفي الكلي بسبب هذا الاستحواذ الذي لن يغير من واقع الامر شيئا، ولكن قد تحصل الاضافة في ان تصبح الودائع والأصول والأرباح للبنكين مجتمعين ما بعد الاستحواذ أكبر من ذي قبل.