القاهرة (شينخوا)- رأى خبراء في قطاع الطاقة، أن مصر أنجزت خطوات كبيرة نحو التحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز الطبيعي، وذلك بعد توقيعها على اتفاقيات مع إسرائيل وفلسطين وقبرص.
وقام وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا، قبل أيام بزيارة نادرة إلى إسرائيل وفلسطين، وهما دولتان عضوتان بمنتدى "غاز شرق المتوسط"، وهو منظمة إقليمية تأسست في العام 2019، ومقرها القاهرة.
وجرى خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين مصر والسلطة الفلسطينية لتطوير حقل الغاز الطبيعي قبالة سواحل قطاع غزة، على نحو "يوفر احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي.. وإمكانية تصدير جزء من الغاز إلى مصر".
واتفق الملا، خلال زيارته لإسرائيل على ربط حقل غاز ليڤياثان الإسرائيلي بوحدات إسالة الغاز الطبيعي في مصر عن طريق خط أنابيب بحري، من أجل إسالته وتصديره إلى أوروبا.
وتضاف هاتان الاتفاقيتان إلى أخرى وقعتها مصر مع قبرص في العام 2018، لإنشاء أول خط أنابيب تحت المياه في البحر المتوسط لنقل الغاز من حقل أفروديت القبرصي إلى مصر، لإسالته ثم إعادة تصديره.
وعلى الرغم من أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز في العام 2018، وتصدر فائض إنتاجها للخارج، إلا أنها تنفذ خطة لاستيراد الغاز أيضا من الدول المجاورة لإسالته في محطات الإسالة في إدكو ودمياط، شمال القاهرة، وتصديره.
وصدرت مصر خلال هذا الأسبوع أول شحنة غاز مسال قدرها 60 ألف طن، بما يعادل 158 ألف متر مكعب، من مصنع الإسالة بدمياط، بعد استئناف العمل بهذا المصنع، الذي كان مغلقا منذ العام 2002، ويتم التجهيز حاليا لتصدير الشحنة الثانية.
بينما صدرت مصر نحو سبع شحنات من الغاز المسال من مصنع إدكو للإسالة خلال يناير الماضي فقط، مع توقعات بحدوث قفزة تصديرية جراء استئناف العمل بمصنع دمياط.
وفي هذا الصدد، قال رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق مدحت يوسف إن "مصر تعتبر محورا إقليميا لتداول الغاز فى المنطقة"، بعد توقيعها اتفاقيات مع إسرائيل وفلسطين.
وأوضح يوسف لوكالة أنباء (شينخوا)، أن تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط ساهم في التوصل لهذه الاتفاقيات، خاصة أن مصر وإسرائيل وفلسطين أعضاء في المنتدى، الذي يحث دوله على التعاون المثمر فى كافة المجالات المتعلقة بتداول الغاز وتجارته عالميا.
وأضاف أن هذا التعاون يعزز دور المنتدى، ويمنحه الفعالية والريادة فى إدارة منظومة الغاز الطبيعي لدول شرق المتوسط.
وتابع أن مصر استطاعت أن تحقق طفرة سريعة في إنتاج الغاز الطبيعي، في ظل الاكشافات العديدة للغاز، وأبرزها حقل "ظهر" في البحر المتوسط، ما رفع إنتاج البلاد إلى 7.2 مليار قدم مكعب غاز يوميا، وهو ما جعل هناك فائض في الغاز يمكن تصديره.
وأردف أنه "بكل تأكيد، ما تفعله مصر يجعلها مركز إقليمي لتداول وتجارة الطاقة، في ظل موقعها الجغرافى الذى يربط الشرق بالغرب، وامتلاكها بنية أساسية ضخمة جدا، ومحطتين لإسالة الغاز يكفيان لتصدير كميات ضخمة جدا ليس من مصر فقط بل من دول الجوار أيضا".
واستطرد أن "كل الدول المجاورة مثل إسرائيل وفلسطين وقبرص يهمها تصدير الفائض من إنتاجها من الغاز، لكنها لا تملك البنية التحتية لذلك، والحل الوحيد لديها هو إسالة الغاز في محطات الإسالة المصرية وتصديره عبر الموانئ المصرية".
وبدأت مصر في يناير 2020 باستيراد الغاز من إسرائيل، بناء على اتفاقية لتوريد 85 مليار متر مكعب لمصر خلال 15 عاما بقيمة إجمالية 19.5 مليار دولار، في صفقة وصفت بالتاريخية، ما أدى إلى وفرة كبيرة في إمدادات الغاز.
من جانبه، وصف الدكتور رمضان أبوالعلا أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس توقيع مصر اتفاقيات مع إسرائيل وفلسطين للتعاون في مجال الغاز بأنها "خطوة إيجابية" نحو تحولها لمركز إقليمي للطاقة.
وقال أبوالعلا لـ (شينخوا)، إن "مصر بهذه الاتفاقيات خطت خطوات كبيرة نحو التحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز، ليس الغاز المصري فقط، بل الغاز الموجود فى المياه العميقة بشرق البحر المتوسط، والذى تمتلكه شركات عالمية وعدة دول منها قبرص وإسرائيل".
وأضاف أن هذه الاتفاقيات تمثل "إحدى ثمار منتدى غاز شرق المتوسط".
ورأى أن "الاستفادة الكبرى من هذه الاتفاقيات سوف تكون لفلسطين وإسرائيل، لأن هذا التعاون سيعمل على توفير الغاز وتشغيل محطات الكهرباء فى قطاع غزة، الذى يعانى فى الفترات الأخيرة من انقطاع الكهرباء".
وتابع "أما فيما يتعلق بإسرائيل، ستكون هناك فائدة كبرى لها، لأنه ليس هناك أي منفذ لتصدير الغاز الإسرائيلي إلا من خلال البنية التحتية المصرية".
وأشار إلى أن "مصر تمتلك بنية تحتية لا مثيل لها فى شرق المتوسط، من بينها محطتان لإسالة الغاز، وهو ما يعطي ثقل لمصر لتكون أحد مصادر توفير احتياجات العالم من الغاز".
وأردف أنه "فى الحقيقة، المكسب المصري من هذه الاتفاقيات هو مكسب سياسي أكثر منه اقتصادي، لأن هذه الاتفاقيات تدعم منتدى غاز شرق المتوسط، الذي يتخذ من القاهرة مقرا له، وتعطى نوعا من الزخم السياسي لمصر".
بدوره، قال وزير البترول الأسبق أسامة كمال إن توقيع مصر مذكرة تفاهم مع الجانب الفلسطيني لتطوير حقل غاز غزة يهدف إلى توفير احتياجات الفلسطنيين من الغاز، وتصدير جزء من إنتاج الحقل لمصر.
وأضاف في تصريحات متلفزة، أن "مصر لديها بنية أساسية جيدة جدا في مجال البترول والغاز، كما لديها العديد من شركات البترول التي تعمل في البحر المتوسط، وتربط جميع الحقول المنتجة بالشبكة الرئيسية لقطاع البترول، وهذا الأمر يعطي أفضلية لمصر عن أي دولة أخرى".
وتابع أن "مصر لعبت دورا محوريا في تأسيس منتدى غاز المتوسط، ما يعطي القاهرة الأفضلية في عمليات استقبال وتصدير الغاز المكتشف في دول الجوار سواء كانت إسرائيل أو فلسطين أو قبرص أو اليونان، ومستقبلا لبنان وسوريا".