غزة (شينخوا) ينشغل العشريني محمد صيدم ساعات طويلة في تجميع وتركيب لوحات الكترونية دقيقة لصناعة أول قلادة الكترونية تساعد على التباعد الاجتماعي بين المواطنين في ظل أزمة انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
ويعتمد صيدم (26 عاما) وهو مهندس ميكاترونيكس - فرع من الهندسة يجمع بين الميكانيكا والألكترونيات - في صناعة قلادة دائرية الشكل تتكون من عينين ومصباح صغير يضيئ باللون الأحمر بالإضافة إلى صفارة صغيرة تصدر صوتا عاليا وقت الاقتراب من الأشخاص.
ويقول صيدم الذي ينحدر من مخيم المغازي للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة إن الفكرة توصل لها بعد مشاهدة التزاحم الشديد بين المواطنين في الأماكن العامة مثل المستشفيات والبنوك والمحال التجارية.
ويضيف صيدم بينما ينهمك في تركيب اللوحات لوكالة أنباء ((شينخوا)) الصينية، "عادة ما ينتظر المواطنون في البنوك على كراسي حتى يسمعوا صفارة ومن ثم صوت مسجل ينادي الرقم الذى يحملونه، من هنا أتتني الفكرة ماذا لو صنعت قلادة تصدر صوتا تنبه الآخرين بأنهم تجاوزوا المسافة المسموحة بين الأشخاص مما يحثهم على التباعد فيما بينهم".
وينوه إلى أنه عمل على خاصية المسجات الحساسة في تركيب لوحاته الألكترونية المتوفرة في القلادة، حيث أنها تصدر ذبذبات إشعاعية باتجاهين متضادين بمدة لا تتجاوز خمس ثواني.
ويوضح "وفقا للبرمجة التي أعددتها للقلادة فيخرج إشعاع من أحد العينين المتواجدتين في القلادة وفي حال كانت المسافة ما بين الشخصين أقل من مترين فإن القلادة تصدر صوتا عاليا بالإضافة إلى الإضاءة في الوقت ذاته".
ويتابع صيدم أنه راعى الأشخاص ذوي الإعاقة في اختراعه خاصة المكفوفين والصم، حيث أنه في حال كان الشخص الذي يرتديها لا يسمع يستطيع أن يرى الضوء وفي حال كان كفيفا يستطيع أن يسمع صوت الصفارة.
واكتشفت أول حالات إصابة محلية بالفيروس في قطاع غزة في 24 آب/ أغسطس الماضي.
وعقب ذلك تم فرض سلسلة من الإجراءات والقيود المشددة لمنع انتشار المرض بين السكان من بينها إعلان الإغلاق الكامل على كافة المؤسسات الحكومية والتعليمية ومنع التجمعات العامة والحركة بين المحافظات.
ولكن بعد عدة أسابيع خففت من إجراءاتها الوقائية إلا أنها ما زالت تفرض تعليمات صحية للحد من انتشار الفيروس مثل ارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة والتجمعات.
ويرى صيدم بأن ابتكاره للقلادة سيساهم بشكل كبير في التباعد بين الناس، معربا عن أمله أن يتم اعتماد اختراعه في المؤسسات الحكومية والخاصة التي عادة ما تشهد توافد من المواطنين عليها.
وكان صيدم قد بدأ أولى محاولاته لابتكار أجهزة تقنية حين كان في الحادية عشرة من عمره، ويقول بأنه تمكن من صناعة المكثف الصغير، والمكيف الصغير وأيضا بطاريات توليد الكهرباء.
ويقول "تلك المحاولات المبدئية جعلتني أواصل طريقي في هذا المجال الهندسي"، منوها إلى أن دراسته ساهمت بشكل كبير بتطوير أفكاره وتحويلها إلى اختراعات يعتد بها في مجتمعه المحاصر.
وبحسب صيدم، فإنه قدم على براءة اختراع لقلادته لدى وزارة الاقتصاد التي تديرها حماس في غزة، آملا أن يتم اعتمادها ونشر بحثه بشأنها باللغة الانجليزية والعربية لدى دول العالم.
ولم تكن القلادة الالكترونية هي أول اختراعاته في ظل أزمة كورونا، فكان الشاب قد اخترع سيارة صغيرة مزودة بكاميرا يتم التحكم بها عن بعد من خلال الهاتف النقال مهمتها هي تصوير المستشفيات والمراكز الطبية وتعقيمها في الوقت ذاته.
ويقول للأسف الشديد هناك فئة كبيرة من الطواقم الطبية أصيبت بالفيروس ومنهم من فقدوا حياتهم لذلك فكرت بمساعدتهم من خلال هذا الاختراع الذي يحول دون إصابتهم بالفيروس في حال كانوا متواجدين داخل المستشفيات.
ومع ذلك لم يتم اعتماد تلك السيارات في أي من المستشفيات الطبية والصحية، ويقول صيدم "للأسف الشديد بأن إمكانيات وزارتي الصحة والاقتصاد محدودة في القطاع فهما لم يتمكنا من تبني هذه الفكرة بسبب عدم توفر الموارد المالية لديهما لتمويل مثل هذه المشاريع".
ولم تكن الأزمة المالية هي العقبة الوحيدة التي يواجهها أيضا ولكن عدم توفر كافة الأدوات اللازمة لابتكاراته بسبب منع إسرائيل دخولها إلى القطاع بدعوى استخدامها في صناعة الأسلحة.
ويأمل الشاب أن تتوفر مؤسسات خاصة تهتم بالصناعات التقنية والأشخاص الذين لديهم قدرة على الاختراع ورعايتهم من أجل تطوير قدراتهم وتوظيفها بطريقة صحيحة بما يفيدهم ويفيد بلدهم.
ويطمح صيدم بالعمل مستقبلا بأحد مراكز البحوث التقنية المتواجدة في الصين بعد إنهاء رسالة الماجستير التي يتحضر لها حاليا.