الريادية وتحدي الشباب للمستقبل، بقلم: الدكتور سعيد صبري

تاريخ النشر
الريادية وتحدي الشباب للمستقبل، بقلم: الدكتور سعيد صبري
الدكتور سعيد صبري، مستشار اقتصادي دولي – شريك إقليمي وممثل لصندوق فاستر كابتل - دبي

رام الله-أخبار المال والأعمال-نقدم لكم مقالا بعنوان "الريادية وتحدي الشباب للمستقبل" بقلم الدكتور سعيد صبري، المستشار الاقتصادي الدولي وشريك إقليمي وممثل لصندوق دعم المبادرات- فاستر كابتل – دبي.

--------

ما مدى استعداد الحكومات والقطاع الخاص في منطقه الشرق الأوسط للتجاوب مع حلول "المسار السريع" لمعالجة بطالة الشباب المتصاعدة والمقلقة أثناء وبعد "كوفيد-19"؟

الشباب يمثّل نصف سكان منطقه الشرق الأوسط ويتجاوز معدل البطالة في العديد من هذه الدول منذ بدء مرض "كوفيد 19" 65% فماذا حضّرتم لهؤلاء من إمكانيات ومناخ وبيئة مناسبة استعدادا لما هو قادم؟

نحن الآن بمرحلة إعادة صياغة توجهاتنا وجعل "فيروس كورونا" فرصة ودافعية لايجاد حلول بديلة لمشاكلنا الحياتية، وإذ نعيش الآن بأوقات صعبة والتى أثّرت بشكل مباشر وغير مباشر على الكثير من مناحي الحياة، لكن يبقى الأثر الذي أحدثته سلوكيا على الأفراد والمؤسسات والشركات في خلق تغيير بالمزيد من الابتكار الخلّاق والإبداع التكنولوجي.

هل سنشهد عالما جديدا مبنيا على التكنولوجيا في حياتنا؟ هل الحقل الطبي سيشهد عالما جديدا من التطورات التكنولوجية؟ هل سنشهد قريبا ملامسة مباشرة لكل الأعمال المنزلية عن طريق الروبوتات؟ هل لقاءات الانترنت ستكون بديلا عن التفاعل الانساني؟ وما هي خياراتنا القادمة والبديلة؟

ما نحن بحاجته هذه الأيام، يمثّل تحديا حقيقيا للوطن والمواطن، كيف "نوطّن الإبداع والمبدعين" ونؤسّس لمستقبل الرياديين وخلق بيئة حاضنة للمهارات والكفاءات في نظام التربية والتعليم والثقافة والشباب والمجتمع المدني؟ كيف سنقوم بتحفيز المبدعين والمبتكرين وكيف سنجعل مؤسساتنا ووطننا تربة خصبة لجذب الإبداع وليس بيئة طاردة للشباب المبدع والمفكّر ومسرّبة له نحو التصدير وهجرة العقول للعالم الغربي، بكافة المجالات ولا يقتصر على المجالات العلمية، بل مختلف المجالات الأكاديمية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية؟

المحور المهم هو كيف سنقوم بخلق مناخ جديد يغيّر المناخ العام الراهن السلبي والضاغط؟، وكيف سنستطيع أن نساعد في نقل فيروس العدوى الإبداعية في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة؟، وكيف نحوّل توجهات الشباب وتفكيرهم الى الانتاجية والإبداع والتطور بدلا من الغضب والاحتقان والتشاؤم؟.

إن تكلفة التغيير أصبحت متدنية، اعتمادا على مجموعة من العناصر أهمها العقل وقدراته، ومن الواضح أن اقتصاد المعرفة من أهم عناصر التغيير، وهذا قد يعيدنا الى قيمة البحث العلمي المهدورة وضرورة تخصيص جهود أكبر للأبحاث العلمية وربطها بالاقتصاد وتأطيرها بما يتناسب مع الاحتياجات.

ضعف الإمكانات المادية المتوفرة لدى الحكومة الفلسطينية لتعويض الأفراد والعمّال والرياديين والمؤسسات والشركات الصغيرة منها في مجال الصناعة أو الزراعة، أسوةً بباقي الدول القريبة والمحيطة والمتقدمة منها، هذا لا يعفي الحكومة من مسؤولياتها ولا يكفي الحديث عن إنشاء صناديق متنوعة تشارك الحكومة وممثلو القطاع الخاص "القادرين"، وفلسطينو الشتات والمغتربين في تمويلها، في ظل عدم وضوح بالموازنات والكيفية، ومتى، وأين .... وكل الآليات الإجرائية للبدء بالعمل.

وقد أشارت دراسة حديثة صدرت من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الاسكوا"، بالاضافة الى وكالات الأمم المتحده الشريكة، إلى أن المنطقة العربية ستخسر نتيجه انتشار فيروس كورونا المستجد حوالي 1.7 مليون وظيفة على الأقل، من بينها 700 ألف وظيفة تشغلها نساء، ومن المتوقع أن يطال الفقر مزيدا من النساء في هذه المناطق مما سيؤثر بشكل واضح على الأسر التي تعيلها نساء، وستحظى فلسطين على نسبة عالية من النساء اللواتي فقدن أو سيفقدن وظائفهن.
والجدير بالذكر أن ما يقارب 98% من المشاريع الريادية تأثرت بشكل كبير بفعل الوباء العالمي، إلا أن مشاريع الكماليات كالأثواب المطرزة توقفت بشكل كامل نتيجة اهتمام الناس بالمواد الأساسية والغذائية فقط، كما تأثرت المطابخ النسائية البيتية نتيجة توقف عمل المؤسسات، وبالتالي توقف الطلب على الغذاء والحلويات.

هل شملت الحكومة النساء الريادات بمبادراتها الهادفة الى دفع عجلة الاقتصاد الى الأمام؟، وهل ستحصل النساء الرياديات على حقهن ضمن خطة التعافي الحكومية؟ أم سنشهد إذابة لتلك المشاريع الريادية نتيجة ضعف إمكانيات الحكومة وتركيزها على "المبادرات الصغيرة والمتوسطة" والمبادرات الاجتماعية لإعادة الحياة لتلك القطاعات المهمشة؟ كما أود تذكيركم بأهمية ذوي الاحتياجات الخاصة الذين قد تضرروا من الجائحة بشكل مباشر ولا أرى أي ذكر أو توجه ذو إطار ممنهج يخدم ذوي الاحتياجات الخاصة من أبناء الوطن.

ولا بد في ختام المقال أن اؤكد على ضرورة التركيز على قطاعين رئيسيين: القطاع الزراعي/ التصنيع الغذائي وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لدعم السلسلة الغذائية ودعم واستيعاب البطالة القادمة وتوطين المبدعين والشباب بفلسطين:

أولا: تشجيع القطاع الخاص واستقطاب مستثمرين للاستثمار في السلسلة العنقودية بالقطاع الزراعي والعمل على تجنيد الأسواق العالمية من خلال السفارات الفلسطينية المنتشرة في كل أنحاء العالم، والعمل على تشجيع تصدير المنتجات الزراعية والأسمدة العضوية منها والمنتجات الزراعية المصنعة بعد تلبيه حاجة السوق المحلية.

ثانيا: العمل على إنشاء مرجعية رسمية لتعزيز المبادرات الريادية بمجال تكنولوجيا المعلومات وتحديدا بصناعة البرمجيات، والعمل على التشبيك مع مؤسسات عالمية ودولية لإصدار شهادات جودة تمكّنهم من غزو أسواق العالم وإبقاء المبادر الفلسطيني محتضنا بوطنه.

فلنبدأ سريعا، لأن لا أحد يدري ماذا يخبئ لنا المستقبل! وكيف سيكون شكل حياتنا؟ وقد لا يكون لكورونا تأثير مقارنة بشكل الحياة التى تتنظرنا مستقبلا!