رام الله-أخبار المال والأعمال-قال مدير عام الرعاية الصحية الأولية ومسؤول ملف "فيروس كورونا" في وزارة الصحة، الدكتور كمال الشخرة، إن المستشفيات الفلسطينية تمتلك 205 أجهزة تنفس صناعي، وسيتم تركيب 10 أجهزة أخرى خلال أيام، وننتظر وصول 250 جهازا جديدا في الفترة القادمة.
وأعلنت عدة جامعات وشركات فلسطينية عن عملها على تصنيع أجهزة تنفس صناعي، على أيدي مهندسين وخبراء.
وأعلن رئيس جامعة القدس عماد أبو كشك عن نجاح الجامعة في انتاج جهاز تنفس طبي محوسب بالكامل، من تصميم وتنفيذ فريق من أطباء ومهندسي الجامعة، كانوا قد باشروا بالعمل على تصميمه وإنتاجه مع تفشي فيروس الكورونا، وعلى ضوء النقص الحاد في أجهزة التنفس في العالم بالنظر لحجم الإصابات، كون حوالي 20٪ ممن يصابون بالفيروس يتعرضون لالتهابات في أعضاء الجهاز التنفسي، تضعف وظيفة الرئة، وتستوجب وضعهم على أجهزة تنفس طبية لإنقاذ حياتهم، مما أدى الى الطلب العالمي الكبير على الأجهزة الطبية، وقصور عملية إنتاجها.
كما أعلنت شركة رويال الصناعية التجارية في الخليل، إنها ستنتج أول جهاز تنفس صناعي فلسطيني في غضون أسبوع. وقال رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات رويال الصناعية التجارية نبيل الزغير، إن المتخصصين لديهم يتواصلون مع مهندسي أجهزة طبية وأطباء حتى تتكلل جهودهم بالنجاح.
وظهرت عدة محاولات أخرى في غزة وجنين وبيت لحم.
وفي رده على الجهود لانتاج أجهزة تنفس صناعي محليا، قال الدكتور الشخرة إن هذه الأجهزة بحاجة لاختبارات مطولة قبل أن يتم اعتمادها للاستخدام.
مهندس أجهزة طبية: حياة البشر لا تحتمل التجربة
مهندس الأجهزة الطبية سعد الشرباتي قال: "أنا مع تصنيع وابتكار أي شيء ليس له علاقه بحياة ‘نسان، لأن حياه البشر لا تحتمل التجربة، ليس للتقليل من شأن أحد، بل لقلة الإمكانيات والموارد".
وأوضح أن جهاز التنفس الصناعي واحد من أخطر الأجهزة الطبية الموجودة بالمستشفيات، ولها علاقة مباشرة مع حياة المريض، ولا تحتمل أي نسبة خطأ، مشيرا إلى أن هناك أجهزة يصل تشغيلها للمريض لفتره قد تتجاوز الشهر، لذلك أي عطل فجائي فيها قد تؤدي الى إنهاء حياة المريض.
وأضاف: "أتحدى أن يقوم أحد، سواء كان مهندس أو طبيب، بإعطاء موافقة على تشغيل وتجربة هذه الأجهزة المصنعة محليا وتوصيلها على المرضى ، لعدم توفر أنظمة الحماية فيها".
وتابع: "يتراوح سعر الأجهزة المصنّعة عالميا بين 10 آلاف و40 ألف دولار أميركي، لما فيها من لوحات تحكم ومراقبه وأمان، تضمن استمرارية عمل الجهاز دون مشاكل، ويدخل هذا الجهاز قبل اعتماده للعمل بالمستشفيات بمراحل تجارب على كل قطعة فيه قد تصل أسابيع، يقدم بها شهادات رسمية من المصنع وشهادات موثّقة لكل جهاز".
حاجة عالمية ماسة لأجهزة التنفس
وأصبحت المستشفيات حول العالم في حاجة ماسة إلى أجهزة التنفس الصناعي لمساعدة مرضى فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" الذي بات يتفشى بوتيرة متسارعة في العالم.
جهاز التنفس الصناعي Ventilator هو آلة توفر تهوية ميكانيكية عن طريق نقل الهواء المؤكسج إلى الرئتين، لمساعدة المريض الذي لا يستطيع التنفس وحده أو أن تنفسه غير كاف.
ويمكن أن تنقذ أجهزة التنفس حياة المريض عندما لا يستطيع الشخص التنفس بشكل صحيح أو عندما لا يستطيع التنفس بمفرده على الإطلاق.
وهذا الجهاز لا يشكّل علاجا لمرض، ولكنه يستخدم أثناء العلاج لتثبيت حالة المريض، فمثلا في حالة مرضى فيروس كورونا فإن جهاز التنفس الصناعي لا يعالج الفيروس، ولكنه يسمح للمريض الذي تراجعت قدرته التنفسية على البقاء على قيد الحياة، ريثما يتعافى جسمه من الفيروس ويهزمه، أو ريثما تعمل العلاجات الدوائية.
كيف يعمل جهاز التنفس الصناعي؟
يقوم جهاز التنفس الصناعي بإدخال الأكسجين إلى الرئتين وطرد ثاني أكسيد الكربون، ويشمل ذلك استخدام أنبوب يربط جهاز التنفس الصناعي بالمجاري الهوائية للرئة عن طريق الفم أو الأنف، وهذا ما يسمى "التنبيب" (intubation).
في بعض الحالات الخطيرة أو طويلة المدى، يتم توصيل أنبوب التنفس مباشرة بالقصبة الهوائية من خلال ثقب صغير في الرقبة يتم فتحه بعملية جراحية.
ويستخدم جهاز التنفس الصناعي الضغط لدفع الهواء المؤكسج في الرئتين. ويحتاج جهاز التنفس الصناعي إلى الكهرباء للتشغيل، ويمكن أن تعمل بعض الأنواع على البطارية.
لماذا يحتاج بعض مرضى كورونا إلى جهاز التنفس الصناعي؟
يهاجم فيروس كورونا مجموعتين محددتين من الخلايا في الرئتين، وهي الخلايا الكأسية (goblet cells)، والخلايا الهدبية (ciliated cells).
وتنتج الخلايا الكأسية المخاط الذي يشكّل طبقة مرطبة على القناة التنفسية، وهذا أمر مهم للمساعدة في الحفاظ على رطوبة الرئتين، وبالتالي الحفاظ على الصحة.
أما الخلايا الهدبية فهي خلايا لها شعيرات تتجه نحو الأعلى، ووظيفتها أن تقوم بتجريف أي مادة مؤذية عالقة في المخاط مثل البكتيريا والفيروسات وجزيئات الغبار، باتجاه الحلق للتخلص منها.
ويقوم فيروس كورونا بإصابة هاتين المجموعتين من الخلايا ويبدأ في قتلها، وتبدأ أنسجتها بالسقوط والتجمع في الرئتين، وتبدأ الرئتان في الإصابة بالانسداد، مما يعني أن المريض يصاب بالتهاب رئوي.
وهناك مشكلة أخرى، هي أن جهاز المناعة في الجسم يحاول الرد لأنه يدرك أن الجسم يتعرض للهجوم، وقد يؤدي هذا إلى فرط في المناعة، وعندها يقوم جهاز المناعة بهجوم كبير يؤدي إلى إتلاف الأنسجة السليمة في الرئة، وهذا أيضا قد يجعل التنفس أكثر صعوبة.
ومع تراجع القدرة على التنفس يحتاج المريض إلى جهاز التنفس الصناعي، وإلا فإنه قد لا يستطيع البقاء على قيد الحياة.
وبحسب معطيات فيروس كورونا، فإن 80% من المصابين قد لا تظهر عليهم أعراض أو تكون أعراضهم خفيفة، و20% فقط يحتاجون لدخول المستشفى، منهم 5% تصبح حالتهم حرجة، و1-2% يموتون.
كم الفترة الزمنية التي يحتاجها مريض كورونا تحت جهاز التنفس الصناعي؟
وفقا للدكتور جوشوا دينسون، وهو اختصاصي أمراض الرئة والحالات الحرجة، في تصريح لشبكة إن بي سي نيوز، فإن معظم مرضى كورونا عادة ما يستخدمون أجهزة التنفس لمدة أسبوع إلى أسبوعين.
هل بقاء المصاب بكورونا تحت التنفس الصناعي يبقيه على قيد الحياة بالضرورة أو أن هناك عوامل أخرى قد تؤدي إلى وفاته؟
يجب التأكيد هنا أن استخدام جهاز التنفس الصناعي يعني إنقاذ حياة المريض، الذي من دونه لن يستطيع التنفس.
ولكن مع ذلك ومع استخدام أجهزة التنفس الصناعي قد تحدث وفيات وبنسبة أقل، ويعتمد ذلك على عوامل أخرى مثل سن المريض ومدى الضرر الذي لحق بالرئتين من فيروس كورونا وما إذا كان المريض يعاني من أمراض مزمنة.
فجهاز التنفس الصناعي حاسم في رعاية الشخص الذي يعاني من الفشل الرئوي الذي يصيب المريض في حالات الإصابة الشديدة بكورونا، لكنه لا ينقذ أرواح المرضى بالضرورة.
هل العالم مستعد؟
هناك مخاوف جدية من أنه في حال حدوث ارتفاع كبير بأعداد المصابين بفيروس كورونا فإن المستشفيات ستمتلئ ولن تعود هناك أجهزة تنفس صناعي كافية، مما قد يقود إلى حدوث وفيات. ولذلك تحاول الحكومات في مختلف دول العالم زيادة عدد ما لدى خدماتها الصحية من أجهزة التنفس الصناعي.
مثلا في ألمانيا، حذر رئيس معهد روبرت كوخ، لوثار ويلير، الأحد الماضي من تجاوز أعداد المصابين بفيروس كورونا عدد أجهزة التنفس الصناعي في مستشفيات البلاد، داعيا إلى أخذ هذا المعطى بالحسبان.
وأضاف "يتوجب تهيئة المستشفيات بأفضل شكل ممكن.. ورفع الطاقة الاستيعابية لوحدات العناية المركزة إلى الضعف على الأقل، لاستيعاب أكبر قدر ممكن من مصابي كورونا". وشدد ويلير على أن بلاده ما زالت في بداية الوباء، داعيا إلى أخذه على محمل الجد.
وبحسب معطيات دائرة الإحصاء الألمانية، فإن البلاد تضم 28 ألف وحدة عناية مركزة.
وفي الولايات المتحدة، طالب المسؤولون في ولايات تضررت بشدة من فيروس كورونا إدارة الرئيس دونالد ترامب وشركات التصنيع التعجيل بإنتاج أجهزة التنفس الصناعي للتكيف مع زيادة في عدد المرضي الذين يحتاجون للتنفس الصناعي.
وقد غرد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تويتر معطيا الضوء الأخضر لشركات فورد وجنرال موتورز وتسلا للمساعدة في تعزيز إنتاج أجهزة التنفس الصناعي.
وقالت مجموعة "بي أس إيه" الفرنسية التي تمتلك "بيجو" و"سيتروين" لوكالة فرانس برس، إنها تبحث "بجدية كبرى في إمكان" الانضمام إلى الشركات التي تصنع تلك الأجهزة الطبية.
من جهته، قال بيل دي بلاسيو رئيس بلدية نيويورك لتلفزيون (سي.إن.إن) الأحد إن المدينة ستحتاج إلى مئات أخرى من أجهزة التنفس الصناعي خلال أيام ومزيد من الأقنعة والملابس الطبية وإمدادات أخرى بحلول الخامس من أبريل/نيسان المقبل.
وقال جون بيل إدواردز حاكم ولاية لويزيانا إن أجهزة التنفس الصناعي في نيو أورليانز ستنفد قرب الرابع من أبريل/نيسان ولا يعلم المسؤولون في الولاية إذا كانوا سيتلقون أي أجهزة أخرى من المخزون الوطني.
وأضاف لبرنامج (واجه الحقيقة) بقناة تلفزيون (سي.بي.إس) إن لويزيانا حاولت طلب 12 ألف جهاز تنفس صناعي من شركات تجارية وتلقت 192.
وتابع إدواردز "لم نحصل بعد على موافقة بالحصول على أجهزة تنفس صناعي من المخزون الوطني. سأستمر في الضغط من أجل هذا وأتمنى أن نحصل على بعض مما تبقى".
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للصحفيين الأحد إنه سيكون على المستشفيات التي لا تستخدم أجهزة التنفس الصناعي التخلي عنها، مشيرا إلى أن هناك اكتنازا لهذه الأجهزة.
كما قال ترامب الجمعة إن الولايات المتحدة ستنتج مئة ألف جهاز تنفس صناعي خلال مئة يوم، وأضاف أنه عين مستشار البيت الأبيض بيتر نافارو منسقا لقانون الإنتاج الدفاعي.
وقال مصدر صناعي لرويترز الأحد إن بريطانيا طلبت عشرة آلاف جهاز تنفس صناعي يصنعها ائتلاف شركات من بينها فورد وإيرباص ورولز رويس، في إطار جهودها لمكافحة فيروس كورونا.
وقال مايكل جوف الوزير البارز في الحكومة البريطانية الأحد، إن هيئة الصحة الوطنية البريطانية الممولة من الدولة لديها أكثر قليلا من ثمانية آلاف جهاز تنفس صناعي.
كيف استجابت الشركات الطبية لهذه الأزمة؟
تكاتفت شركات عالمية للمساعدة في إنتاج أجهزة التنفس الصناعي لسد النقص الشديد، ولمساعدة مصابين بالفيروس في البقاء على قيد الحياة.
فمثلا قالت شركة فورد موتور الاثنين، إنها ستنتج خمسين ألف جهاز تنفس صناعي خلال المئة يوم المقبلة بمصنع في ميشيغان بالتعاون مع وحدة الرعاية الصحية في شركة جنرال إليكتريك ويمكنها بعد ذلك صنع ثلاثين ألف جهاز شهريا حسب الحاجة لعلاج المرضى المصابين بفيروس كورونا.
وقالت فورد إن التصميم المبسط لجهاز التنفس الصناعي يمكن أن يفي باحتياجات معظم مرضى "كوفيد-19" ويعتمد على ضغط الهواء دون الحاجة لكهرباء.
وقالت جنرال موتورز إنها تعتزم إنتاج ما يصل إلى عشرة آلاف جهاز تنفس صناعي شهريا بحلول هذا الصيف في مصنع في كوكومو بولاية إنديانا الأميركية.
كما قال رئيس "جنرال إلكتريك هيلث كير" كيران ميرفي، "مع تفشي الوباء في العالم، ثمة طلب غير مسبوق على المعدات الطبية، بما في ذلك أجهزة التنفس الصناعي".
وتخطط الشركة الفرنسية "إير ليكيد" لزيادة إنتاج أجهزة التنفس الصناعي من خمسمئة وحدة في الشهر إلى 1100 في أبريل/نيسان.
وأعلنت شركة "دريغر"، عملاق التكنولوجيا الطبية بألمانيا أنها ضاعفت عدد أجهزة التنفس الصناعي المنتجة لديها، في حين حصلت "لوفنشتاين" على طلبية حكومية تشمل 6500 وحدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وقد بدأت في زيادة الإنتاج في فبراير/شباط بسبب الطلب الكبير على هذه الأجهزة من الصين.
وفي أميركا تعاقدت هيئة الإمداد والتموين التابعة لوزارة الدفاع الأميركية مع أربع جهات لشراء ثمانية آلاف جهاز تنفس صناعي، للتعامل مع الأعداد المتزايدة من المصابين بفيروس كورونا.
ونقلت يوم السبت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الليفتنانت كولونيل سلاح جوى مايك اندروز قوله إن عملية الشراء ستتم على مراحل خلال الأشهر المقبلة.
وأوضحت الوكالة أن تكلفة تلك الأجهزة تبلغ 84.4 مليون دولار، وسيتم تسليم أول دفعة وعددها 1400 جهاز بحلول أوائل مايو/أيار المقبل.
هل هناك تجارب على أجهزة جديدة؟
هناك تجارب في بريطانيا على نموذج جديد من أجهزة التنفس طوّره فريق تشارك فيه شركة مرسيدس ويمكنه مساعدة مرضى فيروس كورونا ويخضع للتجربة حاليا في بعض مستشفيات لندن.
وتم استخدام أجهزة الضغط الإيجابي المستمر (سي.بي.إيه.بي) في الصين وإيطاليا لتوصيل الهواء والأكسجين إلى رئات المرضى ومساعدتهم في التنفس دون الحاجة لوضعهم على أجهزة التنفس الصناعي التي تمثل تدخلا طبيا أقوى.
وأجازت الجهة الرقابية المعنية أجهزة (سي.بي.إيه.بي) بالفعل وسيجري تسليم مئة منها إلى مستشفى يونيفرسيتي كوليدج في لندن لتجربتها قبل أن توزع على مستشفيات أخرى.
وتشير التقارير الواردة من إيطاليا إلى أن 50% تقريبا من المرضى الذين وضعوا على أجهزة (سي.بي.إيه.بي) لم يحتاجوا إلى أجهزة التنفس الصناعي التي تتطلب تخدير المريض الأمر الذي أتاح هذه الأجهزة الحيوية لآخرين كانوا في حاجة أكبر لها.
وقالت ريبيكا شيبلي مديرة معهد هندسة الرعاية الصحية التابع لمستشفى يونيفرسيتي كوليدج لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، "يمكن لمرسيدس صنع ألف جهاز في غضون أسبوع وإذا سارت التجارب على ما يرام فيمكن لهيئة الخدمات الصحية الوطنية أن تحصل عليها بحلول نهاية الأسبوع".