رام الله-أخبار المال والأعمال- عماد فريج-بينما يحرم الاحتلال أبناء شعبنا في قطاع غزة من وصول خدمات الجيل الثالث لشركات الهاتف المحمول، أعلنت وزارة الاتصالات الإسرائيلية عن إطلاق مناقصة لترددات الجيل الخامس، حيث من المتوقع أن يبدأ تشغيلها التجاري في العام 2020.
بدأ العمل بنظام الجيل الثالث (3G) في الضفة الغربية أوائل العام الماضي، بعد جهود بذلتها وزارة الاتصالات الفلسطينية على مدار 12 عاما، في ظل الصعوبات والعراقيل التي يضعها الاحتلال أمام قطاع الاتصالات الفلسطيني. في ذات الوقت، رفض الاحتلال إدخال المعدات اللازمة لإطلاق النظام في قطاع غزة.
رئيس الوزراء محمد اشتية، طالب الاتحاد الدولي للاتصالات بالضغط على إسرائيل للسماح بتشغيل خدمات الجيل الثالث للاتصالات في قطاع غزة.
وقال اشتية خلال لقائه الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات هولين جاو، مؤخرا في جنيف، إن إسرائيل تسيطر على الأرض والهواء بحجج واهية وهي الأمن، وهي تستغل المناطق المسماة "ج" التي تسيطر عليها عسكريا بشكل كامل، لبناء أبراج لشركات الاتصالات الإسرائيلية، للسيطرة بذلك على نحو 35% من السوق الفلسطيني بشكل غير قانوني.
وأكد اشتية أهمية العمل على نقل المقاسم الفلسطينية الموجودة في الخارج إلى فلسطين وتشغيل البوابة الدولية حسب قرارات الاتحاد الدولي للاتصالات، والعمل على حجز ترددات لفلسطين لخدمة الجيل الخامس بشكل مبكر، والقفز نحوها مباشرة.
ويعمل في السوق الفلسطينية شركتا اتصالات خلوية، هما: شركة الاتصالات الخلوية الفلسطينية "جوال"، وشركة أوريدو فلسطين.
وقال وكيل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جميل زغارنة، إن الوزارة بعثت رسائل للاتحاد الدولي للاتصالات وللجنة العربية الدائمة للاتصالات والمعلومات في الجامعة العربية وللجنة الرباعية وكافة الجهات التي لها علاقة، احتجاجا على طرح إسرائيل مناقصة لترددات الجيل الخامس، دون الاكتراث للحقوق الفلسطينية"، وأضاف: "حددنا حقنا وحصتنا في الترددات".
وأوضح: "لدينا موقف جيد من الاتحاد الدولي للاتصالات، ونطالب بحقوقنا في مؤتمرات الراديو المختلفة فيما يتعلق بالجيل الثالث والجيل الرابع وأي تكنولوجيا حديثة بما فيها الجيل الخامس، ولدينا إقرار بحق دولة فلسطين في امتلاك مدار فضائي للقمر الصناعي وأي شركة فلسطينية ترغب بإطلاق قمر صناعي لغايات الاتصالات والإعلام فإن الحيز والمدارات موجودة وجاهزة"، مستدركا: "لكن الجانب الإسرائيلي يماطل في هذا الموضوع".
وأكد زغارنة أن وزارة الاتصالات تتحضر للمشاركة في مؤتمر الراديو العالمي الذي ينظمه الاتحاد الدولي للاتصالات في شهر تشرين ثاني المقبل، مشيرا إلى أن الوزارة ستطرح كافة القضايا المتعلقة بقطاع الاتصالات ومعيقات الاحتلال أمام تطوره بهدف حشد ضغط دولي للحصول على حقوقنا.
ولفت إلى أن فلسطين لديها ترددات مسجّلة في الاتحاد الدولي للاتصالات إلا أن الجانب الإسرائيلي يماطل في هذا الجانب، مشيرا إلى أن الوزارة طلبت اجتماعا للجنة الفنية المشتركة بين فلسطين وإسرائيل إلا أن الجانب الإسرائيلي لم يرد على الطلب.
وشدد زغارنة على أن تشغيل الجيل الخامس في إسرائيل سيكون له أثر مضاعف على شركات الاتصالات الفلسطينية.
وقال: "الجيل الرابع كان له تأثير على المشغّلين الفلسطينيين، في ظل العمل غير الشرعي لشركات الاتصالات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وكل يوم نصادر آلاف الشرائح الإسرائيلية ونقبض على مروّجين لها"، مضيفاً: "مع طرح الجيل الخامس في إسرائيل سيكون التحدي أكبر لدينا".
وفي سياق متصل، أكد زغارنة أن الوزارة تتواصل بصورة دائمة مع شركتي "جوال" و"أوريدو" بهدف تخفيض أسعارهم في ظل الحصار المالي والاقتصادي المفروض على شعبنا، مشيرا إلى وجود نقاش مفتوح مع الشركتين لإعادة جدولة الأسعار بشكل يناسب المواطنين ودخلهم خاصة في الظرف الحالي.
وأكد زغارنة أن دخول مشغّل ثالث لخدمة الاتصالات الخلوية في فلسطين "مطروح وقيد البحث"، موضحا أن الوزارة طلبت ترددات للشركتين العاملتين حاليا، واحتياجات المشغّل الثالث أيضا.
وشكّل ظهور الجيل الثالث من شبكات الانترنت في العالم قبل نحو 15 عاما، خطوة مهمة للانتقال من الأجهزة العادية إلى الأجهزة الذكية. وسرعان ما أدخلت معظم دول العالم خدمات الجيل الرابع من الاتصالات مما جعل شبكة الإنترنت للأجهزة المحمولة أسرع بخمسمئة مرة من الجيل الثالث، كما وفّر الدعم لتقنيات HD و3D ومكالمات الفيديو عالية الدقة.
حالياً، بدأت دول العالم تتهيأ للانتقال إلى خدمات الجيل الخامس 5G والتي توفّر سرعة وكفاءة أعلى من سابقتيها.
وقال رئيس اتحاد شركات تكنولوجيا المعلومات الفلسطينية "بيتا" سعيد زيدان، إن شبكات الجيل الخامس ستوفّر اتصالًا مباشرًا أكثر كفاءة بين جهازين مختلفين دون المرور بشبكة الإنترنت، وكذلك ستزيد من عرض النطاق (مصطلح يشير إلى قياس معدل نقل البيانات في الشبكات)، كما ستوفّر زمن تأخير أقل على الشبكة (الفترة الزمنية اللازمة لنقل البيانات)، وذلك بفضل ذكاء الحوسبة المدمجة.
وأوضح زيدان بأن هذه التكنولوجيا الجديدة لم تدخل معظم دول العالم بعد، ولن يتعدى انتشارها بحلول عام 2030 أكثر من 15% مقارنة مع شبكات الجيل الرابع 4Gو4G+، مشيراً في ذات الوقت إلى أن الدول المتقدمة تكنولوجياً ستكون أول الدول التي ستتبنى الجيل الخامس، وعلى رأسها إسرائيل التي تصنّف بين الدول العشرة الأولى في العالم في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
وبيّن زيدان ميّزات الجيل الخامس من حيث السرعة العالية ونطاق التغطية وتطبيقات الواقع الافتراضي والواقع المعزز وثلاثية الأبعاد المرتبطة فيها.
وقال: "تخيّل أن يتحكم سائق جرافة من منزله في ألمانيا، بجرافته التي تعمل في شرق آسيا! أو جرّاح يجري عملية لمريض في المستشفى وهو جالس في منزله!".
وأعرب زيدان عن خشيته من طرح إسرائيل لخدمات الجيل الخامس للأفراد، موضحاً أن ذلك سيؤثر بصورة كبيرة على قطاع الاتصالات الفلسطيني.
وتكمن المشكلة الرئيسية في قطاع الاتصالات أن الاحتلال يتحكم بالترددات، وبالتالي لا يملك الفلسطينيون القرار في إدخال خدمات الجيل الرابع أو الخامس.
ورأى زيدان أن الاحتلال يضع عراقيل أمام دخول الجيل الثالث إلى غزة، وتأخير وصول الجيل الرابع إلى فلسطين، للضغط على الفلسطينيين لاقتناء الشرائح الإسرائيلية، الأمر الذي يعزز اقتصادهم ويضعف اقتصادنا.
ودعا زيدان الحكومة وشركات الاتصالات الفلسطينية إلى إيجاد آليات لتشجيع الفلسطينيين على استخدام الشبكات الفلسطينية، بهدف حماية قطاع الاتصالات من الانهيار.
وقال: "اقتصادنا مهدد في قطاع الاتصالات في حال طرحت إسرائيل الجيل الخامس للأفراد، في ظل غياب الجيل الرابع عن فلسطين".
وأكد زيدان أن الشركات الفلسطينية لديها قدرات استثمارية لإدخال خدمات الجيل الخامس، إلى جانب جاهزيتها التقنية، مشيراً إلى أن الاحتلال يعرقل التطور في هذا المجال. وأضاف: "يجب على المجتمع الدولي التدخل بقرارات تضغط على إسرائيل لمنحنا حقنا في مجال الاتصالات".
واستدرك زيدان: "بالإمكان تكثيف المساعي في جميع المحافل الدولية للحصول على خدمات الجيل الرابع في الضفة وغزة، لأن الجيل الرابع لا يفرق كثيراً في التطبيقات المستخدمة في فلسطين عن الجيل الخامس، أما القفز من الجيل الثالث إلى الجيل الخامس يمكن أن يكون مستحيلاً".
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمّار العكر إن طرح مناقصة ترددات الجيل الخامس في إسرائيل يشكّل تحدياً جديداً لقطاع الاتصالات في فلسطين الذي يرزح تحت الاحتلال، موضحاً أن الاحتلال يحرم شعبنا من التحول نحو التكنولوجيا الحديثة بفرض مزيد من المعيقات أمام حصولنا على ترددات جديدة.
وأكد أن العالم حاليا يشهد حربا من نوع آخر أساسها تكنولوجيا الجيل الخامس والتطبيقات المرتبطة بها، مشيرا إلى أن دول العالم تسارع لامتلاك هذه التكنولوجيا، أمّا نحن كدولة تحت احتلال سنكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب.
وحول مخططات الشركة للانتقال إلى الجيل الرابع، قال العكر: "للأسف هذا القرار ليس بيدنا نحن ولا بيد الحكومة الفلسطينية، إنما هو بيد الجانب الإسرائيلي الذي يتحكم في الهواء الذي تعمل عليه تردداتنا كشركات فلسطينية، ولا يوجد اهتمام من قبل الجانب الإسرائيلي بإعطاء خدمات الجيل الرابع للفلسطينيين".
وتعمل في السوق الفلسطينية بالضفة الغربية وبصورة غير قانونية، قرابة 600 ألف شريحة إسرائيلية، تكبّد الشركات الفلسطينية خسائر سنوية تتراوح بين 70-100 مليون دولار أميركي.
وعملت شركات الاتصالات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة على توسيع شبكاتها في مناطق متعددة بالضفة الغربية، بناء على توصية من جيش الاحتلال. كما تقدم خدماتها في الضفة الغربية، دون الحصول على موافقات وتراخيص، أو دفع ضرائب للجانب الفلسطيني، بحجة أن خدماتها مقدمة للمستوطنين.
وأكد العكر على أن المقارنة غير واقعية بين الشركات الفلسطينية التي تعمل بصورة قانونية وتدفع رسوم ترخيص وضرائب، وبين الشركات الإسرائيلية التي تعمل بصورة غير شرعية وغير قانونية، مطالباً الحكومة الفلسطينية والأجهزة الأمنية بكثيف عملها في مواجهة تهريب الشرائح الإسرائيلية وتجريم بيعها وردع مروّجيها بعقوبات قاسية.
كما دعا العكر إلى صياغة خطة وطنية شاملة بين كافة الأطراف العاملة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا في فلسطين لمواجهة الحرب الإسرائيلية على هذا القطاع، مشيراً إلى ضرورة العمل على كافة الصعد الرسمية والدولية والقانونية لحماية قطاع الاتصالات الفلسطيني.
وعلى صعيد أسعار الخدمة في الشركات الفلسطينية، أوضح العكر أن حملات وعروض تطرح يومياً للمشتركين مراعاة للظروف الاقتصادية التي يمر بها شعبنا، لافتاً إلى أن أسعار الخدمة تتناسب مع التكاليف المختلفة المفروضة على الشركات من وجود مقاسم في الخارج ومراكز دعم فني في مختلف المدن ورسوم تراخيص وضرائب.
وأكد العكر أهمية قطاع الاتصالات الذي يساهم بحوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني، مشددا على أن هذا القطاع صمد في أحلك الظروف التي مرّت على شعبنا، وسيبقى صامدا في وجه مختلف التحديات التي يفرضها الاحتلال.