رام الله-BNEWS-أكد مختصون بالشأن الاقتصادي، الأربعاء، أهمية تضافر جهود شتى الجهات المعنية، من أجل تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، وفك تبعيته لنظيره الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال لقاء طاولة مستديرة بعنوان "الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل: التحديات ومتطلبات النجاح"، نظمه معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني "ماس" في مقره برام الله، بمشاركة مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية د. محمد مصطفى، ووزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة، ورئيس مجلس ادارة البنك الإسلامي الفلسطيني ماهر المصري.
وفي هذا السياق، أكد مصطفى في مداخلة له، أن الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل، هو مسؤولية تقع على كاهل الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، مبينا أن ذلك يستدعي "نضالاً اقتصاديا".
ورأى أن الانفكاك عملية تراكمية وشاملة، تتطلب تضافر جهود الأطراف المختلفة، والعمل الجدي في لانجازه.
وبين أن اتفاقية باريس الاقتصادية، وضعت ضمن معطيات وظروف اقتصادية وسياسية معينة، لم تعد قائمة اليوم، ما حولها إلى تهديد للمشروع الوطني.
وتابع: إن فرص تطبيق نموذج اقتصادي آخر يحكم العلاقة ما بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي، يعتمد على البدائل الفلسطينية المتاحة والممكنة لاستبدال عناصر الهيمنة الإسرائيلية، وبناء اقتصاد وطني ومستقل.
وأضاف: إن تنفيذ الانفكاك يحتاج الى برنامج وطني للتنمية، ومؤسسات تعمل وتنجز ضمن خطة وطنية شاملة، يساهم فيها الجميع بشكل شمولي.
من جانبها، أشارت عودة، إلى أن الخلل الأكبر والمعضلة الأساسية لا تكمن في "اتفاق باريس" فقط، بل في وجود الاحتلال وسياساته الممنهجة التي أوصلت الاقتصاد إلى مرحلة التبعية.
وأوضحت أن الحل يكمن في تكاتف الجهود والعمل المشترك، مشيرة إلى أن للحكومة محاولات عدة هدفت إلى تعديل بنود "اتفاق باريس"، لكن سلطات الاحتلال كانت تواجه هذه المحاولات بالرفض.
ولفتت إلى الجهود المبذولة للانضمام إلى عدد من المنظمات الدولية ومحاولات الاستفادة من نفوذها، وجهود الحكومة لتقوية البنية التحتية للاقتصاد، عن طريق إقامة المدن الصناعية، وتسهيل إجراءات الاستثمار، ودعم المنتج المحلي، وفتح أسواق جديدة عبر توقيع اتفاقيات تجارة حرة مع دول مختلفة.
بدوره، شدد المصري على أهمية فحص مدى قدرة الشعب الفلسطيني، على تقليص التبعية عن الاقتصاد الإسرائيلي، مؤكدا ضرورة حدوث ذلك تدريجياً.
وأشار الى وجود نقص في المرجعيات السياسية والسياساتية، التي تضع بشكل رسمي ملامح وطبيعة العلاقة الاقتصادية مع إسرائيل.
وتحدث، أيضاً، عن عدد من التجارب المتصلة بالجهود التي بذلت لفصل المعاملات التجارية الفلسطينية عن الإسرائيلية، عبر دعم الاستيراد المباشر، مبيناً أن الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، يجب أن يكون في اطار الانفكاك عن الغلاف الجمركي وأنه من الصعب الانفكاك كليا عن اقتصاد مجاور قوي.
وكان تخلل اللقاء، عرض ورقة أعدها مدير البحوث في "ماس" د. بلال الفلاح، أشار فيها إلى أن التبعية الاقتصادية لإسرائيل منذ احتلالها للضفة وقطاع غزة العام 1967، هدفت الى السيطرة على الاقتصاد الوطني، وإلحاقه قسرا باقتصادها عبر مصادرة الأراضي، واستغلال والثروات الطبيعية والتاريخية لمصالحها، علاوة على تسهيل عبور السلع الإسرائيلية إلى الضفة والقطاع، وإنهاء الروابط التجارية مع المحيط العربي، وإصدار العديد من الأوامر العسكرية التي تحد من تطور القطاع الصناعي الفلسطيني، ومنع إنشاء نظام مصرفي فلسطيني.
وبين أن هذه الإجراءات أدت إلى إيجاد تشوهات عميقة في الاقتصاد، وجعلته اقتصادا تابعا من ناحية التشغيل، والاعتماد على التحويلات المالية في تحفيز الاقتصاد، وانخفاض إنتاجية القطاع الصناعي وارتباط نشاطه بالصناعات التقليدية.
كما أشار الى أن "اتفاقية باريس"، لم تساهم في تعزيز الاستقلالية الاقتصادية للشعب الفلسطيني، اذ أبقت الاتفاقية على التبعية للاقتصاد الإسرائيلي عبر الغلاف الجمركي، وحولته من أمر واقع بقوة الاحتلال الى اتفاقية تعاقدية تتعلق بجوانب السياسات الضريبية، والتحكم بالمعابر، والتأثر بالسياسات النقدية الإسرائيلية، وتخويل سلطات الاحتلال جمع الإيرادات الضريبية وتسليمها للسلطة الوطنية.
وأشار إلى توقف عمل اللجنة الاقتصادية، واللجان الفرعية المنبثقة عنها، منذ اندلاع الانتفاضة الثانية نهاية العام 2000، ما ساهم في تعطيل متابعة تنفيذ "اتفاقية باريس"، التي بقيت المرجعية التي تحكم العلاقة الاقتصادية مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي طوال السنين السابقة رغم خروقات سلطات الاحتلال لها.
كما تطرق الى تطور مسألة الانفكاك الاقتصادي على المستوى السياسي، ما دلل عليه بقرارات المجلس المركزي خلال اجتماعه في شهر آب الماضي.
وكانت استهلت الفعالية، بكلمة لمدير عام معهد "ماس" د. نبيل قسيس، ركز فيها على خلفية سلسلة لقاءات الطاولة المستديرة، وأهميتها في نقاش القضايا الاقتصادية والاجتماعية المهمة وذات الأولوية لصانع القرار.
ونوه إلى حيوية اللقاءات لجهة تقديم اقتراحات وتوصيات، يمكن أن يستفيد منها صناع القرار.
تاريخ النشر