رام الله - الحياة الجديدة- ابراهيم ابو كامش - يسعى مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد" بالتعاون والشراكة مع الحكومة الى بلورة واعداد سياسة وطنية من شأنها تعزيز بيئة تمكينية خضراء للمؤسسات الاقتصادية والخدماتية، وبناء قدرات الشركات في مجال الانتاج الأخضر لفتح فرص تسويقية جديدة في الاسواق العالمية.
ويهدف مشروع خلق بيئة ممكنة للتحول للاقتصاد الاخضر في فلسطين، المنفذ من قبل "بال تريد"، الى خلق بيئة ممكنة للاعمال ضمن مفهوم الاقتصاد الاخضر، ويعمل"بال تريد" على تحقيق فكرة المشروع وذلك من خلال العمل مع كافة الشركاء على بناء سياسة وطنية تخدم هذا التوجه تماشيا مع التوجه العالمي، وسيتم العمل على بناء قدرات الشركات الفلسطينية ضمن قطاعات يتم تحديدها، بحيث تكون قادرة على مواكبة التطورات ومتطلبات الاسواق العالمية ضمن هذا المفهوم، وبالتالي يساهم ذلك في تنمية الصادرات الفلسطينية، من خلال العمل مع 15 شركة فلسطينية على تطوير المنتجات الخاصة بها للوصول للاسواق العالمية، ومدة المشروع 3 سنوات .
ويتوقع مركز التجارة الفلسطيني، ان تكون اهم مخرجات مشروع التحول الى الاقتصاد الاخضر في فلسطين، ضمن مشروع خلق بيئة ممكنة للاعمال ضمن مفهوم الاقتصاد الاخضر في فلسطين، تشكيل آلية لتحقيق الشراكة الفعالة بين القطاعين العام والخاص في عملية خلق بيئة ممكنة للأعمال الخضراء التي ستكون فيها الشركات قادرة على اختراق الاسواق العالمية، وتوفير المعلومات اللازمة للشركات للتحول نحو الانتاج الاخضر من خلال قاعدة بيانات سيتم توفيرها على الموقع الالكتروني لمركز التجارة"بال تريد" ودعم 15 شركة فلسطينية تمثل ثلاثة قطاعات انتاجية، لتحويل منتجاتها الى منتجات خضراء وبالتالي فتح آفاق تصديرية في الاسواق العالمية، ودعم مشاركة الشركات في معارض عالمية لترويج المنتجات الخضراء الفلسطينية، ودعم الجهات الفاعلة الاقتصادية وخاصة النساء لتطوير مشاريع تعتمد على انتاج المنتجات الخضراء.
مساع للاعتماد على الطاقة الخضراء
أكدت وزيرة الاقتصاد الوطني عبير عودة، مساعي فلسطين في الاعتماد على الطاقة الخضراء لما لذلك من أثر على تخفيف التكاليف المترتبة عن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، وبهدف زيادة القدرة التنافسية للمنشآت الصناعية، وتمكين القطاع الخاص من دخول الأسواق المحلية والدولية.
وقالت:"نحن معنيون وبدرجة عالية بالتحول التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر، لأنه الأقدر على تحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق التطور بيئيا، واجتماعيا، وصناعيا، وزراعيا. منوهة إلى قرار عقد الحوافز الخاصة بقطاع الطاقة المتجددة الرامية إلى الاستجابة لأهداف قطاع الطاقة في فلسطين بتوليد 130 ميغا واط بحلول 2020، وتخفيض الاعتمادية على المستوردات من الطاقة، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر والمحلي، بما يساهم في خلق ما يزيد عن خمسة آلاف فرص عمل مباشرة".
واكدت عودة، ان فلسطين أحرزت أعلى تقدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمتمثل بالقفزة النوعية عن 26 دولة خلال عام واحد في تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال 2018" الصادر عن البنك الدولي، محققة المركز العاشر عربيا والمركز 114 عالميا، مقارنة مع المركز 140 للعام الماضي.
خلق بيئة ممكنة لأعمال الاقتصاد الأخضر
وشددت عودة، على إمكانية خلق البيئة الممكنة لأعمال الاقتصاد الأخضر، من خلال تحسين البيئة القانونية، وتطوير سياسة وطنية تُلزم جميع الأطراف بتطبيق مفهوم الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الشراكة الحقيقية بين القطاع العام و الخاص، والجامعات الفلسطينية، والبدء ببناء قدرات الشركات الفلسطينية كي تتمكن من مواكبة التطورات ومواجهة التحديات المرافقة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وقالت:"تزخر فلسطين بالموارد الطبيعية والثروات المعدنية، وبمصادر الطاقة التقليدية كالنفط والغاز ولكن نظرا لتحكم الاحتلال الإسرائيلي في هذه المصادر من خلال سيطرته على المناطق المسماة جيم التي تشكل أكثر من 61% من الضفة الغربية، وعلى مواردنا المائية والبحرية التي تعتبر بالنسبة إلينا المخزون الاستراتيجي للتنمية في فلسطين، فإن ذلك يحد من قدرتنا على تعظيم الاستفادة تجاه التحول إلى الاقتصاد الأخضر".
لكن عودة، اكدت على عديد التحديات التي تواجه تطبيقات الاقتصاد الاخضر واهمها الاحتلال واعتداءاته واجراءاته من مصادرة الاراضي والمياه والموارد الطبيعية، وبالرغم من ذلك نحاول مواكبة العالم بتطوير الاقتصاد الوطني وتحوله الى اقتصاد اخضر.
بناء قدرات الشركات ضمن قطاعات
بينما قالت مدير عام مركز "بال تريد" حنان طه:"سيتم العمل ضمن هذا المشروع على بناء قدرات الشركات الفلسطينية ضمن قطاعات يتم تحديدها، بحيث تكون قادرة على مواكبة التطورات ومتطلبات الأسواق العالمية ضمن هذا المفهوم، وبالتالي يساهم ذلك في تنمية الصادرات الفلسطينية, من خلال العمل مع 15 شركة فلسطينية على تطوير المنتجات الخاصة بها للوصول للاسواق العالمية.
وقالت:"يعمل المركز في كافة المجالات المنوطة به لخدمة التنمية المستمرة والمستدامة للصادرات الفلسطينية، وبحكم متابعة المركز للتطورات ذات العلاقة وإدراكه لأهمية البدء فورا للعمل ضمن مفهوم الاقتصاد الأخضر والصادرات الخضراء، عمل المركز على إعداد مشروع يخاطب هذا التوجه، وحصل على تمويل سخي من الاتحاد الأوروبي لتنفيذه تحت عنوان "خلق بيئة ممكنة لأعمال الاقتصاد الأخضر في فلسطين" والذي يهدف بشكل أساسي الى العمل مع كافة الشركاء من القطاع العام ممثلا بالوزارات ذات العلاقة وهي وزارة الاقتصاد الوطني، ووزارة الزراعة وسلطة جودة البيئة، وكذلك القطاع الخاص ممثلا بمؤسساته، من أجل خلق سياسة وطنية تخدم هذه التوجه وتشجع الاستثمار في الصناعات الخضراء وتحول الممارسات الحالية الى ممارسات صديقه للبيئة، يرافقها بناء قدرات الشركات الفلسطينية المُصدرة من قطاعات محددة آملين التوسع بشكل يشمل كافة القطاعات الصناعية والخدماتية وان ينعكس ذلك على ثقافة المواطن الفلسطيني كمُنتِج ومستهلك وبالتالي على ممارساته الحياتية ايضا".
تقديم منظومه متكاملة من الخدمات للشركات المشاركة
واكدت طه، على ان ما يميز هذا المشروع الريادي هو تقديمه لمنظومة متكاملة من الخدمات للشركات الفلسطينية المشاركة من حيث تقديم درسات اسواق متخصصة، وتوفير خبراء دوليين مختصين في هذا المجال وخاصة على صعيد تطوير منتجات خضراء – صديقة للبيئة وقادرة على تلبية متطلبات المستهلك في الاسواق العالمية المستهدفة.
وقالت:"وفي الوقت الذي سيقدم فيه المشروع خبراء مختصون لتقييم الشركات من حيث جاهزيتها لتصدير منتجات خضراء ووضع خطط العمل اللازمة لذلك، سيساهم المشروع في تقديم الدعم المطلوب لشركاتنا الفلسطينيه لتنفيذ خطط العمل من خلال المشروع بشكل مباشر، او من خلال حصولهم على التمويل من المؤسسات المصرفية المختلفة".
وقالت طه:"من المبكر التحدث عن انجازات المشروع، ولكن قمنا باختيار القطاعات التي سنعمل معها كمرحلة تجريبية لتطبيقات مشروع الاقتصاد الاخضر، ابتداء من الحملات التوعوية التي تستهدف القطاع الخاص والاكاديمي والاعلامي، وسنستفيد من تجارب الدول المتقدمة في مجال الاقتصاد الاخضر ومردودها الاقتصادي".
مجتمع غير مهيأ للتحول
واقرت طه، ان المجتمع الفلسطيني ما زال غير مهيأ للتحول من الاقتصاد التقليدي للاقتصاد الاخضر الذي يشمل رسم سياسات ووضع حوافز للتحول، فهي تجربة وليدة جديدة سنحاول بناء نموذج فيها تمكننا من اظهار ايجابيات هذا التحول والاسواق التي يمكن التوجه لها وما هو العائد على القطاع الخاص والاقتصاد الوطني بصورة اشمل.
وشددت طه على ضرورة التقيد بعناصر الاقتصاد الاخضر، التي يجب ان تراعي الظروف والنواحي البيئية، وتوزيع عادل للموارد المتوفرة وتحقيق عدالة اجتماعية، وبالتالي هناك تناغم مع توجهات الحكومة نحو تنمية اقتصادية مستدامة والمحافظة على البيئة والمصادر المتوفرة من خلال البحث عن حلول مناسبة للطاقة والمياه لضمان الاستمرارية".
وتتوقع طه، البدء بملاحظة مخرجات تطبيقات المشروع فعليا خلال سنة، وذلك من خلال العمل على خطين متوازيين، الشركات الـ 15 التي تم اختيارها ضمن المشروع، اضافة للعمل مع الحكومة لوضع توصيات لحوافز معينة مقدمة من الحكومة للقطاع الخاص تمكنه من التحول للاقتصاد الاخضر، وقالت:"اذا نجحنا بهذين الخطين المتوازيين نتوقع ان نستكمل ضمن التوجه الكبير لدعم فلسطين في موضوع الاقتصاد الاخضر".
معظم المحاصيل الزراعية لا ينطبق عليها مفهوم الاقتصاد الاخضر
اما مدير عام التسويق الزراعية في وزارة الزراعة/عضو اللجنة التوجيهية لمشروع الاقتصاد الاخضر المهندس طارق ابو لبن، فقال:"يتعامل مشروع الاقتصاد الاخضر مع قطاعات مختلفة بعضها خضراء بطبيعتها، ومنها يصعب تحول تخضيرها، فالقطاع الزراعي اخضر بطبيعته وبعض المنتجات تحصل على شهادات دولية بانها خضراء من بينها الزراعات العضوية المرتبطة بالمفهوم البيولوجي، فنحن متحولون للاقتصاد الاخضر فيها، انما بعض القطاعات مثل الابنية والحجر تحتاج الى وقت كبير للتحول".
ومع اقرار م. ابو لبن، بأن معظم المحاصيل الزراعية لا ينطبق عليها مفهوم ولا مشروع الاقتصاد الاخضر نظرا لاستخدام المبيدات والاسمدة الكيماوية والهرمونات، لكنه قال:" يجب عدم الذهاب للحدية في التعامل مع المشروع، فهناك هوامش للعمل بما ينسجم مع متطلبات التربة والطبيعة وما ينعكس بدوره على الانتاج بمفهوم الاقتصاد الاخضر ان كان زراعيا او غيره، فالوقت دائما يجب ان يكون مناسبا للبدء والعمل لذا لا داعي للتأجيل في البدء بتطبيقات مشروع الاقتصاد الاخضر لاهميته على المستويين المحلي والخارجي."
الاقتصاد الاخضر وتمكين الاعمال اضافة جديدة لتعزيز تنافسية المنتج الوطني محليا ودوليا
ويعتبر م. ابو لبن، مشروع الاقتصاد الاخضر وتمكين الاعمال اضافة جديدة لتعزيز تنافسية المنتج الوطني محليا ودوليا وبما يساهم في وضع فلسطين على خارطة الاقتصاد والتنمية استكمالا للمسارات التي اتخذتها الحكومة على مختلف المستويات والحد من تكاليف الانتاج وصولا الى منتجات خاصة زراعية قادرة على التنافس سعريا مع غيرها من منتجات وبما لا يضر بربحية المزارع الذي يعتبر اساسا لبناء اقتصاد وطني حر، بالاضافة الى الرقي بجودة المنتجات على كافة الصعد.
وقال:"نبحث دائما على الاستدامة في الموارد والتنمية وفي الحياة، ووجدنا ان لدينا موارد كافية يمكن الاستفادة منها في الحياة والاقتصاد، ما يستدعي التفكير للاجيال القادمة بان يوفر لها مقومات اقتصاد قادر على ان يكون اخضر ومستداما، ولا بد من البحث عن افضل الطرق للاستفادة من وحدة الانتاج هذه وتصدير منتجات الاقتصاد الاخضر لكل القطاعات ان كانت صناعية او زراعية".