رام الله- أوصى المشاركون في الجلسة التي عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة أمان لنقاش مسودة تقرير أعده حول "النزاهة والمساءلة والشفافية في عمل سلطة النقد الفلسطينية"، بضرورة توضيح القانون الفلسطيني للغموض الذي يعتري مفهوم الاستقلال المالي والإداري الممنوح لعدد من المؤسسات العامة، خاصة فيما يتعلق بآليات إخضاع سلطة النقد للمساءلة والرقابة وآليات اتخاذ القرار الإداري أو المالي فيها، فضلا عن ضرورة استكمال تطوير الاطار القانوني الناظم لعمل سلطة النقد، لمواكبة ما طرأ من مستجدات على عمل البنوك المركزية والانظمة والاجراءات في دول العالم خاصة ما يتعلق منها بتمكين مجلس الإدارة وإزالة التعارض الحاصل بين كون المحافظ هو رأس السلطة التنفيذية ورئيس مجلس الإدارة وتحديد معايير مهنية وواضحة للشروط الواجب توفرها في محافظ سلطة النقد ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة، إلى جانب ضرورة ألا يكون الفرق شاسعا بين رواتب موظفي سلطة النقد مقارنة برواتب موظفي المؤسسات الحكومية المختلفة.
والجلسة التي غابت عنها سلطة النقد الفلسطينية واعتذرت عن المشاركة واشترطت عقد اجتماعا مسبقاً ومنفرداً مع ائتلاف أمان لنقاش مسودة التقرير، حضرها ممثلون عن ديوان الرقابة المالية والإدارية والبنوك وشركات الصرافة واتحادات الغرف التجارية ومؤسسات تمويل مشاريع صغيرة وهيئة سوق رأس المال وصندوق الاستثمار الفلسطيني ونقابات وجمعيات وعدد من مؤسسات المجتمع المدني إضافة الى عدد من الأكاديميين والصحفيين، ممن شددوا على ضرورة تحديد معايير تعيين المحافظ ونائبه وأعضاء مجلس الإدارة، ومعالجة التداخل الحاصل في دور ومهام المحافظ كرأس الهرم التنفيذي لسلطة النقد من جهة، وكرئيس لمجلس الإدارة من جهة أُخرى، وصولا الى تفعيل دور مجلس الإدارة فيما يتعلق بالرقابة على أداء المحافظ ومساءلته كنقطة البداية في تطبيق الحوكمة في سلطة النقد.
ترف ومظاهر لا تعكس حالة التقشف للسلطة
أشار المدير التنفيذي لائتلاف أمان مجدي أبو زيد الى ان غياب سلطة النقد جاء اثر اعتذارها عن المشاركة في نقاش التقرير الذي يعتبر واحدا من التقارير الرقابية المتخصصة التي اعتاد ائتلاف أمان إصدارها تعزيزا للنزاهة والمسالة والشفافية في إدارة الشأن والمال العام، مشدد على وجود ملاحظات مجتمعية على عمل سلطة النقد أهمها مظاهر الترف المبالغ به كالمبنى الجديد والسيارات والأثاث ورواتب وامتيازات الموظفين التي لا تتلاءم والواقع الاقتصادي الصعب للفلسطينيين، إذ بلغت تكلفة المبنى 27 مليون دولار أمريكي وهو مبلغ كافٍ لإعالة 1900 عائلة فقيرة أوبناء تسع مدارس أو استصلاح حوالي 13 ألف دونم زراعي او بناء مستشفى أو 27 عيادة، وقد أرجع أبو زيد حالة البذخ والمبالغة في الإنفاق العام من قبل سلطة النقد الى سوء فهم الاستقلال المالي والإداري وعدم وضوحه في مؤسسات السلطة الفلسطينية عموما، حيث أن هذا الاستقلال يعني في حقيقة الأمر عدم التدخل الخارجي من قبل أشخاص متنفذين في عمل المؤسسات وليس التصرف دون قيود في المال العام تحت ذريعة الاستقلال المالي والإداري.
الاستقلال المالي والإداري: تعزيز للفعالية لا اعفاء من الرقابة
أشار مُعد التقرير لصالح ائتلاف أمان د. باسم زبيدي إلى أن الإطار القانوني الناظم لعمل سلطة النقد قديم وبحاجة الى تطوير سيما الجزء الخاص بالاستقلال المالي والاداري الذي يقصد منه تمكينها من تعزيز دورها بفعالية، وليس إعفاءها من الرقابة والمساءلة، إذ إن حالة تفرد السلطة التنفيذية، وغياب المجلس التشريعي لا ينبغي ان يعفي المحافظ ونائبه وأعضاء مجلس الادارة من الخضوع للمساءلة.
ولفت زبيدي إلى أن سلطة النقد حققت ذاتها بما تمتلكه من إمكانيات مادية وبشرية، في ظل وجود اهتمام فلسطيني ودولي بها في سبيل التحول الى بنك مركزي، حيث تم منحها استقلالا ماليا وإداريا لتعزيز فعاليتها وكفاءتها بسبب خصوصية المهام المناطة بها، ما يظهر جليا في رواتب وأجور وامتيازات موظفيها وشراء المركبات واستئجارها، ومكافآت أعضاء مجلس ادارتها التي قد تصل إلى 15000 دولار في العام الواحد، فضلا عما يتعلق بآلية إخضاعها للمساءلة والرقابة وبآلية اتخاذ القرار الإداري أو المالي فيها.
تغيّب سلطة النقد: إدارة الظهر للمساءلة المجتمعية
من جهته، شدد مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان د. عزمي الشعيبي على أن الدور الرقابي لائتلاف أمان لا يقوم على تقييم الأشخاص وانما يفحص مدى التزامهم اثناء شغلهم للوظيفة العامة بجوانب النزاهة والشفافية والمساءلة، مؤكدا ان هذا التقييم يأتي لتحديد جوانب النقص والقصور وانطلاقا من مفهوم المساءلة التي تتطلب تقديم المسؤولين تقارير عن أعمالهم والإجابة عن استفسارات وتساؤلات المواطنين، مشيرا إلى ضرورة فحص مدى تطبيق المساءلة على رئيس سلطة النقد من خلال الاطلاع على محاضر مجلس الإدارة عملا بمبادئ أجندة السياسات الوطنية، خاصة وأن تغيّب سلطة النقد عن الجلسة هو بمثابة إدارة الظهر للمساءلة المجتمعية.
من جانب آخر، أكد الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم أن عنوان الحوكمة في أي مؤسسة هو مجلس الإدارة، الذي يتوجب على كل مؤسسة عامة ان تعمل على توفير محاضر اجتماعاته للاطلاع على ماهية القضايا التي يناقشها ومدى أهميتها بالنسبة للمواطن.
في ختام الجلسة لفت ممثل الصرافين السيد طايل الحواري الى نشوب خلافات جوهرية بين سلطة النقد والعاملين في قطاع الصرافة نتيجة سوء التعامل من قبل موظفي سلطة النقد، ولجوئها إلى فرض الغرامات المُبالغ بها، واصدار التعليمات المشددة على الصرافين بإرادة منفردة ودون النقاش المسبق، بينما اختلف معه ممثل البنك التجاري الاردني السيد منتصر الششتري الذي أشار الى وجود تفاهمات بين البنوك وسلطة النقد يتم وفقا لها نقاش وتعديل اية تعليمات ترسل للبنوك قبل البدء بتنفيذها.