تريليون دولار استثمارات في مستقبل أميركا الرقمي

تاريخ النشر
من يقود السباق؟

واشنطن-أخبار المال والأعمال- أصبحت شركة "أبل" (Apple) يوم الاثنين أحدث الشركات التي تعلن عن التزامها بضخ استثمارات بمئات المليارات من الدولارات داخل الولايات المتحدة، وهي خطوة سارع الرئيس دونالد ترمب إلى نسبة الفضل فيها لنفسه.

أعلنت الشركة أنها ستنفق 500 مليار دولار محلياً خلال الأعوام الأربع المقبلة، بجانب إنتاج خوادم الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وتوظيف 20 ألف عامل جديد. وبعد نحو ساعة من الإعلان، نشر ترمب تعليقاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي يشيد فيه بهذه الاستثمارات، قائلاً إن "أبل" تستثمر في الولايات المتحدة لأنها "تؤمن بما نفعله".

لكن، للتوضيح، لم تربط "أبل" استثماراتها بشكل مباشر بإدارة ترمب. كما أن خطتها لا تختلف كثيراً عما سبق أن أعلنت عنه في خططها السابقة. كذلك، فإن تعهدها بتوفير آلاف الوظائف لا يتجاوز كثيراً وتيرة التوظيف المعتادة لديها.

سواء كانت جديدة أو لا، فقد باتت تعهدات الشركات الكبرى تجاه الاستثمار سمة مميزة لإدارة ترمب. ففي بداية ولايته الأولى قبل ثمانية أعوام، أعلنت مجموعة الاستثمار اليابانية العملاقة "سوفت بنك" (SoftBank Group) التزاماً هائلاً باستثمار 50 مليار دولار في الولايات المتحدة، قائلة إن ذلك سيوفر 50 ألف وظيفة. (لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه الاستثمارات قد نتج عنها هذا العدد من الوظائف). كما أن شركات أخرى مثل "فوكسكون تكنولوجي غروب" (Foxconn Technology Group) و"إنتل" (Intel) قدمت خطط إنفاق استعرضها ترمب، رغم أن بعضها كان قيد الإعداد قبل توليه السلطة.

فيما يلي نظرة على أبرز الاستثمارات التكنولوجية التي تم الإعلان عنها منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية:

"أبل"

- الاستثمار المُعلن: 500 مليار دولار محلياً على مدار الأعوام الأربع المقبلة.
- السابق: كان من المتوقع أن تنفق "أبل" 10.8 مليار دولار على النفقات الرأسمالية هذا العام، في حين بلغ إجمالي نفقاتها التشغيلية 57.5 مليار دولار في عام 2024.
- الوظائف: 20 ألف وظيفة.
- موقع الشركة: هيوستن وديترويت.
أعلنت "أبل" يوم الاثنين عن ما وصفته بأنه أكبر التزام مالي لها داخل الولايات المتحدة حتى الآن. إذ تخطط عملاقة التكنولوجيا لتوظيف 20 ألف عامل جديد، وتصنيع خوادم الذكاء الاصطناعي محلياً، إلى جانب استثمار 500 مليار دولار داخل البلاد على مدار الأعوام الأربع المقبلة.

تشمل هذه الاستثمارات افتتاح منشأة جديدة لتصنيع الخوادم في هيوستن، أكاديمية للموردين في ميشيغان، بالإضافة إلى تعزيز إنفاقها مع مورديها الحاليين داخل البلاد.

وجاء الإعلان بعد أيام قليلة من اجتماع الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" تيم كوك مع ترمب، حيث ألمح الأخير عقب اللقاء إلى أن كوك يعتزم استثمار "مئات المليارات من الدولارات".

مشروع "ستارغيت"

- الاستثمار المُعلن: ما يصل إلى 500 مليار دولار.
- السابق: "ستارغيت" يعد مشروعاً مشتركاً جديداً، إلا أن "أوبن إيه آي" (OpenAI) كانت قد قدمت منذ أشهر خطة لبناء مركز بيانات ضخم في الولايات المتحدة، حيث طرحتها في البداية أمام إدارة بايدن.
- الوظائف: مئات الآلاف من الوظائف.
- موقع المشروع: تكساس، في المرحلة الأولى.
في 21 يناير، أي بعد يوم من تنصيب ترمب، أعلنت شركة "أوبن إيه آي"، المطورة لتطبيق "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، بالتعاون مع "سوفت بنك" وعملاقة البرمجيات "أوراكل" (Oracle)، عن مشروع مشترك يهدف إلى تطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وأفادت الشركات بأنها تخطط لاستثمار 500 مليار دولار خلال الأعوام الأربع المقبلة، مع تركيز المرحلة الأولى على ضخ 100 مليار دولار، في مشاريع يُتوقع أن توفر "مئات الآلاف من الوظائف الأميركية".

المشروع الأول لـ"ستارغيت" عبارة عن مجمع لمركز بيانات يمتد على نحو 875 فداناً في مدينة أبيلين بولاية تكساس، حيث سيٌخصص في النهاية لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.

وقد تم الترويج لهذا المشروع باعتباره خطوة لدعم "إعادة التصنيع في الولايات المتحدة" وتعزيز "الأمن القومي لأميركا وحلفائها". وكان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان قد طرح العام الماضي على إدارة بايدن فكرة إنشاء بنية تحتية واسعة النطاق للذكاء الاصطناعي.

"سوفت بنك"

- الاستثمار المُعلن: 100 مليار دولار.
- السابق: أمضت "سوفت بنك" أشهر في إعداد خطط لتعزيز استثماراتها في أشباه الموصلات الخاصة بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والروبوتات. كما ضخ "صندوق رؤية" التابع لها 500 مليون دولار في "أوبن إيه آي"، الشركة الناشئة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى إطلاق مناقصة بقيمة 1.5 مليار دولار العام الماضي لشراء المزيد من أسهم موظفي "أوبن إيه آي".
- الوظائف: 100 ألف وظيفة.
- موقع الشركة: تكساس، من خلال المشروع المشترك "ستارغيت".
في ديسمبر، كشف ترمب عن خطة "سوفت بنك" لاستثمار 100 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال الأعوام الأربع المقبلة، وذلك خلال حدث حضره إلى جانب الرئيس التنفيذي للمجموعة ماسايوشي سون. وتشمل الخطة التزاماً بتوفير 100 ألف وظيفة تركز على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية المرتبطة به، بما في ذلك استثمارات في مراكز البيانات وأشباه الموصلات وقطاع الطاقة، وفقاً لشخص مطلع على الخطة.

وقد أثار هذا الإعلان فوراً تساؤلات حول كيفية تأمين "سوفت بنك" التمويل اللازم لهذا الالتزام الجديد. ففي الولاية السابقة لترمب، نجح سون في جمع 100 مليار دولار لصالح "صندوق رؤية" من مستثمرين خارجيين، وضخ تلك الأموال في شركات ناشئة مثل "وي وورك" (WeWork) و"أوبر تكنولوجيز" (Uber Technologies) و"دور داش" (DoorDash). ومع ذلك، لا تمتلك "سوفت بنك" حالياً السيولة الكافية لتنفيذ تعهد سون هذه المرة.

"ميتا بلاتفورمز"

- الاستثمار المُعلن: 65 مليار دولار.
- السابق: كان من المتوقع أن تبلغ النفقات الرأسمالية لشركة "ميتا" نحو 60 مليار دولار هذا العام، بينما تجاوزت نفقاتها التشغيلية 64 مليار دولار العام الماضي.
- الوظائف: غير محددة.
- موقع الشركة: لويزيانا، من بين عدة مواقع أخرى.
تعتزم شركة "ميتا بلاتفورمز" استثمار 65 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي خلال عام 2025، بما في ذلك إنشاء مركز بيانات "بحجم هائل يغطي جزءاً كبيراً من مانهاتن"، وفقاً لما أعلنه الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ في منشور بتاريخ 24 يناير عبر منصة "فيسبوك".

وأوضح زوكربيرغ أن "ميتا" تستهدف تشغيل قدرة حوسبية تقارب غيغاواط واحدة خلال 2025، ويُتوقع أن تختتم العام بأكثر من 1.3 مليون وحدة معالجة رسومية (GPU)، وهي رقائق أساسية لتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي. كما أكد أن الشركة ستوسع نطاق فرق عمل الذكاء الاصطناعي لديها "بشكل كبير"، دون تحديد عدد الوظائف التي سيتم توفيرها.

كانت "ميتا" قد كثفت استثماراتها في الذكاء الاصطناعي بالفعل. وقبل أقل من ثلاثة أشهر، حذر زوكربيرغ المستثمرين من أن الشركة تعتزم "تسريع" وتيرة إنفاقها الرأسمالي في عام 2025، مع التركيز على الذكاء الاصطناعي وتقنيات الميتافيرس. كما أعلنت عن مشروع مركز بيانات بقيمة 10 مليارات دولار في لويزيانا.

"مايكروسوفت"

- الاستثمار المُعلن: "مايكروسوفت" أكدت مجدداً خططها لاستثمار أكثر من 40 مليار دولار في مراكز بيانات أميركية.
- السابق: جميع هذه الخطط قد أُعلن عنها مسبقاً.
- الوظائف: تقدر الشركة أن الذكاء الاصطناعي سيسهم بشكل عام في توفير "مليار وظيفة مدعومة بالذكاء الاصطناعي".
- موقع الشركة: عدة ولايات، منها تكساس وأريزونا.
لم تقدم "مايكروسوفت" حتى الآن إعلاناً بارزاً يمكن لترمب نسب الفضل فيه لنفسه، لكن رئيس الشركة براد سميث كتب منشوراً في مدونة خلال يناير رحب فيه بعودة ترمب إلى البيت الأبيض، مع تسليط الضوء على استثمارات كانت الشركة قد خططت لها مسبقاً.

وأشار سميث إلى أن "مايكروسوفت" ماضية في خططها لاستثمار حوالي 80 مليار دولار في بناء مراكز البيانات المصممة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى نشر تطبيقات قائمة على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، مع تخصيص أكثر من نصف هذا الاستثمار للولايات المتحدة. كما أعلنت الشركة العام الماضي عن خطة لاستثمار أكثر من 35 مليار دولار في 14 دولة على مدار ثلاث أعوام، بهدف إنشاء بنية تحتية "آمنة" للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. كذلك، سبق أن كشفت الشركة عن خطط لتعزيز سعة مراكز بياناتها في ولايات مثل أريزونا وتكساس.

بالإضافة إلى ذلك، تتعاون "مايكروسوفت" مع كل من "بلاك روك" (BlackRock) وصندوق الاستثمار "إم جي إكس" (MGX) التابع لدولة الإمارات العربية المتحدة، لإنشاء صندوق استثماري دولي يستهدف توفير تمويل إضافي يصل إلى 100 مليار دولار لدعم البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وسلاسل التوريد الخاصة به.

"داماك"

- الاستثمار المُعلن: 20 مليار دولار على الأقل.
- السابق: كانت "داماك" قد بدأت بالفعل في تمهيد الطريق لتوسيع أعمالها في مجال مراكز البيانات. فقد وضعت وحدة "إدجنيكس داتا سنترز" (Edgnex Data Centers)، التابعة للمجموعة التي تتخذ من دبي مقراً لها، خطة لاستثمار 3 مليارات دولار خلال الأعوام الثلاث إلى الخمس المقبلة لإنشاء مراكز بيانات في جنوب شرق آسيا.
- الوظائف: آلاف الوظائف.
- مواقع الشركة: تكساس وأريزونا وأوكلاهوما ولويزيانا وأوهايو وإلينوي وميشيغان وإنديانا.
منذ انتخاب ترمب لأول مرة عام 2016، حرص حسين سجواني، رئيس مجموعة "داماك"، على ترسيخ صورته أمام العالم كرجل الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط. وفي يناير الماضي، عاد الملياردير العقاري إلى دائرة الضوء مجدداً، حيث ظهر إلى جانب ترمب ليعلن عن استثمار لا يقل عن 20 مليار دولار لإنشاء مراكز بيانات جديدة تمتد من أريزونا إلى أوهايو.

لم تتضح على الفور تفاصيل كيفية تمويل مثل هذا المشروع من قبل سجواني، الذي ارتفعت ثروته الصافية في الأعوام الأخيرة إلى نحو 13 مليار دولار وفقاً لمؤشر "بلومبرغ للمليارديرات". لكنه من المرجح أن يعتمد بشكل كبير على البنوك والمؤسسات المالية الأخرى لتأمين معظم هذا الاستثمار. وفي مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ"، قال سجواني إن الميزانية العمومية لشركة "داماك" ستتيح لها توفير حوالي 30% من التمويل.

بدوره، صرح ترمب بأن المرحلة الأولى من خطة "داماك" ستشمل تكساس وأريزونا وأوكلاهوما ولويزيانا وأوهايو وإلينوي وميشيغان وإنديانا. وأضافت الشركة أن هذا الاستثمار من المتوقع أن يسهم في توفير "آلاف الوظائف" في المناطق التي سيتم فيها تشييد مراكز البيانات.

"أمازون"

- الاستثمار المُعلن: 11 مليار دولار.
- السابق: "أمازون" حددت خططاً لإنفاق عشرات المليارات من الدولارات على مراكز بيانات جديدة قبل فترة طويلة من انتخاب ترمب. وكان من المتوقع بالفعل أن تنفق الشركة نحو 100 مليار دولار على النفقات الرأسمالية هذا العام، بينما بلغت نفقاتها التشغيلية 243 مليار دولار خلال العام الماضي.
- الوظائف: 550 وظيفة على الأقل.
- الموقع: جورجيا.
في يناير، تعهدت "أمازون ويب سيرفيسز" (Amazon Web Services) باستثمار نحو 11 مليار دولار في ولاية جورجيا بهدف توسيع البنية التحتية الداعمة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية. ووفقاً لبيان الشركة، من المتوقع أن يُسهم هذا الاستثمار في إتاحة ما لا يقل عن 550 وظيفة جديدة لأصحاب المهارات العالية.

وفي إطار الخطة الاستثمارية، ستقوم الشركة بتشييد مراكز بيانات جديدة في مقاطعة بوتس، وفقاً لما صرح به روس كرامبلي، رئيس مجلس مفوضي مقاطعة بوتس، في البيان.

"أندوريل"

- الاستثمار المُعلن: ما يقرب من مليار دولار.
- السابق: كانت "أندوريل" قد أعلنت في أغسطس 2024 عن خططها لاستثمار مئات الملايين من الدولارات في منشأة جديدة.
- الوظائف: 4,000 وظيفة مباشرة، بالإضافة إلى 8500 وظيفة أخرى لدعم العمليات.
- موقع الشركة: أوهايو.
أعلنت "أندوريل إندستريز" (Anduril Industries)، الشركة الناشئة العاملة بمجال التكنولوجيا الدفاعية، في يناير، عن اختيار ولاية أوهايو كموقع لإنشاء منشأة تصنيع ضخمة ستنتج عشرات الآلاف من الأسلحة والأنظمة المستقلة سنوياً. وكان الشريك المؤسس بالمر لوكي قد صرح سابقاً بأنه يتوقع ازدهار أعمال الشركة المتخصصة في تكنولوجيا الأسلحة ومقرها كاليفورنيا تحت إدارة ترمب.

تهدف "أندوريل" إلى تأمين الموافقات النهائية خلال الأسابيع المقبلة للبدء في تحديث منشأة قائمة، على أن يبدأ إنتاج الأسلحة بحلول يوليو 2026. كما تقدر الشركة استثمار نحو مليار دولار في المنشأة الجديدة، مما سيسهم في إيجاد 4,000 وظيفة مباشرة، إلى جانب 8,500 وظيفة إضافية لدعم العمليات.

وكانت "أندوريل" تخطط للمنشأة الجديدة قبل فترة طويلة من انتخاب ترمب. ففي أغسطس 2024، وبعد جمع 1.5 مليار دولار خلال جولة تمويلية جديدة، أعلنت الشركة عن نيتها إنفاق مئات الملايين من الدولارات على تطوير الموقع الجديد.

المصدر: بلومبرغ