
رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، اليوم الاثنين، ورشة عمل لإطلاق مشروعه البحثي "تقييم الآثار الاقتصاديّة والديموغرافيّة للاستيطان الإسرائيليّ على الأراضي الفلسطينية المحتلة" الذي ينفذه بالتعاون مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
وشارك في اللقاء مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد برام الله وعبر تقنية الزووم.
وأشار المدير العام للمعهد رجا الخالدي إلى الأهمية العالية لهذا المشروع، خاصة في ظل حيثيات المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وتوسعه المستمر في الأراضي الفلسطينية، والذي تسارع منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ واصلت إسرائيل سعيها من خلال توسيع المستوطنات الحالية، وإنشاء بؤر استيطانية جديدة وإضفاء صفة الشرعيّة عليها، وضم الأراضي الفلسطينيّة من خلال الممارسة الفعلية والتشريعات الإسرائيلية الأحادية.
وبين الخالدي أن الهدف من هذا المشروع هو قياس الآثار الاقتصادية والاجتماعية للمستوطنات والتكلفة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني واقتصاده في الضفة الغربية بما فيها القدس، وذكر أيضاً أن هذا المشروع يتضمن ست مخرجات بحثية متنوعة من ضمنها منصة رقمية تحتوي بيانات الاستيطان الديمغرافية والاقتصادية في الضفة الغربية عبر موقع ماس الالكتروني.
المناطق الصناعية الإسرائيلية في الضفة الغربية: الآثار الاقتصادية
استعرضت هذه الدراسة التي أعدها د. وليد حباس والباحثة جمانة جنازرة أن هنالك 35 منطقة صناعية إسرائيلية في المناطق المصنفة "ج" من أراضي الضفة الغربية، وهي جزء من المشروع الاستيطاني الأوسع الذي يصبو إلى إقصاء الفلسطينيين، وبينت أن جميع المناطق الصناعية مقامة على أراضي الضفة الغربية المصنفة "ج"، وحجر الزاوية في استراتيجية الحكومة الإسرائيلية لتعزيز المناطق الصناعية في الأرض الفلسطينية المحتلة هو تصنيف هذه المناطق كمناطق ذات أولوية وطنية.
وبينت جنازرة أن هناك امتيازات تمنح لهذه المناطق الصناعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي مثل: المنح والمعونات، والتخفيضات الضريبية، وقروض تفضيلية، بالإضافة إلى تخفيض الإيجارات، كما تبين الورقة الآثار الاقتصادية للمناطق الصناعية في الضفة الغربية خاصة فيما يتعلق بالعمالة الفلسطينية في المناطق الصناعية وفي المستوطنات، حيث كان هناك قبل الحرب حوالي 17 ألف عامل فلسطيني يعملون داخل المناطق الصناعية الإسرائيلية، كما أن التلوث البيئي يعد أيضاً من الآثار الاقتصادية لهذه المناطق؛ حيث تشكل الأنشطة الصناعية في الضفة الغربية، أخطار بيئية وصحية كبيرة على المجتمعات الفلسطينية، وتسبب هذه المصانع بتلوث الهواء، مما لوحظ مؤخرا ارتفاع نسب السرطان في فلسطين، كما ان مخلفات هذه المصانع التي تتسرب إلى مصادر المياه تؤدي إلى تلويثها.
كما تشير الدراسة إلى أن إجمالي رأس المال للاستثمارات الفلسطينية المباشرة في إسرائيل ومستوطناتها يتراوح بين 2.23 مليار دولار في سيناريو متحفظ وما يصل إلى 3.78 مليار دولار وهو ما يؤثر على جذب الشركات الفلسطينية إلى المناطق الصناعية.
كما توضح أيضا أن هذه المناطق أدت إلى فصل الأراضي الفلسطينية عبر المناطق الصناعية وشبكات الطرق والحواجز العسكرية، ما أجبر التجار الفلسطينيين وشركات الخدمات اللوجستية على تطوير مسارات بديلة.
وأخيراً، بينت الدراسة أن هذه المناطق الصناعية والمستوطنات الإسرائيلية تلعب دوراً محورياً في إضعاف الزراعة الفلسطينية من خلال التلوث الصناعي واستنزاف الموارد الطبيعية، ما يشكل تهديداً حقيقياً للاستدامة الزراعية ويزيد من التحديات التي تواجه المزارعين الفلسطينيين في الحفاظ على أراضيهم.
الديناميكيات الاقتصادية والاجتماعية للقرى المقدسية على إثر التوسع الاستيطاني في محافظة القدس
هدفت هذه الدراسة التي أعدتها الباحثتان أنمار رفيدي وملكة عبد اللطيف إلى تحديد المفاصل الأساسية لأثر التوسع الاستيطاني والجدار، وتفسير العلاقة ما بين ضعف البنية الاقتصادية للمناطق والاستيطان، وتفسير الظواهر الاجتماعية، إضافة إلى الآثار الاجتماعية، وحصر المعيقات التنموية الاقتصادية، والتغيرات الديموغرافية، والثقافية واختلافها.
بينت رفيدي أن هذه الدراسة تغطي منطقتين، الأولى منطقة شمال غرب القدس وهي تشمل 16 قرية، يسكنها حوالي 11.4% من سكان محافظة القدس، وأن التجزئة الحاصلة نتيجة المشروع الاستيطاني قسمت التجمع إلى اثنين، كما أن الجدار الفاصل قسم التجمع إلى ثلاثة معازل، تُحيط بالمنطقة سبع مستوطنات ما زالت تتسع من ناحية مساحة البناء، مساحة النفوذ، وعدد المستوطنين.
أما المنطقة الثانية فهي منطقة شمال القدس وهي تشمل قرى كفر عقب، قلنديا، شعفاط، والرام، وقد فُصلت وعُزلت هذه القُرى عن بعضها لثلاثة معازل نتيجة لجدار الفصل العنصري، وأضحت قلنديا البلد جزءاً من تجمع قرى شمال غرب القدس من ناحية التواصل الجغرافي، وبقيت قرية شعفاط داخل حدود "بلدية القُدس" جغرافياً، أما كفر عقب والرام رغم بقائهما قانونياً تحت إدارة "بلدية القدس"، إلا أنهما أصبحتا جغرافياً في الضفة الغربية، وبالتالي أصبحتا "عالقتين" ما بين نظامين إداريين، ويُحيط بالمنطقة خمس مستوطنات.
المرصد الرقمي للاستيطان في الضفة الغربية
تهدف هذه المنصة "قاعدة البيانات" التي عمل على بنائها وتطويرها الباحث أحمد علاونة إلى عرض معظم البيانات عن الاستيطان من الجانبين الديمغرافي والاقتصادي، وتبين هذه المنصة البيانات بطريقة تفاعلية مترابطة بين جميع المتغيرات المذكورة كل على حدة، لتسهيل وصف دقيق لكل ما يتعلق بالاستيطان وباستخدام عمليات إحصائية تشير إلى النسب ومعدلات النمو الاستيطاني "عدد المستوطنين، المساحات،.." لتفتح المجال أمام المستخدمين لتحليل وفهم أعمق لمؤشرات هذه المستوطنات.
بينما ركز الحضور على أهمية التشديد على معالجة قضية العمالة في المستوطنات وفقاً للقانون الفلسطيني الذي يجرّمها، والحث على إعداد دراسات تفصيلية تقدم توصيات عملية لصنّاع القرار، كما اقترح البعض إنشاء صندوق لدعم واستدامة المشروع عبر تمويل الأبحاث المستقبلية، وتوسيع نطاق البحث ليشمل مناطق شرق القدس مثل العيزرية وأبو ديس والمنطقة المسماة (E1).