رام الله-أخبار المال والأعمال- بالقرب من إشارات المرور في شوارع مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، يبيع فتية وفتيات وحتى كبار السن، بعض المواد الاستهلاكية البسيطة، لأصحاب السيارات العابرة.
أعداد كبيرة من البائعين -وبعضهم متسولين- لم يكونوا في هذه الأماكن قبل اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي طال لهيبها اقتصاد الضفة الغربية.
ففي الضفة الغربية، أغلقت مصالح اقتصادية بينما اضطرت أخرى إلى تسريح جزء من الأيدي العاملة في محاولة لضبط النفقات، والتأقلم مع تراجع الطلب المحلي على الاستهلاك.
ولا يجد أكثر من 300 ألف فلسطيني في سن العمل (15 - 60 عاما)، أية وظائف في سوق تضيق بمؤسساتها الاقتصادية في مختلف القطاعات الحيوية، بسبب تراجع الاستهلاك المحلي.
يأتي ذلك، بينما لزم أكثر من 180 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية، كانوا يتجهون للعمل في إسرائيل، منازلهم في أول 7 شهور من الحرب الإسرائيلية على غزة، قبل أن يعود جزء منهم، بما لا يزيد عن 33 ألفا.
** عمال إسرائيل
هذه العمالة الفلسطينية في إسرائيل، كانت تدر على أسواق الضفة الغربية شهريا، قرابة 1.5 مليار شيقل (406 ملايين دولار)، بحسب بيانات تعود لسلطة النقد الفلسطينية.
لطالما كانت العمالة الفلسطينية في إسرائيل، المصدر الأبرز للسيولة النقدية في الضفة الغربية، متفوقة على إجمالي فاتورة القطاع العام البالغة مليار شيقل شهريا (270 مليون دولار).
حتى عشية الحرب على غزة، كان متوسط أجرة العامل الفلسطيني في إسرائيل قرابة 260 شيقل (نحو 70 دولارا) يوميا بحسب الإحصاء الفلسطيني، ويتجاوز في بعض الأحيان 300 دولار يوميا.
اليوم، زاحمت هذه العمالة فرص العمل الشحيحة المتاحة في الضفة الغربية، لتفاقم أرقام البطالة في الأسواق المحلية، إذ اتجه بعضهم للبحث عن فرص للعمل في أسواق الضفة، وآخرون فتحوا مصالح تجارية صغيرة، كمحال البقالة والخضار.
وجزء آخر عاد إلى زراعة أرضه، بل اضطر بعضهم للعمل "تاجر شنطة" على المعابر بين الأردن وفلسطين، عبر شراء سلع أساسية وتبغ بكميات قليلة من الأسواق الأردنية، الأرخص ثمنا، وبيعها في السوق الفلسطينية.
** ارتفاع البطالة
حتى عشية الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت نسبة البطالة في الضفة الغربية 24 بالمئة، لكنها مع نهاية الربع الأول 2024، سجلت نحو 35 بالمئة من إجمالي القوى العاملة، فيما لم تصدر بعد بيانات الربعين والثاني والثالث لعام 2024.
وحتى نهاية الربع الأول 2024، بلغ عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل قرابة 33 ألفا، مقارنة مع قرابة 180 ألفا بنهاية الربع الثالث من العام الماضي.
فيما ارتفعت نسبة بطالة خريجي الجامعات بنهاية الربع الأول 2024 إلى 44 بالمئة في الضفة الغربية، صعودا من 30 بالمئة بنهاية الربع الثالث 2024.
ولا تتضمن هذه الأرقام، أية مؤشرات عن البطالة أو العمل في قطاع غزة، إلا أن تقريرا سابقا لمنظمة العمل الدولية صدر في أيار/مايو الماضي، أشار إلى أن البطالة في القطاع تتجاوز 70 بالمئة.
** بورصة فلسطين
يظهر مسح للأناضول استنادا إلى بيانات بورصة فلسطين، أن مؤشر القدس تراجع بنسبة 25.6 بالمئة إلى 484 نقطة، بنهاية جلسة 30 أيلول/سبتمبر الماضي، مقارنة مع جلسة عشية 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 البالغة 654.3 نقطة.
وقراءة المؤشر المسجلة في نهاية جلسة 30 أيلول/سبتمبر الماضي، تعتبر عند أدنى مستوياتها منذ أيار/مايو 2021، باستثناء شهور الحرب الإسرائيلية على غزة.
في المقابل، تراجعت القيمة السوقية للشركات المدرجة بنسبة 20 بالمئة منذ آخر جلسة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لتستقر عند 3.9 مليارات دولار، نزولا من 5.02 مليارات دولار عشية الحرب على غزة.
وانعكست التطورات التي تشهدها الضفة الغربية، على معنويات السوق والمستثمرين في بورصة فلسطين، ليتراجع مؤشر القدس بنسبة 5.8 بالمئة منذ مطلع تموز/يوليو الماضي حتى نهاية جلسات أيلول/سبتمبر.
وتشهد الضفة الغربية تصاعدا في المواجهة مع الجيش الإسرائيلي، الذي نفذ عمليات واجتياحات لمدن ومخيمات فلسطينية خلال الأسابيع الماضية، وسط غياب أي أفق لإنهاء التوترات.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أعلنت بورصة فلسطين، تراجع صافي أرباح الشركات المدرجة بنسبة 62 بالمئة خلال النصف الأول 2024 على أساس سنوي، إلى 75 مليون دولار مقارنة بـ 199 مليون دولار للفترة ذاتها من 2023.
وشكلت الشركات الرابحة ما نسبته 72 بالمئة من إجمالي عدد الشركات المفصحة، بقيمة بلغت 90 مليون دولار، في حين حققت 13 شركة خسائر بلغت قيمتها ما يقارب 15 مليون دولار.
** القطاع المصرفي
وفي وقت تعمل في غزة 10 بنوك من أصل 13 تنشط في السوق الفلسطينية، فإنها كانت من أكثر الشركات تضررا بفعل الحرب، مع عدم قدرتها حتى اليوم على حصر الخسائر.
وفي بورصة فلسطين 7 بنوك محلية مدرجة، سجلت مجتمعة أرباحا بقيمة 10 ملايين دولار خلال النصف الأول 2024، نزولا من 84 مليون دولار على أساس سنوي، بنسبة هبوط بلغت 89 بالمئة.
اللافت أن ودائع العملاء في قطاع غزة خلال شهور الحرب، صعدت من 1.61 مليار دولار بنهاية الربع الثالث 2023، إلى 2.7 مليار دولار بنهاية آب/أغسطس 2024.
وتفسير ذلك، أن أصحاب الأموال خارج القطاع المصرفي، اضطروا لإيداع أموالهم داخل البنوك، لأسباب مرتبطة بعدم مقدرتهم على حمل الأموال والنزوح من مكان لآخر.
كمان أن ودائع القطاع المصرفي، مؤمن عليها لدى المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، وبالتالي أصبحت المصارف أكثر أمنا للأموال من الإبقاء عليها بين أيدي المواطنين في غزة.
أما في الضفة الغربية، تراجع إجمالي ودائع العملاء من 15.16 مليار دولار بنهاية الربع الثالث 2023، إلى 15 مليار دولار بنهاية تموز/يوليو 2024.
** موظفو القطاع العام
بدأت الحرب على غزة، بينما كان موظفو القطاع العام قد أمضوا قرابة عامين من الحصول على نحو 80 بالمئة من قيمة رواتبهم، بسبب أزمة مالية تعاني منها السلطة الفلسطينية.
بينما مع اندلاع الحرب على غزة، وارتفاع اقتطاعات إسرائيل من أموال المقاصة، أصبحت الحكومة غير قادرة على توفير إلا نصف الرواتب وبشكل غير منتظم شهريا.
تبلغ فاتورة أجور القطاع العام الفلسطيني (موظفون ومتقاعدون ومخصصات أو ما تعرف بأشباه الرواتب)، قرابة مليار شيقل شهريا (270 مليون دولار).
من هذا المبلغ، تبلغ فاتورة أجور الموظفين على رأس عملهم البالغ عددهم نحو 147 ألف موظف، نحو 600 مليون شيقل شهريا (162.1 مليون دولار).
المصدر: الأناضول