واشنطن-أخبار المال والأعمال- تجاوز النمو الاقتصادي الأميركي التوقّعات في الفصل الثاني من العام، مدفوعا بإنفاق المستهلكين وزيادة المخزونات رغم معدّلات الفائدة المرتفعة، وفق ما أظهرت بيانات حكومية الخميس.
وبعد بداية بطيئة هذا العام، سجّلت أكبر قوة اقتصادية في العالم نموا سنويا بلغ 2,8 في المئة في الفترة من نيسان/أبريل حتى حزيران/يونيو، مقارنة مع 1,4 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى، وفق وزارة التجارة.
وكان خبراء الاقتصاد يتوقعون نموا بنسبة 1,9 بالمئة، وهو مؤشر مطمئن الى أن الاستهلاك ما زال قويا.
وأشاد الرئيس جو بايدن في بيان بقوة الاقتصاد مضيفا أن أمامه "مزيدا من العمل" في الأشهر الستة الأخيرة له في البيت الأبيض.
وأضاف بايدن الذي رشح نائبته كامالا هاريس لخوض الانتخابات بعد قراره الانسحاب من السباق الرئاسي أن "نائبة الرئيس وأنا سنواصل النضال من أجل مستقبل أميركا".
وذكرت وزارة التجارة أن النمو "عكس بشكل أساسي ازديادا في استثمارات المخزون الخاص وتسارعا في إنفاق المستهلكين".
وأضافت أن "ذلك وازنه انخفاض في الاستثمار الثابت السكني".
وبينما تعاني قطاعات مثل التصنيع والسكن بعدما رفع الاحتياطي الفدرالي بشكل سريع معدلات الفائدة عام 2022 لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، كان الاستهلاك أقوى من توقعات المحللين.
عزز ذلك الاقتصاد رغم أن معدلات الفائدة كانت عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من عقدين، ما جعل الاستدانة أكثر كلفة بالنسبة الى الأفراد والشركات.
وكان سوق العمل من بين العوامل الرئيسية التي دعمت الاستهلاك إذ تواصل ارتفاع الأجور في ظل تردد الأعمال التجارية في التخلي عن العمال بعد الصعوبات التي واجهتها في التوظيف خلال فترة انتشار وباء كوفيد.
وبينما يتباطأ التضخم وتواصل الأجور ارتفاعها، أفاد خبراء اقتصاد بأن مكاسب أجور المستهلكين الحقيقية المتاحة باتت أكبر، ما يسمح لهم بالإنفاق أكثر.
ورغم تفوّق أداء الاقتصاد على توقعات الركود، إلا أن بايدن فشل في تهدئة مخاوف العديد من الأميركيين المتأثّرين بارتفاع تكاليف المعيشة.
ومع انسحابه المفاجئ من انتخابات 2024، لم يتضح بعد إن كانت هذه المشاعر السلبية ستنتقل إلى خليفته الديموقراطية كامالا هاريس.
"محرّك" الاستهلاك
قال كبير خبراء الاقتصاد لدى "إرنست ويونغ" EY غريغوري داكو إن "الطلب المحلي حافظ على زخم ثابت على مدى حزيران/يونيو".
لكن بيانات سوق العمل وإنفاق المستهلكين الأخيرة تشير إلى أن النشاط الاقتصادي "يخفّ بهدوء".
وأفاد ماثيو مارتن من "أكسفورد إيكونوميكس" Oxford Economics فرانس برس "نرى أن الاستهلاك ما زال محرّك الاقتصاد".
وأشار إلى أنه على الرغم من ارتفاع معدلات البطالة إلا أن هذا الاتجاه مرتبط أكثر بحالات الدخول في السوق من ارتباطه بعمليات التسريح.
يعني ذلك عدم بدء دورة تسبب البطالة بخسارة الدخل وبالتالي انخفاض الاستهلاك والتسبب بخسارة مزيد من الوظائف.
لكن ما زالت هناك مخاطر إذ "تزداد" البطالة سريعا، رغم أن هذه ليست النتيجة المتوقعة حاليا.
وقال في إشارة إلى لجنة تحديد السياسات في الاحتياطي الفدرالي "هذا مبرر مهم لبدء خفض المعدلات في أيلول/سبتمبر وإتباع كل اجتماع بخطوة من هذا النوع اعتبارا من هذا التاريخ".
انتخابات مفتوحة على كافة الاحتمالات
ولا يرى المحللون أن البيانات الأخيرة ستثني الاحتياطي الفدرالي عن خفض المعدلات في أيلول/سبتمبر.
لكن قد يحدث ذلك "خيبة أمل نوعا ما" في صفوف المستثمرين الذين يأملون بخفض المعدلات في اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأسبوع المقبل، بحسب "بانثيون ماكروإيكونوميكس" Pantheon Macroeconomics.
وقالت كبيرة خبراء الاقتصاد لدى "كاي بي إم جي" KPMG دايان سونك إن "المكاسب تأتي في وقت يشعر كثيرون بالقلق من أن النمو قد لا يتباطأ فحسب، بل قد نرى تصدّعات في سوق العمل".
ومع تراجع التضخم واحتمال أن تكون بيانات النمو في الربع الثاني من العام "منعزلة أكثر من كونها القاعدة"، تتوقع سونك أن يكون الاحتياطي الفدرالي "مستعدا لفتح الباب لخفض المعدلات في أيلول/سبتمبر لكن من دون أن يقوم بأي تحرّك في تموز/يوليو".
وأضاف مارتن من "أكسفورد إيكونوميكس" أن الانتخابات الأميركية تعد عاملا مفتوحا على كافة الاحتمالات.
ويمكن لولاية رئاسية جديدة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب أن تأتي بتغييرات كبيرة في السياسة.
وقال "سيشكّل ذلك فارقا كبيرا، خصوصا في 2025".
المصدر: أ ف ب