تل أبيب-أخبار المال والأعمال- تتزايد المخاوف في إسرائيل من التداعيات الاقتصادية لتوسع محتمل للحرب في الشمال، التي قال خبراء إنه سيحدث "ظلاماً اقتصادياً".
وكتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن سيناريو "الظلام الاقتصادي"، الذي يتناول مخاطر اندلاع حرب شاملة في الشمال على أمن سوق المال الإسرائيلية، بدءاً من الهجمات السيبرانية والاختراقات المستمرة، مروراً بالخشية من تسريب بيانات وانقطاع خدمات حيوية، وصولاً إلى هروب المستثمرين في البورصة.
وفي التفاصيل، ذكرت الصحيفة، أنّه إلى جانب التهافت على المولدات الكهربائية، ومواد الطوارئ الغذائية، بسبب الخشية من اندلاع الحرب في الشمال، فإنّ "هناك من يعمل على مدار الساعة من أجل تحصين الجدار الدفاعي لسوق المال إزاء التهديد بهجوم قد يضعضع الاقتصاد الإسرائيلي".
وفقا للتقرير، فإن "سيناريو كهذا لا ينفصل عن الواقع"، حيث شُنت بداية العام الجاري أكثر من 3380 هجمة سيبرانية على الشركات المتداولة في البورصة الإسرائيلية، جرى تحديد 800 منها على أنّها "هجمات يحتمل أن تحدث ضرراً كبيراً".
وأشار التقرير إلى تلقي 13040 تقريراً في العام 2023 بأكمله، حيث "جرى التحقق منها على أنّها أحداث سيبرانية من مدنيين ومنظمات"، مضيفاً أنّ 68% من هذه الهجمات "وقعت خلال فترة الحرب على غزة، ما يُمثّل زيادة بنسبة 43% في تقارير الهجمات مقارنةً مع العام 2022".
وفقاً لتحليل اقتصادي للأضرار الناجمة عن الهجمات السيبرانية في إسرائيل في العام الماضي، يقدّر التشكيل السيبراني القومي أنّ "التكلفة الإجمالية تقدر بنحو 12 مليار شيقل سنوياً (نحو 3.5 مليار دولار)، في مبلغ غير مسبوق يعكس فقط حجم الضرر الاقتصادي المحتمل الذي قد يتحقق خلال حرب قوية في الشمال، بحسب خبراء إسرائيليين.
في هذا السياق، حذّر أفيف هوكر، مؤسس شريك في شركة فادوم التي تدير برنامج لرسم خريطة وتوثيق بنى تحتية محوسب، ويستخدمها بعض أكبر الشركات التجارية في إسرائيل مثل البنك المركزي، وغيره، من هذا السيناريو قائلاً إنّ "الأضرار التي قد تلحق بالاقتصاد الإسرائيلي وسوق رأس المال يمكن أن تصل إلى مئات الملايين في اليوم".
وشدّد هوكر على أنّ "الحرب مع حماس، إلى جانب التهديدات من إيران وحزب الله، سلطت الضوء على الحاجة إلى تدابير أمن قومي قوية"، لكن ومع ذلك، "لا تزال الجبهة السيبرانية واحدة من أكثر ساحات المعركة القابلة للضرر لدى إسرائيل".
ولفت، في هذا الإطار، إلى أنّ "التشكيلات السيبرانية لإيران وحزب الله أصبحت أكثر تطوراً مع مرور الوقت"، إذ إنّ "تهديدات الهجمات ومعقولية تحقيقها زادت مع هذا التقدم".
وأوضح هوكر أنّ على "الشركات والهيئات الإسرائيلية اعتماد نهج يفترض أنّ التهديدات يمكن أن تأتي من أي مكان ومن دون أي تحذير، وأنّها قد تجد نفسها بسرعة كبيرة في مشكلة".
على سبيل المثال، فإن الهجمة السيبرانية على البورصة في تل أبيب قد تسبب ضرراً اقتصادياً جسيما يمكن مقارنته بالضرر الأمني، فتعطيل كهذا من جانب جهة معادية قد يُبعد المستثمرين عن السوق، ويؤدي أيضاً إلى إلحاق ضرر جسيم بالاستقرار المالي، وكذلك سيؤثر على جيوب كل إسرائيلي، بحسب هوكر.
ووفقاً لـ"يديعوت أحرونوت"، فإنّ سيناريو "الظلام الاقتصادي" هذا "يسلب النوم من عيون العديد من الاقتصاديين اليوم"، مشيرةً إلى أنّ أكبر عشر عمليات مغادرة للشركات الإسرائيلية، كان 8 منها في المجال السيبراني، والتي يُقدّر حجم مبيعاتها بنحو 2.8 مليار دولار، أي نحو 80% من عمليات المغادرة في التكنولوجيا العالية الإسرائيلية كافة في هذا العام"، مضيفة إن هذا "ليس عبثاً".
وفي سياق ذي صلة، أفاد موقع "واللا" الإسرائيلي، في نيسان الماضي، بارتفاع هجمات السايبر على إسرائيل بنحو 43%، وذلك برعاية إيران وحزب الله.
وتوقعت شركة "داتا سيك" من مجموعة "إس كيو لينك" المتخصصة في حلول حماية المعلومات والسايبر، في تقرير نشر موقع "واللا"، أن يحدث تصاعد كبير في حجم الهجمات السيبرانية، وتصاعد أيضاً في احتمال تدمير مواقع حكومية وشركات، ولا سيما تلك المتعلّقة ببنى تحتية قومية في إسرائيل، في إطار حملة هجومية مناهضة للدولة العبرية ومنسّقة في مجال السايبر.
وقال رئيس تشكيل السايبر القومي الإسرائيلي، غابي بورتنوي، إنّ "العام 2024 سيتسم بمواصلة الحرب واحتمال توسّعها إلى ساحات إضافية، وذلك بالتزامن مع تحسّن قدرات السايبر لدى الأعداء واستعدادهم لتنفيذ هجمات تلحق الضرر بالجبهة الداخلية المدنية في إسرائيل".