رام الله-أخبار المال والأعمال- بموازاة تصاعد التوتر في الضفة الغربية على وقع الحرب على قطاع غزة، تعاني السلطة الوطنية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة.
وتواجه الضفة الغربية المحتلة تدهورا متواصلا في الوضع المالي مند اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع وقف إسرائيل تسليم السلطة الوطنية عائدات الرسوم الجمركية (المقاصة) التي تقوم بجبايتها لصالحها.
ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من تراجع كبير في عائداتهم منذ اندلاع الحرب في غزة.
وقال عماد رباح الذي يملك مصنعا للبلاستيك إن أرباحه الصافية تراجعت بنسبة النصف خلال عام واحد.
كذلك قال نخلة جبران إن مبيعاته تراجعت بنسبة 30% خلال الفترة ذاتها، مضيفا أن الضفة الغربية تواجه حربا اقتصادية بموازاة الحرب على قطاع غزة.
وبموجب اتفاقات السلام التي توسطت فيها النرويج جزئيا في التسعينيات، تقوم إسرائيل بجمع الأموال للسلطة الوطنية.
لكن غداة هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر والذي أطلق شرارة الحرب المدمرة على قطاع غزة، أوقفت إسرائيل تسليم السلطة الوطنية كامل المبلغ العائد لها من الرسوم الجمركية، متذرعة بأن المال يستخدم من أجل تمويل حماس.
وتحتاج السلطة الوطنية إلى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها، وفق مسؤولين وخبراء.
وقد يتفاقم الوضع في تموز/يوليو، إذ هدد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (يمين متطرف) في أيار/مايو الماضي بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية ردا على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.
وأبلغ سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه "لا يعتزم تمديد" الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية لإعطائها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة "تمويل الإرهاب".
وهذه الحماية السنوية التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية وتنتهي مدتها في 30 حزيران/يونيو، ضرورية للسماح لمصرفي "هبوعليم" و"ديسكاونت بنك" الإسرائيليين بمواصلة لعب دور المراسلة بين البنوك الفلسطينية ونظيراتها في إسرائيل والدول الأخرى.
كما قرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تم تحصيلها لصالح السلطة الوطنية وتحويلها إلى ما سماها عائلات "ضحايا الإرهاب"، متهما السلطة الوطنية بـ "تشجيع الإرهاب" عبر "دفع أموال لعائلات الإرهابيين والسجناء والسجناء المفرج عنهم" حسب تعبيره.
"أزمة إنسانية"
وأثارت تهديدات الوزير الإسرائيلي مخاوف كبرى في واشنطن.
ورأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن "قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها سيولد أزمة إنسانية".
وشددت على أن "هذه القنوات المصرفية أساسية للقيام بتحويلات تسمح بنحو ثمانية مليارات دولار من الواردات الآتية من إسرائيل بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، وتسهل حوالي ملياري دولار من الصادرات في السنة، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم".
من جانبه، أوضح محافظ سلطة النقد فراس ملحم لوكالة فرانس برس أن قطع القنوات المصرفية "سيكون له تأثير كبير علينا لأن اقتصادنا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي ولأن إسرائيل تسيطر على الحدود".
كما تضرر المواطنون بفعل منع العمال من الدخول إلى إسرائيل للعمل، وبسبب تراجع حاد في النشاط السياحي في الضفة الغربية.
وعلى الصعيد الأمني، تشهد الضفة الغربية تصاعدا في المواجهات منذ أكثر من عام، تفاقم بصورة خاصة مع اندلاع الحرب على قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد 553 مواطنا برصاص جيش الاحتلال والمستوطنين وفقا لمسؤولين فلسطينيين، فيما قتل 14 إسرائيليا على الأقل بين جنود ومستوطنين خلال الفترة نفسها، حسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتخشى الدول الغربية أن تثير سياسة إسرائيل الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية.
وحذّر مصدر دبلوماسي أوروبي في القدس طالبا عدم كشف هويته من أن "النظام المصرفي قد ينهار ..السلطة الفلسطينية في أزمة مالية وقد تنهار قبل آب/أغسطس".
ورأى موسى شامية الذي يملك شركة تصنع ملابس للنساء أن السياسة الإسرائيلية هدفها دفع المواطنين إلى مغادرة الضفة الغربية.
وقال إن الإسرائيليين "يريدون أن نغادر أرضنا، وهم يعرفون أنه سيكون من الصعب علينا البقاء إذا لم يكن بإمكاننا مزاولة أعمال".
ويشكو مدير مدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت محمد رباح من صعوبات مالية وقال: "نعاني مع المدفوعات الدولية"، لافتا إلى عقبات بيروقراطية تؤخر تسليم المدرسة تجهيزات ومعدات تحتاج اليها لفترة تصل إلى شهر.
وأوصى فراس ملحم: "علينا العمل على خطة بديلة في ما يتعلق بالعلاقات التجارية".
المصدر: أ ف ب