غزة-أخبار المال والأعمال- تحوّلت شوارع مدينة رفح الرئيسة إلى أسواق مفتوحة مكتظّة بمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين، بينما يجتهد مَن فقدوا فرص عملهم في مدنهم التي نزحوا منها لإيجاد مصادر للرزق تُعينهم على هذه المحنة التي لا أفق معلومًا لنهايتها.
ولا يوجد موطئ قدم في الأسواق وسط المدينة الحدودية مع مصر، مع تدفّق النازحين لتلبية احتياجاتهم الضرورية، وسط صدمات على الوجوه حين سماع الأسعار الجديدة ترتفع كلما امتد أجل قيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على دخول البضائع والمواد الأساسية للحياة منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول الماضي.
صناعة فرص عمل
بفعل الحرب، أُعيد تشكيل الأسواق في رفح، وأولويات المشترين، خاصة مع نقص شديد في البضائع والاحتياجات اليومية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، ومحاولات صناعة فرص عمل للقادمين من مدن أخرى.
محمد الحن، مواطن من رفح اشترى بضائع قليلة بـ200 شيقل فقط (75 دولارًا)، ومع الوقت تتوسّع تجارته؛ ليستعين بها على سد احتياجات أسرته، وسداد ديونه القديمة.
يقول الحن، الذي نجا وأسرته من قصف إسرائيلي استهدف العمارة التي يقطنون فيها وسط المدينة في بداية الحرب: إنه يعيل أسرة مكوّنة من 7 أفراد، إضافة إلى والدَيه و3 من أشقائه الصغار، وإنه يشتري بضاعته من الأسواق ويبيعها للسكان والنازحين.
ويعيش النازحون في رفح ظروفًا صعبة للغاية، حيث يفتقرون إلى المسكن اللائق والمرافق الأساسية، ويُواجهون صعوبة في الحصول على الغذاء والدواء.
وسط الخيام يقضي الشاب محمد أبو شاويش معظم وقته، متجوّلاً يبيع موادّ غذائية والحلوى المحلية.
ويوضّح الشاب الفلسطيني أنه "بالكاد ينام بضع ساعات، ومن ثم يجمع البضائع ويبيعها هنا".
وخسر فادي فورة معرض موبيليا وعمارة سكنية مكوّنة من 6 طوابق وجيب "لاند روفر" كان يمتلكها في مدينة غزة، والآن يبيع القهوة للمشترين حيث يعيش مع عائلته في خيمة بمدينة رفح التي باتت تُعرف بـ"مدينة الخيام".
يصرخ الرجل طوال الوقت "القهوة يا حبايب"، ويقول: إنه اضطر إلى العمل كبائع قهوة لتأمين مصدر رزقه لعائلته المكوّنة من 13 فردًا.
ويضيف: "قبل الحرب كان سعر ربع كيلو من القهوة 8 شواقل، والآن يباع بـ50 شيقلاً (14 دولارًا)".
وبالنسبة إلى فادي فورة، فإن انتهاء الحرب والعودة إلى حطام منزله المدمّر أصبحا أمله الوحيد للتخلص من الواقع المزري الذي يعيشه في هذه الأيام.
ارتفاع جنوني في الأسعار
ارتفعت أسعار الخضار واللحوم والمواد الغذائية الأساسية، حيث شهدت بعض المواد زيادة بمقدار 10 أضعاف أو أكثر.
ويذبح نادر زُهد، النازح من بيت لاهيا في شمال القطاع ويعيش الآن مع أسرته في خيمة برفح، الخراف ويبيع لحومها للمشترين غرب رفح.
يقول زهد، بينما كان يقطع اللحوم تجهيزًا لبيعها: "اليوم بالكاد أشتري الخراف بضعف ثمنها وأبيعها للناس من أجل أن أوفّر مصدر دخل لعائلتي لتلبية متطلّبات الحياة الأساسية".
ويُشير إلى أنه كان يبيع كيلو لحم الخراف بـ50 شيقلاً، لكن الآن أصبح سعرها 100 شيقل، في حين لحوم العجول والأبقار قفزت إلى 150 شيقلاً للكيلو الواحد.
ويوضّح أن سلطات الاحتلال حظرت دخول الأبقار والعجول والماشية إلى قطاع غزة، كما نفقت أعداد كبيرة منها، إما جوعًا أو بسبب القصف، وهو ما تسبّب في ارتفاع أسعار اللحوم وندرتها في الأسواق.
وبجانب هذه الموارد المحلية، يعتمد الفلسطينيون على طرود غذائية معلّبة، تصل من خلال معبر رفح البري مع مصر بعد خضوعها للتفتيش في معبر إسرائيلي، وتشوب عملية توزيعها موجة من الانتقادات اللاذعة من النازحين، منها توجيه اتهامات بعدم العدالة في توزيعها أو بيعها بأسعار مرتفعة.
المصدر: سكاي نيوز