رام الله-أخبار المال والأعمال- عقد معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس)، الأربعاء، لقاء طاولة مستديرة بعنوان "تخفيض النفقات الحكومية: ما هي السياسات المتاحة أمام الحكومة"، بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهيا بمقر المعهد في رام الله وعبر تقنية الزووم.
أعد الورقة الخلفية الباحث في المعهد مسيف جميل، وقدم كل من الخبير الاقتصادي سمير حليلة، والدكتور طارق عاشور من جامعة بيرزيت، مداخلاتهما وتعقيبهما على ورقة النقاش.
وأكد مدير البحوث في المعهد د. رابح مرار، أهمية الموضوع، مشيرا إلى أن هذه الورقة تأتي أيضا في إطار اهتمام المعهد بمتابعة القضايا الاقتصادية والاجتماعية المستجدة، حيث يعقد المعهد لقاءات الطاولة المستديرة الدورية لمناقشة هذه المواضيع باعتبارها أحد الأدوات لاقتراح توصيات سياساتية تفيد في عملية صنع القرار بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد والمواطن الفلسطيني، شاكرا مؤسسة هينرش بل - مكتب فلسطين والأردن على دعمها هذا اللقاء.
ورقة ماس الخلفية
في إطار عرضه للورقة، بين مسيف أن هذه الجلسة تناقش جانب النفقات بالتحديد والمشاكل المزمنة التي تواجه الموازنة العامة الفلسطينية، والتي تتمثل في ثلاث تحديات أساسية وهي معضلة تضخم فاتورة الرواتب، وفاتورة صافي الإقراض، وفاتورة وزارة الصحة الفلسطينية وبخاصة التحويلات الى المستشفيات الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، اعتبر مسيف أن التحديات المزمنة التي يشكّل الاحتلال الجزء الأكبر منها سبب رئيسي في تفاقم تضخم النفقات بسبب عدم قدرة الإيرادات على تغطيتها. ومن أبرز هذه التحديات ضعف الاستدامة المالية، والاقتطاع من اموال المقاصة، وبالتالي تكون النتيجة أن النفقات الفعلية تتجاوز النفقات المخطط لها، الأمر الذي يزيد من وتيرة الدين العام والمتأخرات وتوسيع الفجوة المالية للموازنة. بالإضافة إلى تراجع الدعم الخارجي للموازنة بشكل كبير جدا، وهذا الدعم عادة ما يمول النفقات التطويرية والاجتماعية، لذلك كان هناك نقص كبير في تمويل الجوانب الاجتماعية وضعف تمويل المشاريع التطويرية.
كما تطرق مسيف إلى الحلول والسياسات العملية التي تحد من تفاقم النفقات، مركّزا على ضرورة الالتزام بالإصلاح المالي الذي تبناه خطاب الموازنة في كافة مراحله، مع ضرورة معالجة صافي الإقراض بطرق حديثة ومبتكرة من خلال تأسيس وحدة متخصصة لمتابعة هذا الملف بالاشتراك بين وزارة المالية ووزارة الحكم المحلي.
وفيما يخص النفقات الصحية وتحويلاتها، دعت الورقة إلى ضرورة إعادة هيكلة النظام الصحي والإدارة الصحية من خلال التوجه نحو التأمين الإلزامي، أو رفع رسوم الصحة للفئات المقتدرة حتى يتم تعزيز إيرادات وزارة الصحة لتقوية قدرتها على تقديم خدمات أفضل.
بدوره، أشار حليلة في بداية مداخلته إلى حصة النفقات الحكومية من الناتج المحلي الإجمالي، وأشار الى ارتفاعها عند مقارنتها مع الدول المجاورة.
كما لفت إلى تدني حصة الانفاق على القطاعات المهمة كالتعليم من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع الدول الأخرى، مشيرًا إلى حصة الفرد في فلسطين وتدنيها مقارنة مع الدول الأخرى.
وهذه الأرقام لا تعطي صورة واضحة عن واقع القطاع العام في فلسطين، لذلك أوصى حليلة بضرورة إجراء دراسة شاملة تشخّص واقع القطاع العام المحلي وتعمل إجراءات مقارنة مع دول أخرى في أبرز مؤشرات المالية العامة.
كما أشار أن المشكلة في جانب النفقات أكبر من جانب الإيرادات، خاصة البنود التي يتخطى بها الصرف الحد المسموح في الموازنة. وفي ضوء ذلك أوصى حليلة بضرورة وجود خطة حكومية إصلاحية شاملة، "وهذا بدوره يتطلب وجود قناعة حقيقة لدى الحكومة بضرورة عمل هذا الإصلاح واتخاذ خطوات فعلية تجاهه، كما أن هذا الإصلاح يتطلب من الحكومة العمل على تعزيز شراكاتها مع المجتمع المحلي والقطاع الخاص".
فيما أكد عاشور، ضرورة التزام الحكومة بالخطوات الإصلاحية المرتبطة بترشيد النفقات.
واستشهد في مداخلته على أهمية الموضوع باستعراض لتحليل إجراء لأبرز بنود النفقات في الموازنة، والذي يظهر ان هناك عدة بنود في النفقات عليها علامات استفهام حول قيم الصرف المخصصة لديها على نحو يناقض بشكل كبير خطط الإصلاح الذي ترمي اليه الحكومة.
من جانب آخر، شدد على أهمية صافي الإقراض عند البلديات، واهميته في استدامتها وصمودها امام التحديات المالية التي تواجهها، خاصة في عدم التزام الحكومة بالتزاماتها المالية تجاهها.
كما قدم عاشور مجموعة من المقترحات لتخفيض النفقات، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، تمحورت بشكل أساسي على ان يلعب القطاع الخاص دورا أكبر في هذين القطاعين.
كما ركز على ضرورة إصلاح النظام الضريبي المعمول به، وإعادة النظر في الضرائب المفروضة على الشركات، ومعالجة مشكلة التهرب الضريبي.
وأكد في نهاية مداخلته أن الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية كمشاريع الطاقة، المياه، والكهرباء، سيعمل على تقليص فاتورة النفقات المرتبطة بهذه البنود.
من جانبهم، أكد الحضور أهمية وضرورة تخفيض النفقات الحكومية.
وأثارت النسب التي قارنت حصة النفقات في فلسطين من الناتج المحلي مع دول أخرى، تساؤلات لدى الحضور، هل المشكلة الحالية مرتبطة بعوامل خارجية كالاحتلال ام بسوء إدارة النفقات وتوزيعها، أي ان أوجه صرف النفقات لا تذهب إلى القطاعات المحورية والمهمة لعملية التنمية.