"الحمى القلاعية" مرض فيروسي يقلق أصحاب مزارع الأغنام

تاريخ النشر
مزرعة أغنام قرب مدينة نابلس بعد تفشي فيروس الحمى القلاعية-تصوير أ ف ب

نابلس- (أ ف ب)- اضطر المزارع الفلسطيني محمد بشير إلى إحراق عدد من الأغنام النافقة نتيجة إصابتها بالحمى القلاعية... خلال الأشهر الأخيرة، فقد مربو المواشي الفلسطينيون أكثر من ألفي رأس في الضفة الغربية المحتلة نتيجة تفشي هذا الفيروس، بالتزامن مع قرار من السلطات بوقف عمليات تلقيح الحيوانات.

في مزرعته الواقعة قرب نابلس في شمال الضفة الغربية، يقدر بشير الخسائر الإجمالية التي تكبدها بسبب الفيروس خلال شهرين بنحو 150 ألف دولار. بين شباط وآذار، فقد أكثر من 300 رأس وأجبر عماله على إحراقها.

في تشرين الثاني الماضي تم اكتشاف سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية في الأردن، وسرعان ما انتقل إلى الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، ويعتمد سكانها بدرجة كبيرة على الزراعة. ويلقي مربو الماشية الفلسطينيون اللوم على السلطة الفلسطينية التي أوقفت تلقيح حيواناتهم.

فمنذ العام 2019، لم تنفذ السلطة الفلسطينية ووزارة الزراعة التابعة لها أي حملة منتظمة للتطعيم الضروري لحماية الماشية من الأمراض.

ويقول بشير الذي يملك آلاف رؤوس الماشية بالقرب من مدينة نابلس لوكالة فرانس برس: "لم أتلقَ مساعدة من السلطة الفلسطينية... ولا حتى مكالمة هاتفية"، مضيفاً: "عليهم أن يؤمنوا لنا الحماية، وأن يحموا أرضنا".
ويعرب عن استيائه من "تقاعس" وزارة الزراعة الفلسطينية.

وتؤكد وزارة الزراعة نفوق ألفي حيوان هذا العام نتيجة فيروس الحمى القلاعية، لكن المزارعين يشككون بهذا الرقم ويقولون إنه أعلى بكثير.
ويقول مسؤول في الوزارة فضل عدم الكشف عن اسمه: "في السنة العادية، يتم تطعيم وتحصين 60 إلى 70 في المئة من الماعز والأغنام في الضفة الغربية" ضد فيروس الحمى القلاعية. لكنه يؤكد لفرانس برس أن "هذا الرقم انخفض إلى 20 في المئة بين عامي 2020 و2021".

وبات مرض الحمى القلاعية اليوم تحت السيطرة ولم تسجل حالات جديدة منذ نيسان، بعد عمليات عزل الماشية المصابة.

وتلقي الوزارة الفلسطينية باللوم في الوباء على فيروس كورونا الذي أجبر الشركات المنتجة للقاحات في جميع أنحاء العالم على تكريس جهودها لتلبية الطلب على لقاحات الفيروس.
كما تتهم الوزارة إسرائيل بمنع السلطة الفلسطينية من شراء إمدادات كافية من لقاحات الحمى القلاعية الخطيرة رغم أنها لا تنتقل إلى البشر.
كذلك يوجّه بشير أصابع الاتهام أيضاً إلى إسرائيل وإلى المستوطنين على وجه الخصوص.

ويقول: "كانوا (الإسرائيليون) يحولون لنا اللقاحات باستمرار ولجميع المزارعين، لكن منذ ثلاث سنوات لم نحصل على أي لقاحات، لقد دمروا المزارعين".
وترفض إسرائيل هذه الاتهامات وتصفها بأنها "كاذبة".

وتؤكد (هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية "كوغات") على "عدم وجود طلب رسمي من السلطة الفلسطينية لاستيراد هذه اللقاحات".
وتضيف: "مع ذلك وبالنظر إلى المتطلبات الصحية فقد نقلت دولة إسرائيل جرعات اللقاح التي كانت بحوزتها إلى السلطة الفلسطينية".

ويرى المدير التنفيذي لنقابة المزارعين الفلسطينيين عباس ملحم أن تعثر السلطة في توفير اللقاحات أضعف المزارعين الفلسطينيين الذين ينظر اليهم على أنهم "حراس الأرض" في النزاع مع إسرائيل.
ويقول إنهم يخوضون "المعركة الحقيقية ضد الاحتلال وضمّ الأراضي من المستوطنين، لكن المزارعين لا يستطيعون الوقوف بمفردهم".
ويطالب ملحم بـ"مساءلة" المسؤولين.

ووفقاً للباحث في منظمة "بيتسيلم" المناهضة للاستيطان إيال هروفيني، فإن استيلاء المستوطنين على أراضٍ فلسطينية غالباً ما يكون مدعوما بـ "التفسير الملتوي" لقانون العهد العثماني الذي ينص على أن الأرض التي لم تزرع لثلاث سنوات متتالية يمكن السيطرة عليها.
وفي هذه الحالة يستخدم المستوطنون ذريعة عدم استخدام الأراضي خصوصاً تلك الموجودة في المناطق المصنفة (ج)، وهي المناطق التي تشرف عليها إسرائيل مدنياً وعسكرياً، لوضع أيديهم عليها وبناء البؤر الاستيطانية كما حدث في كثير من الحالات.

ويضيف هاروفيني لفرانس برس إن هذا "يمكّن إسرائيل من تصنيف هذه الأراضي كأراضي دولة وتأخذها لاستخدامها الخاص حتى لو كانت أرضاً مسجلة كأرض فلسطينية خاصة".
وهذا ما يبرّر مخاوف المزارعين، وفق بشير الذي يدعو إلى ضرورة "حمايتنا لأننا نحمي الأرض، مزارع الأغنام تحمي الأرض... إذا استبعدتم المزارعين ستأخذ إسرائيل الأرض".

1