رام الله-أخبار المال والأعمال- أعلن مجلس الوزراء، مساء اليوم الثلاثاء، أنه سيعقد جلسة خاصة غدا لاستكمال نقاش مشروع الموازنة للعام 2022 قبل أن يُرفع للرئيس محمود عباس للمصادقة عليه.
وكان المجلس استكمل في مستهل الجلسة الاستثنائية التي عقدها بمدينة رام الله اليوم، برئاسة رئيس الوزراء محمد اشتية، ملف وزارة الأوقاف قبل أن يفتح النقاش حول مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2022.
واستعرض وزير المالية شكري بشارة محددات الموازنة وتحدياتها وأهدافها في ظل ظروف سياسية واقتصادية غير مستقرة عالميا وإقليميا بسبب الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى الآثار الاقتصادية والمالية الصعبة التي ستترتب على ذلك والتي ظهرت بارتفاع أسعار السلع والطاقة والمواد الخام والأسمدة والأعلاف والمنتجات الأساسية، والتي جاءت في الوقت الذي بدأ فيها التعافي التدريجي للاقتصاد العالمي بعد الانكماش العميق الذي تسببت به الجائحة على مدار عامين.
وتوقع بشارة، في عرضه للموازنة، استمرار النمو الاقتصادي خلال عام 2022 بنسبة 3% رغم الانكماش الذي شهده الاقتصاد خلال عام 2020، وحقق الاقتصاد نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.7% عام 2021.
وأشار إلى أن موازنة 2022 تأخذ كل المتغيرات بالحسبان، وإجراء التوازن بين الاحتياجات والإمكانيات المتاحة مع الحفاظ على عجلة الاقتصاد والاستدامة المالية للدولة، وذلك بالسعي الحثيث لإصلاح الملفات المالية العالقة مع الجانب الإسرائيلي لتحصيل مستحقاتنا المالية، ومتابعة حشد الجهود لإعادة وتيرة المساعدات المالية والدعم الخارجي، وتطوير آليات واضحة لتنفيذ المشاريع التنموية وربطها مع الموارد المالية المتاحة بما يحقق أولويات الحكومة، وتقوية التنسيق مع الهيئات المحلية والبلديات وشركات النقل وتوزيع الطاقة والمياه لكي تتحمل المسؤوليات المنوطة بها بالقانون، للحد من ظاهرة صافي الإقراض الذي يكبد الخزينة مبالغ طائلة.
وقال بشارة: إن الوضع لا يزال شديد التقلب والتوقعات عرضة لعدم اليقين ولا أحد يعلم إذا ما وصلنا إلى بداية نهاية الحرب بعد شهر من اندلاعها، والتي سيكون لصدمات الأسعار التي ارتفعت تأثيرا غير حميد على نمو الاقتصاد العالمي وتأثيرا غير حميد على محدودي الدخل.
وأضاف: "نحن في فلسطين لسنا بمنأى عن هذه التطورات الاقتصادية العالمية إضافة إلى واقع الحال الذي نعيشه نتيجة الاحتلال العسكري الإسرائيلي والأزمات المالية التي فرضت علينا خلال السنوات الأخيرة".
وأكد بشارة أهمية تعزيز الدور التكاملي بين سلطة النقد والقطاع الخاص والمؤسسات المالية بما يهدف لتحقيق أولويات الحكومة.
كما أكد أنه بالرغم من كل المعوقات، سيتواصل العمل على تطوير المالية العامة من خلال تنمية الإيرادات في عدة محاور من خلال البسط الأفقي للقاعدة الضريبية والحد من ظاهرة التجنب الضريبي بزيادة الالتزام مع التركيز على العدالة المجتمعية والمبادئ التحفيزية.
وأشار بشارة إلى أن زيادة وتيرة الضغوطات المالية العالمية وانعكاسها محليا من شأنها أن تضيق الخيارات المتاحة أمام الخزينة العامة، مؤكدا الجاهزية للتعامل مع التطورات الاستثنائية.
كما أكد على التركيز في إدارة الموارد المالية والسيولة المتاحة على تنمية الإيرادات وإجراء الإصلاحات الجوهرية في النفقات.
وكان رئيس الوزراء أكد، في كلمته بمستهل الجلسة الاستثنائية، أنه سيتم إقرار الموازنة العامة قبل نهاية هذا الشهر ضمن ما هو متاح ومنصوص عليه في القوانين الفلسطينية.
وقال إنه "دون أدنى شك نعيش ظرفاً سياسياً صعباً، ولا تزال إسرائيل تقتطع بشكل غير شرعي وغير قانوني من أموالنا، وحتى دون أي تدقيق يذكر، لتصل هذه الاقتطاعات إلى أكثر من 200 مليون شيقل شهرياً من أموال المقاصة المستحقة لنا، وفي ظل تراجع المساعدات المالية الدولية، كما أن هناك متغيرات دولية تعكس نفسها بشكل مباشر على مستويات الأسعار في العالم، وعلينا أيضا، وبناء عليه يناقش مجلس الوزراء اليوم الموازنة العامة التي سوف يتم إقرارها قبل نهاية هذا الشهر، ضمن ما هو متاح ومنصوص عليه في القوانين الفلسطينية".
وأضاف أن الموازنة العامة هذا العام سوف ترتكز بشكل أساسي على تحقيق مجموعة أهداف هي: تعزيز التعافي الاقتصادي، خاصة ما ترتب على ارتدادات جائحة كورونا، وكذلك مكافحة الفقر والبطالة وارتفاع الأسعار، وترمي الموازنة أيضا إلى تحفيز النمو في الأراضي الفلسطينية، وكما هو الحال فإننا كنا نتوقع أن تصل نسبة النمو إلى حوالي 4%، ولكن الآن بعد الأزمة في أوكرانيا والارتدادات المترتبة عليها فإن نسبة النمو ستبقى موجباً، ولكن ليس بالأرقام التي توقعناها منذ البداية.
وتابع: كما أن الموازنة تهدف إلى استمرار تقديم الخدمات لأهلنا في أراضي دولة فلسطين، بما يليق بهم، وأن تكون هذه الخدمات بالمستوى المطلوب، وأيضاً الحفاظ على استمرار مواجهة الالتزامات المالية المترتبة علينا في مختلف القطاعات.
وأضاف رئيس الوزراء: وعليه فإن الموازنة تولي كبير الاهتمام بالقضايا المتعلقة بتعزيز رأس المال البشري في فلسطين، من خلال مبادرات متعلقة بالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، والشباب وغيرها، وأيضاً تأخذ بعين الاعتبار برنامج إصلاح سوف تناقشه الحكومة وسوف تقره وستعرضه على اجتماع الدول المانحة في شهر أيار المقبل.
وقال رئيس الوزراء: نولي كل اهتمام لتعزيز صمود أهلنا من خلال مشاريع مستدامة في مواجهة هشاشة الوضع، خاصة في مجالات البنية التحتية والمجالات الأخرى وبشكل خاص في قطاع غزة ومدينة القدس والمناطق المسماة(ج)، كما أن الموازنة تولي كل اهتمام للقضايا المتعلقة بسوق العمل وبرامج التدريب المهني والاهتمام بالشباب.
وأضاف: بالنسبة لنا لا بد أن نعطي كل اهتمام للقضايا التالية: تطوير المالية العامة وتحسين الأداء الضريبي أفقيا وعموديا، وهذا الأمر سوف يعكس نفسه بشكل أساسي على شق الإيرادات المتعلق بالموازنة، كذلك زيادة تمويل المشاريع للتخفيف من حدة البطالة والفقر وتكون هذه المشاريع التنموية عبارة عن رافعة للشأن التنموي فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالبطالة وغيره.
وتابع: نريد أيضاً أن نسد الاحتياجات الإنمائية بشكل أساسي بالقضايا المتعلقة بالمرأة والشباب، وأيضاً التركيز على بناء القدرات في المؤسسة بما يحصنها من أي ابتزازات قد تطرأ، سواء أكان ذلك بابتزازات تتسبب فيها الصدمات من الخارج كما جرى في أزمة أوكرانيا، أم الصدمات في الداخل كما نعيش في هذا الظرف الذي فيه قطاع غزة في جانب، والقدس في جانب، وبقية أراضي فلسطين في جانب آخر.
وأردف رئيس الوزراء: هذا الأمر يتطلب التنفيذ الناجح للموازنة بما يأخذ بعين الاعتبار الخطوات الإصلاحية في مجموعة من الإجراءات وأهمها القضايا المتعلقة بالتحويلات الطبية أولاً، وصافي الإقراض ثانياً، وتطوير الكادر البشري وإعادة النظر بقانون الخدمة المدنية التي هي قانون يحكم عملنا في المؤسسة الفلسطينية بشكل عام، إضافة إلى التركيز على وضع أسقف مالية للنفقات العامة، والحرص على عدم تجاوزها على أساس من الشفافية والثقة والشمول والقرارات التي تأخذها الحكومة.
وأضاف: فإن همنا الأول يرتكز أولاً على تحصيل حقوقنا المالية المستحقة عند الجانب الإسرائيلي، هذه الحقوق المالية نتابعها ببعدها السياسي والقانوني والدولي، لأن المجتمع الدولي يريد هذا الأمر أن ينتهي، وأن هذه الاقتطاعات غير القانونية من أموالنا يجب أن تتوقف ونستعيد ما يستحق لنا من أموالنا عند إسرائيل.
وقال رئيس الوزراء: نرتكز أيضاً على موازنة الموازنة وتلبية احتياجات المواطنين، العجز في الموازنة العام الماضي تجاوزناه بالتقشف، ونأمل أن تتوازن الموازنة بعودة بعض المساعدات الدولية، ونحن هنا بانتظار الأموال الأوروبية وبعض المساعدات العربية بما يساعدنا بتجاوز العجز المتوقع للعام الحالي.
وأشار إلى إعطاء دور أكبر وأوسع للوزارات في عملية تنفيذ المشاريع المقر موازنتها أو الممولة من المانحين من خلال وضع آلية واضحة لتنفيذ هذه المشاريع، بما يعطي دوراً لكل وزارة من الوزارات، وأيضاً نريد أن يكون هناك إنشاء وحدة لقياس نتائج أداء الموازنة بشكل ربعي بما يعطي رقابة لمجلس الوزراء في القضية المتعلقة بالنفقات وغيره.
وأضاف: الحكومة بالمشهد الاقتصادي ليست وحدها، هناك دور لسلطة النقد والقطاع الخاص والمؤسسات الاقتصادية غير الرسمية، ووزارة المالية بالنسبة لنا هي التي تجلس في مقعد السائق على هذا الملف بشكل أساسي بتوجيه من الحكومة، من أجل أن يكون هناك دور تكاملي لكل اللاعبين في المشهد الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية.
وتابع: أنجزنا كامل المراحل المتعلقة بالانتخابات البلدية، نريد للبلديات المنتخبة أيضا أن يكون لها دور في إنهاء الملف المتعلق بصافي الإقراض والديون المستحقة، سواء أكان ذلك للبلديات أو عليها، وبالتالي نصل إلى أرقام متوازنة، لأننا نريد للبلديات أن تقدم خدمات على أكمل وجه للمواطنين، ونريد دوراً تكاملياً بين الحكومة المحلية الممثلة بالبلديات والمجالس القروية ولجان الخدمات وبين الحكومة.
وقال: نريد أن يكون تحوط لأي طارئ مستقبلي قد يحصل، خاصة في الارتدادات المتوقعة للأزمة في أوكرانيا وكل ما يجري في الساحة الدولية.
وبين رئيس الوزراء أن وزارة المالية عملت جهداً كبيراً، وطاقم الوزارة مشكورين، بإدارة وإشراف وزير المالية وبالتنسيق مع الوزراء.
وقال: "اليوم بين يدينا المسودة الأولى بعد أن نوقشت مسودات صفر مع الوزارات ذات العلاقة، وهذه الجلسة الاستثنائية هي لإدارة هذا الملف على أكمل وجه، وبناء عليه سوف نستمع إلى ما سوف يقدمه وزير المالية، وكذلك ملاحظات الوزراء على هذا الموضوع، ومن الناحية القانونية يرفع مجلس الوزراء الموازنة لسيادة الرئيس لإقرارها كقانون، وتصبح الموازنة قانوناً ملزماً لنا جميعاً لتطبيقه على مدار 2022".