القدس-أخبار المال والأعمال- أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن الإدارة الأميركية برئاسة جو بايدن لن تستأنف دعمها لخزينة السلطة الفلسطينية قريبًا، مشيرًا إلى أن إعادة طرح موضوع دعم موازنة الحكومة الفلسطينية مرتبط بتوقفها عن دفع رواتب للأسرى وأسر الشهداء، وإجراء إصلاحات ومكافحة الفساد في إدارة المال العام.
وأوضح المسؤول في تصريحات صحفية، إن وقف الدعم الأميركي لموازنة الحكومة الفلسطينية مرتبط بقوانين أقرها الكونغرس تتعلق بـ "مكافحة الإرهاب".
وتوقف الدعم الأميركي للفلسطينيين في آذار 2017 بأوامر من الرئيس الأسبق دونالد ترامب، قبل أن يستأنف مجددًا مع وصول إدارة الرئيس بايدن إلى البيت الأبيض في كانون الثاني 2021، حيث خصصت مساعدات بقيمة 450 مليون دولار، من ضمنها تمويل لوكالة "الأونروا"، إلى جانب مشاريع تنموية أخرى.
ويرتبط وقف تمويل موازنة الحكومة الفلسطينية بقانوني "تايلور فورس" و"أتكا" اللذان أقرهما الكونغرس، ويفرضان على أي حكومة تتلقى تمويلًا من الولايات المتحدة، أن تمتثل لقوانين "مكافحة الإرهاب الأميركية"، إلى جانب تقليص المساعدات للسلطة الفلسطينية في حال عدم توقفها عن دفع رواتب الأسرى وأسر الشهداء.
ووافق الكونغرس، يوم الخميس، على مبلغ 219 مليون دولار من المساعدات الأميركية لصالح الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من خلال صندوق الدعم الاقتصادي، و40 مليون دولار كمساعدة أمنية، في إطار تحديد ميزانية الولايات المتحدة لعام 2022، على أن يتم رفعها لمجلس الشيوخ للموافقة عليها.
وتعاني الحكومة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة، حيث لم تتمكن من سداد رواتب موظفيها كاملة على مدار الأشهر الأربعة الماضية. وشهدت السنة المالية 2021 عجزًا قدره 757 مليون دولار.
وترتبط الأزمة بتراجع الدعم المالي المباشر للخزينة العامة، إلى جانب الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة، الأمر الذي باتت يهدد بانهيار السلطة ماليًا.
وفي سياق متصل، أشار المسؤول الأميركي إلى أن الإدارة الأميركية غير راضية عن أداء الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية، مؤكدًا في ذات الوقت أن الأمر غير مرتبط بشخوص بل نابع من اعتقادهم أنها لا تقوم بدورها على صعيد تقديم الخدمات التي يستحقها المواطن الفلسطيني، إلى جانب الحاجة إلى إجراء إصلاحات ومعالجة ملفات الفساد.
واستدرك: "ليس دورنا أن نقترح أسماء أشخاص لتولي رئاسة الحكومة، بل هذا شأن الفلسطينيين وحدهم أن يختاروا من يتولى شؤونهم، لكننا نريد أن نرى أداء أفضل وتمثيل أفضل للمرأة والشباب وكافة فئات المجتمع وأفكارًا خلّاقة وجديدة".
وعلى صعيد إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في القدس، أكد المسؤول الأميركي أن إدارة بايدن ملتزمة بتحقيق ذلك لكن الأمر مرهون بالحصول على موافقة من الحكومة الإسرائيلية على ذلك والأمر يحتاج إلى وقت، مشيرًا إلى أن السفارة الأميركية نقلت من تل أبيب إلى القدس وستبقى في القدس، وذلك غير مرتبط بإعادة افتتاح القنصلية.
وحول استئناف المشاريع التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID في الضفة الغربية وقطاع غزة، قال المسؤول الأميركي إن الوكالة الأميركية قدمت 5.7 مليار دولار كمساعدات تنموية في عدة قطاعات للشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى إطلاقها مجموعة من المشاريع الجديدة، من ضمنها مشروع مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل التعافي والانتعاش (SMART) والتي تبلغ قيمته 40 مليون دولار، إلى جانب المشاريع الهادفة إلى بناء القدرات وتطوير القطاع الخاص الفلسطيني ودعم الرياديات والرياديين وتعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد وعالم الأعمال.
وأعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، يوم الثلاثاء الماضي، عن أول منحتين بقيمة 5.5 مليون دولار لدعم المشاريع في إطار صندوق الشراكة من أجل السلام، لدعم القطاع الخاص الفلسطيني والإسرائيلي بهدف بناء الشراكات وزيادة النمو الاقتصادي وإرساء أسس السلام من خلال برامج التواصل بين الشعوب.
وتستهدف المنحتان تنفيذ مشاريع مشتركة بين رجال الأعمال الفلسطينيين والإسرائيليين، الأمر الذي يمكن أن يشكّل معارضة بالنسبة لشريحة واسعة من الفلسطينيين التي تصنف ذلك في خانة "التطبيع مع الاحتلال".
لكن المسؤول الأميركي أكد في تعقيبه على ذلك أن هذه المشاريع تستهدف جسر الفجوة بين الجانبين ودعم حل الدولتين وخلق تدابير متساوية من الأمن والحرية والمساواة، مشيرًا هذه المشاريع المشتركة ربما لا تكون النموذج الأفضل في الوقت الحالي، إلا أن هناك مشاريع أخرى مخصصة بصورة مباشرة لدعم القطاع الخاص والاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وشدد على أن هذه المشاريع المشتركة لن تجعل الفلسطيني يصنّف كعمالة رخيصة للإسرائيليين، بل تهدف إلى فتح الآفاق أمام الفلسطينيين لمستقبل أفضل، وبناء الشراكات على مستوى إقليمي مع الأردن ودول الخليج العربي.
وفي هذا السياق، أوضح أن على الفلسطينيين الاستفادة من "اتفاقيات أبراهم" التي وقّعتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين برعاية أميركية، معبّرًا عن أمله أن تطبع دول عربية أخرى علاقاتها مع إسرائيل.