بيت لحم (شينخوا) يأمل أصحاب فنادق مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية باستعادة قطاع السياحة نشاطها مرة أخرى وتدفق السياح الأجانب إلى مهد المسيح بهدف إنعاش أوضاعهم الاقتصادية بعد نحو عامين من الإغلاق بسبب أزمة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19).
وفي السادس من شهر نوفمبر الجاري، قررت وزارة السياحة الفلسطينية استقبال السائحين بعد استكمال كافة الاستعدادات للخطوة مع الجهات ذات العلاقة مع الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية للحد من انتشار فيروس كورونا.
وينهمك سامي ثلجية مدير فندق سانتا ماريا، على مدار الساعة في تجهيز طواقمه العاملة لاستقبال الوفود السياحية المحلية والأجنبية، على أمل استعادة النشاط والحيوية التي اعتاد عليها داخل الفندق على مدار الأعوام الماضية.
ويقول ثلجية لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن أصحاب الفنادق والعاملين في قطاع السياحة يأملون في تحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد قرار السماح باستقبال الوفود السياحية في المدينة التي شهدت إغلاقا شبه كامل على مدار العامين الماضيين.
وتزامنا مع الخطوات الميدانية والتدريبات المكثفة لأصحاب الفنادق والمطاعم في المدينة تم إجراء العديد من الحجوزات المحلية والأجنبية قبل أعياد الميلاد والعطلات القادمة.
ويقول محافظ بيت لحم كامل حميد لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن سكان المدينة ينتظرون الأن عودة السياح إلى مهد المسيح، الأمر الذي سينعش الاقتصاد ليس في بيت لحم وحدها وإنما سائر مدن الضفة الغربية.
وفي محاولة لمساعدة العاملين في قطاع السياحة، أطلقت الوزارة برنامجا تدريبيا متخصصا للعاملين في المجال بعنوان "نحن جاهزون" ويهدف إلى إعدادهم لاستقبال السائحين وفق الإجراءات الوقائية والاحترازية المتعلقة بفيروس كوورنا.
وشارك ثلجية وطاقمه في التدريب بعد زيارة الوزارة للفندق وإعطاء التعليمات الصحية اللازمة لاستقبال تلك الوفود دون المساس بالصحة العامة.
ويشير حميد إلى أنه رغم الخسائر التي تكبدتها مدينة بيت لحم إلا أنها استطاعت إحياء مواقعها بجهود العاملين في قطاع السياحة.
ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن أكثر من 33 ألف عامل فلسطيني يعملون في قطاع السياحة في الضفة الغربية، وتوجد النسبة الأكبر منهم في بيت لحم.
ويعمل في المدينة نحو 70 فندقا لاستقبال السائحين الأجانب والعرب، فيما يعمل المئات من المقيمين كمرشدين سياحيين للوفود السياحية في المنطقة.
وأعرب المرشد السياحي لؤي عياد من سكان المدينة عن أمله في استعادة مهنته التي كان يعمل بها منذ 20 عاما، معتبرا أن السياحة من المصادر الاقتصادية القوية ويمكن أن تحسن اقتصاد المدينة بأكملها التي يعتاش أهلها من وراء ذلك.
ويستذكر الرجل (40 عاما) ووالد لطفلين، أن قبل أزمة كورونا كان يستقبل وفدين أجنبيين على الأقل يتراوح عددهم بين 30 و 40 شخصا، ويتقاضى راتبا يوميا يعادل 250 دولارا أمريكيا أثناء عمله لمدة 20 يوما في الشهر.
ويقول لؤي لـ ((شينخوا)) "للأسف فقدت مصدر رزقي لفترة طويلة مما أثر سلبا على حياتي العامة خاصة في ظل عدم وجود تعويضات من الحكومة الفلسطينية".
ورغم ذلك إلا أن عياد لم ينظر إلى خسائره السابقة بقدر ما يتطلع إلى جني المزيد من المال واستعادة عمله من جديد في ظل السماح بعودة السياح إلى المدينة السياحية.
واضطر الرجل على مدار الأشهر الماضي للعمل داخل "سوبرماركت" في بيت لحم بحكم الإغلاقات لعدم وجود سياحة وافدة لإعالة أسرته المكونة من أربعة أفراد، معربا عن سعادته لبدء رؤية وفود سياحية من دول معينة تتجول في شوارع المدينة، مما يشير إلى أن المستقبل يمكن أن يظل مشرقًا.
ولم تقتصر الآمال على أصحاب الفنادق فقط، إذ أن السياحة في بيت لحم مصدر دخل لكثير من أصحاب الأعمال ممن اعتادوا تسويق سلعهم وتقديم خدماتهم للسياح من خلال التعاون مع الفنادق.
ومن بين هؤلاء لويس مايكل، صاحب أحد متاجر التحف الشرقية، الذي كان يعتمد كليا على السياحة الوافد ولا يوجد لديه حاليا داخل يمكن أن يعوضه عن خسائره السابقة.
وأعرب مايكل عن إحباطه من حقيقة أن قطاع السياحة لم يعد إلى المستويات التي كان عليها قبل فيروس كورونا، مؤكدا ضرورة العمل على إعادة إحياء السياحة من جديد مع إتباع تدابير الوقاية.
أما نبيل جقمان صاحب محل مطرزات أدت أزمة كورونا وإغلاق المدينة على مدار نحو عامين إلى تكبده خسائر مالية جعلته يعاني من ظروف اقتصادية صعبة.
ويقول جقمان لـ ((شينخوا)) إن أصحاب المحلات "لم يلحظوا حتى الآن أي أثر إيجابي" للعودة التدريجية للسياحة إلى بيت لحم رغم وجود أعداد قليلة من الوفود السياحية تتجول في المدينة.
ويشير إلى أن النشاط السياحي توقف بشكل عام في الأراضي الفلسطينية وخاصة في بيت لحم بشكل منذ بداية ظهور أولى حالات الإصابة بالفيروس في المدينة في مارس من العام الماضي.
وحسب تقرير مشترك للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة السياحة والآثار، فقد بلغت خسائر قطاع السياحة الوافدة إلى الأراضي الفلسطينية خلال العام الماضي نحو 1.021 مليار دولار أمريكي، بعد أن تراجع إنفاقه بنسبة 68 في المائة مقارنة بعام 2019 بسبب كورونا.
وزار أكثر من 3 ملايين ونصف المليون سائح الأراضي الفلسطينية في العام 2019 ، أغلبهم إلى بيت لحم قبل إغلاقها بسبب أزمة مرض كورونا ، بحسب وزارة السياحة الفلسطينية.
وتعتبر مدينة بيت لحم وجهة لمسيحيي العالم لأنها تضم كنيسة (المهد) التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر العام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح.
ويعتقد أن كنيسة (المهد) هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم، كما أن هناك سردابا آخر قريبا يعتقد أن القديس جيروم الذي كلفه البابا داماسوس أسقف روما العام 383 م بترجمة الأناجيل من الآرامية والعبرية إلى اللاتينية، قد قضى 30 عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس.