محلل مالي: قوة الشيقل ليست قصيرة الأجل

تاريخ النشر
أوراق نقدية من عملة الشيقل-تصوير وكالات

رام الله- قال الخبير الاقتصادي والمحلل المالي محمد سلامة، إن البنك المركزي الإسرائيلي سيعيد النظر في سياسته النقدية، خلال اجتماعه اليوم الاثنين، حيث سيتعامل مع معطيات الاقتصاد الإسرائيلي من تضخم ارتفع بنسبة 2.4% خلال العام، الى ارتفاع الشيقل لمستويات لم يصلها منذ ربع قرن، ونمو في الناتج المحلي بنسبة 7.1%، وانخفاض نسبة البطالة دون 5%، وتحسن في الميزان التجاري وتراجع في العجز في الميزانية، وسياسات مالية جديدة برفع الجمارك والرسوم على استيراد قائمة من السلع، وتضخم في الاقتصاد العالمي يتسرب تدريجيًا....كما سيتابع ارتفاع قيمة محافظ الاستثمار في الخارج وتضاعف الاستثمار الخارجي المباشر في قطاعي التكنولوجيا والعقارات في إسرائيل.

وأضاف في منشور له على صفحته في "فيسبوك": "قد لا يهمنا اقتصاد دولة الاحتلال إلا أن التعامل بالشيقل كعملة تبادل تجاري فرض علينا نوع من الاهتمام لمتابعة تطورات سعر صرف الشيقل، وهنا لا بد من تأكيد الحقائق التالية:

أولاً: أن هناك تغير هيكلي في بنية الاقتصاد الإسرائيلي، فارتفاع الناتج المحلي وتغير هيكل القطاعات الاقتصادية اختلف كثيرًا عما كان عليه، وبالتالي تغيرت عناصر العرض والطلب على الشيقل، ودفعت لتعزيز قوته وهذا يعني أن قوة الشيقل ليست قصيرة الأجل.

ثانيًا: أن هناك تأثير للاستثمار الإسرائيلي خارج دولة الاحتلال بسبب ما يتم تنفيذه من صفقات تحوّط كلما ارتفعت قيمة هذه الاستثمارات حسب تعليمات المركزي الإسرائيلي، وكذلك تضاعف الاستثمار الخارجي المباشر في قطاعي التكنولوجيا والعقارات، وتراجع اقتصاديات كثير من الدول الناشئة اعطى الشيقل ميزة تنافسية لأسباب كثيرة.

ثالثًا: أن ديناميكية عمل السوق وتفاعل العرض والطلب يحدث تذبذب في السعر بين ارتفاع وهبوط، حيث لا يمكن للعملة أن تستمر في الارتفاع دون تصحيح أو ارتداد بين الحين والآخر، فالسوق لا يذهب في اتجاه واحد عنيف عندما يكون هناك بنك مركزي يقف أمام الارتفاع المفرط للشيقل، لذلك ننظر الى نطاق التذبذب المحتمل بين صعود وهبوط مع بقاء تلك القوة.

رابعًا: اثبتت الأحداث أن الاقتصاد الإسرائيلي أصغر مما يجب، وأن قدرته على استيعاب الاستثمار الخارجي محدودة، وأن بنيته ما زالت هشة بسبب عدم وجود عمق اقتصادي في تكوين هذا الاقتصاد لمحدودية الموارد البشرية والطبيعية، وعدم استقرار نظامه السياسي ومحيطه الأمني، إلا أن تأثير ذلك على سعر صرف الشيقل يبدو محدود حاليًا.

واستعرض سلامة ما يمكن أن يأتي به "المركزي الإسرائيلي" في اجتماعه اليوم، حيث ينتظر المستثمرون هذا الاجتماع بشغف لقربه من نهاية العام.

وقال: "من المؤكد أن المركزي الاسرائيلي سيبقي على سياسته النقدية التوسعية الحالية، وسيبقي على سعر الفائدة دون تغيير عند 0.1%، وسيطمئن الأسواق بأن التضخم ما زال تحت السيطرة وأن ارتفاع التضخم الى 2.3% ليس بالأمر المقلق لأنه في نطاق 2-3% المستهدف من قبل البنك، كما سيرسل البنك إشارات بأنه لن يتسرع في رفع الفائدة كردة فعل على ظهور التضخم لتوقعه بأن هذه الموجة من التضخم مؤقتة، وقوة الشيقل تساعد على تهدئتها. إلا أنه سيؤكد على مراقبته لسعر الصرف وعلى جهوزيته للاستمرار في التدخل للحد من القوة المفرطة للعملة".

وأضاف: "المركزي الإسرائيلي يعلم يقينًا كما يعلم الكثير من المستثمرين بأن هناك في الجيب والغيب ما قد يوثر على سعر صرف الشيقل ويضعفه ويعيده الى المستوى المستهدف حول معدل السعر لآخر خمس سنوات قريبًا من 3.5000 شيقل، إلا أنه قد يمتنع عن المبادرة باتخاذ أي قرار قد يساعد بهذا الخصوص بانتظار العام الجديد".

ورأى سلامة أن تعديل "المركزي الإسرائيلي" لتعليماته بخصوص التحوّط لمحافظ الاستثمار الخارجي بتخفيض نسبة التحوّط المطلوب أو إعلان المركزي بأنه لن يقوم برفع الفائدة وقادر على تحمل ارتفاع نسبة التضخم لفترة أطول من المتوقع، مع إعلانه عن استمرار التدخل، ستساعد على الحد من قوة الشيقل المفرطه وتسارعها وقد تؤدي الى إضعاف الشيقل.

وختم: "إلا أن المركزي الإسرائيلي يرى بوضوح أكثر مما نرى، فالمؤشرات الفنية الرئيسية توحي بأن موجة قوة الشيقل الحالية تكاد تنتهي عند هذه المستويات المتدنية حول 3.05 وأن هناك احتمال لاستمرار التذبذب حول نطاق 3.10 حاليًا (3.05-3.15) لبناء قاعدة ارتفاع تصحيحي تتلاشى معه بعض من قوة الشيقل المفرطة في المدى القصير، إلا أن التغير الهيكلي في عناصر العرض والطلب إن استمر على ما هو عليه فسيدفع باتجاه المزيد من القوة التي أرادها المركزي الإسرائيلي تدريجية ولا يريدها مفرطة ومتسارعه فالهبوط دون 3 شيقل يجب أن لايحدث سريعًا وفي هذه الظروف".