رام الله-(الحياة الجديدة)- أوصى باحثون وخبراء تنمويون واقتصاديون ورجال أعمال، بإعداد خطة لتنفيذ عنقود العاصمة التنموي المكون من ستة عناقيد "البنية التحتية والإسكان، التعليم، الصحة، السياحة والثقافة، وعنقود المرأة والشباب"، إضافة الى تأمين الموارد المالية المتاحة للتنفيذ والمقدّرة بحوالي 850 مليون دولار، وإعداد منهجية تساعد العنقود على اعتماد نظام لإدارة المزيد من مشاريع التنمية، مؤكدين أن مشاريع التنمية في جميع العناقيد المقترحة طموحة للغاية ضمن الإطار الزمني المحدد بثلاثة أعوام، وخاصة في المواضع التي لم يرصد فيها التمويل المطلوب لها.
جاء ذلك خلال اللقاء الأول الذي عقده، يوم الأربعاء، معهد أبحاث السياسات الاقتصادية "ماس" ضمن سلسلة اللقاءات التشاورية حول "السياسات والآليات الكفيلة بتفعيل عنقود القدس التنموي" وذلك في قاعته برام الله وعبر تقنية زووم، لمناقشة وعرض نتائج دراسته حول "المتطلبات والخطوات المؤسسية لإنجاح خطة العنقود في القدس، بحسب الممارسات الدولية المثلى"، التي أعدها الخبير الدولي المتخصص في الاقتصاد الصناعي وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة د. بيتر ويلسون، بمشاركة وزير شؤون القدس م. فادي الهدمي، ومدير عام المعهد رجا الخالدي، وعدد من الوزراء السابقين ورجال الأعمال واقتصاديين وباحثين وأكاديميين.
ويرى المشاركون، أن الأنشطة القائمة التي يجري العمل على تنفيذها، بحاجة إلى الإدارة للتأكد من أنها تخضع للمتابعة والتقييم بالنيابة عن العنقود ومصدر التمويل المناسب. ومن الضروري كذلك أن يُعِدّ كل عنقود هيكليته الإدارية مع ما يلزمها من المهارات المناسبة لضمان النجاح في تنفيذ المشاريع الحالية والمقررة في الوقت المطلوب.
وشدد المشاركون، على أهمية إعداد خطة إستراتيجية لكل عنقود على حدة، حيث يتحول أعضاء العنقود والمشاركون فيه إلى شركاء إستراتيجيين غير رسميين يسعون بمجموعهم إلى النهوض بالعنقود وتحسينه من داخله.
ودعا الخبير ويلسون، خلال عرضه نتائج الدراسة الى إنشاء إدارة مهنية للمشاريع، وتشكيل هيكلية إدارية عنقودية واضحة لكل عنقود، يمكن أن تندرج تحت مظلة جهاز لتنسيق العناقيد "هيئة تنسيق العنقود"، بحيث تمكِّن العنقود من تحقيق أهدافه العملياتية وبما يتماشى مع موارده. ولكن مع غياب هذا الجهاز، يجب أن يعتمد كل عنقود فريقًا إداريًا مستقلًا، ويُعَدّ هذا الإجراء ضروريًا لنجاح كل عنقود وتحقيق الأهداف العامة الواردة في خطة عنقود العاصمة التنموي.
وقال: "لا يمكن حقًا في هذه المرحلة اعتبار خطة عنقود العاصمة التنموي عنقودًا أو عددًا من العناقيد، ولكنها تقدم دعمًا مهمًا للغاية لتلك العناقيد التي يمكن إنشاؤها بالفعل. بناء على قراءة الأنشطة المقترحة في خطة عنقود العاصمة التنموي والموازنة المخصصة لها، يبدو أن هذه الخطة معنية أساسًا بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. فمعظم الأنشطة المقترحة أو القائمة ترتبط بتنمية البنية التحتية أو المشتريات الرأسمالية. كما تناقش الخطة عناقيد محددة يجب دعمها، ولكن ما من دليل على أن هذه العناقيد موجودة بالفعل وليس ثمة بيانات أو حوار يدعم الافتراض القائل إنها تعمل في القدس – باستثناء عنقود السياحة والثقافة والفنون، الذي شكّل محورًا لعدة مشاريع تنموية في الماضي القريب".
وأضاف:"ليس من الممكن إلى حد كبير اعتبارها خطة تنمية بالعناقيد بمجملها. ويرجع ذلك إلى نطاقها الفضفاض في محاور التنمية الستة، وتركيزها الضيق على المشاريع المتصلة بالعاصمة بصفة رئيسية وغياب هيئة تنسيقية ونظام إداري. ومع ذلك، فمن الأجدى أن تُسمى هذه الخطة "خطة دعم العنقود"، حيث يظهر وجود هدف يرمي إلى تعزيز التنافسية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة من خلال تحسين البنية التحتية والإسكان والتعليم والصحة. وجوانب التنمية هذه ضرورية للنهوض بالاقتصاد والمضيّ به لكي يقوم على الكفاءة والابتكار".
ويطالب ويلسون، بإجراء المزيد من التحليل للتأكد من أن العناقيد المقترحة موجودة وتستحق التنمية. ومع ذلك، ولكي نتمكن من تطوير الجانب الإنمائي الرئيسي في خطة عنقود العاصمة، يجب تصور ما تبدو عليه هيكلية كل عنقود من العناقيد المحتملة، وكيف يمكن لهذه العناقيد أن تنفذ الجوانب المتصلة بها في الخطة بناءً على ذلك.
بدوره استعرض الهدمي، المشاكل التي تعانيها المدينة المقدسة الناتجة عن السياسات الاسرائيلية العملياتية والميدانية على الارض لتهويد القدس بمن فيها وعليها وتغيير ملامحها التراثية والدينية والديمغرافية في إطار محاربتها واستهدافها كل الوجود الفلسطيني برمته أفرادًا ومؤسسات وسكانًا.
وقال: "نحن أمام حالة بالغة الصعوبة عند الحديث عن التحديات التي تواجه عمل الوزارة بشكل عام وما يتم عمله في إطار عنقود العاصمة التنموي، والتي عبارة عن عملية تراكمية من الأعمال التي تستدعي المتابعة وتقييم التنفيذ على الأرض من قبل المختصين، ولكن ما يؤرقنا كيفية مراكمة الانجازات على الارض فلا يمكن التخطيط دون المراكمة، وهذا يستدعي تفعيل برنامج الاتحاد الاوروبي مع خطة العاصمة – القدس العنقودية التنموية فيما يخص التدخلات من خلال العنقود بخاصة في حالة التحدي الذي يشكله ما وصفه بـ"تسونامي الاحتلال ورموز استيطانه مثل ميسكوفتش الذين يحاولون عرقلة أعمالنا".
بدوره قال الخالدي: "يهدف التقرير مراجعة خطة عنقود العاصمة التنموي وإعداد نهج عنقودي لتنفيذ الأنشطة التي تتضمنها. وفق الشروط المرجعية، كمراجعة وتقييم هيكلية القطاعات التي تغطيها خطة عنقود العاصمة التنموي، وأوجه الالتقاء والترابط بينها ومحتوى برامجها من زاوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستندة إلى العناقيد، وإعداد خطة موجزة تحدد أهداف خطة عنقود العاصمة التنموي ضمن إطار للتنمية بالعناقيد على مدى ثلاثة أعوام، وتحديد الإجراءات المطلوبة لتطوير خطة عنقود العاصمة التنموي على المستويين الوطني "السلطة الوطنية" والمحلي "القدس الشرقية"، وإعداد المبادئ التوجيهية بشأن الإدارة المؤسسية لعنقود العاصمة التنموي بما يمكّنه من تحقيق النتائج المرجوة.
وأضاف: "إن نطاق أي عنقود يرتبط بتوصيف عمله. كما ترتبط تنمية العناقيد أو تحديثها بتشجيع التشبيك بين مشاريع العناقيد، وتنسيق جهود إجراءات الشراء والتسويق، وتنمية خدمات الأعمال المتخصصة وتشييد البنية التحتية اللازمة للمشاريع الابتكارية الجماعية. وبالتالي، ينصبّ تركيز هذه الأنشطة على إنشاء سلاسل قيمة محلية وإقليمية جيدة الأداء وتتسم بالكفاءة، بما يؤدي إلى زيادة التنافسية".
أما المعقبون رجل الأعمال مازن سنقرط والوزير السابق د. حسين الأعرج والوزير الأسبق د. صفاء ناصر الدين، فأكدوا أهمية ترك الأثر من خلال مجموعة المشاريع المقترحة من عنقود العاصمة التنموي، إضافة الى ضرورة استغلال الدور الأردني المركزي في القدس.
وأجمع هؤلاء على انه إن تم العمل بأدوات وآليات جديدة يمكن احداث التغيير المطلوب، وعلى ضرورة أن يبدأ العمل في القدس فلسطينيًا، بمشاريع إبداعية بعيدة عن الروتين ورصد التمويل غير المحدودة للمدينة للعاصمة المحتلة، إضافة الى ضرورة الاهتمام بالتنسيق المتكامل بين المؤسسات وتعزيز التعاون في العمل والتنفيذ والاهتمام بالبدء في التخطيط الحضري والتركيز عليه.