رام الله-صحيفة الأيام-يوسف الشايب-ما إن تقرر الدخول إلى مطعم ومقهى "جاسمين"، في شارع الطيرة المزدحم بالمقاهي في رام الله، حتى يقيس أحد العاملين وهو يرتدي كمامة وقفازين درجة حرارتك التي هي تصريح العبور إلى الداخل، حيث المعقم (هاي جل) عند المدخل، فيما يلحظ الزبون أن المكان ليس كما كان عليه قبل "كورونا"، فعدد الطاولات المسموح استخدامها تقلص من ثلاثين إلى ثماني عشرة، فيما لا يجوز جلوس أكثر من أربعة أشخاص على الطاولة الواحدة.
يقول جاك سعادة، مالك المطعم، إن العاملين يغيرون القفازات كل ساعة، كما يغيرون الكمامات أيضاً، لافتاً إلى أنه يجري تعقيم الشوك والمعالق والسكاكين بأداة تعقيم خاصة، علاوة على استخدام معدات طعام من البلاستيك المقوى، وكذلك بالنسبة لأكواب العصير والمشروبات الباردة والساخنة، بما فيها أكواب القهوة، فهي من الورق المقوى وفق معايير السلامة العامة، والبروتوكول المعتمد من وزارة الصحة.
أما بالنسبة للأراغيل، فلفت سعادة لـ"الأيام"، إلى أن "جاسمين" يعتمد "البربيش البلاستيكي"، ويستخدم لمرة واحدة، منذ خمس سنوات، أما الآن فيتم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة فيما يتعلق بتعقيم الأرغيلة، حيث يتم غسلها بالصابون، ومن ثم بالماء الساخن، وبالماء البارد والكلوريد بنسب صحية، وكذلك "الرؤوس حيث يوضع المعسل"، والملاقط، وصواني الفحم، وغيرها، والأدوات التي تعقم لا تستخدم إلا في اليوم التالي، أي تبقى لأكثر من 24 ساعة دون استخدام.
وشدد سعادة على أن الإقبال كان جيداً لكنه ليس كما المعتاد في اليومين السابقين، بحيث لم تتجاوز نسبة الإشغال والمبيعات 65% مما كانت عليه الأمور قبل انتشار الفيروس.
وبصفته رئيس اللجنة التشاورية للمطاعم في مدينة رام الله، شدد سعادة على أن اللجنة عممت تعليمات وزارة الصحة على 77 مطعماً ومقهى، لافتاً إلى أن تأخير إصدار هذه التعليمات ساهم في بعض الأخطاء لدى بعض المقاهي خاصة تلك ذات الطابع الشعبي، إلا أنه تم التعميم على هذه أيضاً بأن يتم توفير المعقمات، وتنظيف الأراغيل وفق الأصول، واستخدام "البرابيش البلاستيكية"، واعتماد معقمات الكلوريد بنسبة 1% للكراسي، والبيو للطاولات، والمعقم الرش (سبراي)، إضافة إلى ارتداء الكمامات والقفازات، واعتماد الكؤوس البلاستيكية أو الورقية، علاوة على ضرورة تعقيم أوراق "الشدّة" وأيدي اللاعبين، واعتماد طاولات بقطر 100 سنتيمتر على ألا يزيد عدد الجالسين على الطاولة الواحدة عن أربعة.
وشدد سعادة: إجراءات السلامة معروفة للجميع، والجميع يعرفها، أصحاب محلات ومقاه أو عاملون أو زبائن، وعلى الجميع التقيد بها حفاظاً على أنفسهم والعاملين عندهم وزبائنهم بالدرجة الأولى، ما من شأنه تعزيز ثقة الزبون في المطعم أو المقهى الذي يرتاده، مطالباً الجهات ذات الاختصاص بضرورة الرقابة والتفتيش لضمان سلامة الإجراءات.
وتلتزم غالبية مقاهي ومطاعم حيي الطيرة والماسيون المعروف شعبياً بـ"الماصيون" بمدينة رام الله، إن لم يكن جميعها، بإجراءات السلامة العامة، ومنها "فانيلا" وله فرعان أحدهما في هذا الحي، والآخر في ذاك.
وقال أحمد قراقرة مدير فرع "الماسيون" من المطعم، إنهم اعتمدوا إجراءات الوقاية والسلامة العامة، من تعقيم، وارتداء قفازات وكمامات، وتوفير عبوات المعقم، والاستعاضة عن الأدوات الزجاجية والمعدنية بأخرى ورقية مصنعة وفق شروط الصحة العالمية، وهو ما قد يرفع أثمان بعض المأكولات والمشروبات.
وأشار قراقرة لـ"الأيام" إلى أنه، وفي الفرع الذي يديره، تم تخفيض عدد الطاولات من 24 إلى 14، وإلى أن الإقبال انخفض في اليومين الأولين عما كان عليه قبل الجائحة بما نسبته 75%، عازياً ذلك إلى الأوضاع الاقتصادية للمواطنين بالدرجة الأولى، التي "تدهورت كثيراً بعد ثلاثة أشهر من الحجر".
وتتراوح إجراءات السلامة في مقاهي وسط البلد، ومقاهي البلدتين القديمتين في رام الله والبيرة، بين الجيدة والمتوسطة والمتدنية، ففي العديد منها ثمة حالة من الاكتظاظ، ولا كمامات ولا قفازات، ولا تباعد كاف، وهو ما برره الشاب سعيد حمدان، وهو طالب جامعي، بالقول: كيف يمكن لنا أن نتباعد والهدف من لقائنا التجمع أولاً، وقضاء وقت ممتع في تبادل الأحاديث وتدخين الأراغيل التي اعتمدنا فيها "البرابيش البلاستيكية"، ولعب الشدة، الذي لا يمكن أن يتوافق معه أي تباعد، في حين أشار الستيني أبو عماد، وكان رفقة عدد من زملائه، إلى أن "حبسة البيت" خنقتهم، وأن ما يهمهم هو اللقاء، لافتاً إلى أنه وجلّ زملائه، لكل منهم أرغيلته الخاصة التي كان أحضرها في السابق من منزله إلى حيث المقهى، وأنه لا يمكن أن يتوافق لقاء القهوة مع ارتداء كمامات أو قفازات، فكيف يكون لعب الطاولة أو الشطرنج أو الشدة مع القفازات، أو "نفس الأرجيلة" مع الكمامات.
من جهتها شددت وزيرة الصحة مي الكيلة على ضرورة أن تكون إجراءات الوقاية والسلامة العامة "نهج حياة" فيما بعد انتشار وباء "كورونا"، خاصة ما يتعلق بوضع الكمامة، والتباعد الاجتماعي، وارتداء القفازات في بعض المواقع، خاصة في المواصلات العامة وغيرها من الأماكن حيث الأسطح الكثيرة.
وفيما يتعلق بإجراءات السلامة والوقاية في المطاعم والمقاهي، قالت الكيلة: القضية حساسة جداً، ولابد من التباعد بشكل واضح في المطاعم والمقاهي، فالطاولة التي تتسع لأربعة أشخاص على سبيل المثال يجب إشغالها باثنين فقط، والتي تتسع لعشرة يتم إشغالها بخمسة أو أربعة، وهكذا، إضافة إلى التعقيم الخاص للمطعم والطاولات والكراسي والأدوات المستخدمة بشكل مستمر، أما العاملون في المطعم فيجب عليهم ارتداء الكمامات باستمرار، واستخدام المنظفات والكلور وغيرها من المعقمات التي تضمن السلامة العامة، كما على رواد المطاعم ارتداء الكمامات، مع إدراكنا لإزالتها عند تناول الطعام والشراب، لكن مع مراعاة المسافات الآمنة فيما يتعلق بالتباعد بين الأفراد.
وكشفت الكيلة أن طاقم وزارة الصحة توقف كثيراً عند الأراغيل لكونها قد تكون الأخطر في نقل عدوى الوباء، ولذا خرجت بعض التوصيات بخصوصها، من بينها استخدام الأنبوب البلاستيكي لمرة واحدة (البربيش)، ومن ثم يتلف، وكذلك "المبسم"، إضافة إلى التأكد من تعقيم زجاجة الأرغيلة، والأنبوب المعدني، والصحن، والملقط، وكل الأدوات المرافقة لها.. وقالت: طرح مقترح بأن يحضر كل أرغيلته من منزله، لكن وجدنا أن المقترح غير عملي.. الأرغيلة يجب ضمان تعقيمها وتنظيفها بين مستخدم وآخر، ولابد من استخدام "البرابيش" و"المباسم" البلاستيكية، ومن ثم إتلافها.. يجب أن تتحول هذه التعليمات مع الوقت إلى نمط حياة، ما إذا أردنا "التعايش مع الكورونا".