بيروت-أخبار المال والأعمال-قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "إننا نهيب بالإخوة القادة، تخصيص المزيد من الدعم السياسي والمعنوي والمادي لمدينة القدس المحتلة المحاصرة، تأكيدا على المسؤولية العربية الجمعية في الدفاع عنها وعن مقدساتها المسيحية والإسلامية ودعم صمود أهلها ومؤسساتها في مواجهة كافة أشكال التهويد والاقتلاع والتهجير التي تتهددهم".
جاء ذلك خلال كلمته في القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية الرابعة، يوم الأحد في العاصمة اللبنانية بيروت، بحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ميشيل عون، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وعدد من قادة وممثلي الدول العربية.
وأضاف الحمد الله: "نتطلع إليكم جميعا لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في مدينة القدس المحتلة (2018-2022) بالتنسيق مع دولة فلسطين، ووفق الآلية التي تم اعتمادها في دورة المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 102، وترجمة القرارات الصادرة عن القمم العربية بشأن زيادة موارد صندوقي القدس والأقصى بقيمة (500) مليون دولار. ونتطلع إلى التزام كافة الدول العربية الشقيقة بتنفيذ القرارات المتعلقة بإعفاء وتسهيل دخول البضائع والمنتجات الفلسطينية الى أسواق الدول العربية بدون رسوم جمركية أو غير جمركية، وحشد الدعم الدولي تجاه تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بحماية مواردنا الطبيعية التي تتعرض للنهب والسرقة والمصادرة".
وشدد الحمد الله على ضرورة الالتزام بما جاء في مبادرة السلام العربية التي أقرت في بيروت قبل سبعة عشر عاما، بأن التطبيع مع إسرائيل لا يجب أن يتم قبل إنفاذ المبادرة واسترداد الحقوق العربية وفي مقدمتها، إقامة دولة فلسطين على الأراضي المحتلة منذ عام 1967، والقدس عاصمتها. وإن مقاطعة الاحتلال الاسرائيلي، هي أحد أدوات المقاومة السلمية للاحتلال واستيطانه، داعيا كافة الدول والمؤسسات والشركات العربية إلى الالتزام بوقف جميع أشكال التعامل المباشر وغير المباشر مع منظومة الاحتلال ومستوطناته، واتخاذ التدابير اللازمة لتفعيل ذلك.
وتابع رئيس الوزراء: "يشرفني أن أتوجه إليكم جميعا، باسم الرئيس محمود عباس، وباسم شعبنا الفلسطيني، بخالص التحية وعميق التقدير. إنه لشرف كبير أن كلفني فخامتة بالإنابة عنه في أعمال هذه القمة الهامة، التي تزخر أجندتها بالأولويات وخطط العمل اللازم إنفاذها لتعزيز العمل العربي المشترك ونحو تذليل التحديات المتشابكة التي تواجهها دولنا وشعوبنا".
وتوجه بعظيم الامتنان للجمهورية اللبنانية الشقيقة، رئاسة وحكومة وشعبا، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، مشيرا إلى أن هذا ليس غريبا على لبنان الذي احتضن شعبنا الفلسطيني منذ سنوات النكبة، واختلطت ذكرياتنا بترابه، فعاش مع ابناء شعبنا ولا يزال، محطات كفاحنا الطويل لنيل الحرية والعودة والاستقلال.
وهنأ الحمد الله لبنان على رئاسة القمة العربية التنموية في دورتها الرابعة، آملا أن تحقق أهدافها بتحقيق تطلعاتنا المشتركة في تكامل عربي يعود بالخير على أبناء أمتنا، ويمهد لإحلال الأمن والاستقرار بل والازدهار في منطقتنا العربية.
وتوجه رئيس الوزراء بعظيم الشكر للمملكة العربية السعودية الشقيقة على دورها الريادي في رئاسة القمة السابقة، مثمنا عاليا مواقفها المستمرة الداعمة للقضية الفلسطينية في كافة المحافل، وبكل السبل والوسائل السياسية والاقتصادية، والشكر الموصول لأمين جامعة الدول العربية واسرة الجامعة لجهودهم لترتيب عقد هذه القمة خدمة للأهداف العربية المشتركة.
وقال: "جئتكم من فلسطين الأبية الصامدة التي تئن تحت وطأة عقود طويلة وقاهرة من الاحتلال والاستيطان العسكري، ورغم ذلك تحتشد في شعبها كل أسباب البقاء والثبات في وجه مخططات العزل والاقتلاع والإبادة. جئتكم حاملا قضيتنا الوطنية إلى بعدها العربي، البعد الأهم والأكبر لها، ولحتمية إنجاز حقوقنا المشروعة في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس".
وأضاف الحمد الله، "تدركون جميعا، إننا نمر بمرحلة فارقة، تتعاظم فيها التحديات، ونخوض خلالها مواجهة محمومة مع الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب مستوطنيه، ونتحمل تبعات القرارات الأميركية الاخيرة التي أعطت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الضوء الأخضر للمزيد من العدوان والانتهاكات، ولقتل واعتقال الأبرياء من أبناء شعبنا، ومواجهة مسيرات العودة السلمية في غزة بالرصاص والقنص، في وقت تلتف فيه المستوطنات الإسرائيلية حول المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ويقطع جدار الفصل العنصري ومئات الحواجز أوصالها، وتواصل إسرائيل سيطرتها على أكثر من 85? من موارد المياه الجوفية المشتركة، وعلى نحو 64% من أراضي الضفة الغربية هي المناطق المسماة (ج) التي تزخر بالموارد الطبيعية وبفرص الاستثمار والنمو، وتفرض العقوبات الجماعية على مليوني فلسطيني في قطاع غزة، يعانون من قساوة الحصار ومن تبعات ثلاث حروب إسرائيلية متعاقبة".
واستدرك: "هذا وتواصل إسرائيل استباحة أرضنا وتحويلها إلى مشاع لعملياتها العسكرية، وتمعن في قيودها وسيطرتها على حركة البضائع والأشخاص، وتحاول تكبيل فرص التجارة وخنق أي نشاط اقتصادي. كل هذا لمنع إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا وذات سيادة على أرضها ومواردها، وتقويض جهود بناء اقتصاد فلسطيني موحد ومستقل ومنافس، باعتباره أهم مقومات هذه الدولة".
واستطرد الحمد الله: "على وقع هذه المعاناة، نهض العمل الحكومي ليكون مستجيبا قادرا على تقديم الخدمات والوصول بها إلى كل شبر من أرضنا في إطار من الحكم الرشيد. ولقد كان العام الماضي الأشد ضراوة وقسوة، فقد حوصرنا ماليا وسياسيا، واستمر انخفاض المساعدات الخارجية ب 71%، وهدمت قوات الاحتلال خلاله، أربعمائة وستين منزلا ومنشأة. منها ستة وخمسون ممولة دوليا، وخمس مدارس. وبلغ عدد الشهداء فيه مئتان وخمسة وسبعون فلسطينيا. منهم ثلاثة وخمسون طفلا وست سيدات وثلاثة من المسعفين ومتطوعي الإسعاف. ولأول مرة منذ ستة عشر عاما، صادقت الحكومة الإسرائيلية على بناء مستوطنة جديدة في الخليل، كما صادقت على بناء 20 ألف وحدة استيطانية جديدة في القدس. وتتواصل مخططات التهجير ضد شعبنا في الخان الأحمر، وفي خربة إبزيق وطانا وسوسيا، وفي سائر التجمعات البدوية خاصة المحيطة بالقدس، وافتتحت مؤخرا طريق الأبرتهايد شرق القدس المحتلة، لمزيد من تدمير التواصل الجغرافي في الضفة الغربية، وعزل مدينة القدس بشكل تام عن محيطها العربي، واقتلاع هويتها، وكوجه آخر من أوجه النظام الإسرائيلي العنصري، الذي يقوم على التمييز والإقصاء وانتهاك القوانين الدولية والإنسانية".
وتابع الحمد الله: "حشدنا خلال سنوات وجيزة، الطاقات والخبرات، وركزنا على الاستخدام الأمثل للموارد واتبعنا سياسات مالية رشيدة، لتخفيض العجز وتعظيم الإيرادات المحلية وتقليل الاعتماد على إسرائيل، وتحولنا بـ"تعزيز الصمود" من شعار سياسي إلى واقع عمل يومي، وانتزعنا إقرارا دوليا واسعا بجاهزية وأداء مؤسساتنا للعمل كمؤسسات دولة، وعملنا على تعزيز قدرة اقتصادنا الوطني على الانتاج والمنافسة، ليصبح اقتصادا مقاوما يحمل هويته الوطنية".
وقال: "وفي مسار مواز، عملنا على تكريس بيئة استثمارية آمنة وممكنة وتغيير الصورة السلبية عن بيئة الأعمال والاستثمار في فلسطين، من خلال إقرار قانون ضمان الحق بالمال المنقول، وتفعيل سجل الأموال المنقولة، وتحديث قانون تشجيع الاستثمار، وإعداد مسودة قانون الشركات الجديد. واعتمدت حكومتي إنشاء "المدن الصناعية والمناطق الصناعية"، لتوفير البنية التحتية الملائمة للصناعات وجذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل وتحقيق نمو اقتصادي يزيد عن 2% سنويا. كان لكل هذا عظيم الأثر في حصول انفتاح اقتصادي هو الأوسع مع العالم الخارجي، وانخفاض الواردات من إسرائيل بنسبة 20%، وزيادة حجم التبادل التجاري مع دول العالم لتصل الى نسبة 40%، ولأول مرة تجاوز حجم الصادرات الفلسطينية حاجز المليار دولار، ووصلنا بمنتجنا الوطني إلى أكثر من ثمانين دولة حول العالم، وتمكنا من زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية داخل دولتنا إلى 3.4 مليار دولار. ذلك كله يمهد للانفكاك التدريجي عن اقتصاد دولة الاحتلال، وتقليل الاعتماد عليها في الواردات كما في الصادرات".
وأكد الحمد الله، "يبقى أمامنا استحقاق وطني داخلي، بتحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام لتمكين الحكومة من القيام بمسؤولياتها كاملة في قطاع غزة ونجدة شعبنا فيه، بنقل الجاهزية إليه وتوحيد وتوجيه عملنا الوطني الاقتصادي والتنموي فيه".
وأضاف، "إلى جانب عمل الحكومة، كان هناك حراك دبلوماسي وقانوني حثيث، يقوده الرئيس محمود عباس، أثمر عن عام حافل بالمكاسب والانجازات. ففي العام الماضي صوتت الأمم المتحدة بإجماع دولي، على أكثر من تسعة عشر قرارا لصالح فلسطين وحقوق شعبها، توجت، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبأغلبية ساحقة، على قرار يمنح فلسطين صلاحيات قانونية تمكنها من رئاسة مجموعة الـ "77 والصين". وقبل أيام تسلم الرئيس محمود عباس قيادة المجموعة في حدث تاريخي نبني عليه للمزيد من تدويل قضيتنا وترسيخ حضور فلسطين في النظام الدولي، وتمكينها من ممارسة دور محوري في دعم أجندة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحماية مصالح بلدان المجموعة وقضاياها العادلة".
واستدرك: "إننا إذ نثمن عاليا الدعم المستمر الذي قدمتموه وتقدمونه والذي مكننا من تحقيق ومراكمة الكثير من الإنجازات في مسيرة بناء دولة فلسطين، فإننا نتطلع إلى العمل الوثيق معكم للمزيد من تعزيز الصمود الفلسطيني، وندعوكم إلى الالتفات إلى تجربة فلسطين المميزة والفريدة في بناء اقتصادها المنافس رغم التحديات والقيود الاحتلالية التي تحاصرها. إننا نراهن على قرارات هذه القمة الهامة في ضخ الاستثمارات العربية والإسلامية في فلسطين، وعلى دور المنظمات والصناديق العربية والإسلامية والمستثمرين والقطاع الخاص العربي بمجمله".
وأوضح الحمد الله: "لقد اتخذت الادارة الاميركية الكثير من القرارات المعادية لشعبنا الفلسطيني، واستهدفت البنى والمؤسسات التي يعول عليها في بقائه وصموده، فعمدت إلى وقف تمويلها للمستشفيات الفلسطينية في القدس، ولوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مما تسبب لها في عجز مالي، وهدد استمرارية خدماتها التي تقدمها لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني".
وقال: "وإذ نشكر الدول الشقيقة والصديقة، التي تمكنت الأونروا بفضل دعمها المالي الإضافي، من الاستمرار في تقديم خدماتها وتجاوز أزمتها المالية، فإننا نناشد المجتمع الدولي توفير شبكة استقرار وأمان مالي للأونروا، لضمان ديمومتها، وفق التفويض الدولي الممنوح لها، لحين إيجاد حل عادل لقضية لاجئي فلسطين، بموجب القانون الدولي، بما في ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. إننا نرفض المساس بمكانة الأونروا، ولن نتنازل عن حقوقنا التاريخية، مهما اشتدت الظروف أو تمادت إسرائيل في طغيانها وجبروتها. نشكركم جميعا على إقرار وتبني مشروع القرار الذي تقدمت به المملكة الأردنية الهاشمية بشأن التحديات التي تواجه وكالة "الاونروا".
واستطرد: "اسمحوا لي أن أشدد على أن العائق الأكبر أمام نمو الاقتصاد الوطني وإطلاق طاقاته وإقامة دولتنا ذات السيادة على أرضها ومواردها، هو الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وقيوده القمعية خاصة، وأن هياكل ومؤسسات هذه الدولة وبنيتها التشريعية باتت جاهزة للعمل بأقصى طاقاتها فور إعلان قيام دولة فلسطين".
وقال: "لقد أكدنا دوما أن التنمية الشاملة مستحيلة في ظل الاحتلال والاستيطان، وعلى العالم توحيد جهوده والخروج عن صمته والالتفاف حول دعوة الرئيس محمود عباس إلى عقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات على أساس القانون الدولي والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يضمن إنهاء الاحتلال الاسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وغزة والأغوار وكافة التجمعات البدوية في قلبها. نعم لقد آن لشعب فلسطين أن ينعم بموارده ومقدراته، وأن يعيش حرا في دولته المستقلة بلا استيطان أو حواجز أو قيود".
واختتم الحمد الله: "أحييكم مجددا في نهاية كلمتي، وأتمنى لقمتنا هذه كامل النجاح في تحقيق ما نصبو إليه وتستحقه شعوبنا من خير ورخاء وسلام. أشكر باسم فلسطين وشعبها الصامد المرابط، هذا الجهد والعمل المتفاني الذي تبذلونه على كافة الأصعدة لتعزيز أواصر التكامل والتعاون المثمر والبناء بيننا جميعا، والشكر موصول للبنان رئيسا وحكومة وشعبا على استضافة هذه القمة".
اعلان بيروت يؤكد رفضه أي قرار يهدف لإنهاء أو تقليص دور "الأونروا"
وفي سياق متصل، أكد اعلان بيروت الصادر عن القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية، حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وذريتهم وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار الجمعية العامة رقم (194) لعام 1948، والتأكيد على التفويض الدولي الممنوح لوكالة الأونروا وفقاً لقرار إنشائها، ورفض أي قرار يهدف لإنهاء أو تقليص دورها.
ودعا بيان قادة الدول العربية المجتمعون في مؤتمر القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورته الرابعة بمدينة بيروت في الجمهورية اللبنانية الذي اختتم اعماله، مساء يوم الأحد، لتأمين الموارد والمساهمات المالية اللازمة لموازناتها بشكل يمكنها من مواصلة القيام بدورها ومسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، داخل المخيمات وخارجها في كافة مناطق عملياتها، بما فيها القدس المحتلة، إلى أن يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلا عادلا وشاملا وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، ومبادرة السلام العربية لعام 2002.
كما دعا جميع الدول إلى الالتزام بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالمكانة القانونية الخاصة بمدينة القدس الشريف، وعدم الاعتراف بها عاصمة للاحتلال الاسرائيلي أو نقل السفارات إليها، مؤكدا العزم على اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية إزاء أي قرار يخل بالمكانة القانونية بمدينة القدس الشريف.
وشدد البيان، على ضرورة دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتزايدة وما أعقبها من تدمير للاقتصاد الفلسطيني وبنيته التحتية، وضرورة تكاتف جميع الجهات المعنية نحو توفير التمويل اللازم باشراك المنظمات والجهات ذات الصلة لتنفيذ المشروعات الواردة في الخطة الاستراتيجية للتنمية القطاعية في القدس الشرقية (2018- 2022)، إيماناً بالمسؤولية العربية والاسلامية الجماعية تجاه القدس بُغية الحفاظ على الهوية العربية الاسلامية والمسيحية، للقدس الشريف.
ودعا بيان بيروت جميع الجهات المعنية، إلى استحداث وسائل لحشد الدعم الشعبي لتنفيذ الخطة.
وجدد القادة التزامهم الكامل بتنفيذ القرارات التي تم اتخاذها والمشاريع التي تبنتها القمم العربية التنموية السابقة في دوراتها المتعاقبة الاولى في الكويت: 19-20 يناير/ كانون ثاني 2009، والثانية في شرم الشيخ: 19 يناير/ كانون ثاني 2011، والثالثة في الرياض: 21 – 22 يناير/ كانون ثاني 2013، وأهمية إزالة الحواجز والعقبات التي تحول دون تنفيذها، بما يُمّكن من استكمال مسيرة العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك ويخدم المواطن العربي ويُحّسن من مستوى معيشته.
وأكد ضرورة تكاتف جميع الجهات الدولية المانحة والمنظمات المتخصصة والصناديق العربية، من أجل التخفيف من معاناة اللاجئين والنازحين وتأمين تمويل تنفيذ مشاريع تنموية في الدول العربية المستضيفة لهم من شأنها أن تدعم خطط التنمية الوطنية وتساهم في الحد من الاثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على هذه الاستضافة المؤقتة، داعيا إلى جذب مزيد من الاستثمارات العربية والدولية في الدول المستضيفة.
ودعا إلى تبني سياسات استباقية لبناء القدرات اللازمة للاستفادة من إمكانات الاقتصاد الرقمي وتقديم الدعم للمبادرات الخاصة، مؤكدا أهمية وضع رؤية عربية مشتركة في مجال الاقتصاد الرقمي.
وثمن اعلان بيروت مبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لإنشاء صندوق للاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي برأس مال وقدره مئتا مليون دولار أميركي بمشاركة القطاع الخاص، ومساهمة دولة الكويت بمبلغ 50 مليون دولار، ومساهمة دولة قطر بمبلغ 50 مليون دولار من رأس مال هذا الصندوق، بما يعادل نصف حجمه.
وأكد ضرورة متابعة التقدم المحرز في إطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومتطلبات الاتحاد الجمركي العربي، آملاً في الوصول إلى سوق عربية مشتركة، وبذل كافة الجهود للتغلب على المعوقات التي تحول دون تحقيق ذلك، وأهمية دعم وتمويل مشروعات التكامل العربي واستكمال مبادرة المساعدة، من أجل التجارة.
واعتمد مشروع الميثاق الاسترشادي لتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، من اجل ضمان اندماج اقتصاديات الدول العربية في ما بينها وخلق مزايا تنافسية في ظل التكتلات الاقتصادية الدولية، وصولاً إلى تحسين مستوى التشغيل وتخفيض معدلات البطالة، مؤكدا أهمية وضع آلية متابعة وتقييم لتحسين ومراجعة السياسات والبرامج الموجهة لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، داعيا القطاع الخاص إلى دعم تنافسية هذه المؤسسات.
كما اعتمد اعلان بيروت الاستراتيجية العربية للطاقة المستدامة 2030 بُغية تحقيق التطور المستدام لنظام الطاقة العربي انسجاماً مع أهداف الأجندة العالمية 2030 للتنمية المستدامة في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وبالتوافق مع هدفها السابع الرامي إلى تمكين الجميع من الوصول المُيّسر والموثوق للطاقة الحديثة بشكل مستدام يراعي الواقع التنموي للدول العربية وآفاق تطوره المستقبلي حتى عام 2030.
واعتمد الاطار الاستراتيجي العربي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد 2020-2030 كإطار يعزز من الجهود العربية الرامية لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة في المنطقة العربية، بهدف خفض مؤشر الفقر متعدد الابعاد بنسبة 50% بحلول عام 2030، مؤكدا أهمية متابعة تنفيذه، وندعو القطاع الخاص العربي ومؤسسات المجتمع المدني لتقديم كافة أوجه الدعم اللازمة بما ينعكس إيجاباً على الانسان العربي.
ووافق على مبادرة "المحفظة الوردية" كمبادرة إقليمية لصحة المرأة في المنطقة العربية، في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030، من أجل ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار، مشددا على ضرورة إشراك المجتمعات كافة على تحقيق ذلك الهدف باعتباره هدفاً أساسياً للوصول للأهداف التنموية، ودعم جهود منظومة جامعة الدول العربية لمواصلة تعزيز سبل التعاون لتطوير النظم الصحية في الدول العربية للحد من انتشار الأوبئة والأمراض السارية وغبر السارية.
وشدد على ضرورة تنمية المهارات وتشجيع الابداع والابتكار بهدف بناء الانسان وخلق المواطن المنتج الذي يساهم في بناء وتنمية المجتمع العربي، من أجل تحقيق مكاسب انسانية واجتماعية واقتصادية، وسن التشريعات والقوانين المنظمة لسوق العمل وتدريب العمالة بما يمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
كما اعتمد وثيقة منهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 كأجندة التنمية للأسرة في المنطقة العربية، ووافق على برنامج إدماج النساء والفتيات في مسيرة التنمية بالمجتمعات المحلية، والذي يهدف إلى توعية وتثقيف وتدريب النساء وتقديم كافة الخدمات اللازمة لهنّ، كما نعلن التزامنا بتقديم الدعم اللازم لتنفيذ البرنامج.
واعتمد اعلان بيروت أيضا "الاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء/ النزوح بالمنطقة العربية"، كوثيقة استرشادية وإنفاذ حقوقهم بهدف التصدي لأوضاع الاطفال اللاجئين/النازحين في المنطقة العربية والتعامل مع ظروفهم المعيشية، مشددا على ضرورة أن يعمل كافة الشركاء المعنيين سوياً في مجال حماية الطفل لإيجاد الحلول وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع، والتوصيات الصادرة عن دراسة "عمل الاطفال في المنطقة العربية"، تمهيداً لإعداد استراتيجية إقليمية لمكافحة عمل الاطفال لمواجهة انتهاكات حقوق الطفل، تمهيداً لإعدادهم ككوادر شابة واعدة قادرة على دخول سوق العمل وهم متمتعون بالمهارة ولديهم القدرة على الانتاج.
ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته للحد من مأساة النزوح واللجوء، ووضع كل الإمكانيات المتاحة لإيجاد الحلول الجذرية والناجعة، ومضاعفة الجهود الدولية الجماعية لتعزيز الظروف المؤاتية لعودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم، بما ينسجم مع الشرعية الدولية ذات الصلة، ويكفل احترام سيادة الدول المضيفة وقوانينها النافذة.
وناشد الدول المانحة الاضطلاع بدورها في تحمل أعباء ازمـــة النزوح واللجوء والتحديات الإنمائية من خلال تنفيذ تعهداتها المالية، والعمل على تقديم التمويل المنشود للدول المضيفة لتلبية حاجات النازحين واللاجئين ودعم البنى التحتية، وكذلك تقديم المساعدات للنازحين واللاجئين في أوطانهم تحفيزا لهم على العودة.
ورحب بنتائج المنتدى الرابع للقطاع الخاص العربي الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية في بيروت، والذي هدف إلى بلورة تطلعات القطاع الخاص العربي بُغية تعزيز دوره المنوط به، وتكريس الدور الفاعل للمرأة العربية في مجتمع الاعمال العربي وتضييق الفجوة بين الجنسين، وخلق آليات أكثر فاعلية لزيادة وتنمية التجارة العربية البينية وتعزيز دور الابتكار ودعم ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة في سبيل اقتصادات عربية أكثر احتوائية، وإطلاق عدد من المبادرات التي تصب في صالح تحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي العربي، وبنتائج المنتدى الرابع للشباب العربي الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية.
كما رحب بالمنتدى الرابع للمجتمع المدني الذي عقد على هامش القمة العربية التنموية، وخاصة تفعيل مبدأ الشراكات بين الحكومات ومنظمات المجتمع المدني الأهلية الفاعلة على الساحة العربية.
وقرر القادة عقد القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية الخامسة بعد أربعة أعوام في مطلع عام 2023 في الجمهورية الإسلامية الموريتانية لمتابعة ما تم إنجازه من مقررات وما جاء في هذا الاعلان، ودراسة مشاريع وموضوعات تهم العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي المشترك، ونُكلّف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والامانة العامة بمتابعة ذلك وتقديم تقارير دورية بالتقدم المحرز إلى القمم العربية.
وشكروا الجمهورية اللبنانية حكومة وشعباً، والرئيس ميشال عون على الاستضافة الكريمة لأعمال القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية في دورتها الرابعة، مشيدين بالإدارة الحكيمة لجلساتها، وتتويج نتائج أعمالها بقرارات هامة من شأنها تعزيز مسيرة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي المشترك وتحقيق مزيد من التقدم والرفاه في كافة المجالات للمواطن العربي.