غزة-الأيام-حامد جاد-قلل د. نصر عبد الكريم، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، من أثر التداعيات الاقتصادية المترتبة على توجهات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) الرامية إلى وقف نشاطها التمويلي في الأراضي الفلسطينية، وإنهاء عقود عمل موظفيها المنفذين للمشاريع التي تمولها في الضفة الغربية وقطاع غزة، بداية من مطلع العام المقبل.
واعتبر عبد الكريم أن قرار (USAID) بوقف تمويلها للمشاريع التي كانت تمولها على مدار نحو عشرين عاماً مضت لم يكن مفاجئاً، حيث جاء في إطار إستراتيجية الإدارة الأميركية واستكمالاً للخطوات التي اتخذتها الإدارة ذاتها منذ أن أوقفت تمويلها لموازنة السلطة، والتمويل الذي كانت تقدمه لوكالة الغوث "أونروا".
وقال عبد الكريم، في حديث لـ "الأيام": تعد وكالة التنمية الأميركية الذراع التمويلية والاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي قراراتها وتوجهاتها تندرج ضمن إطار السياسة الخارجية الأميركية، وكذلك ضمن إطار المخططات الأميركية لتمرير صفقة القرن".
وأضاف: "كما تنسجم تلك التوجهات مع موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهو عاقد العزم نحو تسوية ما ويتجه نحو قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية، وبالتالي لن تحدث هذه الأزمة فارقاً كبيراً، ولكن المخاوف تكمن في أن تمهد هذه الخطوة لمزيد من الضغوط الأميركية بهدف تمرير صفقة القرن".
ونوه إلى أنه بموجب هذا القرار ستتوقف كافة المشاريع التي تمولها الولايات المتحدة في الضفة والقطاع، وسيتضرر عدد كبير من الموظفين المحليين الذين يعملون لدى الوكالة بعد أن يتم الاستغناء عنهم وإنهاء عقودهم في ظل صعوبة الفرص المتاحة أمامهم لإيجاد وظائف بديلة، خاصة من يعمل منهم في مشاريع تمولها الوكالة الأميركية في قطاع غزة.
ولفت إلى أن ما تبقى من المشاريع الممولة أميركيا مجرد بقايا مشاريع في طور الانتهاء يجري العمل على تصفيتها، الأمر الذي يعني أن الضرر الأكبر سيلحق بالمشاريع التي كانت تمولها الوكالة ذاتها في قطاع غزة؛ نظراً لما يعانيه القطاع من حالة ركود وجفاف في المساعدات التي كانت تقدمها أطراف مانحة أخرى، بينما في الضفة الغربية سيكون الضرر أقل أثراً، حيث ما زال الاتحاد الأوروبي يعمل بفاعلية وهناك مؤسسات أخرى تكفل الإبقاء على الحد الأدنى من ديناميكية النشاط الاقتصادي المرتبط بالمشاريع الممولة من قبل المانحين.
وبيّن عبد الكريم أن المساعدات الأميركية كانت تقدر سنوياً بنحو 350 مليون دولار وهي مساعدات تقر من قبل الكونجرس ومنها نحو 60 مليون دولار كانت تخصص لدعم موازنة السلطة والمبلغ المتبقي معظمه لتمويل مشاريع بنية تحتية وإغاثية.
وشدد عبد الكريم على ضرورة أن تفعل الجهات ذات العلاقة في السلطة دورها في البحث عن خيارات أخرى للتعامل مع هذه الأزمة الناجمة عن انقطاع تمويل دام لمدة نحو عشرين عاماً.
وفي سياق ذي صلة، أكد موظف يعمل في أحد المشاريع التي تمولها وكالة التنمية الأميركية في غزة أنه لم يتم حتى اللحظة إبلاغ القائمين على المشاريع المتبقية الممولة من خلال الوكالة الأميركية بقرار الأخيرة المتعلق بوقف التمويل، مبيناً في الوقت ذاته أن العشرات ممن كانوا يعملون في هذه المشاريع انتهت تعاقداتهم ولم يتم تجديد تلك المشاريع التي انتهت تباعاً.
وأوضح المصدر ذاته، الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن جل الموظفين الذين انتهت عقود عملهم خلال الفترة الماضية كانوا يعملون ضمن مشاريع وبرامج تنفذها مؤسسات دولية مختلفة مثل الإغاثة الكاثوليكية وبرنامج (CHF)، ومؤسسة المساعدات الإنسانية والخدمات التطويرية (Mercy Corps) وبرنامج الغذاء العالمي ومشروع تقديم المساعدات الطبية، حيث انتهت وظائف من يعملون في تلك المشاريع في حين أن المؤسسات المنفذة ما زالت تعمل نظراً لأن التمويل الذي تتلقاه لا يقتصر على التمويل الأميركي بل هناك أكثر من جهة مانحة تمول مشاريع تلك المؤسسات.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية أبلغت (USAID) بأنها ستفصل نحو نصف عدد موظفيها البالغ 180 موظفاً خلال الأسابيع المقبلة، ومن المتوقع أن تعلن الإدارة ذاتها في مطلع العام المقبل عن إغلاق الفرع الذي يساعد الفلسطينيين.
وكان من المفترض بحسب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية أن تحوّل الولايات المتحدة الأميركية هذه السنة من خلال الوكالة الأميركية للتنمية نحو 250 مليون دولار للفلسطينيين منها 215 مليوناً مخصصة للتنمية الاقتصادية والمساعدات الإنسانية ومبادرات التعايش.
تاريخ النشر