عمان-الحياة-ينقسم الشارع الأردني بين الرافض لقانون ضريبة الدخل المعدّل الذي أقرته حكومة عمر الرزاز أخيراً وطرحته للنقاش، وبين المؤيد له، إلا أن الأكيد أن مختلف الأوساط الشعبية والاقتصادية والسياسية الأردنية متفقة على أن الحكومة ملزمة بإقرار القانون، وأن بدائلها لتعظيم الإيرادات قليلة.
ويترقب الشارع الأردني الإعلان رسمياً عن إقرار قانون ضريبة الدخل المعدّل بعدما تسببت نسخته الأولى باحتجاجات في حزيران (يونيو) الماضي أطاحت بحكومة هاني الملقي.
واعتبر وزير المال السابق محمد أبو حمور في تصريح لـ «الحياة»، أن «الحكومة الحالية وجدت نفسها أمام ما اتفق عليه بين الأردن وصندوق النقد الدولي في عام 2016 بخصوص إجراءات مالية واقتصادية يُمنح الأردن بناء بموجبها قرضاً بقيمة 723 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات شرط وفاء الأردن بالتزاماته».
ولفت إلى أن هذه الإجراءات تتمحور حول زيادة الإيرادات والضرائب وخفض الإعفاءات وتعديل قانون ضريبة الدخل. وعلى رغم عدم تحقيق النتائج المرجوة من هذه الإجراءات، إلا أن الأردن مُلزم بالسير قدماً في تنفيذ ما تبقى من التزامات وخصوصاً بند تعديل قانون ضريبة الدخل».
وأضاف أن «هناك توافقاً وطنياً على ضرورة تعديل هذا القانون لما يعتريه من تشوهات، والجميع متفق على ضرورة العمل على محاربة التهرب الضريبي وتطوير عمل دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، إلا أن الاعتراضات تتركز بشكل رئيس حول النسب الضريبية على القطاعات الاقتصادية والمواطنين».
وأضاف أن «الأزمات المحيطة أثّرت من دون شك على الاقتصاد الأردني، ما أدى إلى تدني مستوى المعيشة وخفضت مستويات دخل المواطنين، ما يدفع شريحة واسعة منهم إلى الاعتراض على أي زيادة في نسب الضريبة»، مع تأكيده أن «التعديلات المقترحة الجديدة تعدّ أفضل إلى حد ما مما سبق اقتراحه في عهد الحكومة السابقة».
وبيّن أن «تعديل قانون ضريبة الدخل لن يكون كافياً لتصويب الثغرات ومعالجة المصاعب التي يعاني منها الاقتصاد الاردني، إلا أن ترافقه مع إجراءات أخرى، على غرار تشجيع الاستثمارات وإيجاد بيئة ملائمة لهم، وتحسين مستوى الخدمات، والسعي للحصول على مزيد من المنح، يمكن أن ترسم خارطة طريق لخفض العجز وتقليص نسبة الدين العام ورفع نسبة النمو الاقتصادي».
واعتبر الخبير الاقتصادي خالد الوزني في تصريح لـ «الحياة»، أن «المشكلة اليوم تكمن في عدم تقبُّل العامة أيّ تعديل ضريبيّ يُلمّح صراحة أو ضمناً إلى زيادات في اقتطاعات الضريبة، أو في معدلها، أو في الفئات الخاضعة لها».
وأشار إلى أن الحكومة الحالية تحاول إيصال رسالة ضمنية مفادها بأنَّ قدرتها على تسيير دفة الاقتصاد في العام المقبل تُحتِّم الاستجابة لالتزامات حكومة سابقة حول تعديل قانون ضريبة الدخل».
وتابع: «من دون ذلك لن نحصل على شهادة حسن سير وسلوك» من صندوق النقد، ما يعني عدم التمكن من الاقتراض دولياً أو الحصول على مساعدات خارجية.
ولفت إلى أن الموازنة عام 2019 ستحتاج إلى الاقتراض الخارجي والمساعدات الخارجية، لسداد المديونية المستحقة والنفقات الجارية والتنموية، لافتاً الى أنَّ الحكومة في موقفٍ لا تحسد عليه، فلا هي قادرة على وقف التزام تعديل القانون ولا يتوافر لديها بدائل منه».
ولفت إلى أن التعديل الذي سيمسّ الدخل لن يؤتي أكله كاملاً إلا في إيرادات الحكومة للعام 2020، وما ستحصل عليه الموازنة عام 2019 مبلغ زهيد ناتج عن اقتطاعات ضريبة الدخل على الأفراد، وبعض المبالغ التي يمكن أن تحصل عليها كدفعات مقدمة على ضريبة الدخل من البنوك والمؤسَّسات القادرة على الدفع المُبكّر.
وأكد أن الحكومة أمام استحقاق يتعلّق بالتزام دوليّ، ولعله أيضاً التزام يضعها أمام مصداقية دولية أيضاً، ما يحتم تمرير قانون ضريبة الدخل يحقّق الالتزام الدولي، ويقلّل الاحتكاك الداخلي.
ودعا الحكومة إلى العمل على تعديل ضريبة الدخل من دون المساس ببند الإعفاءات الفردية للشخص الطبيعي، ليقتصر التعديل على اتباع نظام فوترة صارم لضبط تهرُّب أصحاب المهن عالية الدخل ضعيفة الالتزام، والعمل على تأجيل التعديل على الإعفاءات الفردية لخمس سنوات، مع إجراء تسويات على متأخرات الضريبة السابقة، وعلى بعض القضايا الضريبية التي يعتبر العديد منها مبالغٌ فيه».
واعتبر الخبير المالي مفلح عقل أن الحل للمشاكل الاقتصادية لن يكون بفرض ضرائب جديدة نظراً إلى أن هذا الإجراء سيؤدي إلى نتائج غير مرجوة، لافتاً إلى أن مشروع قانون ضریبة الدخل الجدید مثیر للجدل وسیفرض على المواطن عبء لا یستطیع تحمله، فإخضاع الدخل المحقق المتدني للضریبة یعني التأثیر على مداخيل المواطنین وتلبیة حاجاتهم والتأثیر على النمو الاقتصادي.
وأضاف أن الضرائب الجدیدة تعني أن دخل المواطنین سیقل ويضعف، ما ينعكس سلباً على القدرة الشرائية، بالتالي على الطلب العام والنمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن إصرار الحكومة على زیادة الضرائب في ظل تراجع المداخيل وارتفاع الأسعار سیرھق المواطن وینقل مجموعة كبیرة من ذوي الدخل المتوسط إلى منطقة الفقر.
وطالب الحكومة بزيادة معدلات الدخل، إذ لا تحتمل مداخيل الأردنيين المنخفضة مزيداً من الضرائب، مشيراً إلى أن زيادة المداخيل تزيد الحصيلة الضريبية حكماً.