غزة- الحياة الجديدة- إسلام أبو الهوى- لماذا يعزف المواطنون في غزة عن شراء الشقق في الأبراج السكنية المنتشرة في غزة حيث مئات وربما آلاف الشقق فارغة تنتظر من يشغلها كمنزل او مكتب؟ هل السبب مادي ارتباطا بتراجع القدرة الشرائية للمواطن أم لأسباب اجتماعية ونفسية بعد أن استهدفت قوات الاحتلال الأبراج السكنية في الحرب الأخيرة؟
كثير من الأجوبة يمكن سماعها من المسؤولين والمختصين في تفسير هذه الظاهرة الواضحة للعيان رغم الحاجة الماسة للشباب والعائلات الصغيرة لهذه الشقق الذين يتكدسون في غالب الأحيان في منازل ضيقة لا تتسع لهم ولأسرهم، او يميلون إلى توسيع الشقق والمباني التي يسكنونها بسبب ضيق الحاجة.
"الحياة الجديدة" حملت هذه الأسئلة وتجولت في الأبراج السكنية وبين مكاتب المسؤولين والمهتمين بهذه المشكلة الحيوية التي تحتاج إلى حلول جذرية في إطار التخطيط العمراني المستقبلي السليم.
يقول حسين الحساينة أحد رجال الاعمال الفلسطينيين والمستثمرين في العقارات والابراج السكنية إن الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة أدت إلى تراجع الطلب على قطاع العقارات سواء بالبيع او الاستئجار بالإضافة إلى ان الاستهداف المباشر للأبراج السكنية من قبل الاحتلال في الحرب الأخيرة 2014 زاد من عزوف المواطنين عن امتلاك شقة سكنية او مكتبة في تلك الأبراج تخوفا من استهدافها من جديد.
وتحدث الحساينة عن شروط بناء الأبراج الاستثمارية منها مساحة كبيرة، "بدروم"أرضي وموقفللسيارات، مصعد وغيرها من الإجراءات المعقدة ما يجعل الأبراجالسكينة أكثر تكلفة وتعقيدا.
وقال انه قام ببناء أكثر من برج سكني لكن الأوضاع الاقتصادية غير الآمنة جعلته يفكر جديا قبل البدء بأي مشاريع مجددا، لافتا إلى انه رغم التسهيلات في عروض بيع الشقق إلا ان الاقبال متدن جدا.
قطاع غزة يحتاج إلى 120 ألف وحدة سكنية
المهندس علاء الدين الأعرج رئيس اتحاد المقاولين أكد لـ "الحياة الجديدة" ان سوق الاستثمار في قطاع العقارات شهد اقبالا ملحوظا من قبل عدد كبير من المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال للسير على خطى تجارب مستثمرين سبقوهم ونجحوا دون دراسة ما ألحق بهم خسائر فادحة بسبب تراجع الأوضاع المعيشية في قطاع غزة مطالبا المستثمرين بدراسة الواقع العقاري جيدا من كافة النواحي قبل البدء في استثماراتهم.
وأضاف: أنه حتى هذه اللحظة يبلغ عدد ابراج الاستثمار الخاص نحو 100 برج تحت الانشاء منوع ما بين السكني والتجاري، منوها إلى ان قطاع غزة بحاجة الى نحو 120 ألف وحدة سكنية بسبب التطور والنمو السكاني السريع لكن يجب ان يكون الاستثمار العقاري وفق خطط مدروسة تلبي احتياجات الناس من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية.
وحول تكلفة إنشاء البرج الواحد قال الاعرج:" تبلغ قيمة البرج الواحد حسب مساحة الأرض وموقعهاحيث توجد أماكن في قطاع غزة مثل شارع عمر المختار يبلغ سعر المتر الواحد 4000 دينار أردني في حين يبلغ سعر المتر في المناطق المتفرعة من هذا الشارع نحو 1200 دينار حتى 800 دينار أردني، لافتا إلى أن الأسعار في مدينة غزة مرتفعة جدا مقارنة عن غيرها في المدن الأخرى.
وتابع: تقل تدريجيا الأسعار خارج المدن الى ان تصل الى مراكز المدن، فعلى سبيل المثال في مدينة الزهراء وسط قطاع غزة يبلغ سعر المتر في الشوارع الرئيسية والحيوية حوالي 400 دينار.
ولفت الأعرج الى أن السعر المرتفع للأراضي يزيد من سعر الوحدة السكنية سواء للسكن او الايجار لذلك يرغب المواطنون في الشراء في الأماكن الهادئة البعيدة عن الزحام والتي تمتاز بانخفاض سعر المتر بها في حين الأنسب للمكاتب الأماكن الحيوية.
وبين أن الشروط الواجب توافرها لبناء الأبراج تتلخص بأنه يسمح بالبناء على متوسط 70% من مساحة الأرض حسب الشوارع المحيطة بالأرض، بالإضافة لوجود مساحة ارض معينة لتوافر الخدمات مثل المصعد، وقاعة الاجتماعات والكراجات، ومتطلبات الامن والسلامة والحريق الى جانب دفع رسوم الترخيص والتطوير للأرض.
ضربة في مقتل
وأكد الأعرج ان الظرف الاقتصادي العام لا يشجع على الاستثمار السكني الخاص، مبينا ان عددا من المستثمرين دخلوا في سوق العقارات في أوائل عام 2017 لكن تدهور الأوضاع الاقتصادي ضرب استثماراتهم في مقتل بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في قطاع غزة.
وبين ان المشاريع القطرية وغيرها اثرت سلبا على الأبراج الاستثمارية الخاصة مثل أبراج مدينة حمد حيث تبلغ تكلفة الشقة 45 ألف دولار حسب العطاءات بالإضافة الى تكلفة الأرض والبنية التحتية اذ يصل سعر الشقة حوالي 60 ألف دولار، لكن اليوم تؤخذ بأقساط 40 ألف دولار كاملة لذا يرغب المواطنون بمثل هذه الأبراج.
تكلفة البناء مرتفعة
وقال الاعرج:" توفر مواد البناء من عدمه يؤثر على سعر الوحدات خاصة ان آلية ادخال مواد بناء الاعمار اساءت الي قطاع الانشاءات ومنها القطاع الخاص ما يعيق عمل المستثمر مما يضطره الي شراء المواد البناء من السوق المحلي او السوق السوداء بأسعار عالية مما يرفع تكلفة البناء عليه وبالتالي ارتفاع أسعار الوحدات السكنية على المواطن بزيادة تبلغ نحو 5000 دولار".
وزاد : أثر انخفاض سعر الدولارلأن المبيعات في العقارات بالدولار في حين شراء تكاليف البناء بالشيقل ما زاد من تكلفة تزيد عن 13% من التكلفة الأساسية وبسبب كساد سوق العقارات يمتنع المستثمر عن زيادة سعر الوحدات ما يضطره للبيع بخسارة.