رام الله-الحياة الجديدة-ابراهيم أبو كامش: اعتبر صحفيون عاملون في الحقل الاقتصادي، أن تلقي أي شخص يعتبر نفسه صحفيا مقابلا ماديا، لقاء نشر أخبار أنشطة وفعاليات تتعلق بالشركات والبنوك، في مؤسسته الإعلامية، بـ "غير المهني وغير الأخلاقي". واستبعدوا وجود صحفيين يشترطون التغطية لصالح مؤسساتهم مقابل المال، وفي الوقت أكد الصحافيون الاقتصاديون رفضهم تدخل الشركات في السياسة التحريرية للوسائل الاعلامية، وعدم ربط الإعلان التجاري بالعمل الإعلامي. وتوافق الطرفان، الصحافيون الاقتصاديون، وممثلو الشركات والبنوك ومؤسسات القطاع الخاص، في لقاء نظمه مؤخرا "مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي" في رام االله، على انشاء مجموعة حوارية، للتواصل فيما بينهم بهدف التوافق على القضايا الخلافية وكسر جمود العلاقة بينهما. ورأى الطرفان ضـرورة تنظيم لقاءات منتظمة للتباحث في آخر مستجدات وتطورات العلاقة وآفاقها على أسس مهنية، في خطوة تليها خطوات اخرى على طريق الوصول الى رؤية مشتركة وتعاون بناء ابرام ميثاق مشترك يتعلق بالتغطيات الاقتصادية والمواضيع ذات الاهتمام.
ملفات ساخنة
وطـرح رئيس تحرير صحيفة السفير الاقتصادية طلعت علوي، عددا من الملفات في تعاملات الشركات والمؤسسات والبنوك مع الصحفيين الاقتصاديين او العكس ما يستوجب تنظيم العلاقة بين الجانبين. وتطرق علوي، الى احتجاج عديد الشركات والبنوك ومؤسسات القطاع الخاص عن طريق دوائر علاقاتها العامة على ضعف وتدني مستوى التغطية الاعلامية لفعاليتها وانشطتها، واشتراط صحفيين حضور الفعاليات وتغطية النشاطات بتقديم مقابل مادي، وقال: "هكذا يعتقدون او يتحدث البعض". وبالمقابل اكد علوي، تعذر وصول صحفيين إلى مدراء الدرجة الأولى في الشركات والمؤسسات، لاسباب تتعلق بعدم وجود «معرفة» مباشرة، او لقصور عند دائرة العلاقات العامة او لامتناع مسؤول تلك الشركة او المؤسسة عن اللقاء لان الصحفي ليس بالمستوى الذي "يليق" بالمسؤول ايا كان موقعه، وبالتالي يعتذر عن القاء مع ان قضية اللقاء قد لا تحتمل التأجيل او استبدال المسؤول المستهدف بغيره. ويستبعد علوي، وجود صحفي على الاخص في المجال الاقتصادي يشترط قيامه بتغطية الانشطة والفعاليات لهذه الشركة وتلك المؤسسة مقابل تحرير شيك نقدي لـه، واكثر من هـذا فانه قال: "هناك صحفيون يرفعون سقف حريتهم فوق ادارة تحرير مؤسساتهم، ويعرضون انفسهم لتحديات كثيرة، ومنهم من تم تحويله للقضاء وللنيابة وتقديمه للمحكمة، لأنه حاول نشر ما يراه حقيقة، دون ان يدفع له شيئا مقابلها، وان كتب كما يرغب المسؤول في هذه الشركة او تلك، فانه يفقد مهنيته، ويصبح مجرد مندوب معلومات وليس صحفيا". ويعرب الصحفيون الاقتصاديون "حسناء الرنتيسي، ابراهيم ابو كامش، محمد عبد االله، ومحمد الرجوب" عن أسفهم لوجود أشخاص ينتحلون مهنة الصحافة، ويخلقون هذه الصورة السلبية، من خلال تلقي مبالغ مادية، مقابل تغطيتهم الاعلامية، ولا يغطون اخبار وفعاليات مؤسسات او شركات الا بشرط تقديم الهدايا لهم، او مقابل كتابة المادة الصحفية التي يرغب فيها المصدر نفسه. ويأسفون، ان هناك مؤسسات من القطاع الخاص تتساير مع بعض مندوبي المعلومات بصفتهم صحفيين، مؤكدين ان التقصير ليس على الصحفيين فقط وانما على مؤسسات القطاع الخاص التي تتساير مع مطالب لا تندرج في اطار علاقة ندية. واوضح الصحفيون الاقتصاديون: "انه تم تحديد الهدايا التي تقدم للصحفيين في دول اخرى بمقابل مالي وان زادت قيمتها عن ذلك تعتبر رشوة، ومن هنا على نقابة الصحفيين ان تحدد خطا فاصلا وواضحا بين الهدية التي يمكن تقبلها، والرشوة التي يمكن رفضها بدون خجل حتى لو عرضت عليه".
موقف الغرف التجارية
بالمقابل، يرى رئيس اتحاد الغرف التجارية خليل رزق، ان العلاقة التي تحكم الصحفي والمسؤول هي القضية الوطنية ومسؤوليتهما تجاهها، ويأمل تعزيز العلاقات بين الاعــلام والعلاقات العامة للشركات والمؤسسات والقطاع المالي لتغلق ثغرة كبيرة في المجتمع لصالح الاضاءة على العديد من القضايا. وقال: "دور الصحفي الرئيسي ليس التصيد وفضح ممارسات سيئة او كشف عيوب هنا وهناك، وانما دوره يجب ان ينصب على الايجابيات وتشجيع ما هو جيد في الوطن، لتحقيق قصص نجاح، على اهمية الكشف عن الثغرات السلبية والممارسات السيئة او بعض الامور التي يمكن ان تسيء او تضر بمصلحة الوطن". واضاف رزق: "ان دور الصحفي كما اي مواطن له علاقة ببناء الوطن ومسؤوليته تجاه ابناء شعبنا وضع الحقيقة امامهم، وتسليط الضوء على الايجابيات والسلبيات التي يجب الا نتوقف عندها فقط فتسليط الضوء عليها خطير جدا، اليوم هناك الكثير من القضايا التي لها علاقة بالقطاع الخاص، وبالوطن والقضية الوطنية والقدس التي كلها تعيش اخطر مراحلها، وبالتالي كل انسان عليه ان يتخذ موقفا وطنيا".
وابــدى رزق، جاهزية القطاع الخاص للتواصل مع الصحفيين، والتحدث معهم بصراحة عن كافة الهموم والقضايا وقال:"ان كانت هنالك اخطاء يجب التنويه لها، وان كانت هناك علاقات مع هذا المحتل يجب التحدث فيها، وهي لقاءات خاطئة ويجب وقفها، فمن العيب والعار والمخجل المشاركة وتكريم ضابط مسؤول في الادارة المدنية". وشدد رزق على وجوب ربط وتوثيق العلاقة فيما بين القطاع الخاص الوطني والصحافة، التي اعتبرها اهم السلطات لانها هي من ينتظره الناس لسماع حقائق ما يدور في الوطن والكشف عن همومه.
"توجهات غير عادلة"
وأكدت مدير العلاقات العامة في البنك الاسلامي الفلسطيني ضحى الوزني، على اهمية علاقة الاحترام المتبادلة مع الصحفيين والتي بعضها يتعدى العلاقة المهنية لتكون شخصية ووديـة، ويوافقها الرأي باقي زملائها في شركات ومؤسسات القطاع الخاص والقطاع المصرفي، لكنها قالت: "تنقطع هذه العلاقة احيانا ولا تتواصل، واذا ما تجاوزنا العلاقة المشتركة، على الصحفيين ان يدركوا ان مسؤول العلاقات العامة في المؤسسة هذه او تلك ليست له سيطرة على حركة ووقت المسؤول المستهدف في المقابلة التي يرغب الصحفي بها ولا نملك الكلمة الاخيرة على جدول اعمال المسؤول، واحيانا نعتذر ونبلغ الصحفي انه سيقابل مسؤولا آخر". اما فيما يتعلق بأهمية الاطلاع على التقرير الصحفي قبل نشره، فان الوزني تبرر ذلك بقولها:"المؤسسات المالية تكون شديدة الحرص على نشر ليس فقط المعلومة الصحيحة وانما الدقة في التعامل مع المؤشرات الرقمية وان صدرت مشوهة او غير دقيقة فاننا نحاسب من الجهات الرقابية وهو ما يستوجب تدقيق رقم قبل نشره". وتواصل الوزني طرح مواقف البنوك والشركات ومؤسسات القطاع الخاص في تعاملها مع الصحفيين والتي جميعها حظيت بتأييد زملائها في تلك الشركات والمؤسسات، بقولها:"احيانا نكون لا نمتلك المعلومة لتزويدها للصحفي في فترة زمنية معينة، وخاصة فيما يتعلق بالبيانات المالية ما يتطلب بعض الوقت لتوفيرها له». وتعلق الوزني على امتناع بعض وسائل الاعلام عن نشر اخبار او تغطية فعاليات وانشطة بنوك وشركات ومؤسسات، وتقول: "ما نعانيه ايضا، ما نتلقاه من ردود ومبررات هذه المؤسسات الاعلامية الداخلية والخارجية، انكم لستم جهة معلنة عندنا لننشر لكم اخباركم اوتغطية فعالياتكم". وتأسف: "لأن معظم المؤسسات الصحفية والاعلامية لا تنشر ما نقوم بارساله لها من اخبار "لاننا جهة غير معلنة، واكثر من هذا وفي طريق ذهاب المدير العام لمقابلة اعلامية على الهواء تم الاعتذار عن الغاء المقابلة وتأجيلها، لأن المسؤول التسويقي في هذه المؤسسة الاعلامية يقول لا اقدر على اجراء مقابلة المدير على الهواء لأنكم جهة غير معلنة". ويواجه الصحفي احمد صافي في العلاقات العامة لبورصة فلسطين نفس المشاكل وقلة استجابة وحضور الصحفيين للمؤتمرات التي تنظمها البورصة في اوقات مناسبة للجميع، وبالكاد يستجيب لها اربعة صحفيين، وقال: "مع اننا نتواصل معهم عبر الهاتف، ونحجز لهم أمكنة مناسبة، ولا نعرف ما هي المشكلة، لا نريد اتهامهم بتقديم الرشوة النقدية او العينية لضمان حضورهم، ولكن لماذا لم يحضروا ولا يستجيبون؟ ولماذا لا تنشر الاخبار التي نقدمها لوسائلهم الاعلامية؟ وعندما نتصل بهم ونترجاهم نشر الخبر، نتفاجأ بمطالبتنا بدفع مبلغ مالي مقابل النشر".
"مساومات غير مهنية"
فيما قال مدير العلاقات العامة في غرفة تجارة الخليل سعيد الشريف: "ممكن استوعب ان وسيلة اعلام معينة لا تتعامل مع بنك وشركة ربحية الا اذا اعلن عندها، ولكن انا كغرفة تجارية ومؤسسة خدماتية غير ربحية لا تنشر اخبارها ويشترط علينا اذا لم تدفعوا 6 آلاف دولار سنويا لا نغطي اخباركم". واضاف: "هذه ما طلبته بشكل رسمي وسيلة اعلام في الخليل، عند رغبتنا اعداد ريبورتاج مصور "فيديو"، حيث جاءنا ممثل وسيلة اعلامية في الخليل ويطالبنا بترسية العطاء عليه مقابل نشر اخبارنا لمدة 6 اشهر، فاذا مؤسسة غير ربحية كغرفة تجارية او بلدية او جامعة لا تنشر اخبارها الا بعد ان تدفع، معنى ذلك ما مصير قطاع البنوك والمصارف والمؤسسات المالية؟". بدورهم حاجج الصحفيون الاقتصاديون "حسناء الرنتيسي، ابراهيم ابو كامش، محمد عبداالله، ومحمد الرجوب" ما طرحته الوزني وصافي والشريف، ورفضوا معظم ما عرضته وتحدثت به، مؤكدين ان الصحفي يجب ان يقابل المسؤول الذي طلب مقابلته وليس ممثلا عنه، فلا يجوز مقابلة غير المسؤول الذي منصبه بمستوى منصب المسؤول الاخر في المؤسسة الاخرى. ويؤكدون، انه اذا تجاوب الصحفي للعلاقات العامة، فانه خسر رأس ماله الحقيقي وهو جمهوره وجزء من مصداقيته ومهنيته. اما فيما يتعلق بالاعلانات فانها تشكل مصدر دخل رئيسيا لوسيلة الاعلام وتمكنها من الاستمرارية وتأمين رواتب موظفيها، فمصدر الدخل الوحيد لوسائل الاعلام دون استثناء يكاد يكون المعلن فقط، تقريبا من 80% – 90 من اجمالي ايرادات هذه المؤسسات هي من المعلنين الشركات والبنوك، ويتم تشغيل الصحفيين وتحديد رواتبهم بناء على موازنات مؤسساتهم السنوية، لذلك تجدون الصحفي يعمل في اكثر من وسيلة اعلام، ويتنقل بين المؤسسات الاعلامية لان واحدة منها غير قادرة على تغطية نفقاتها ورواتب موظفيها، وأحد اسباب ذلك توقيف اعلانات بعض المؤسسات والشركات والبنوك». ويعتبر الصحفي عبد االله، ان امتناع وسيلة الاعلام عن نشر خبر لمؤسسة غير معلنة لا يجوز مهنيا واحترافيا ووصفها بانها سقطة مهنية، مؤكدا ان الصحفي الاقتصادي ليس صاحب قرار في المؤسسة الاعلامية، فهناك رئيس وهيئة وسكرتير تحرير، وسياسة تحريرية تمكنني من النشر مرات معينة، ولكن في النتيجة نوجه تعبنا وجهدنا لمؤسسة لا تعطينا مالا مقابل اعلاناتها لتمكننا من العيش، فهذا وضع يستصعبه ليس فقط رئيس التحرير او صاحب المؤسسة وانما حتى الصحفي نفسه. وبينما يرى الصحفي الرجوب، مسألة ربط نشر الاخبار باعلان الشركة او المؤسسة، "فإنه من حيث المبدأ وبصراحة معيب، ولكن اي خبر فيه رائحة علاقات عامة، انا كصحفي ليس ملزما بنشره سواء احرج مدير العلاقات العامة للبنك او المؤسسة او الشركة مع المدير او المسؤول او لم يحرج". ويجمع الصحفيون بانهم هم الوحيدون المخولون والقادرون على ان يحددوا بان هذا الخبر يهم الجمهور ام لا، وفي ذهنهم الحاضر الجمهور، وليس علاقاتكم بمدرائكم، وهي المحددات التي تحدد ان ينشروا الخبر ام لا؟. ويؤكدون، ان حقل الصحافة يختلف مهنيا عن حقل العلاقات العامة، فلديها البنوك والشركات ومؤسسات القطاع الخاص ووسائل التواصل الاجتماعي لاستخدامها في الترويج لمؤسساتها. ولكن مدير عام شركة "برايت اميج" فاطمة عبسي، كانت في رأيها اقرب الى الصحفيين من ممثلي الشركات ومؤسسات القطاع الخاص والبنوك حينما قالت: "ان اراد بنك او اي شركة ضمان نشر اخبارها وتغطية فعاليتها وانشطتها في وسائل الاعلام، عليها ان تكون عادلة في توزيع ونشر اعلاناتها لتساهم في مساعدة وسائل الاعلام على تغطية نفقاتها التشغيلية وتأمين رواتب موظفيها، مع مراعاتها ان تدفع المال بدل اعلاناتها للمؤسسة الاعلامية وليس للصحفي". في الوقت الـذي نبهت فيه العبسي، الصحفيين ومؤسساتهم الاعلامية، مراعاة المؤسسات والشركات الناشئة وفي طور التأسيس، وضـرورة منحها الفرصة للنمو. وتشاطرها الرأي في ذلك ممثلة مؤسسة فاتن للاقراض وتمويل المشاريع الصغيرة هند جرار. وهو ما يتفق حوله تماما مدير عام التحرير في صحفية الحياة الجديدة أمجد التميمي، والصحفي ابراهيم ابو كامش، اللذين قالا: "يثير موضوع الاعلان حفيظتنا كمؤسسة صحفية، عندما نكتشف ان الشركة ارسلت لنا خبرها بينما ارسلت اعلانها لمؤسسة اعلامية اخرى، فان لم تكن المؤسسة الصحفية غير مقنعة لهذه الشركة فلا ترسل لها لا خبرها ولا اعلانها، في كثير من الاحيان تصلنا اخبار من شركات وننشره بصدر رحب ونبرزه، ونكتشف ان هذا الخبر نفسه منشور عند مؤسسة صحفية اخرى مدفوع الاجر". واوضح التميمي: "ان عدم نشر بعض الاخبار والتقارير الاخبارية لانها تصلنا في وقت متأخر جدا، وما يزيد الطين بلة التعديل عليها ما يتطلب سحب الصفحات من المطبعة وهذا تكلفته عالية جدا، وتعاني اخبار العلاقات العامة الكثير من الاخطاء الفنية والتي لا يمكن اعتبارها مادة صحفية".