صندوق دعم المشاريع الصغيرة...آلية عمل ما زالت غير واضحة

Publishing Date
صندوق دعم المشاريع الصغيرة...آلية عمل ما زالت غير واضحة
المتحدثون في تقرير صحيفة الحياة الجديدة-شاكر خليل وناصر قطامي، ماهر المصري ونصر عبد الكريم

رام الله- (الحياة الاقتصادية)– ابراهيم ابو كامش - يتوقع إطلاق صندوق دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المتضررة من جائحة كورونا في مؤتمر صحفي تعقده سلطة النقد والبنوك، على الأغلب يوم الاثنين المقبل، والذي كان أعلن عنه مؤخرا رئيس الوزراء د. محمد اشتية، بمحفظة تمويلية قيمتها 300 مليون دولار، منها 210 مليون دولار من الجهاز المصرفي  و90 مليون المتبقية من الصناديق العربية والإسلامية عن طريق الحكومة.

قروض بفوائد شبه صفرية وفترة تسديد ثلاث سنين

وبهذا الصدد، يؤكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية د. شاكر خليل، أن الفكرة ليست مجرد صندوق وانما هي عبارة عن برنامج فكرته عالمية متبعة في الأزمات بهدف تقديم قروض بفوائد ميسّرة جدا وليست تجارية.

وذكر خليل، أن قيمة محفظة الصندوق التمويلية 300 مليون دولار تساهم سلطة النقد بأكثر من ثلثي التمويل ستقرضها للبنوك ومؤسسات الإقراض والتمويل بفائدة ميسّرة جدا، بينما تعمل الحكومة على تأمين الثلث المتبقي من خلال علاقتها بالصناديق العربية والإسلامية.

لجنة مشتركة لدراسة طلبات القروض والمشاريع المتضررة

وقال د. خليل: "بهذا الخصوص شكّلت لجنة متكاملة من مختلف الجهات بما فيه مكتب رئيس الوزراء وسلطة النقد ووزارة المالية لدراسة طلبات المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المتضررة عند تقديمها للتأكد والتحقق إن كانت ضمن الفئات المستهدفة والواضحة المتضررة من جائحة كورونا ضمن هذا البرنامج الذي نسعى الى ديمومته".

واضاف خليل موضّحا: "ستقوم سلطة النقد بإقراض البنوك ومؤسسات الإقراض والتمويل المختلفة هذا المبلغ بفوائد ثابتة وشبه صفرية تقريبا (1,5%)، وفترة سداد مدتها 3 سنوات والتي بدورها ستقوم بإقراض المشاريع المستهدفة المتوقفة عن العمل والمهددة بالاغلاق والتي تتفق اللجنة الفنية على اختيارها وتنطبق عليها الشروط".

يستهدف انقاذ المشاريع المتضررة من الاغلاق

وأشار خليل، الى انه سيتم الاعلان قريبا جدا عن إطلاق هذا البرنامج، مؤكدا ان هدف الإقراض الميسّر لتغطية المصاريف التشغيلية لهذه المشاريع التي اغلقت او توقفت خلال جائحة كورونا، وبالتالي على كل مشروع مستهدف التحقق من تكاليفه التشغيلية وتحديد حجم القرض الذي يتناسب مع طبيعة أضرار المشروع.

واعتبر خليل، هذا البرنامج بالواعد وفكرته الاقتصادية المتأصلة "وهدفه مد يد العون لصاحب المنشأة وانقاذه من الاغلاق على أساس ان ينهض وينطلق من جديد، على ان يقوم بتسديد قرضه بعد البدء بتحسن مشروعه بفائدة ثابتة 1,5%".

الصندوق: مبادرة من سلطة النقد تبناها رئيس الوزراء

مستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناديق العربية والاسلامية ناصر قطامي قال إن المبادرة من سلطة النقد بالتعاون مع البنوك طرحت على رئيس الوزراء ولكن المساهمات في موارد الصندوق المالية وهي عبارة عن 300 مليون دولار متوفر منها 210 مليون دولار عن طريق سلطة النقد، ووعد رئيس الوزراء بتأمين المتبقي والذي من المحتمل أن تكون من خلال الصناديق العربية والاسلامية، منوها الى انه "لا يوجد لغاية الآن اتفاق حول نسبة الفائدة".

وقال: "أي مبادرة من أي نوع من شأنها ان تحد من اثر جائحة كورونا ولكنها لن تكون الحل الوحيد، فنحن بحاجة الى منظومة متكاملة من التفكير لتكون متشابكة من التسهيلات والقروض والمنح، وهناك تعويل على بنك التنمية الإسلامية حيث طالبناه بقرض قيمته 200 مليون دولار، والتمويل الذي جاء لدولة فلسطين ما قبل الجائحة لن نوظفه في علاج أثر الجائحة الا اذا اضطررنا لذلك، ومن المبكر الحديث عن معالجة الأثر لأن الأولويات كلها تتركز على تداعيات الجائحة الحالية، فأولوية دعم المنح بتوظيفه في تطوير قدرات القطاع الصحي".

وأضاف قطامي: "النموذج الذي تقدمت به سلطة النقد يتوافق مع رؤيتنا كحكومة وبالتأكيد أي اموال يتم تحصيلها من منح وقروض ليس لدينا مانع من توظيفها في صندوق دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر ولكن ليس كرؤية واحدة وانما كأحد اشكال الحلول التي يمكن ان تسهم في انعاش القطاع الخاص، ومبادرة سلطة النقد تنسجم مع توجهات المؤسسات والصناديق المالية العربية مثل بنك التنمية بالحصول على 25 مليون دولار المتاحة، بالاضافة الى القروض او المنح التي يمكن ان يقدمها البنك الدولي وبعض المؤسسات الأوروبية وغيرها".

آلية عمل الصندوق ما زالت غير واضحة والبنوك هي الاداة المنفذة

رئيس مجلس ادارة جمعية البنوك ماهر المصري، قال إن مشروع الصندوق ما زال قيد التطوير وسيتيح فرصة الإقتراض للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر المتضررة من جائحة كورونا بأسعار وفوائد تفضيلية، ولكن آلية عمل الصندوق ما زالت غير واضحة في حين ستكون البنوك هي الأداة المنفذة لهذا المشروع ولكن حتى تاريخه لا يوجد لدينا أي تفصيل عنه ولا عن آلية صرفه وكيفية التعامل فيه مع القطاع الخاص المستهدف لهذا المشروع.

ويرى المصري أن تعددية الصناديق أحدث نوعا من عدم التنسيق بين المؤسسسات المشرفة على هذه الصناديق التي تنفد مصادر مواردها على بعضها البعض.

وتطرق المصري، الى مخصصات مالية لفلسطين بقيمة 30 مليون دولار من الصندوق الاقتصادي والاجتماعي في الكويت للإقراض متناهي الصغر والذي سبق ان صرف منه حوالي 5 ملايين دولار وسيصرف الجزء المتبقي وقيمته 25 مليون دولار بشكل سريع من خلال صندوق الاستثمار الفلسطيني لمؤسسات الإقراض متناهية الصغر".

صندوق تجميعي بتعهد البنوك

بدوره، قال الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم: "يجري حشد مالي للصندوق بقيمة 300 مليون دولار بالتنسيق بين الحكومة وسلطة النقد والبنوك، وهو صندوق تجميعي بتعهد البنوك في توفير هذه الموارد المالية بمساهمة من سلطة النقد نفسها بالاحتياطي المتوفر لديها بشروط ميسّرة وبفوائد سهلة متدنية وكأنها قروض حسنة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر المتضررة بشكل كبير في أزمة كورونا، والتي تستوجب ضرورة توفير التمويل لها لتمكينها من الاستمرار في البقاء والعمل وتحافظ على وجودها وقوة العمل لديها، وبالتالي كأنها تعطى قروضا لمواصلة العمل وان لم يكن الآن فعلى الأقل ان تكون جاهزة لاحقا لمواصلة العمل بحيث لا تكون فقدت قدرتها على العمل مرة ثانية وهي لإحياء وإنقاذ المنشآت الصغيرة والمتوسطة".

 ولكن عبد الكريم يتساءل، "هل البنوك ستكون جاهزة لصرف هذه المبالغ بشكل فوري، وما هي الآليات والشروط الواجب توفرها في الشركات، وهل سيترك لكل بنك اتباع الإجراءات والمعايير ووضع الشروط الخاصة به كما يفعل في السابق ضمن سياسة منح الائتمان لديه، أم انه سيكون هناك صندوق تجمع فيه الأموال ويدار من جهة محايدة من البنوك وسلطة النقد والحكومة بحيث يكون له معايير وشروط واحدة موحّدة وتقرر الجهة التي تديره أولويات الإنفاق وتنفيذ القروض، وهل هناك منشآت فعلا راغبة في الإقتراض من البنوك وتحمل نفسها ديون اضافية قد تعجز عن سدادها لاحقا؟".

استبعاد إقبال كبير من الشركات على الإقتراض

ويستبعد عبد الكريم وجود عدد كبير من الشركات الجاهزة لاستلام هذه الأموال والحصول على القروض لأن الكثير اصلا منها ما زال إمّا عاطلا عن العمل اطلاقا او انه يعمل بطاقة متدنية، وبالتالي في كلا الأمرين هذه الشركات والمنشآت قد لا تحتاج هذه الأموال الا لتمويل بعض النفقات التشغيلية.

إبقاء هذه المنشآت على قيد الحياة

واوضح عبد الكريم أن فكرة الصندوق تتمثل في دعم شركات ليست متعثرة وانما متضررة قد يقودها هذا الضرر الى الإفلاس وخروجها من العمل ويتم تصفيتها وقد يكون اصحابها غير قادرين على العودة لممارسة عملها، لذلك اعتقد ان الهدف من هذا الصندوق هو المحافظة على وجود هذه المنشآت التي يقدّر عددها على الأقل بـ 130 ألف منشأة وتوفير أسباب الاستمرار في عملها اذا ليس الآن على الأقل ان يكونوا جاهزين لما بعد أزمة الجائحة، أي انها تبقي هذه المنشآت على قيد الحياة.

وقال:"ان المنشآت التي تعمل بجزء من طاقتها تحتاج الى تمويل قد يساعدها على الأقل للإيفاء بالتزاماتها الى أن تدور عجلة الاقتصاد وتتوفر لديها ثقة بأن قدرتها على السداد موجودة، وبالتالي فانها تحتاج لبعض السيولة لتمرّ هذه الأزمة وهي بذلك لديها أزمة سيولة وليست أزمة عمل وتشغيل ووجود. أما المنشآت المتعطلة فلا فائدة من القروض لها وانما تفيدها المنح المالية".

تعدد الصناديق علامة ليست جيدة

ويرى عبد الكريم أن تعدد الصناديق بحد ذاته علامة ليست جيدة، لانها قد تكون سببا في تبعثر الجهد وتساعد على عدم تحقيق أهدافها وقال: "بدأ يظهر أن تعدد هذه الصناديق بالأسماء لكن بالموارد يبدو انها تنفذ على بعضها البعض، واذا كل الصناديق جمعت 40 مليون لتدفعهم لـ 30 ألف عامل لمرة واحدة فان هذه الصناديق قدرتها على الاستمرار متدنية جدا، فإذا بعد جهد طويل لصندوق وقفة العز وعلى رأسهم ثلة من كبار رجال وأصحاب الأعمال ويشكّلون علامات فارقة في القطاع الخاص ولا زال بعد هذا الجهد جمع 30 مليون شيقل على افتراض التسليم بدفع هذه الأموال وليست دفترية. وستدفع مرة واحدة للعمال".

التشدد في مأسسة الصناديق وشفافيتها وحوكمتها

وتساءل عبد الكريم، بعد ذلك من أين لنا القدرة على جمع أموال أكبر؟ وقال:" وخصوصا اذا صاب هذا الجهد شيئا من العطب اذا لم تحسن التصرف واختيار المعايير في توزيع هذه المبالغ على مستحقيها عندها تصبح الشكوك كبيرة وإساءة الظن كبيرة ولهذا السبب عليهم ان يكونوا حريصين للغاية عندما تتحدث عن 30 ألف متعطل يشكّلون 10% من الكم الكبير المتعطل 400 ألف عامل، عليهم ان يكونوا حريصين جدا في الاختيار وشفافين في المعايير عندها تصبح هناك مقارنات ومشاحنات وتشكيك بمن دفع لهم من قبل الذين لم يدفع على اعتبار انهم مستحقون أكثر، ولهذا السبب عليهم ان يكونوا حريصين جدا، مشكلة التوزيع مهمة والعدالة في التوزيع والشفافية مهمة، وكذلك مهمة استمرارية الصناديق وواضح ان قدرتها على الاستمرار ليست بكبيرة".

وقال عبد الكريم: "نحتاج صناديق ممأسسة وقادرة على الاستمرار وتتمتع بدرجة عالية من الحوكمة العالية والمساءلة والشفافية وواضحة في أهدافها وأعتقد ان هذا لغاية الآن غير متوفر ولا موجود".

سلطة النقد تعتذر عن الاجابة

وكانت سلطة النقد اعتذرت عن الإجابة على اسئلتنا المتعلقة بالصندوق على أساس انها كانت بصدد إصدار بيان صحفي بالموضوع ومن ثم استبدلته بمؤتمر صحفي سيعقد الاثنين المقبل.