رام الله-بوابة اقتصاد فلسطين-كايد ميعاري- أعاد قرار وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، يوم الجمعة، منع دخول جميع المنتجات الزراعية الفلسطينية إلى إسرائيل اعتبارا من صباح الأحد، ردا على المقاطعة الفلسطينية لمربي الماشية الإسرائيليين، رؤية رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الرامية إلى الانفكاك التدريجي عن التبعية الاقتصادية لإسرائيل الى واجهة النقاش، فيما، أعلنت الحكومة الفلسطينة في تصريح صحفي مقتضب على لسان الناطق الرسمي ابراهيم ملحم أن الحكومة ستتخذ الإجراء المناسب إزاء قرار بينيت، وأن الحكومة ماضية في نهج الانفكاك الاقتصادي وتعزيز المنتج الوطني، وزيادة التبادل التجاري المباشر مع العالم.
ويأتي قرار "بينيت" كإجراء تنفيذي لتهديدات منسق جيش الاحتلال في الأراضي المحتلة كميل أبو ركن المكلف من نتنياهو بإدارة هذا الملف، والذي هدد العام الماضي باتخاذ إجراءات عقابية ووقف إدخال المنتجات الزراعية الفلسطينية الى إسرائيل بحال استمر قرار الحكومة الفلسطينية بمنع استيراد العجول من إسرائيل.
لماذا المنتجات الزراعية؟
وتسعى إسرائيل من خلال إجراءاتها الى إثارة الرأي العام الفلسطيني الداخلي ليشكّل أداة ضغط على الحكومة الفلسطينية لدفعها الى التراجع عن قراراتها، خاصة وأن قرارا مثل منع إدخال المنتجات الزراعية الفلسطينية الى السوق الإسرائيلي سيلحق ضررا واضحا في وسط المزارعين الفلسطينيين.
تشكّل الصادرات الفلسطينية الى إسرائيل من الخضار ونباتات ودرنات صالحة للأكل حوالي 53 مليون دولار أمريكي وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ويرى الخبير الاقتصادي بكر عبد الرحيم أن الدافع الإسرائيلي لاختيار المنتجات الزراعية يأتي من باب الرد بالمثل، حيث أن الخطوة الفلسطينية أثرّت على الثروة الحيوانية الإسرائيلية، فأرادوا ضرب الثروة النباتية الفلسطينية.
وأضاف:"إن القدرة الفلسطينية على إيجاد بدائل محدودة للغاية بسبب عدم سيطرتها على مقومات المواجهة الاقتصادية مع إسرائيل والمتمثلة بالسيطرة على الحدود، والموارد الطبيعية، والموارد المالية".
ويرى عبد الرحيم ان الفلسطينيين يستطيعون تفعيل اتفاقاتهم مع الدول العربية المجاورة كالأردن ومصر لاستيعاب فائض الإنتاج الزراعي الفلسطيني وهو ما يتطلب تدخلا دوليا يكفل التزام إسرائيل بتسهيل تصديرها الى تلك الدول.
قتل النموذج
قرار الحكومة الفلسطينية أدى الى آثار سلبية على قطاع تربية العجول في إسرائيل، حيث وصف متظاهرون إسرائيليون الخطوة الفلسطينية بـ "حكم الإعدام"، وستسبب إفلاس ما لا يقل عن 2000 عامل في هذا القطاع وإنهيار تجارة حوالي 600 عائلة تشكّل تربية العجول المصدر الأساسي لتجارتها، وتعتمد على السوق الفلسطينية بنسبة 90% في تجارتها، إضافة إلى تأثير هذا القطاع على سلعتين احتكاريتين إسرائيليتين في مجال الألبان واللحوم وهما (تنوفا) و(دباح)".
إلا أن السبب الاقتصادي لا يشكّل الدافع الوحيد للهجوم الإسرائيلي على قرار الحكومة الفلسطينية، فيرى المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن "الإسرائيليين يسعون الى ردع فكرة الانفكاك الاقتصادي، ووظفوا كل إمكاناتهم لتحقيق هذا الغرض".
وأضاف: "إن ما يقلق إسرائيل ان هذه الخطوة ليست إجراءًا فلسطينيا معزولا، بل جزء من سلسلة قرارات وخطوات اتخذتها حكومة الدكتور محمد اشتية بشكل أحادي ودون إنذار مسبق وفقا لصحيفة ذار ماركر الاقتصادية في إسرائيل".
في حين، وصفت صحيفة "مكور ريشون" الإسرائيلية الخطوة الفلسطينية بـ "الحرب التجارية التي تخوضها حكومة اشتية ضد إسرائيل، وتتماهى مع حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل الـBDS".
يذكر أن قناة (كان) الإسرائيلية، قالت في شهر كانون أول 2019: إنه تم حل أزمة العجول بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وذلك بعدما وافقت الأخيرة على السماح باستيراد العجول من إسرائيل.
وبحسب القناة ذاتها، فإن وزارة الزراعة الفلسطينية، ستُنشئ لجنة استثنائية للتصديق على التصاريح الحالية للتجار الفلسطينيين؛ لاستيراد العجول من إسرائيل، لافتة إلى أن العجول، سيتم استيرادها مجدداً.
فيما نفت وزارة الزراعة الفلسطينية هذه الأنباء حينها، وأوضحت أن "ما تم الاتفاق عليه هو دراسة طلبات استرحام قدمها بعض التجار الذين وقعوا على اتفاقيات الشراء من إسرائيل قبل صدور قرار الحكومة ولم يتمكنوا من إدخال ما تم الاتفاق عليه".
وتشكّل تجارة العجول نحو مئتين إلى ثلاثمئة مليون دولار، من مجمل التجارة بين الجانبين التي تصل إلى 3.5 مليارات دولار، وفق بعض الباحثين.