رام الله-وفا-انطلقت في رام الله، اليوم الاثنين، أعمال الطاولة المستديرة حول الإدارة العامة بمشاركة وزراء من 35 دولة، إضافة الى ممثلي عشر منظمات اقليمية ودولية، وذلك في مؤتمر دولي تستضيفه فلسطين بصفتها رئيسا لمجموعة الـ77+الصين.
وافتتح اعمال المؤتمر، الذي يستمر يومين، رئيس حكومة تسيير الأعمال رامي الحمد الله، ممثلا عن الرئيس محمود عباس، الذي اعتبر المؤتمر "تكريسا لحضور وتفاعل بلادنا في النظام الدولي، وكجزء من مهامها ومسؤولياتها، كرئيس لمجموعة الـ 77 والصين".
وقال الحمد الله "اليوم تحتضن فلسطين، بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، اجتماع الطاولة المستديرة الوزاري الدولي الأول للإدارة العامة (...) وهو فعالية متميزة، بها نعزز التنمية الإدارية ونثري جهود تطوير الإدارة العامة وضمان استجابتها للتحديات والأزمات، ومنصة دولية جامعة لتبادل وتداول الخبرات والممارسات، وبناء الشراكات لتطوير الإدارة العامة في دولنا".
وأضاف: التطور الذي ننشده وأسسنا له، في قطاع الخدمة المدنية، هو إحداث نهضة إدارية، لضمان عدم التمييز وتكريس نمط جديد ومختلف من القيادة في الإدارة العامة، وتطوير وتعديل السياسات العامة والقوانين والممارسات في الخدمة المدنية والإدارة العامة، ولمكافحة الفساد وسوء الإدارة، وكلي ثقة بأن الحكومة الجديدة بقيادة محمد اشتية، ستبني على ما تحقق، وستواصل هذه المسيرة نحو المزيد من حماية مؤسساتنا وتعزيز صمودها ومنعتها والاستجابة لمتطلبات هذه المرحلة الفارقة والعصيبة".
وقال "لقد ارتكز عمل الحكومة طوال سنوات عملها، على بناء المؤسسات وتطويرها وتكريس الأمن والاستقرار لحمايتها وضمان ديمومة واستمرارية ونجاح العمل المؤسسي، متحدين الصعاب والتضييقات الإسرائيلية وانخفاض المساعدات الدولية بنسبة 71%، فانتزعنا إقرارا دوليا بجاهزية واستعداد هذه المؤسسات للعمل كمؤسسات دولة وبقدرتها على رعاية مصالح وشؤون مواطنينا، وتحولنا بتعزيز الصمود إلى واقع وعمل يومي نما وتطور وتوسع في نطاقه ومجالاته".
وخاطب المشاركين قائلا "تستضيفكم بلادنا، وهي محتلة محاصرة، وتئن تحت احتلال عسكري إسرائيلي ظالم، يصادر مقومات الحياة في غزة، ويحاول عزل القدس واقتلاعها من محيطها، ويتوسع في استيطانه، ويكبل جهود التنمية في 64% من أراضي الضفة الغربية هي المناطق المسماة (ج)، وتستولي إسرائيل على أموال المقاصة الفلسطينية، في تعدٍ آخر على مقدرات شعبنا، وفي سياق العقوبات الجماعية التي تمارسها ضدنا لكسر الصمود الرسمي والشعبي".
واضاف: "كل هذا لم يكبل شعبنا ولم يكسر توقه للنمو والتقدم، ولم يؤخر مسيرة المأسسة والبناء، فقد انصبت الجهود، رغم التضييقات الإسرائيلية والحصار المالي والسياسي الذي نواجهه، على إصلاح وتطوير الإدارة العامة، بوصفها متطلب رئيسي للحكم الرشيد وللقضاء على التمييز وتحقيق المساواة والعدالة، ولانتزاع رضا وثقة المواطنين بمؤسسات دولتهم وبقدرتها على الاستمرار بوظائفها، حتى في ظل أعتى الظروف والتحديات".
ولفت الحمد الله الى جهود الحكومة الفلسطينية لنقل الأداء المؤسسي إلى مستوى متقدم من المهنية والمسؤولية، لرفع الإنتاج والأداء الفردي والمؤسسي، وتطويع التكنولوجيا لخدمة الموظفين والمواطنين، بالاستناد إلى أفضل الممارسات الدولية التي نبلورها بالتعاون والشراكة معكم في الدول الصديقة والمؤسسات الدولية، كما ووضعنا الخطط الهادفة للتدريب، وأنشأنا "المدرسة الوطنية للإدارة"، لتكون وجهة تدريبية وطنية تقوم على أسس متماسكة من المعرفة والممارسات في قطاع الإدارة، وكان لنا عظيم الشرف باستضافة برنامج تدريب عربي وآخر أفريقي في رحابها".
وتابع: "جاء هذا العمل، في سياق جهد منظم وحثيث للاستثمار في المواطنين وخدمتهم في آن واحد. فكان هذا عماد أجندة السياسات الوطنية 2017-2022، التي ارتكزتْ على المواطن أولا، ومنها انطلق العمل الحكومي في المخيم والقرية والمدينة وفي الخرب ومضارب البدو، ليكون مقاوما لكافة الصعاب والمعيقات، مستجيبا لتطلعات واحتياجات أبناء شعبنا في كل مكان".
وقال: "كنا ندرك دائما، أن مواجهة العدوان الإسرائيلي على الأرض والموارد والإنسان، يستدعي ترسيخ استجابة بنيتنا المؤسسية للتحديات، والوصول بخدماتنا إلى كل شبر من أرضنا، بل وتشارك الخبرات وترسيخ تفاعلنا مع المنظومة الدولية، كجزء من حراك مستمر ومحموم لتدويل وإبراز تجربة فلسطين الرازخة تحت الاحتلال والاستيطان، في تنمية مؤسساتها وتطوير خدماتها الحكومية وتأهيل كادرها الإداري".
وأضاف: في الوقت الذي تعرض فيه فلسطين تجربتها في التطور والنمو "نقول دائما في كافة المحافل الدولية، ان العائق الرئيسي للتنمية بكافة مستوياتها في فلسطين هو الاحتلال الإسرائيلي"، مطالبا المجتمع الدولي باتخاذ موقف موحد للجم الاعتداءات الإسرائيلية ومجابهة القرارات الأميركية غير القانونية وإعمال حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة على كامل الأراضي المحتلة منذ عام 1967 والقدس الشرقية عاصمتها".
ودعا الحمد الله المشاركين "لتكونوا سفراء الحقيقة وأن تنقلوا ما شاهدتموه هنا من توق فلسطيني للتطور والتقدم والبناء، كما نتطلع إلى ما سيتمخض عنه هذا الاجتماع الهام، ونأمل بأن يكون بداية عمل جماعي حقيقي للارتقاء بالإدارة العامة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
من جهته، وصف رئيس ديوان الموظفين العام موسى ابو زيد، المؤتمر بانه "حدث هام، ليس على صعيد فلسطين فحسب، وانما على الصعيد الاقليمي والدولي، لم يكن ليرى النور لولا جهود ودعم الرئيس محمود عباس".
وأضاف: نقول لشركائنا في العالم، ان هذا الحدث ليس من اجل فلسطين فقط، وانما للإسهام الفاعل في تحقيق اهداف الامم المتحدة في التنمية المستدامة للعام 2030، وسنشارك العالم في تحقيق هذه الاهداف، خصوصا تلك التي لها علاقة بالإدارة، اذ لم يعد مقبولا ان تأتي الخبرات باتجاه واحد من الشمال الى الجنوب فقط، وانما أيضا من الجنوب الى الشمال أيضا".
وأشار أبو زيد الى ما حققته فلسطين من تقدم على صعيد الادارة والخدمة المدنية، رغم معيقات الاحتلال، مؤكدا انه "حان الوقت ليقول العالم كلمته في انهاء معاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال، ونتطلع الى دعم العالم للمضي قدما في تحقيق أهدافنا".
وفيما يتعلق بعمل ديوان الموظفين العام لتطوير الادارة والخدمة المدنية، قال أبو زيد "نعمل وفق منهجية علمية، واجتماع اليوم ليس معزولا عما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية في القارات الخمس، في مجال الادارة العامة والخدمة المدنية".
وأضاف: في هذا الاجتماع، سنخرج بمجموعة من التدخلات تطبيقا للتوصيات التي خرجت بها اجتماعات سابقة، نحن قادرون على نقل الخبرة بامتياز، وقد دربنا لهذا الغرض مجموعة من الكوادر ليكونوا تحت تصرفكم في أي مكان في العالم".
بدوره، قال ممثل برنامج الامم المتحدة الانمائي روبرتو فالينت ان المؤتمر "يعكس التزاما جماعيا بتطوير الادارة العامة والخدمة المدنية، وهي جزء من اجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة للعام 2030، والتي تمثل اهداف 193 دولة".
واثنى فالينت على التقدم الذي احرزته فلسطين في مجال الادارة العامة، معربا عن فخر الامم المتحدة "للعمل مع فلسطين وصولا الى تحقيق هذا التقدم".
واستعرضت ممثلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (احدى منظمات الامم المتحدة) جوانب العمل مع الحكومة الفلسطينية، "وتبنيها وثيقة الحكم الرشيد ومشاريع فلسطينية اخرى، "ليصبح عملنا المشترك مع فلسطين نموذجا لعمل المنظمة مع العديد من الدول الاخرى".
من جهته، اشاد ممثل المنظمة العربية للتنمية الادارية رفعت فاعوري "بمستوى تنظيم المؤتمر، وما لمسناه في فلسطين عموما، وديوان الموظفين على نحو خاص، وهي تجارب يحتذى بها، وعلى العالم ان يطلع عليها".
ودعا فاعوري الى ردم الفجوة بين اداء الحكومات، وخصوصا في الدول العربية، وبين تطلعات شعوبها، "والدي ادت الى ازمة ثقة في الكثير من الدول، ما يتطلب مراجعة واعادة نظر في الادوات المستخدمة".
اما ممثل الاتحاد الاوروبي، توماس نيكسون، اكد اهمية الاجتماع، كونه يضم شركاء فلسطينيين ودوليين، ونظم بنجاح رغم الصعوبات والظروف التي تعيشها فلسطين.
ورحب نيكلسون "بجهود شركائنا الفلسطينيين لتطبيق مبادئ التنمية المستدامة في كافة المجالات، بما فيها الادارة العامة، رغم التحديات الكبيرة، خصوصا تلك التي يمثلها الاحتلال والانقسام الداخلي"، مجددا التزام الاتحاد الاوروبي بدعم جهود فلسطين في مواجهة هذه التحديات، ومساعدتها في ادارة مؤسساتها وفقا للقواعد الفضلى.
كما جدد نيكلسون التزام الاتحاد الاوروبي بمبادئ حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، "وهو لا يزال يؤمن بحل الدولتين، ولن يعترف بأية تغييرات على حدود الرابع من حزيران 1967، بما في ذلك في القدس، سوى ما يتفق عليه الطرفان بالمفاوضات، وحل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين".
واضاف: الاتحاد الاوروبي لا يعترف بسيادة اسرائيل على أية أراض احتلتها في العام 1967، بما فيها القدس، التي يجب ان تكون عاصمة للدولتين. سنبقى ندعم حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال".
وتعاقب العديد من ممثلي المنظمات الاقليمية والدولية على القاء كلمات في جلسة افتتاح المؤتمر: اجمعوا فيها على الإشادة بالحرفية في تنظيم المؤتمر، والتجارب الفلسطينية في مجال الادارة العامة والخدمة المدنية.