البحر الميت-أخبار المال والأعمال-تحت رعاية وبحضور محافظ البنك المركزي الأردني زياد فريز، ومحافظ سلطة النقد الفلسطينية عزام الشوا، انطلقت صباح اليوم الثلاثاء في منطقة البحر الميت في الأردن، أعمال الدورة الثالثة من مؤتمر "واقع القطاع المصرفي الفلسطيني في محيطه العربي"، وذلك تحت شعار "ابتكارات التكنولوجيا المالية ومستقبل الخدمات المصرفية". وينظم المؤتمر بإشراف من اتحاد المصارف العربية وبالتعاون مع البنك المركزي الأردني وسلطة النقد الفلسطينية وجمعية البنوك في الأردن وجمعية البنوك في فلسطين وبشراكة استراتيجية من البنك العربي.ويشارك في المؤتمر الذي يتواصل على مدار يومين، نخبة من المتحدثين من بنوك مركزية عربية، وخبراء اقتصاد وتكنولوجيا ومصرفيون.
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، قال الشوا أن المؤتمر يأتي ليركز على التحديات التي تواجه مقدمي الخدمات المالية في ظل التسارع الكبير في مجال التكنولوجيا والابتكارات المالية، لتقييم التجارب وتحديد الخطوات اللازمة لاستثمار واستخدام التكنولوجيا في الخدمات المالية والمصرفية، مشيراً إلى أن المؤتمر يشكّل نقطة البداية لبناء خطة استراتيجية وطنية شاملة تسير بخطة ورؤيا ثاقبة نحو تطوير الصناعة المالية والمصرفية بالاعتماد على التكنولوجيا وللتأسيس لشراكة حقيقية فريدة من نوعها بين سلطة النقد والقطاع المالي وقطاع تكنولوجيا المعلومات.
ويهدف المؤتمر إلى استشراف مستقبل الخدمات المالية التقليدية في ضوء ابتكارات التكنولوجيا المالية المزدهرة، وتسليط الضوء على أحدث التطورات في هذا القطاع، والعوامل المساعدة على نموه في المنطقة العربية، ودوره الهام في تعزيز الشمول المالي، واستكشاف نماذج الأعمال والمنتجات والخدمات الخاصة بالتكنولوجيا المالية، وكذلك الإضاءة على العلاقات المتداخلة بين شركات التكنولوجيا المالية الناشئة مع البنوك والمؤسسات المالية.
ويتضمن عرضاً للتجارب الناجحة لبعض الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة العربية، إضافة الى إبراز دور الحكومات والبنوك المركزية والسلطات الرقابية والإشرافية في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي من خلال مراقبة عمل هذه الشركات والتخفيف من أي مخاطر نظامية لاحقة قد تنشأ عن الإفراط في استخدام التكنولوجيا المالية.
والجدير ذكره أن التكنولوجيا المالية (FinTech) أحدثت ثورة في مجال الخدمات المالية التقليدية وإعادة تشكيل المشهد المالي، حيث أصبحت الابتكارات التكنولوجية اليوم تلبي بشكل متزايد متطلبات العملاء من حيث السهولة والسرعة والشمولية والقدرة على تحمل التكاليف. وتقدم شركات التكنولوجيا المالية الناشئة اليوم مجموعة واسعة من الخدمات المالية بما في ذلك حلول الدفع الرقمية، وتحويل الأموال، وحلول التمويل الجماعي، إقراض النظراء P2P lending وغيرها من حلول الإقراض، بالإضافة إلى إدارة الثروات والتأمين (insurtech)
وقد نجحت في زيادة الطلب على المنتجات الرقمية المبتكرة على الصعيدين العالمي والإقليمي، وشكلت ظاهرة ألقت بظلالها على مستقبل الخدمات المالية التقليدية. علاوة على ذلك، فإن استخدام تكنولوجيا سلسلة الكتل النقدية ساعد في إتاحة التداول السريع للعملات المشفرة مثل البتكوين بين الناس.
ففي السنوات القليلة الماضية، برزت التكنولوجيا المالية كواحدة من العوامل الرئيسية التي غيرت في اسلوب عمل الصناعة المصرفية التقليدية. وقد ساعدت الخدمات المصرفية المبتكرة، التي أدت الى زيادة الكفاءة وخفض الكلفة، في تعزيز استخدام التكنولوجيا المالية في الصناعة حول العالم، وجمعت أكثر من 250 مليار دولار من الاستثمارات خلال الفترة بين 2012 وحتى الربع الثاني من العام 2018. كما عمد انتشار الهواتف الذكية، واعتماد المستهلكين على التكنولوجيا، والمستويات المنخفضة من الشمول المالي الى تمهيد الطريق لنمو منتجات وخدمات التكنولوجيا المالية وانتشارها خاصة في المنطقة العربية.
تسعى البنوك والمؤسسات المالية إلى إدخال بعض التغييرات الضرورية في نماذج أعمالها من خلال توسيع استثماراتها في التكنولوجيا والدخول في شراكات مع شركات التكنولوجيا المالية الناشئة لتعزيز رقمنة الخدمات المالية وتحسين قدرتها التنافسية.
ونتيجة لذلك، يواجه المراقبون مفاضلة بين الأهداف المتقاربة بين التخفيف من مخاطر الاستقرار المالي، وتسهيل الابتكار المالي، حيث ان الإفراط في التنظيم والرقابة قد يؤدي الى إعاقة عملية تطور حلول التكنولوجيا المالية. ومن هنا، تنشأ الحاجة إلى وضع أطر تشريعية ورقابية وإشرافية شاملة تعزز الابتكار وتوفر فرصاً لنمو نماذج أعمال التكنولوجيا المالية في بيئة تنافسية، وذلك لضمان عدم استخدام التكنولوجيات الجديدة هذه كأدوات للاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، لضمان عدم تهديدها للاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي. ويمكن لهذا النهج المتوازن للرقابة والإشراف الفعال أن يوسع نطاق ومدى انتشار الخدمات المالية، مع المحافظة على حماية المستهلك.