رام الله-وطن للأنباء-منال حسونة-شهد القطاع المصرفي الفلسطيني خلال الأعوام الماضية تناميًا في ظاهرة الشيكات المرتجعة، الأمر الذي يترتب عليه تداعيات سلبية ستنعكس على الوضع الاقتصادي الصعب في الأراضي الفلسطينية، وفق خبراء اقتصاديين.
وحسب احصائيات سلطة النقد فقد بلغ عدد الشيكات المقدمة للتقاص حتى نهاية العام 2018، نحو 6.4 مليون شيك بقيمة 12.7 مليار دولار.
قيمة الشيكات المرتجعة "كارثية"!!
وأكدت سلطة النقد لوطن أن عدد الشيكات المرتجعة خلال العام الماضي بلغ 766 ألف شيك، ما نسبته 12% من إجمالي عدد الشيكات المقدمة، بقيمة بلغت مليار و125 مليون دولار، كما بلغت قيمة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد في البنوك، خلال العام 2018 حوالي 966 مليون دولار.
وقال المحلل الاقتصادي ماهر الطباع لوطن إن قيمة الشيكات المرتجعة "كارثية ومخيفة ولا تتناسب مع حجم الاقتصاد الفلسطيني، الذي لا يتجاوز مجمل ناتجه المحلي 12 مليار دولار"، مضيفًا أن الشيكات المرتجعة ستخلق أزمة اقتصادية تنعكس سلبًا على تدفق السيولة في الأسواق والشركات واستثمارات رجال الأعمال.
وأضاف الطباع أن ارتفاع قيمة الشيكات المرتجعة تؤدي لإفلاس بعض الشركات وتنعكس سلبًا على رجال الأعمال وشكل الاستيراد مستقبلاً.
الشيكات المرتجعة ترهق الاقتصاد المحلي
ورغم أن عام 2018 شهد انخفاضًا في قيمة الشيكات المرتجعة، مقارنة مع العام 2017 بنسبة 15% -بلغت قيمتها لعام 2017 مليار و53 مليون دولار-، الا أنه شهد ارتفاعًا بعدد الشيكات المقدمة للتقاص بنسبة 1.5 بالمئة، ما يعكس إزدياد إقبال المواطنين على التعامل بالشيكات.
وقال المحلل الاقتصادي د. نصر عبد الكريم لـوطن إنه رغم انخفاض قيمة الشيكات المقدمة للصرف إلى 12 مليار عام 2018، إلا أن نسبة الشيكات المرتجعة من إجمالي عدد الشيكات أو قيمتها بقيت دون تغيير.
وتعد "ظاهرة" الشيكات المرتجعة مشكلة متراكمة ترهق الاقتصاد المحلي، خاصة التي لا يتوفر لها معالجات أو تسويات، إذ يوضح عبد الكريم "قد نشهد زيادة أكبر في عدد وقيمة الشيكات المرتجعة في الأعوام المقبلة، لأن الشيكات المرتجعة تتطلب تسويات ومعالجات، وفي حال عدم تسويتها فإن هذه الشيكات ترحّل للعام الذي يليه ما يتسبب بتراكمها".
وتتعاظم ظاهرة الشيكات المرتجعة في الضفة الغربية مقارنة بقطاع غزة، والتي بلغت قيمتها 87 مليون دولار(8%) من مجمل القيمة الإجمالية للشيكات المرتجعة، رغم الإنهيار الكبير في الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، كما يقول الطباع.
سلطة النقد: الافراط في الاستدانة أحد أسباب الأزمة
وحول أسباب تفاقم ظاهرة الشيكات المرتجعة، أوضحت سلطة النقد لوطن ن ذلك يعود الى لجوء معظم القطاعات الاقتصادية الى الشيكات لتسيير أعمالها، واعتماد غالبية موظفو القطاعين العام والخاص على الشيكات في تلبية احتياجاتهم المعيشية، الى جانب حالة الإفراط في الاستدانة التي يعيشونها ما يدفعهم لتغطية نفقاتهم من خلال الشيكات.
من جانبه، أكد عبد الكريم أن "الشيكات المرتجعة تُعد مؤشرًا لركود وسوء الأوضاع الاقتصادية، وضعف السيولة لدى المؤسسات والتجار والمواطنين، ما يؤثر على حركة رأس المال".
إجراءات لمواجهة الشيكات المرتجعة
وحول دور وامكانيات سلطة النقد في الحد من ظاهرة الشيكات المرتجعة، أكدت لوطن أنها "ستتخذ إجراءات عدة للحد من الشيكات المرتجعة، كالتشدد في التعامل بإيجابية مع طلبات تسوية تصنيف العملاء المصنفين على نظام الشيكات بدرجات تصنيف طويلة الأمد، ووقف العمل بإقرارات العملاء الخطية لأغراض إجراء تسوية رضائية واستبدالها بتصريح مشفوع بالقسم صادر عن الجهات القانونية، وإطلاق نظام الاستعلام الائتماني الموحد لشركات القطاع الخاص".
بينما أكد عبد الكريم أن "سلطة النقد لا تملك هامشًا واسعًا أو صلاحيات تتخذها لحل الأزمة، التي هي في جوهرها أزمة اقتصادية خارج تأثير سلطة النقد"، مضيفًا أن جزء من أسباب الأزمة قانوني إذ لا توجد محاكم تختص بفض النزاعات فيما يتعلق بالشيكات أو تسويتها، ولا إجراءات فعالة تحل مشكلة الشيكات المرتجعة".
ويعمل في القطاع المصرفي 15 مصرفًا محليًا ووافدًا، بواقع 7 بنوك محلية و8 بنوك وافدة، منها 7 أردنية وبنك مصري واحد.